الفصل الثامن عشر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنظرت إيلين خلفها بفزع لتجد آسر أمامها ، تبادلا النظرات فترة بين نظرة لوم وعتاب منها ونظرة ندم واسف منه ، استدارت لترحل فتشبث بذراعها متوسلا : ما تمشيش ... لازم اقولك عاللي جوايا وبعدين هاسيبلك القرار
لم تنظر إليه بل وجهت نظرها إلى نقطه وهميه تبعد بصرها عنه ولكن وقوفها مستكينه كان اشارتها له بالحديث فبدأ مسرعا: أنا عمري ما كلمتك عن إنجي مش كدا ؟ ما تعرفيشعنها حاجه ولا عن علاقتي بيها مش كدا ؟
رفعت بصرها إليه من دهشتها فهي لم تتوقع أن يكون هذا سبب حديثه معها: وانا مالي ومالها ؟
ابتسم بسخرية من نفسه: ما هو غلطتي من الاول اني ما حكتلكيش عنها واللي حصل بينا
انتبهت إيلين وشجعته على المتابعه فأشار إلى جزع شجره ملقى على جانب الطريق ليجلسوا عليه وبدأ بالحديث: كان عندي عشرين سنة بابا كان مهتم بشغله اوي لدرجه انه ما بقاش فيه شغل لحد تاني يساعده فيه فعشت حياتي عادي جدا اسهر واخرج عادي وبالطريقة دي قبلت إنجي اتعرفنا وعجبتني دماغها واحده مش بتحب المشاكل اللي للعلم كنت مخنوق منها بسبب ماما و زنها اني باضيع نفسي والموشحات دي ... ما اقدرش انكر اني كمان اتشدتلها زي ما اي واحد هيتشد لوحده ست... كنت بالنسبه لها عادي زيي زي اي واحد وبصراحه هي كمان كانت كدا بالنسبه لي عشان كدا كنا متفاهمين جدا بس جه موت بابا واللي خلى كل الشغل عليا والمسئوليات شغلتني عن الخروج معاهم فسألت وعرفت اني ورثت ثروة كبيرة بدأ تيجي الاماكن اللي باروحها واكنها صدفه تقرب مني وتخفف عني وتشجعني يعني اي حاجه كنت محتاجه في الوقت دا كانت بتعملهالي وبعدين اتجوزنا ووصلت للي كانت عايزه بس طبعا ما عجبهاش التغير اللي حصل بعد الجواز كانت فاكره انها بجوازها مني هتصرف على مزاجها وتجيب اللي نفسها فيه وتعيش ملكة ومن دون مقابل ... وقتها طبعا كنت باحاول اثبت وجودي كرجل اعمال ليا مركزي وقوتي بالرغم من صغر سني ومش محتاج حد يمسك عليا أي نقطة ضعف بس هي ما كانتش فاهمه كدا لما بدأت امنعها عن الخروج في الوقت المتأخر دا من غيري وانها تقابل الناس دي وقتها كانت حامل والمفروض اصلا كانت تعمل دا من نفسها لكن بردوا اتمردت وما عجبهاش لدرجه في يوم رجعت متأخر وماكانتش في البيت اتصلت بيها وقالتلي على مكانها روحتلها وكانت في حضن واحد ومبسوطه الدم غلي في عروقي وجرتها غصب عنها معايا وفضلنا نتخانق في الطريق لدرجه انه العربية كانت هتتقلب بينا اكتر من مرة ومن بين الكلام اللي قالته واللي فهمني حاجات كتيره انه اللي هي حامل فيه دا مش ابني انا اتجننت وحاولت اعرف مين ابوه ما رديتش تقول ... وتاني يوم تعبت وكانت هتجهض لولا ستر ربنا والدكتور امرها بالراحه وهي اصرت تخرج ما كانش في ايدي حاجه غير اني احبسها وفعلا كنت حابسها في الفيلا يعني تمشي في الجنينة براحتها وتتحرك على كيفها بس من غير ما تعتب بره الفيلا غير معايا انا بس و ولدت نادين بس كان جسمها ضعيف جدا وما اتحملتش الولادة خصوصا انها نزفت فيها كتير ، وهي بتموت قالتلي انه نادين مش بنتي ، انا كنت نسيت كلامها وقولت انه كان في لحظة عصبيه مش اكتر أو تقدري تقولي تناسيت .... وقتها نادين كانت محتاجه واحده ست قبل ما تحتاج أب فسبتها لأمي تربيها وانشغلت ... وطلعت نادين بنتي وكانت كدبه DNA بالشركة لحد ما في مرة عملت تحليل
منها مش أكتر عشان تعيشني في الشك ، من ساعتها وانا اخدت عهد على نفسي اني ما اتجوزش تاني ، لانه اي واحده هتبقى زيها زي إنجي عايزه الفلوس وبس لحد ما قابلتك انتي وشوفتك عاملتيني ازاي من غير ما تعرفي انا مين وحتى لما عرفتي فضلت معاملتك ليا زي ما هي ما اتغيرتش ، وقتها عرفت انه انتي فعلا اللي اتمنتها تكون مراتي وشريكة حياتي.
وضعت إيلين يدها فوق رأسها بتشتت: كل دا حصل معاك وماحكتليش غير دلوقتي؟ طب ليه ؟
تنهد بأسف: انا قولت اللي فات مات .. ومش هاخلي الماضي يأثر على مستقبلنا بس اكتشفت اني كنت غلطان وانه الماضي غصب عني لسه بيأثر فيا وفي تفكيري.....وياريت تسامحيني يا إيلين
نظرت إليه متشككه: وانت ايه اللي غير رأيك؟... مش كنت فاكرني خاينة زيها؟
نظر أرضا من شدة خجله منها ومن تصرفه معها وبدأ يقص عليها ما أخبرته به والدته وفريدة وكذلك اعتذار مختار نفسه على ما حدث منه وكيف كان يريد أن يأتي إلى هنا بنفسه ليطلب منها الغفران ولكن حالته الصحيه لم تسمح بذلك.
إيلين بحسرة: يعني كلام مامتك ليك هو اللي خلاك تعمل معايا كدا وكلام مامتك بردوا ومختار هو اللي رجعك ؟
نظر إليها متمعنا: عرفت اني غلط في حقك وكان لازم تعرفي كل حاجه عشان نفسي تسامحيني
ابعدت نظرها عنه ناهضه: وانا مش باعرف اشيل من حد أطمن ... عن إذنك
أمسك يدها قائلا بقلق: انتي رايحه فين؟
هزت كتفيها: أنت مش خلصت كلامك ؟ وانا قولتلك خلاص؟ ريح ضميرك بقى وانا هاروح اشوف جدو عشان مشيت من غير ما اقوله
تمسك بيدها بقوة قائلا بإصرار: لا مش عشان كدا وبس ... انا مش عايزك تسامحيني عشان ضميري يرتاح ... أنا عايزك تسامحيني عشان أنا ما أقدرش اعيش من غيرك عشان الشهر اللي عدى من غير ما انام وانتي جنبي ولا اشوف ابتسامتك في وشي كان بالنسبه لي 30 سنة مش 30 يوم ... أنا بأحبك اوي يا إيلين ونفسي ترجعيلي مرة تانيه واوعدك اني مش هازعلك مني تاني واعوضك عن كل اللي حصل مني دا
سألته إيلين بصدمه: انت قولت انك ايه؟
ابتسم بحب: بحبك والله العظيم بحبك ... مش مصدقه؟
نظرت له بقوة وقالت: الكلمة دي أنا كنت عايشه معاك على أمل اني اسمعها منك في يوم من الايام بس أنت عمرك ما قولتها حتى الكلمة البسيطه دي حرمتني منها ومش أنا لوحدي لا بنتك اللي مالهاش ذنب كمان
تنهد نادما: أنا عارف دا بس كنت فاكر أنه المشاعر ضعف لحد ما فكرت كويس ولاقيتها بالعكس إنها قوة ! عشان كدا إنتي كنتي طول عمرك قوية عمرك ما خبيتي مشاعرك عمرك ما كرهتي ولا شلتي من حد على طول قلبك قطنه بيضه وأنا آسف ومن هنا ورايح هاقولك بأحبك على طول لحد ما تقوليلي كفاية زهقت وهاتغير ويبقى فيه وقت كبير ليكي ولنادين والشغل هيبقى رقم اتنين وانتي وهي رقم واحد
ابتسمت وقالت بحب: وأنا عمري ما هازهق منها أبدا ... بس نادين ؟ هتعمل معاها ايه؟
بادلها آسر الإبتسام قائلا: نادين دي خلاص موضوعها انتهى وانا كلمتها ووضحت معاها الأمور وبقينا زي العسل والطحينة مع بعض وعلى فكره هي حكت لي كل اللي عملتيه معاها واللي حصل في المدرسة وكلمت شروق عشان أعرف باقي التفصيل بردوا لما نادين قالتلي انها كانت معايا وأنا شايف انه لازم نغير المدرسة بتاعتها هو مش فيه مدارس هنا كويسه بردوا ولا ايه؟
قالت إيلين بسعادة شديدة: طبعا فيه .. المدرسة اللي كنت فيها كانت كويسة اوي
غمزها آسر بمكر: يعني خلاص موافقة انه ترجعيلي ونعيش سوى هنا ؟
أدعت التفكير قبل أن تقول بسعادة يخالطها الخجل: امممم .... موافقة طبعا
أمسك آسر بيدها وجذبها خلفه قائلا: طب تعالي معايا بقى
سحبها معه عائدين باتجاه الحفل وما إن رأهم الجميع يقتربون حتى ساد السكون المكان ووقف آسر برفقة إيلين بالمنتصف وهو مازال ممسكا بيدها وركع على إحدى ركبتيه قائلا وعيناه تشع حبا: بحبك ونفسي تسامحيني وتنسي اللي فات و اوعدك من اللحظة دي هاعيشك احلى ايام حياتك وهاعيشها معاكي مش عايز في الدنيا دي الا سعادتك وبس ... ها ؟ تقبلي؟ تقبلي ترجعي تحبيني؟
ترقرق الدمع في أعينها وقالت بصوت متهدج: انا اصلا ما اقدرتش أبطل حبك عشان ارجعله تاني... وانا راضيه بالنار وأنا معاك ... لانه الجنة من غيرك عذاب
تعالى التصفيق الحار ، متأثرين بذل الحب الصادق وتلك الكلمات المرتجله المعبرة وعاد الجميع للحديث بعد انقطاعه عند دخولهما ، وتقدم البعض الآخر مهنئا.
الجد محركا إصبعه في وجه آسر: لولا بس اني باحبك وهي كمان بتحبك كنت قطعتك حتت على اللي عملته
إيلين مندهشه: وانت عرفت منين يا جدو ؟
أشار لكوثر هانم قائلا: هي شرحتلي كل حاجه
كوثر هانم بخجل: اتمنى انك تكوني سامحتيني
إيلين بطيبة قلب: سامحتك من قبل ما اعرف اي حاجه ... انسي اللي فات مات ولا ايه يا ماما كوثر؟
شروق ضاحكه: بس ايه رأيك في البيت دا؟ ... دا آسر عمله مخصوص عشانك
كرم متنهدا بتعب: دا طلع عنينا عقبال ما خلص
نظرت إيلين إليه:بجد ؟
ابتسم آسر: كنت بافكر اصالحك ازاي ... قولت مافيش حل غير انه احققلك طلبك اللي طلبتيه أول ما طلبت منك الجواز ... أعيشك هنا .. قولت هاقعد فيه لحد ما اقنعك ... بس الحمدلله ما احتجتش وقت وهنعيش فيه سوا من اول يوم
شروق غامزه: ايوووه دي طلعت وقعه عالاخر أما صدقت
إسراء مؤيده: أومال ايه يا بنتي
إيلين بغل: بقى انتي كنتي عارفه ومتفقه معاهم يا إسراء؟
إسراء: آسر طلب من محمد انه هو اللي يشرف عالبيت والعمال ومحمد قالي بس نبه عليا ما اجبلكيش سيرة لحد ما آسر يشوف الوقت المناسب ويتكلم هو
إيلين بمكر: طب على فكره مش لوحدكوا اللي بتعرفوا تخبوا ... انا كمان مخبيه حاجه ماحدش يعرفها غيري انا بس
آسر بقلق: مخبيه إيه؟
نظرت إيلين إلى أظافرها: ابدا ... كل ماهنالك إني حامل
أنت تقرأ
كوخ في آخر المدينه
Romanceالروايه للكاتبة ساره محمد سيف مش بتاعتي المقـــــــدمه ليست السعادة بالثروة ولا بالخدم هكذا علمها جدها ، إيلين فتاة بسيطة لم تكمل تعليمها كما تمنت ولكنها رضيت بحالها ، لم تتوقع أن تكون بساطتها وعلمها سببا في الوقوف في طريق سعادتها ، فهي لم تتوقع أن...