( الفصل الثاني )
*******
تعدت الساعة منتصف الليل بكثير عندما فتح شاب باب فيلا الحناوي ليدخل بهدوء شديد إلى داخل الفيلا ويغلق الباب خلفه خوفا من أن يسمعه أحد ولكن ما إن يهم بصعود السلم حتى ينير الضوء الدور الارضي بأكمله فيلتفت ليجد كوثر بانتظاره وتنظر له شذرا قائلة بغضب: أول ما افتكرت انه ليك بيت يا جاسر باشا
جاسر متنهدا: فيه ايه يا عمتو بس؟
كوثر: فيه انه حضرتك بتغيب عن البيت بالايام من غير ما تقول لحد على مكانك ولا انك هتختفي وتسيبني اقلق عليك
جاسر بملل: يا عمتو يا حبيبتي قولتلك كفاية عليكي آسر ونادين اشغلي نفسك بيهم وفكك مني
كوثر باستنكار: افكني؟ ايه الكلام البلدي دا يا جاسر! وانا باسأل نفسي نادين بتجيب الالفاظ الغريبة دي منين! طلعت انت السبب دا انا كنت هاخليها تغير المدرسة بتاعتها
جاسر ساخرا: لا مافيش داعي تغير المدرسة لانه دا مش كلام بلدي ولا بيئه دي لغة الشباب اليومين دول يا عمتو لازم تتعودي عليها يا روحي
كوثر بحنق: اتعود ليه؟... المهم هتفضل مستهتر كدا لحد امتى؟ مش ناوي تعقل؟
جاسر بضجر: لا مش ناوي واعقل ليه؟ كفاية آسر بيه انا سايبله العقل كله
كوثر متنهده: دا بدل ما تقولي أنا هانزل الشركة من بكره مع آسر واشتغل واساعد ابن عمتي؟
جاسر: انتي عارفه يا ست الكل انه انا ماليش في شغل الشركه دا
كوثر بغضب: يعني انت كنت جربت عشان تعرف إذا كان ليك ولا مالكش؟
جاسر واضعا ذراعه على كتفي عمته: يا عمتو يا حبيبتي أنا ادرى بنفسي وعارف اني ماليش في شغل الشركات دا ولا وجع الدماغ انا راجل كييف بتاع مزاجه يعني
كوثر بلوم: وهتفضل كدا لحد امتى؟ مش هيجي يوم تتجوز فيه ويبقالك بيت؟ هتصرف عليهم منين بقى؟ من الكيف ولا من مزاجك؟
جاسر منهيا الحوار: لما تشوفيني اتجوزت ابقي اتكلمي يا عمتو
وتركها صاعدا لاعلى لتحادث نفسها متحسره على حال من بالمنزل فأحدهم مجنون متهور لا يهتم لشئ ولا يعطي للغد اعتبار وآخر يزن كل شئ بدقة مريبة وشديد التعقل والاتزان لدرجه تفقد الاعصاب والثالثة فتاة مراهقه طائشة لا تستطيع فهم تفكيرها في النهاية تنهدت متوجهه الى غرفتها تدعو بالهدايه لكل واحد منهم.
----------------------------------
خرجت إيلين تتطلع إلى السماء وجلست على الارجوحه الموجودة بالخارج تتنشق الهواء العليل النقي الذي يحمل روائح الفاكهة والزهور التي يزرعها جدها في الحقول ، كم ترتاح لذلك الهدوء وتلك الروائح العطرة تشعر بالامان والاطمئنان وشردت بافكارها في كل ما يخص حياتها حتى استغرقت في النوم لتستيقظ بعد منتصف الليل لتجد نفسها ما زالت بالخارج والمطر يهطل بشده فنهضت تلقي على السماء نظره أخيرة قبل أن تعود إلى الداخل؛ عندما رأت شيئا ضخما يهبط من السماء بسرعه ليصطدم بالارض ويُحدث صوتا مفجعا فصرخت منادية جدها الذي عندما سمع صراخها هب إلى الخارج ولكن ما إن خرج حتى وجدها تركض في اتجاه الحادث فلحق بها ليجدا بعض العمال الذين يعملون لديهم في الحقول قد وصلوا قبلهم ويحاولون إخراج من كان بذلك الشئ الذي كان يدعى في يوم ما بطائرة....وبعد العديد من الجهود والمحاولات وبمساعده الجد لهم أيضا استطعوا إخراج جسدين من الداخل ليصيح أحد العمال: اجروا بسرعه دي شكلها هتنفجر!
ركض الجميع مسرعين وهم يحملون الجسدين الهامدين حتى ارتفع صوت الانفجار مدويا في الانحاء مشعلا الحريق بين الشجر فاتجه العمال ليطفئوا النيران المشتعله قبل أن تنتشر في باقي الحقل وتلتهم المحصول وصرخ الجد في عاملين بأن يأخذا المصابين إلى منزله بسرعة ففعلوا كما أمر واتجهت معهم إيلين بذعر وما إن وضعوا هما حتى أمرتهم إيلين بالذهاب للمساعده في إطفاء الحريق وهي ستستدعي الطبيب من المدينة وبالفعل اتجهت إيلين مسرعة إلى المدينة.....
------------------------------------
اليوم هو الجمعه وليس لديها مدرسة وستجلس حبيسة جدران غرفتها بمفردها فليس لديها من يؤنس وحدتها فجدتها تفعل ما تستطيع من أجلها لكن فارق العمر بينهما لا يجعلها تقتنع برأيها ويختلف مفهوم التسيلة عند كلا منهما فكوثر ترى أن العطلة يجب أن تتعلم فيها ما يفيدها مثل الخياطة أو التطريز وهكذا أشياء تراها نادين مملة فهي ترى أن العطلة عبارة عن خروج وتنزه ولعب لتخرجها من أجواء الدراسة والتعلم فكانت تفضل البقاء في غرفتها على الجدال مع جدتها الحبيبة فجلست تضع السماعات بأذنها رافعة الصوت لأعلى درجه وأغمضت عينيها لتغرق في عالم الموسيقى فلم تسمع دقات الباب التي تبعها دخول جاسر ناظرا لها بشفقه ولكن عندما طال انتظاره اتجه إليها نازعا السماعات من أذنها مازحا: إنتي شكلك هتغلبي دادا فوزية ومش هتسمعينا بسبب السماعات دي
ضحكت نادين بمرح: ههههههههه حرام عليك يا جاسوره ما تتريقش على دادا
جاسر: طب يا ستي مش هاتريق على دادا ! عمتو قالتلي انه آسر رجع سافر تاني فجأة
عاد الحزن لنادين: أها
جاسر بمكر: طب ما تيجي نخرج أنا وانتي ونستغل فرصة انه ابوكي مش هنا ونقضيها فسح وخروجات .... هادلعك هادلعك
قفزت نادين من مكانها سعيدة بذلك الخبر: يا ريت يا جاسوره
جاسر ضاحكا: دا انتي ماصدقتي بقى يا نادو! طب اتقلي شوية حتى!
نادين بكبرياء: واتقل ليه؟ دا أنت جاسوره حبيبي مش حد غريب
جاسر:ههههههههههه ماشي ياختي اجري اجهزي وانا هاستناكي تحت
قبل أن تتحرك نادين نظرت لجاسر بخوف: طب ونانا ؟
جاسر ساخرا: ما هي نانا اللي قالتلي خرجها عشان شافتك مضايقة
نادين بسعاده: يا حبيبتي يا نانا
جاسر محذرا: 10 دقايق وامشي سواء جيتي ولا لا ! فاهمه؟!
انطلقت نادين مسرعة لترتدي ملابسها وتغادر مودعه جدتها لتركب مع جاسر سيارته الحديثة عارية السقف ليداعب الهواء شعر نادين ويجعله يتطاير خلفها في جنون بينما يضعان النظارات الشمسية ويسمعان الموسيقى الصاخبه فدائما وابدا تحب نادين جاسر فهو من يفهمها في هذا المنزل ولا يشعرها بأنها شاذه! لقد كان اقرب إليها من جدتها وحتى من والدها فهو صديقها وليس بعمها !
----------------------------------------
فتح عينيه ليجد سقفا خشبيا فينتفض بسرعة من نومه ليجد الحوائط من الخشب ونافذة صغيرة عليها ستائر بيضاء لا تحجب الضوء المتسلل من الخارج وتلك اللوحة التي تزين أحد الجدران المليئة بالازهار الملونة المبهجه نهض من السرير محاولا التغلب على الدوار الذي أصابه ويحاول التذكر أين هو وماذا حدث له ؟ لما رأسه تؤلمه لهذه الدرجه تلمس طريقه إلى خارج الغرفة ليتطلع حوله فلا يجد شئ سوا غرفة أخرى مقابلة بابها مفتوح تشبه الغرفة التي كان ينام بها إلى حد ما ولكنها تحتوي على سريرين بعكس غرفته كما أن الضوء الذي يدخلها أقل بكثير من الأخرى وجد درجا أمامه فصعد للأعلى ليسمع صوتا رقيقا يغني بسعادة من إحدى الجهات فاتجه إليه بحذر ليجد فتاة توليه ظهرها تقوم بغسل بعض الصحون وهي تدندن فكر في كيفية لفت انتباهها ولكنه لم يلبث يفكر حتى استدارت ناحيته كأنها شعرت بحيرته لتقول له بابتسامة مضيئة: صباح الخير إزيك انهارده؟
آسر بلا وعي: انتي مين؟ وانا فين؟ وايه اللي حصل؟ وايه المكان دا؟
اتسعت ابتسامة إيلين:طب اقعد افطر الاول... بتحب البيض المقلي ولا المسلوق ؟
آسر بغباء: بيض ايه؟
إيلين: أما أنا باعمل حتة بيض عيون إنما ايه! تحس انه بيبرقلك كدا هو
لو يستطع آسر تمالك ضحكاته من نظرتها المضحكة التي تأيد كلامها فضحكت هي أيضا قائلة: يعني أعملك بيض عيون؟
آسر مبتسما: أعملي بيض عيون
التفتت إيلين لتبدأ بتحضير الفطور وما إن انهته ووضعته أمامه حتى شعرت بنظراته المركزه عليها منذ دخل إلى المطبخ فابتسمت قائلة: عايز تعرف أنت فين وايه اللي حصل صح؟
هز رأسه بالايجاب دون أن يحيد بنظراته عنها مضيفا بهدوء: وانتي مين؟
ابتسمت إيلين مفسرة: أنت كنت راكب طيارة امبارح ووقعت بيكوا فاكر؟ الجو كان صعب في السفر وكانت بتمطر جامد أنا اول مرة اشوف مطر بالقوة دي هنا عندنا بس يظهر انك محظوظ اوووي هههههههه
ابتسم آسر رغما عنه: أه واضح
إيلين متابعه: المهم جبناك على هنا أنت وصاحبك اللي كان معاك وجيبنالكوا الدكتور
آسر وقد تذكر أخيرا أنه لم يكن بمفرده: اااه الكابتن وهو فين؟
إيلين مهدئة: ما هو كان تعبان بردوا بس كانت جروحه أكتر منك وحالته اصعب فالدكتور نقله المستوصف اللي في المدينة نفسها عشان يتابع حالته بس هو أحسن دلوقتي ما تقلقش
آسر متنهدا براحه: طب الحمد لله بس أنا لازم اشوفه دا أنا السبب في اللي احنا فيه دلوقتي
إيلين مبتسمه: ان شاء الله تشوفه بس لما تخف أنت الاول
آسر بشك: هو انا فين بالظبط؟
إيلين بهدوء: دي المزرعة بتاعتنا أنا وجدي وهي نفسها اللي وقعت فيها الطيارة بتاعتكوا وكل دا في مدينة موجوده جنب المنصورة هي مش جنبها اوي يعني هي بتاع ساعتين بالعربية بس وهي مش مدينة اوي يعني هي قرية بس أكبر من القرية ومدينة أصغر من المدينة حاجه كدا زي الميني ماركت اللي لا محصل كشك ولا محصل سوبر ماركت فهمت حاجه؟
استغرق آسر في الضحك بشدة حتى آلمته معدته فضحكت إيلين أيضا معه ليتوقف فجأة عن الضحك ويقول بهدوء شديد: انتي اسمك ايه؟
صدمها تغيره بهذه السرعة كما صدمها السؤال على الرغم من انه سبق وطرحه لكنها أجابت بهدوء: إيلين
ردد آسر الاسم بشرود: إيلين؟
شعرت إيلين بدقات قلبها تعلو بشدة بسبب طريقة نطقه لاسمها فهي دائما ما كانت تحب إسمها وخصوصا لان جدها من أختاره لها لكن عشقته بشدة بعد أن نطقه هو بلسانه وأفاقت على سؤاله: يعني إيه إيلين ؟
إيلين بابتسامة هادئة: يعني بريق الشمس وكان إسم ملكة جمال العالم إلين
آسر بهدوء: واضح اوي إسم على مسمى
خجلت إيلين لتحمر خدودها فقالت مسرعه: وأنت إسمك ايه؟
آسر مبتسما لخجلها: اسمي آسر
أعجبت إيلين باسمه فقد شعرت أنه يلائمه أو يلائمها هي خصوصا فقد شعرت أنه أسر شئ قيما لديها واستحوذ عليه وفجأة دخل جدها منهكا فاتجهت إليها قائلة بقلق: انت كويس يا جدو ولا تعبان؟
طمأنها جدها بهدوء: مافيش حاجة أنا عشان ما نمتش بس طول الليل لما أنام هتلاقيني زي البومب هههههههههه
إيلين ضاحكه: طب تعالا افطر وروح نام
انتبه الجد للرجل الجالس على الطاولة ناظرا لهما مفكرا بان روح الدعابة لديها ليست الا وراثة من جدها الذي يقف أمامه فانتبهت إيلين لنظرات جدها فقالت معرفة: دا أستاذ آسر يا جدو و دا جدو مصطفى يا أستاذ آسر
جلس الجد على الكرسي المقابل لآسر لينظر له بتمعن وبعد فترة صمت لازمته حتى انتهاءه من تناول طعامه قال: حمدالله عالسلامة
آسر بهدوء: الله يسلمك...هو أنا اقدر امشي من هنا امتى؟
الجد بابتسامة: ايه لحقت تزهق مننا ولا ضيافتنا مش كويسة ولا بيتنا مش قد المقام
آسر مسرعا: لا لا مش القصد صدقني يا أستاذ مصطفى بس عشان أهلى ما يقلقوش عليا
الجد بنفس ابتسامته: طب اولا بلاش أستاذ دي! يا تقولي يا جدي يا مصطفى
آسر بابتسامة رزينة: وأنا اسمي آسر بس بردوا
ثم نظر لإيلين التي لم تتحدث منذ مجئ جدها فقط تستمع مؤكدا: آسر بس!
الجد: تمام يا آسر بالنسبة لاهلك ممكن تتصل بيهم تطمنهم عليك عادي بس مش دلوقتي هنا مافيش تليفون ولازم تنزل المدينة نفسها لكن إنك تسافر أو تتحرك مش هاسمحلك بكدا الدكتور نبه علينا بانك تبذل مجهود كبير أخرك تقعد هنا او تخرج بره شوية بس
آسر بضيق فهو ليس معتادا على هكذا قيد: بس أنا مابحبش أقعد من غير شغل كدا
الجد بحزم شديد: وانت ضيفي وأمانة في رقبتي لحد ما تخف
آسر بغيظ: كنت من بقيت أهلي؟
الجد بغضب وهو ينهض: لا مش من بقيت أهلك بس حضرتك والطيارة بتاعتك وقعتوا على الارض بتاعتي وكنتوا هتعملوا حريقة تولع في كل المحاصيل اللي باتعب في زرعها طول السنه وانا مش مستعد أعرض ارضي للخطر ولا حتى بيتي دا اللي كان ممكن الطيارة تقع عليه تسبب موتي أنا أو إيلين فدا اللي يديني الحق يا أستاذ آسر
انصرف الجد متجها إلى غرفته بينما إلتفتت إيلين إليه لتقول بابتسامه هادئة: معلش جدو عصبي شوية بس هو قلبه طيب
آسر: يظهر اني ضايقته جدا عشان رجع قالي أستاذ تاني
ضحكت إيلين قائلة: أصلك قولت كلمة ما بتتقالش هنا ولو اتقالت ولو غصب عنك الناس بتاخد منك جنب وبيضايقوا منك لاخر العمر
آسر مستغربا: كلمة ايه دي؟
إيلين بهدوء: كنت من بقيت أهلي ! وانت مالك ! وكل اللي ليه نفس المعنى
آسر متفهما: ااه قولتيلي طب كويس عشان أخد بالي بعد كدا
إيلين هاتفه بسعادة: يعني قررت تقعد خلاص؟
آسر متمعنا بها: اه مبسوطة ؟
تنحنحت إيلين: عشان بس تخف وتبقى أحسن
آسر محاولا إخفاء ابتسامته: يعني خايفة عليا ؟
خجلت إيلين بشدة ولم تعرف كيف تتهرب منه ولكن أنقذها طرق الباب ودخول صديقتها المقربة بسرعة: إيلين ! إيلين انتي كويسة ؟
إيلين بسعاده: أهلا يا إسراء تعالي أنا كويسة
إسراء بقلق: أنا سمعت عن حادثه الطيارة وخوفت يكون حصلك حاجه!
إيلين: لا متقلقيش أنا زي الفل أهو
نظرت إسراء إلى ذلك الواقف خلف إيلين متسائلة فقالت إيلين: دي إسراء صحبتي ودا آسر واحد من الاتنين اللي كانوا في الطيارة
إسراء: أه أه حمدالله على السلامة
آسر منسحبا: الله يسلمك... طب عن إذنكوا بقى هادخل أنام شوية
إسراء مسرعه: اتفضل خد راحتك تقوم بالسلامة
وبمجرد إنصراف آسر حتى سحبت إسراء صديقتها إلى الخارج ليجلسوا على الارجوحه وتبدأ الحديث قائلة: دا حلو اوووي .... يا ريت الطيار كانت وقعت جنبنا إحنا
إيلين بغيظ: ما تتلمي يا إسراء وبعدهالك بقى؟
إسراء غامزة بمكر: شكل السنارة غمزت
إيلين بتوتر: سنارة ايه انتي التانية ؟
إسراء: ما أنا طول عمري لما باشوف واد حيلوة باقول عادي وانتي بتضحكي عادي اشمعنه المرة دي اتضايقتي؟ أكيد السنارة غمزت يا إيلي
إيلين بتنهيده عميقه: بصراحه حاسة انه غير أي واحد تاني فرحت اوي لما قرر يقعد لحد لما يخف بالسلامة
إسراء هاتفه بسعاده: أنا قولت كدا ! وسوسو لما تقول كلمه تبقى هي الكلمه
إيلين: بس بقى !.... غيري الموضوع بدل ما أسيبك وامشي!
إسراء مسرعة: خلاص خلاص
ظلت الفتاتان تتحدثان حتى حان موعد مغادرة إسراء إلى منزلها على وعد بزيارة قريبة وعادت إيلين تجلس مرة أخرى على الارجوحه بمفردها لتحركها بهدوء وتطلع إلى السماء لتراقب الطيور وكانت منشغلة بمتابعتهم بشدة حتى شعرت بالارجوحه تهتز بشدة فجأة فالتفتت لتجد آسر يدفعها ويبتسم لها فابتسمت له ابتسامه واسعة وتابعته وهو يتجه ليجلس بجوارها قائلا: صحبتك مشيت؟
إيلين: أه من شوية
آسر: انتي كام سنة؟
إيلين: 20 وهاتم 21 قريب
آسر مندهشا: أنا افتكرتك هتقولي 16 سنة
إيلين: ههههههههه لا مش للدرجه دي
آسر بتروي: لا للدرجه دي واكتر دا انتي لما بتضحكي باحس انك بقيتي 14 سنة
إيلين ضاحكه: طب تحب أكشر مثلا عشان ادي 21 ؟
آسر مبتسما: لا انتي كدا حلوة ... الزعل ما يليقش عليكي
خجلت إيلين بشدة فتابع: انتي بتتكسفي كتير كدا ليه؟
إيلين بتلقائية: أنا عمري ما اتكسفت كدا مش عارفه ايه اللي حصلي
ابتسم آسر لتلقائيتها الشديدة التي تدل على براءتها: يعني دي حاجه خاصه بينا انا بقى؟
إيلين: وانت كام سنة؟
آسر: 33
إيلين: العمر كله
آسر: تسلمي .... متخرجه من كلية ايه يا إيلين؟
إيلين: أنا دبلوم تجارة
آسر مسرعا: ماكنتش اقصد معلش
ضحكت إيلين قائله: عادي أنا مش مضايقة
آسر مستفهما: بس انتي شكلك ذكية ليه ما دخلتيش كلية؟
إيلين غامزة: وعرفت منين إني ذكية؟ عملتلي امتحان؟
آسر مبتسما: مش بيقولوا سيماهم على وجوههم
إيلين: هههههههه أه بص يا سيدي أنا كنت شاطرة اوي بس الظروف بقى اولا اقرب كلية لينا بعيدة مشوار لا أنا هاقدر أروح كل يوم وارجع ولا اقدر اقعد في بيت الطالبات عشان جدي ما اقدرش أسيبه و ثانيا بقى عشان التعليم هيكلف فلوس كتير وأنا مش هاحمل على جدي اكتر من كدا فخلتني في الدبلوم واهو يدوب نص ساعة من هنا بالعربية
آسر وقد زاد إعجابه بها: اها بس أنا ما شوفتش عربيات هنا
إيلين: ما انت ما روحتش في حتة... سكن العمال اللي جنب المكان اللي وقعت فيه الطيارة دا فيه جراج محطوط فيه الجرار وكمان عربية كدا قديمة بنجيب فيها السماد واللوازم بتاعت الزراعة والبيت والمونه
آسر وقد بدأ يستمتع بالحديث معها فظلا يتحدثان طويلا دون أن يشعر أيا منهما بمروره فقط شعر آسر بأنه لاول مرة يشعر بالراحة في حديثه مع أحد وخصوصا إمرأة.لم يشعر بانها تتدخل في حياته الخاصة بالاسئلة التي كانت تتطرحها بل شعر بالسعادة لاهتمامها بمعرفة أشياء تخصه وتخص حياته فأخبرها عن عائلته التي تتكون منه ومن والدته وابن خاله وابنته ولاحظ صدمتها لمعرفة انه أب فأخبرها أن زوجته توفت منذ 7 سنوات وأنه تزوج في سن صغير لكن لم يدخل في أي تفاصيل فقد كان مهتما أكثر بمعرفة ما يخصها هي فلم يكن لديها الكثير فأخبرته انها يتيمة الاب والام والدتها انجبتها بعد 10 سنوات زواج بعد فقدانها الامل بان تكون أم ولكنها توفيت أثناء الولادة ووالدها توفي وهي في الثانية من عمرها ليربيها جدها والذي كان قد اختار اسمها فهي البريق الذي أنار حياتهم جميعا وهو والد والدها فرأى فيها تعويض عن ابنه الذي توفي فعاشت معه حتى هذه اللحظه بسعادة بينما حكى لها عن عمله الذي يتطلب منه السفر باستمرار واحيانا على عجل كما حدث معه وقت الحادث وانه تحمل المسئولية منذ كان في العشرين من عمره بسبب وفاة والده.
نهضت إيلين فجأة: يا نهار! الوقت سرقنا ولسه ما عملتش الغدا
آسر: معلش عطلتك
إيلين: ههههههه لا دا الطبيعي بتاعي أنا باتلكك لوحدي اصلا
آسر مبتسما: خلاص شوفي انتي اللي وراكي وانا مش هاعطلك
إيلين متردده: طب ما تيجي تقعد معايا في المطبخ ونكمل كلامنا وانا باطبخ؟
آسر سعيدا بهذا الاقتراح: طب تمام بس يا رب الاكل ما يتحرقش بسببي المره دي !
بينما يتابعان الحديث في المطبخ استيقظ جدها فانتهز آسر الفرصة ليراضيه ويصلح من العلاقة بينهما فوجده لا يختلف كثيرا عن إيلين فهو محب للدعابة وسهل المعشر وطيب القلب فأحبه آسر كثيرا وشعر بالسعاده لوجوده في هذا المنزل مع هؤلاء الناس بينما بادله الجد نفس مشاعر الحب فقد شعر تجاهه بالامان وخصوصا على إيلين فهو من يستطيع أن يسعدها كما رأى من نظراتهما لبعض بالرغم من أن أيا منهما لم يفهم تلك المشاعر حتى الآن ولم يستطيعا أن يفسراها وخصوصا وانه لم يمر 24 ساعة على تعارفهما وانتهى اليوم والذي يليه على نفس الوتيرة دون جديد وفي اليوم الثالث لتواجد آسر معهم بينما يتناول ثلاثتهم الفطور أما المنزل أتى الكابتن بصحبة أحد العمال قائلا: حضرتك اتسببت في كل اللي حصلي ومع ذلك ما تعبتش نفسك تيجي تسأل مالي صح؟
نهض آسر مسرعا ليعتذر بشدة: أسف والله يا كابتن بس أنا نفسي كان ممنوع اتحرك مسافه كبيرة والا كنت جيتلك أكيد
الكابتن مندهشا فهذه أول مرة يعتذر فيها آسر عن شئ فعله فقال مستغربا: ولا يهمك فداك
الجد بترحيب: اتفضل يا ابني اقعد كُل معانا
آسر معرفا: دا مصطفى جد إيلين وصاحب المزرعه ودا الكابتن محمد الطيار
إيلين بابتسامه: اهلا يا كابتن اتفضل
جلس محمد ضاحكا: كابتن ايه بقى دا الواحد لسه دراعه مكسور وجسمه مكسر كفاية محمد بس عليا
آسر معتذرا بصدق: معلش يا كابتن محمد أنا السبب في اللي حصل دا كله
لم يتوقع محمد هذا الاعتذار فقد كان آسر مقتنعا برأيه لآخر لحظه قبل وقوع الحادث فهل الحادث هو السبب في تغيير آسر لهذه الدرجه ؟ وانشغلوا بالحديث جميعا حتى أتت إسراء برفقة عادل أثناء تناولهم الشاي سويا فرحبت بهم إيلين بشدة كعادتها بينما تمتم الجد بغيظ: انت كل شوية هتنطلنا عامل زي فرقع لوز كدا
سمعه آسر فقد كان يجلس بجواره فنظر لعادل بريبة محاولا أن يستفهم ما سر عدم ترحيب الجد مصطفى به بينما كانت إيلين تعرف إسراء على الكابتن محمد لتنطلق شرارة حب جديدة مع هذا اللقاء الجديد..
أنت تقرأ
كوخ في آخر المدينه
Romanceالروايه للكاتبة ساره محمد سيف مش بتاعتي المقـــــــدمه ليست السعادة بالثروة ولا بالخدم هكذا علمها جدها ، إيلين فتاة بسيطة لم تكمل تعليمها كما تمنت ولكنها رضيت بحالها ، لم تتوقع أن تكون بساطتها وعلمها سببا في الوقوف في طريق سعادتها ، فهي لم تتوقع أن...