الفصل الخامس

5.3K 167 17
                                    

الفصل الخامس
لا يستطيع التعامل مع الأمر، متى انفلتت عقدة تماسكه، لا يعلم، هو ليس بالغر لكن ما يحدث له يربكه، متى أصبح نومها بجواره يسبب له كل هذا الأرق، تلك الأنفاس الرتيبة صعودا و هبوطا ،كيف تتواصل مع نبضات قلبه ، لتعلو تارة و تنخفض أخرى،إنها تتغلغل بخبث داخل حنايا روحه، فما أن يعود من عمله الليلي
حتى يجدها رائقة متعطرة تحيطه بأمان و هدوء نفسي يجعله يتعجل لحظة عودته ،لحظة ان تقع عيناه عليها وهي تهش إليه مبتسمة لتستقبله، كأنها روح هائمة حازت على جسدها اخيرا، أصبح يفتعل المواقف اليومية، ليجد ما يقصه عليها، و هي تتعجله بعد العشاء بسؤالها الذي لا تمله
"كيف كان يومك؟؟ احك لي تفاصيله دون ان تغفل شيء"
كان الأمر في بدايته مرضاة لها، تعويضا عن طول وحدة و طول صمت فرضهما عليها، لكن بعد إعتياد، أصبح لذة مشتركة، تفاعلها مع ما يمر به حين تتسع عيناها لأمر، و تضيق لأخر، حين تشتعل وجنيتها بدماء الغضب، إذا حوى حديثه سيرة امرأة ما، حتى أنه أصبح يتعمد أن يمرر لها موقف أو اثنين عن احدى الزميلات لتبرق عيناها و يلتهب سخطها، فينتشي بتلك الغيرة و الحمية التي تتلبسها، تلك الشهقة الخائفة التي يعقبها الحمد لله و ادعية كثيرة تظل تتمتم بها ليحفظه الله ويرده إليها سالم معافى،
إذا تعرض لحادث مهما بلغت تفاهته، تظل تترد في قلبه و تربت عليه طوال يومه، يستشعر أنها تحوطه إذا مر بمحنة ما.
و ختام يومهما حين تفترش الفراش بجانبه متربعة، يستحوذ على يديها يقوم بتمارينها العلاجية، فتظل تتأفف و تتذمر كطفلة مشاغبة...
اتسعت بسمتان أحدهما لعينيه و الأخرى لثغره، تداعب مخيلته ذكرى البارحة، حين مد يده الى ذراعها، لتهمس
"أنا متعبة نور، دع الأمر للغد، أرجوك..
ليتناول أناملها بين أصابعه بحزم
"توقفي عن التدلل وهج أنت لست طفله ...
تلتمع عيناها، فتنتبه حواسه يعلم ان هناك احدى قذائفها المستفهمة على وشك الانفجار
"نور....هناك تساؤل يدور في ذهني من حين لأخر، بالله عليك اجبني عليه بصدق..
يهمهم محركا رأسه بالموافقة
"هل البنات اللائي تدرس لهن جميلات..
تراقصت عيناه بعبث
"جداااا، هل رأيت الفتيات بالمجمع التجاري يشبههن الى حد كبير..
برقت عيناها بشر
"و هل يتحدثن معك؟؟ و انت تتحدث معهن ؟؟اي هل حاولت احداهن التقرب منك..
يتصنع التفكر مدعيا اللامبالاة
"يحدث هذا من حين لآخر، فأنا وسيم ، ولطيف كما تعلمين...
جزت على أسنانها
"لا انا لا اعلم فانا لم ارى دلائل لطفك على أية حال، فأنا كما يقولون في الهم مدعوة و في الفرح منسية ، انا لا ارى الا افعلي و لا تفعلين، و يوم هديتني ، أهديتني بلوة في صورة ضرة، حتى إنني استشعر أن اختفاءها من حياتي، ما هو إلا تحضير لبلوة أخرى
ارتج عليه يوبخه ضميره على تعمده مضايقتها
"انا طلقتها وهج، ليطمئن قلبك من تلك الناحية، لقد اقصيتها عن حياتنا الى الأبد.....
شهقت بدهشة
"طلقتها!!!!!! لكن ...
رماها بنظرة محذرة جعلتها تبتلع كلماتها
"انظري الي ..أنا أبدا لا ارضى لك الظلم و لا الإهانة، قد اكون اسأت اليك، تجنبك كثيرا، نحيتك عن حياتي، لكنك ستظلين أمانتي، قطعة من حياتي و روحي لا أفرط ابدا بحقها..
أشرق وجهها و زاده ثناؤه حلاوة
"اتعلم لقد رأيت حلم غريب جداا!!!!!حتى اني استيقظت غاضبة منك
لأجله..
يطالعها بصمت ينتظر أن تتم حديثها، لترسم جدية مصطنعة لم تفلح بها و هي تجاهد لتبتلع ضحكات خجولة
"لقد رأيت ذراعي المعافاة، تقبض على الأخرى بغل ،و تهزها بغضب تصيح انت تحظين بكل الدلال، يظل يتلمسك برقة كأنك قطعة حلوى هشة يخشى تفتتها، يداعب أناملك برقة بحجج واهية
اما انا فأشبه عجوز الفرح ،لا ينظر لها، و لا ترى هي من الأصل، و على الرغم من ذلك لا تسلم من الذم و القدح...
بدا جاد جدا و هو يستمع اليها، يحثها المزيد....
لتهز رأسها بأسف
"و حين حاولت فك تشابكهما، التفت الي المعافاة تصيح
"اصمتِ أنت و لا تتدخلي فصمتك على هذا الظلم، لا يجعلك حكم عدل..
ضيق عينيه تتدافع التسلية و الخبث على ملامحه، ولا يزال يتلمس معصمها
"و هل وجدت لهذا الحلم تفسيرا !!!

وهج نور "كاملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن