الفصل الثامن

345 22 0
                                    

الفصل الثامن
********

ظلت إيلين جالسه في غرفتها بإنتظار عودة آسر لأن كوثر هانم كلما رأتها تنظر لها باستحقار من ثم تتجاهل وجودها تماما ،ونادين عادة من مدرستها وانشغلت بدروسها وأخذ قسط من الراحة قبل موعد العشاء ، لقد ملت كثيرا لم تعتد على هذا الكسل وهذا الفراغ ،بعد فترة وجدت آسر يدخل الغرفة ملقيا السلام فأجابت ببعض الحزن: وعليكم السلام
انتبه آسر لردها الحزين فاتجه ليجلس بجوارها بدلا من التوجه إلى الحمام: مالك؟
إيلين:زهقت طول اليوم محبوسة في الاوضة هنا مش باعمل حاجه
آسر: طب ما نزلتيش تحت ليه؟
إيلين بسخرية: انزل اعمل ايه؟ واقعد مع مين ؟
آسر: لسه ماما بتعاملك المعامله دي ؟
إيلين: سيبك من المعاملة حتى لو بنتكلم عادي انت متخيل اني ممكن اقضي حياتي كلها في الكلام مع مامتك طول اليوم ؟
آسر متنهدا: عايزه تعملي ايه طيب؟
إيلين مقترحه بسعادة: عايزة اشتغل في الجنينة عايزه انا اللي اهتم بيها
صدم آسر: تشتغلي في الجنينة؟
إيلين: ايوه بس ما تمشيش الجنايني حرام مش عايزه اقطع رزقه خليه ممكن يبقى يساعدني
آسر بتأني: دا اللي هيفرحك يعني ؟
إيلين بسعاده: طبعا لانه بيحسسني اني لسه عند جدو
آسر بهدوء: خلاص ابدأي فيها من بكره وانا هانبه على عم عبده انك هتنزلي معاه الجنينة
قفزت إيلين فرحة بموافقته وضمته بقوة :ربنا يخليك ليا
استجاب لها آسر فشدد في ضمه لها قائلا: بعد العشا عايزك في موضوع سري كدا ... لولا انه جاسر مستنيني في المكتب ماكنتش أجلته لانه موضوع في غاية الأهمية!
خجلت إيلين: طيب روح استحمى وغير هدومك عشان تنزل تكلمه ونتعشى
آسر متذكرا : اه صحيح كنت هانسى
اخرج من حقيبته شيئا واعطاه لها فقالت متعجبه: ايه دا ؟
آسر: دا موبايل
إيلين: جبتلي موبايل؟ طب ليه؟ انا مش متعوده اني امسك موبايل اصلا
آسر بحزم: انتي دلوقتي مرات آسر الحناوي يعني تتعودي على كل حاجه ما اتعودتيش عليها قبل كدا
ما إن انهى حديثه حتى ارتفع الهاتف بالرنين فقال: ردي
أجابت إيلين بقلق: السلام عليكم
الطرف الآخر: وعليكم السلام ... بقى عشان بقيتي مع جوزك كدا تنسيني يا إيلين
إيلين بصدمه: جدو ؟!
مصطفى: ايوه جدو يا روح جدو ... وحشتيني
بدأت دموعها بالهطول: وانت وحشتني اكتر يا جدو
مصطفى وهو يمنع دموعه هو أيضا من الهطول: ما تعيطيش يا روح جدو
إيلين: انت بتكلمني منين؟
الجد: انا فجأة لقيت واحد كدا لابس بدلة وجاي يقولي اتفضل وادني تليفون صغير كدا ولما قولتله ايه دا ومن مين راح قالي اتفضل كلم آسر بيه ولما كلمت آسر قالي انه دا هديه منه عشان اعرف اكلمك براحتي في اي وقت وقالي انه الراجل اللي جابهولي دا هيعرفني ازاي استخدمه عشان اتصل بيكي وانه سجل رقمك عليه
نظرت إيلين حولها فلم تجد آسر لانه توجه إلى الحمام ليترك لها حرية الحديث مع جدها: آسر عمل كل دا ؟
الجد: يظهر انه بيحبك اوي يا إيلي خلي بالك منه واوعي تزعليه
إيلين بحب: ما تقلقش يا جدو دا في عنيا ... المهم انت عامل ايه؟
