الفصل الحادي عشر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــوقفت شروق بجانب السيارة مستنده إليها تتلف حولها فهي تكاد تفقد وعيها من شدة الخوف عندما ظهرت أمامها سيارة تعرفها .... إنها سيارة كرم.
هبط كرم من سيارته واتجه إليها قائلا بشماتة: الحلو مستني حد يوصله ولا ايه؟
شروق بغلاسة: يا خفه ... أنت ايه اللي جابك أنا قولت لآسر يبعتلي السواق مش يبعتلي صبي البواب
كرم مصطنعا الدهشه: وهو البواب كمان بقى له صبي؟ ... اه يا زمن ما بقاش فيك حد معندوش صبي إلا الشحات
شروق بتأفف: انت هترغي كتير كدا؟ ... أنا عايزه اروح
كرم ببراءة: طب ما تروحي هو أنا كنت ماسكك؟
شروق بحنق: طب هات مفاتيح عربيتك وانا هاروح
هز رأسه نافيا: لا انا ما باديش عربيتي لحد
شروق محاولة تمالك أعصابها: خلاص وصلني ... أنا مش هاقضي اليوم كله هنا
كرم باستغراب: ليه بس؟ دا حتى المنطقة مقطوعه وهادية ومافيهش صريخ ابن يومين
شروق والشرر يتصاعد من عينيها: تصدق كويس أنك قولتلي ... عشان فيه واحد كدا خنقني وعايزة اقطع خبره واتاووويه
كرم: تصدقي صح المكان هنا مناسب لكدا ... على العموم لو احتجتي مساعدة رقبتي سدادة
ضربت شروق الارض بقدميه واتجهت إلى سيارته متمتمة بكلمات لم يفهم منها شيئا و حاول إخفاء ضحكته وقد لحق بها وصعد إلى السيارة وانطلق بها: عايزة تروحي البيت؟
أجابته وهي تنظر من النافذة: لو ماكانش فيها ازعاج يعني
كرم: ولو فيها إزعاج؟
تنهدت بضيق قائلة: ماكنتش جيت اصلا ... على العموم لو رايح الشركة وصلني هناك وانا هاخلي آسر يبعت السواق معايا
كرم ببعض الغيرة: وتشوفي بالمرة سي أنور مش كدا ؟
التفتت إليه شروق مستغربة: أنور مين؟
كرم بغل: اللي حضرتك خبطي فيه الصبح
تذكرت فأجابت: اااه ... هو اسمه أنور؟ على فكره هو اللي خبط فيا مش أنا
كرم ببطء: وايه رأيك فيه ؟
هزت كتفيها: ما اعرفش ... بس شكله رخم ودمه تقيل وبااارد
كرم بسعاده ظاهره: يعني لو طلب ايدك هترفضيه مش كدا ؟
شعرت بسعادته فارادت أن تنتقم منه فقالت بدلال: مش عارفه .. مش يمكن لما أكلمه يطلع غير كدا .. ويطلع كويس وأحبه
عند آخر كلمة نطقت بها شروق تصاعد صرير قوي نتيجة احتكاك عجلات السيارة بالطريق لتوقفه المفاجئ ، تمسكت شروق بمكانها بقوة وقالت بفزع: فيه ايه ؟
التفت كرم إليها ونظر لها بقوة: أنا بحبك يا شروق
اتسعت عيون شروق بصدمة ، إذا فقد كان يٌكن لي نفس المشاعر لم يكون مجرد حب من طرف واحد كما اعتقدت ، يالله كم أنا سعيدة ولكن إن كان يحبني حقا فلماذا لم يتحدث قبل الآن ؟
قاطع كرم تفكيرها قائلا : روحتي فين ؟
أفاقت من شرودها قائلة: هاروح فين يعني ما أنا موجوده اهو
كرم بترقب: طب مش عايزة تقولي حاجة ؟
شروق: بصراحه؟ ... اه عايزه
كرم بفرحة: طب ما تقولي
حدثت شروق نفسها قائلة: والله لاطلع عينك واوريك النجوم في عز الضهر يا كرومتي هههههههه
كرم: شروق ؟
شروق: اه ... عايزه اقولك انه المفروض تنزل تشوف العجل لاحسن يكون جراله حاجه من الوقفه المفاجأة دي
كرم بصدمه: ايه ؟
اخفت ضحكتها قائلة بجدية: يا عم الكاوتش زمان اتهرى ... روح شوفه
كرم محاولا تهدئة أعصابه: ما يتحرق الكاوتش
شروق ببراءة: خلاص انت حر دا في الاول والآخر كاوتشك ... طب روح اطمن عالطريق دا ملك الحكومة
قبض كرم بشدة على مقود السيارة قائلا بغيظ: أنا هاروحك أحسن
عادت شروق تنظر إلى النافذة مبتسمة بخبث: يا ريت بردوا
ظلوا طوال الطريق في حالة صمت حتى أوقف كرم سيارته أمام باب الفيلا الداخلي والتفت إليها قائلا بهدوء وتمعن: بردوا مش عايزه تردي عليا؟
نظرت له قائلة: فيه مقوله انا مؤمنة بيها اوي وباحبها
كرم: ايه هي؟
أجابت: "لا تخبرني بحبك ... بل أجعل أفعالك تخبرني به"
كرم مستغربا: أنا أول مرة أسمعها ... دا مين اللي قالها ؟
خرجت شروق من سيارة ونظرت له من النافذة وابتسمت قائلة: أنا
اتجهت إلى فيلا بينما ابتسم هو قائلا لنفسه : بحبك يا مجنونة!
--------------------------------
انفجرت إيلين ضاحكة قائلة: ياخرابي عليكي ! ... كل دا عملتيه في الواد ؟
ضحكت شروق قائلة: اعمل ايه بس يا إيلين؟ .. تخيلي كل السنين دي وفاكره انه حب من طرف واحد وخلاص بدأت أفقد الامل الاقيه جاي يقولي بحبك ؟
إيلين: طب ما كان ممكن يكون لسه حابك من ساعة ما رجعتي يعني مش من زمان زي ما انتي فاكره
هزت رأسها نافية: لا طبعا ... أنا ما شوفتش من ساعة ما جيت غير مرة واحده لما جه اتعشى معانا يوم وصولي هيلحق يحبني امتى؟ .. وبعدين أنا كنت شاكة
في انه بيحبني من زمان بس لما لاقيته مش بيتحرك كدبت نفسي
إيلين: هههههه طب وايه اللي خلاكي تحني عليه بعد ما وصلك هنا؟
شروق بغرور: يا بنتي لو زودت عليه شوية كمان كان زمانه شااااط وانا باساويه على نار هادية ... وبعدين أنا رميتله الجملة ومشيت يعني ما صارحتوش بحاجه
غمزتها إيلين: يعني عشان كدا بس؟
شروق بخجل: لا وعشان باحبه ولما صدقت عمل خطوة يقرب بيها مني ارتاحتي ياختي ؟
إيلين مبتسمه: المهمه انه تكوني انتي اللي ارتاحتي
دخل جاسر وآسر الذي جلس بجوار إيلين ولحق بهم كوثر هانم ونادين لتجتمع العائلة بأكملها معا لأول مرة منذ زمن
آسر: طب بمناسبة اللمه الحلوة دي ... شروق انتي انهارده اتقدملك عريسين
إيلين بتعجب ناظرة إلى شروق: اتنين؟
شروق قد خمنت أن يكون أحدهما كرم ولكن من يكون الآخر؟
شروق بتوجس: اتنين مين؟
آسر: الاولاني هو أنور
شروق:هو ايه حكاية أنور دا ؟
آسر: دا اللي اتخبطي فيه وطبعا لسانك ما اتوصاش
شروق بخوف: والتاني؟
آسر: التاني كرم
جاسر بدهشه: المجنون؟
شروق بغضب: لا اسم الله عليك انت اللي عاقل اوي يعني
آسر مداريا ابتسامته: يعني موافقة عليه؟
أومأت موافقة بخجل فقالت نادين ضاحكه: ههههههه عشت وشوفتك مكسوفه يا شوشو ... ايوه بقى
شروق بغيظ: ما تتلمي يا بت ... هو انا مش هاخلص منكوا ولا ايه؟
جاسر ضاحكا: شكلك حسدتيها يا نادو ... اهي اتحولت تاني
كوثر بغضب: وأنا ماليش رأي في الموضوع دا ؟
آسر مهدئا: والله يا ماما لا أنا ولا جاسر حتى قولنا رأينا انا قولت أخد رأيها الأول ونشوف هتختار مين الاول قبل ما نشوف رأيك ورأي جاسر
توجهت شروق إليها وضمتها قائلة: وانا اقدر اعمل اي حاجه من غير رضاكي يعني؟ دا انتي امي اللي ما ولدتنيش ... اصلا لو قولتي لا أنا هانساه فورا
كوثر بخبث: يعني لو قولت لا هتبعدي عنه؟
شروق بحزن: أكيد طبعا يا عمتو ... بس أنا عارفه انك بتحبيني وهتوافقي
كوثر بحنان: ربنا يتمم لك بخير يا حبيبتي
شروق بسعاده: يعني موافقة؟
كوثر بعقلانية: مادام هتبقي مبسوطه يبقى أكيد موافقة
آسر: وانت ايه رأيك يا جاسر؟
جاسر باستسلام: رأي ايه بقى بعد موافقة العروسة وأم العروسة
شروق: يلا يا جاسر قول رأيك وما تبوخش
جاسر: ههههههههه موافق ... اهو تطلعوا في بعض من اللي بتعملوه فينا
إيلين ضاحكه: من الناحية دي اطمن قايمين بالواجب وزياده
جاسر: ههههههه بيقولوا الجواز بيعقل لكن في حالتهم هما الله اعلم هيعمل ايه؟
إيلين: لا دا بيوصل على العباسية عدل هههههههههه
انفجر الجميع ضاحك ، بعد فترة من الحديث اتجهت نادين للنوم لتستيقظ مبكرا وجاسر قرر أن يرى بعض أصدقائه فقد انشغل عنهم كثيرا في الفترة الأخيرة و اتجهت شروق لتجيب على اتصال من صديقتها وقرر آسر أن يخبر القرار النهائي لكرم حتى يستعد للتقدم بشكل رسمي ، لم يتبقى بالغرفة سوى إيلين وكوثر هانم التي انتهزت الفرصة لتبدأ بدق مسامير نعش زواج ابنها وإيلين.
كوثر: ما تفتكريش انك هتطولي هنا
إيلين متعجبه: ليه؟
كوثر بغضب: انتي فكرك اني هاسيبك كدا على زمة ابني؟... مسيره هيطلقك
إيلين بثقة: طول ما أنا وهو بنحب بعض مش يقدر حد يفرقنا
كوثر بغيظ: وانتي مفكره انه آسر ممكن يحبك؟
إيلين: ايوه بيحبني ... والا ما كانش اتجوزني
ضحكت كوثر بسخرية: انتي طلعتي على نياتك اوووي .. فيه اسباب تانيه ممكن تخلي آسر يتجوزك غير الحب دا
إيلين بقلق: زي ايه يعني؟
شعرت كوثر بالانتصار فلقد بدأت تزرع بداخلها الشك: فيه مثلا انه آسر نفسه في وريث ولد عشان لو ماكانش عنده ولد لما هيموت نسبه كبيرة من الاملاك هتروح لجاسر دا غير انه نادين لسه قاصر وهو اللي هيبقى الوصي عليها وانا و شروق مالناش في الشغل يبقى كل حاجة هتبقى في ايد جاسر فلازم يبقى عنده ولد يشيل الورث دا كله
إيلين: بس جاسر اتغير ويقدر دلوقتي يحافظ على الورث
كوثر: اه بس آسر اتجوزك قبل ما جاسر يتغير لانه فقد الامل فيه وغير كدا جاسر لسه في بداية الطريق لكن الله اعلم لما يبقى في ايده ثروة زي دي ممكن يحصله ايه مش بعيد يرجع زي الاول تاني
إيلين بعقل: بس بردوا لو جبتله الولد هيبقى تحت الوصايا تبع جاسر يعني كأنه ما حصلش حاجة
كوثر بهدوء: لا وقتها هيبقى وصي على اغلب الثروة وهيبقى فيه ناس بتتابعه عشان تتأكد أنه مش بيسرق ولا بيهدر مال يتيم ... يعني بدل ما كان حر في أغلب الثروة هيبقى متقيد فيه فرق
إيلين: طب ما كان ممكن يتجوز أي واحدة من اللي حواليه اشمعنه انا يعني؟
كوثر ببرود: عشان كل اللي حواليه بنات عيلة وجمال يعني قليل اوي لو واحده كان هدفها تجيب عيل حتى فريدة مش حابه الفكره دلوقتي وخصوصا انه آسر عنده بنت يعني يتجوز بنت فلاحة كل تفكيرها تعمل أسرة وتجيب عيال أحسنله دا غير طبعا انه واحده زيك ساذجه وعلى نياتها مش هتطلب منه لا أبيض ولا أسود لكن واحده زي فريدة طلباتها كتير من أول شهر عسل في روما للبس من فرنسا وكدا يعني
شعرت إيلين بمنطق كلامها فهو لم يصرح لها بحبه ، لم يتعرفا على بعضهما بشكل كافٍ دائما مشغول بالعمل ولا تراه سوى بغرفة النوم وذلك إما للراحة أو لمطالبتها بحقوقه كزوج ، كل هذا يثبت صحة أقوال حماتها يعتبرها آلة تنجب الأطفال فقط ، اطمأنت كوثر لرؤيتها شرود إيلين فابتسمت بخبث مغادرة تاركة الشك يتوغل بداخلها ، متوجهة إلى الطرف الأخرى لتنهي مهمته على أكمل وجه.
طرقت باب غرفة المكتب وبعد سماعها إذن الدخول ،دلفت إلى الغرفة وسألته: كلمت كرم ؟
أومأ آسر موافقا: ايوه يا ماما ... هيجي بكره يتقدم رسمي
كوثر: بسرعة كدا؟
آسر ضاحكا: ما انتي عارفه كرم ودماغه الطاقه
كوثر بشرود: اه طيب
آسر بتأمل: فيه حاجه يا ماما ؟ عايزه تقولي حاجه تانيه ؟
رسمت على وجهها ملامح الضيق قائلة: أنا مش عارفة أنت ساكت عن اللي بيحصل دا إزاي؟
آسر مستغربا: وايه اللي حصل؟
كوثر بحنق: ايه اللي حصل؟ ... انت ما شوفتش الست مراتك كانت قاعده تهزر مع جاسر ازاي؟ .. دول كانوا زي السمنة عالعسل
تنهد آسر: عادي يعني... كلنا كنا بنهزر فيها ايه يعني؟
كوثر بغضب: فيها انك سايبها طول اليوم هنا وما تعرفش اللي بتفكر فيه واللي بيحصل من ورا ضهرك
سألها بملل: وايه اللي بيحصل؟
كوثر بشر: فيه انه سمعت الست هانم بتقول لشروق انها حاسه بندم انها اتجوزتك وقعدت تقولها مش كنت قابلت جاسر اخوكي الاول كان احسن من اللي انا فيه دا
آسر بغضب يحاول كتمانه ولكنها استطاعت أن تستشفه: انتي متأكده ؟
كوثر بحزن: يعني هو أنا أقدر أقول حاجه زي كدا ليك من غير ما اتأكد ؟ ... دا غير كلامها مع جاسر في الجنينة كل شوية وصوت ضحكها اللي بتوصلني لحد اوضتي ... اصلا جاسر شكله معجب بيها ومش بعيد حبها ...تخيل انها هي السبب في انه يطلب يشتغل معاك في الشركة... ما تقوليش انك ما لاحظتش انه اتقلب 180 درجة من ساعة ماجت لا سهر ولا سرمحة ولا حتى بنات من البيت للشغل ومن الشغل للبيت.
ترك آسر أذنيه لوالدته التي استمرت في بخ سمها لتقتل ذلك الزواج الذي لا يعجبها ويقف بطريقها وانهت
كلامها قائلة: لو مش مصدقني ابقى اسألها كدا ما حملتش ليه لحد دلوقتي؟ ... ولو فيه عيب لا سمح الله تروحوا للدكتور ما تستنوش ... بس ما اعتقدش انها توافق دي مش بعيد اصلا تكون بتاخد حبوب منع الحمل ولا حاجه ... ماهي اكيد مش عايزة تربط نفسها بيك... هي عارفه كويس انها لو في يوم قدرت تسيبك مافيش واحد هيقبلها مع عيل حتى ولو كان جاسر ابن خالك.... معلش بقى يا حبيبي أنا هاطلع انام واخد الدوا وابقى فكر في اللي قولتهولك كويس ... عقلك في راسك تعرف خلاصك
الأفكار تدور في رأسه وتدور تحيط به من كل الجهات كلما حاول الهروب من فكره ظهرت له أخرى .... ألم تعد تحبه؟ أكان انشغاله السبب في ذلك البعد بينهما؟ أم انها خائنة بطبعها؟ أنجوت من إنجي ورفضت الزواج هربا من أمثالها لأتزوج إنجي أخرى ولكن ترتدي عباءة الطهر والنقاء؟
أنت تقرأ
كوخ في آخر المدينه
Romanceالروايه للكاتبة ساره محمد سيف مش بتاعتي المقـــــــدمه ليست السعادة بالثروة ولا بالخدم هكذا علمها جدها ، إيلين فتاة بسيطة لم تكمل تعليمها كما تمنت ولكنها رضيت بحالها ، لم تتوقع أن تكون بساطتها وعلمها سببا في الوقوف في طريق سعادتها ، فهي لم تتوقع أن...