واستمر الحديث بينهما وبعد انتهاء المكالمه جلست تنظر خروج آسر ،وما إن رأته حتى ركضت إليه قائلة: ربنا يخليك ليا ... أنا بحبك اوووي اوووي يا آسر
سعد آسر بكلماتها فضمها: اهم حاجه انك كلمتيه واطمنتوا على بعض عشان ما يفتكرش اني اخدتك منه
إيلين بحب: ربنا ما يحرمني منك ولا من حنيتك دي
نظر آسر في عينيها قائلا: طب انا هانزل لانه ثانية كمان ولا هيبقى فيه جاسر ولا عشا
ضحكت إيلين مبتعده: طيب يلا روح
آسر: وانتي اجهزي وحصليني
إيلين مبتسمه: حاضر
------------------------------
اتجه آسر إلى غرفة المكتب ليجد جاسر جالسا بانتظاره: من امتى بتستناني يعني؟ دا انا لو اتأخرت عليك خمس دقايق بتمشي عشان صحابك مستنينك ايه اللي جد ؟
جاسر: انا مش هاخرج مع صحابي انهارده
كتم آسر دهشته: شوقتني اعرف انت عايزني في إيه
جاسر بقوة: عايز اشتغل
آسر: تشتغل؟...من امتى؟ طب وصحابك والخروج والفسح؟
جاسر برزانه: أنا خلاص هابدأ اشتغل واغير من نفسي وصحابي هاشوفهم وقت الفراغ بتاعي
آسر: اها تمام ... طب وناوي تشتغل في قسم ايه ؟
جاسر بحيره: مش عارف ... انا قولت انك ممكن تساعدني اختار القسم بس ياريت ما يكونش ممل بردو
اومأ آسر قائلا: ما تقلقش انا هاشوفلك المكان المناسب ... بس انت عايز تبدأ الشغل امتى ؟
جاسر مسرعا: من بكره
آسر بإعجاب: شكلك متحمس كويس لما تيجي الشركة بكره هتلاقي مكانك جاهز ومستنيك... ويلا بقى نروح نتعشى قبل ما كوثر هانم تبدأ تتعصب.
------------------------------
مرت عدة شهور ...
بدأ جاسر العمل في الشركة بالموقع الذي حدده له آسر وبالفعل حقق نجاح في هذا الموقع واستمتع بالعمل به جدا.
انشغل آسر بالشركة وتعويض الفترة التي غاب فيها عن أعماله ، سبب ذلك ضيق شديد لدى إيلين فقد ابتعد عنها كثيرا لم تعد تراه يذهب قبل أن تستيقظ ويعود بعد أن تنام حتى يوم العطلة لا تراه لانه يعمل في مكتبه بالفيلا ، اشتاقت كثيرا لوجودها برفقة جدها فعلى الاقل تجلس مع من يحبها ولا تتحمل كره كوثر هانم لها ، كان يعوضها اهتمامها بالحديقة وقد أصبحت أجمل مما سبق بكثير بسبب العناية الشديدة التي توليها لها.
في أحد الأيام ... كانت إيلين تتجه إلى داخل الفيلا بعد إنتهاءها من العمل بالحديقة وبينما هي تخلع قفازها الذي يحمي يديها أثناء عملها وجدت نادين تصعد بسرعة إلى الدور العلوي وعندما نادتها لم تجبها ، قلقت عليها بشدة فصعدت خلفها لتطمئن عليها.
وصلت إلى غرفتها وسمعت صوت نحيبها فطرقت الباب بهدوء قبل أن تفتحه وتتجه إليها بقلق: مالك يا نادين؟ حصل حاجه؟
قالت نادين من وسط نحيبها: ممكن تسبيني لوحدي؟ انا مش عايزه لا أكلم حد ولا أشوف حد
إيلين وقد زاد قلقها: ليه كدا بس؟ طب احكيلي يمكن نلاقي حل لو مشكله كبيره اوي كدا
نادين بعصبية: مافيش عندي مشكله! هم اللي عندهم المشكله مش انا ؟
بدأت إيلين تهدأ لحديث نادين: طيب مشكلتهم ايه اللي مش مشكلتك دي ؟
نادين بغضب:تصوري بيتريقوا عليا ! بيتريقوا عليا انا ؟!
تعجبت إيلين: ويتريقوا عليكي ليه؟
نادين بسخرية: قال ايه عشان ما عنديش بوي فريند ... هما مالهم اصلا!
إيلين باستغراب:وهما عندهم بوي فريند؟
نادين بسخرية: دا مافيش واحدة ومش مصاحبه اصلا وفيه منهم اللي فركشت اكتر من عدد صوابع ايدها ! .. اومال هما بيتريقوا عليا ليه ؟
إيلين بتمعن: وانتي ما عندكيش بوي فريند ليه ؟
نادين بعصبيه: انتي هتعمليلي زيهم ؟
إيلين: مش قصدي انا بس كنت عايزه اعرف ايه السبب اللي منعك انتي مش ناقصك حاجه ما انتي حلوة اهو وزي القمر ما تقنعنيش انه مافيش حد وقع في حبك
نادين مفكره: اه فيه بس انا بارفض ومش بافكر في الموضوع دا ... انا اصلا مش عارفه هما بيصاحبوا ازاي ... وكل مرة اقولهم بلاش بس مافيش فايده
إيلين بتأني: ومش بتفكري في الموضوع دا ليه؟
نادين بتعقل: عشان أنا لسه صغيره وأهم حاجه بالنسبه لي دلوقتي هي دراستي والحب دا بيجي بعدين خصوصا انه ماحبتش حد لحد دلوقتي
إيلين: ما شاء الله عليكي ... بس بردوا في كلامك غلطة
نادين مستغربه: غلطة ايه ؟
إيلين:المفروض ما تحبيش غير جوزك
نادين: وانا هاتجوزه ازاي اذا ما كنتش باحبه ؟
إيلين: ما هو لما هيجي يتقدملك اكيد هيكون على الاقل معجب بيكي وفي فترة الخطوبة شوفيه واتعرفي عليه واعرفي فيه الحاجات اللي تخليكي مبسوطة معاه ولا لا ... دا حتى لو حبتيه قبل الجواز اوعي تعبري عن اللي جواكي دا بأي كلام ....ما تبوظيش قلبك قبل الجواز!
زاد تعجب نادين: وابوظه ازاي ؟
إيلين: افرضي انك حبتيه وقولتيله كلام حب وهو قالك كلام حب وبعدين حصلت خناقه او مشكله او اي حاجه والجوازه اتفشكلت وكل واحد راح لحاله وانتي اتخطبتي و اتجوزتي غيره ... جوزك دا ممكن يقولك كلمة من اللي الاولاني كان بيقولهالك فافتكرتيه تبقي وقتها خاينه لجوزك حتى لو كان مجرد تفكير ... دا غير انك مش هتحسي بالكلمة الحلوة اللي هيقولهالك لانك خلاص سمعتيها من غيره قبل كدا وفقدت جمالها وحلاوتها ... فهمتي قصدي؟
نادين بتفكير: اه فهمت ... بجد عمري ما فكرت كدا قبل كدا
ابتسمت إيلين: المهم اديكي عرفتي ... وبالنسبه لصحابك دول فسيبك منهم ولو حد كلمك تاني قوليه انا كدا واللي مش عاجبه يخبط راسه في اقرب حيط
ضحكت نادين: احسن بردوا هههههه
ضمتها إيلين إليها قائلة: طول ما انتي صح ما يهمكيش حد ... سيبي اللي يقول يقول ... هما غيرانين منك عشان انتيقلبك لسه نضيف بس هما قلبهم باظ من كتر الاستعمال ومع الاسف مالوش عمره
سكنت نادين بين ذراعيها: بجد ربنا عوضني بيكي يا إيلين
صرخت إيلين : يا نهااري !
فزعت نادين: فيه ايه؟
نظرت إيلين إلى يدها قائلة: ما خلعتش الجوانتي وحضنتك بيه وبهدلتك معايا
نقلت نادين بصرها بين يدي إيلين وذراعيها من ثم انفجرت ضاحكة: فداكي يا إيلي عادي استحمى وخلاص مافيش مشكله
نهضت إيلين مغادرة: طب قومي يلا يا ستي استحمي وهاروح أنا كمان استحمى ... بس بعد كدا لما تضايقي من حاجه تيجي تحكيلي مش تجري كدا وتقفلي على نفسك ماشي؟
نادين: ماشي ... اوعدك
اتجهت نادين إلى الحمام الملحق بغرفتها وانصرفت إيلين إلى غرفتها ، ولم تعلم أيا منهما بأن هناك من استمع للحديث بالكامل، الذي زاد من إعجابه بإيلين فهي تختلف كل الإختلاف عن كل النساء التي عرفهن في حياته فقال محدثا نفسه: يا بختك يا آسر ... بجد باحسدك من قلبي
--------------------------------
كانت كوثر هانم جالسة بالحديقة برفقة فريدة يتحدثان معا
فريدة بغل: هي لسه قاعده هنا ؟ هي مش ناوية تمشي ولا ايه؟
كوثر: اه قاعدة ... شايفه الجنينه ؟ هي اللي بتهتم بيها
نظرت فريدة حولها وقالت بسخرية: ماهي فلاحة وهتفضل طول عمرها فلاحة
كوثر: على رأيك
فريدة بجدية: انتي مش قولتيلي انك هتخلصينا منها ؟ ماشوفتش حاجه لحد دلوقتي يعني اهو
كوثر متنهده: بافكر في حاجه بحيث نكون احنا بعيد عن الموضوع عشان آسر ما يشكشفي حاجه
فريدة: ولسه ما وصلتيش لحاجه ؟
كوثر: فيه فكره في دماغي بس ربنا يسهل
فريدة: طب أنا لازم امشي دلوقتي عندي معاد بره مع واحده صحبتي
كوثر مودعه: خلاص يا قلبي روحي مشوارك وما تقلقيش
غادرت فريدة وبدأت كوثر ترتشف فنجان القهوة الخاص بها عندما أتى جاسر ملقيا التحيه فأجابت: اهلا أستاذ جاسر عاش من شافك
جاسر مبتسما: اهلا بيكي ... الشغل معلش بقى يا عمتو
كوثر بحنق: الشغل الشغل... و طظ في عمتك مش كدا؟
جاسر ضاحكا: مش انتي اللي كنتي بتزني اني انزل اشتغل مع آسر واديني نزلت بتزعلي ليه دلوقتي بقى؟
كوثر بحزن: طب اسأل عليا حتى قولي ازيك
جاسر: ازيك ؟
كوثر: بعد ايه بقى
جاسر متنهدا: يادي النيله هو يوم مش معدي انا عارف .. اروح الشغل احسن سلام يا عمتو
كوثر مسرعة: بسرعه كدا ؟
جاسر: ورايا شغل بقى هاشوفك بالليل
كوثر: وانت جيت ليه اصلا؟
جاسر موضحا: كان فيه ملف جبته اشتغل عليه امبارح ونسيته وانا نازل فرجعت اخدته واديني رايح تاني اهو
كوثر بجدية: اهاا طب ما تيجي تقعد ... عايزاك في موضوع مهم
جلس جاسر بقلق: خير يا عمتي
اعتدلت كوثر في جلستها : بص يا جاسر انت عارف اني مش باحب البت اللي اتجوزها آسر دي ومش باطيقها وبصراحه كدا عايزاه يطلقها وأخلص منها
تنهد جاسر: ما تسبيهم يا عمتي هما احرار سوا وبعدين آسر اللي اتجوزها مش انتي يعني
كوثر بعصبيه: وانا اللي قولت انك هتساعدني
انتبه جاسر لحديثه فقال بهدوء: اساعدك ازاي يعني؟
فرحت كوثر بانها استطاعت ان تنال انتباهه: بص يا سيدي انا عايزاك تلف عليها وتفهمها انك معاك فلوس اكتر من آسر وانه لما يموت بعد الشر أنت اللي هتورث كل دا وتبدأ تخليها تقرب منك
جاسر بهدوء: إيلين مش بتاعت فلوس اصلا
كوثر بحنق: اومال اتجوزته ليه؟ حتى لو مش بتاعت فلوس خليها تحبك وانت وشطارتك بقى
جاسر: وانا هاستفيد ايه من كل دا بقى؟
كوثر بلؤم: يعني فاكرني مش عارفة انك معجب بيها ومش بعيد بتحبها ... عليا انا بردوا يا جاسورة ... دي من ساعة ما جات وانت اتغيرت 180 درجه بدأت تشتغل ما بقتش تسهر صحابك ومش بتشوفهم دا غير نظراتك ليها
نهض جاسر قائلا: بصي يا عمتي ... أنا اه معجب بيها بس مش عشان اللي في دماغ دا لا عشان أنا اول مرة اشوف بنت من النوع دا النوع اللي يحافظ على نفسه ويحترم غيره ويصون ودا أكيد سبب من اسباب جواز آسر منها وبالنسبه للشغل والسهر والكلام دا .. فأنا بدأت افوق لنفسي مش عشانها لا عشاني ما انكرش انها هي سبب أساسي فيه بس عشان كلامها معايا في الموضوع دا مش اكتر .... ونصيحه مني ليكي سيبي إيلين في حالها عشان آسر لو عرف بحاجه من اللي بتفكري فيها انتي عارفه كويس اوي هو ممكن يعمل ايه ... وياريت بدل ما تفكري ازاي تخربي على ابنك تبقي تشوفي حفيدتك وايه اللي بيحصل معاها احسن.
تركها جاسر متعجبا مما تفكر به وتريد أن تفعله بينما جلست هي تكاد تتميز من الغيظ وقالت بصوت مرتفع محدثة نفسها: بردوا مش هاسيبها !

كوخ في آخر المدينهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن