مر اسبوع منذ عادت الى بيتها تمطت بكسل في فراشها بينما جلس هو في مقعده يراقبها كما العادة ابتسمت تشعر بعيناه مسلطة عليها
"ااه لا تراقبني وانا نائمة "تذمرت بدلال
"ماذا افعل ان كنت جميلة جدا ولا استطيع ان ابعد عيناي عنك "اجاب مرعد مبتسما يقترب منها ليساعدها لتنهض
"كفى كيف تراني جميلة اشعر انني كالبالون "
"هذا ما يجعلك اجمل قال يتحسس بطنها ليشعر بحركة طفله "انه نشيط هذا الصباح "
"اجل كوالده "قالت باسمة
"هيا الى الافطار شهيتك لا تعجبني هذه الفترة "
"انه وضع طبيعي لان حجم الطفل يبدا يضغط على المعدة لذلك اشعر بالشبع اسرع لكن لا تقلق أعوض ذلك بالفيتامينات "
"لا باس كلي وجبات صغيرة على فترات هكذا لا تضغطي على معدتك "
"حسنًا "قالت تتجه الى الحمام لكنه أوقفها
"وشيء اخر لقد لاحظت انك لا تستطيعي الركوع والجسود بشكل صحيح اثناء الصلاة يمكنك الصلاة وانت جالسة ان كانت الحركة تتعبك "
"لا ليس لهذه الدرجة يمكنني ان اصلي واقفة لكن اذا تعبت سأتبع نصيحتك "
************
اجتمعت العائلة على مائدة الافطار كالعادة وجلس مرعد على راسها ينظر لهم بسعادة خصوصا للفتيات اللاتي بدَوْن متحمسات للغاية فاليوم موعد انطلاق رحلتهن
"على مهلكم لن تذهب حافلة المدرسة دونكن "قالت راية تهدا قليلا من استعجالهن
"يجب ان نبكّر حتى نحجز مقاعد قرب بعضنا "شرحت مزنة
"هل اخذتن كل ما تحتجن اليه "سال مرعد
"اجل يا عم لا تقلق كل شيء جاهز والان علينا ان نغادر فورا "قالت فوز بلهفة
"انتبهن لانفسكن قالت الجدة عندما ودعنها
"لا احب فكرة الرحلات لكن ماذا نفعل امام إصرارهن خصوصا ان صبابة هذه اخر سنة لها معهن "قالت راية توافقها فرحة ضمنيا
"استودعيهن آلُلُه "عادت الجدة تعلق
بدا الباقيين بالمغادرة وكالعادة وقف الجميع يودعوا بعضهم
"لا ترهقي نفسك بالعمل اتمنى ان لا تكون هناك حالات كثيرة اليوم امي ستتدخل بنفسها "قال مرعد باسمًا بينما سما تنظر له بامتعاض منذ حملها كانت قد اخذت اجازة ثم اقترح عليها مرعد ان تترك العمل في المركز. تبدا العمل في عيادة المنزل التي قد جهزها لها ثم دعمها والدها واخيها ثائر بالمعدات اللازمة بعد القضية فوافقت لتتجه نساء القرية اليها تاركين المركز للرجال
"بعد الانقلاب النسائي الذي حققته ضد المركز قالت سما ضاحكة لتكمل انا لا اتعب حقًا احيانا اشعر أنهن يأتين لمساعدتي لا لأكشف عليهن لقد بدات احصل على هدايا الولادة منذ الان هذا غير الغذاء الذي تقدمنه لي أنهن لا يغادرن حتى يتأكدن من تناولي اياها اشعر احيانا انك والجدة والمراجعات متفقين ضدي "
"هل لديك شك في ذلك "إجابتها الجدة "اذهب الى عملك لا تقلق نفسك "قالت الجدة بثقة جاعلة البسمة ترتسم على وجوه الآخرين
"امي لا تنسي جناح الضيوف سياتي العامل اليوم ليتمم عمله "قال مرعد بينما والدته تومأ له وسما تعطيه ابتسامة امتنان لموافقته على احضار هنادة للإقامة معهم بعد اقتناعها اخيرا ان تعمل في مدرسة القرية
مر اليوم بسلاسة مرعد وابناء اخيه في عملهم وقد مر في روتينه المعتاد سما فحصت بعض الحالات البسيطة وسرعان ما حل المساء لتجتمع العائلة قبل العشاء
"تأخرت الرحلة متى موعد العودة "سال صخر
"لقد اتصلت بصبابة منذ قليل لكن يبدو انه لا توجد تغطية يعطيني لا يمكن الاتصال به "اجابت راية "لكنهن سيعودن قريبا "اكملت ملتفة للتلفاز الذي كان يعرض مسلسل المساء والعائلة تتحادث فيما بينها "اشعر بضيق "قالت الجدة تتلمس صدرها
"هل اخذت دواؤك اليوم "سالت سما تتحرك نحوها
"اجل لقد أعطيتني اياه "إجابتها الجدة
"حسنًا دعيني أقيس ضغطك "قالت سما تخرج جهاز الضغط الذي يلازمها دائما وما كادت تباشر حتى رِن الهاتف الخاص بصقر وظهر رده المضطرب
"صبابة ...ما الامر ..اهدئي لا يمكنني سماعك "
قفز كل من صخر ومرعد بينما الجدة تستغفر
"ما الامر هتفت الجدة بصوت لاهث "
ظهر الارتباك على محيا صقر مما استعدى انتباه مرعد اكثر "ما الامر "سالت سما ملاحظة الارتباك الذي حل عليهم
"لا شيء مهم "قال صقر ينهي مكالمته بهدوء بينما معالم وجهه توحي بالعكس رغم محاولاته
"يجب ان اذهب لإحضار الفتيات "قال صقر ينظر الى مرعد الذي استقبل نظرته بشيء من التوجس
"حسنًا يمكنك ان توصلني الى مجلس الشيخ جضعان "
هناك أمرا ما تاكدت سما من ذلك لكن مرعد وصقر لا يريدون إظهار ذلك صخر ايضا بدا التفكير والقلق على وجهه
"ساذهب معك عند الشيخ جضعان يجب ان افحص زوجة ابنه " تدخلت سما مما جعل مرعد يرفع حاجباه وهو ينظر لها "انها حامل وقد تلد في اي لحظة "شرحت تحمل حقيبتها الطبية بينما راية وفرحة ينظرون لهم "هل هناك شيء انا لست مطمئنة "علقت فرحة
"لا شيء ، حضرن العشاء حتى نعود "قال صخر مدعيًا الابتسام لكنه يدرك ان هناك أمرا ما
ما ان خرجوا من المنزل حتى بادرها مرعد "لما اردت مرافقتنا ..."قاطعته سما تركب السيارة الى جانبه بينما "لاني لم اصدق ان كل شيء بخير هناك أمرا ما ...هل تعرضن لحادث انا طبيبة ويمكنني ان اساعد"
ضرب صقر على المقود "يا الهي لا اعلم ما الذي حدث صبابة قالت انه تعرضوا لحادث وغرق وإصابات كانت تبكي لم افهم منها ما حدث "
"يا الهي هتفت سما لما لم تقل من البداية "
"هل تريدي ان تصاب امي بالهلع اردنا ان نذهب ونطمئن اولا "أجابها مرعد
"اتمنى ان لا يعرض شيء على التلفاز "تدخل صخر
لتنظر لهم سما باندهاش "كيف تفهمون على بعضكم البعض دون حديث لقد راقبتكم مجرد نظرات بينكم "
"اسرع يا صقر هل أخبرتك اين هن "سال مرعد
"في المشفى لكن الاتصال انقطع ولم اعرف ما الذي حدث تماما وعندما حاولت ان اطلبها لم يكن هناك رد "
كان صخر الوحيد الصامت بينما يجري اتصالًا تحدث اليه بصوت خافت ليغلقه بعد ذلك بعصبية لفتت نظر الباقيين اليه"اسرع "امر اخيه
"ما الامر ؟"عاد مرعد ليسال
"لقد غرقت الطالبات بعد ارتفاع منسوب الماء بسبب الأمطار هناك حالات خطرة غرقى ومفقودين"
"يا الهي قالت سما وكان ذلك اخر شيء قيل بينما يتابعوا طريقهم السريع
خ*٢
الوصول الى المشفى كان معجزة مع الأزمة المحيطة بالطريق والأهالي الذي توافدوا لمعرفة مصير أطفالهم فكما بدا لم تكن مدرسة الفتيات هي الوحيدة التي خرجت الى الرحلة في هذا اليوم المشؤوم سيارات الدفاع المدني والإسعاف في كل مكان عند مدخل الطواريء للمشفى البسيط الذي يبدو انه لا يستوع الاعداد المتوافدة عليه
"ما الذي يحدث هنا "هتفت سما مندهشة من المشهد الذي تراه وانهيار الأهالي وغضب البعض الاخر والمزاحمة المستمر ورفض قوات الأمن لدخول اي احد
ترجل مرعد من السيارة يتبعه صقر وصخر "ابقي هنا "قال لسما ولم يكد يغلق الباب الا وكانت خلفه
"انا طبيبة ويمكنني المساعدة "سارت الى جانبه بينما يتجه الى المدخل بزيه الأمني الجميع فتح له الطريق وصل الى البواب ليقدم له رجل الأمن التحية
"ما الذي يحدث هنا ؟!"سال "اين المسؤول اكمل "
"انه في الداخل سيدي هذه فوضى والمشفى لا يمكنه استيعاب كل الحالات "تقدم مرعد مع سما وابناء اخيه ليدخلوا الى استقبال الطوارىء ادى له احد رجال الأمن التحية معرفا عن نفسه واعطاه تقريرا عما حدث "انها كارثة قال رجل الأمن المسؤول حيث تعرضت المنطقة لمنخفض جوي الأول من نوعه وفي ذات الوقت كان هناك عدة متنزهين في منطقة الوادي، من بينهم أعضاء رحلات مدرسية ولبالغ عددهم 144شخصاً منهم الطلاب والمعلمين والأدلاء السياحيين، وكانت تتراوح أعمار الطلاب بين الثامنة عشر وثلاثة عشر سنة؛ حيث يعد الوادي منطقة لرياضة المغامرات بالإضافة لمجاورته للبحر الميت. وفي أثناء وجود المتنزهين في الوادي، داهمتهم سيولٌ جارفة سريعة في الوادي جرفتهم باتجاه قعر الوادي ثم إلى منطقة أسفل الجسر الواقع فوق الوادي بما في ذلك من صخور ومناطق وعرة إلى أن أوصلتهم إلى البحر الميت
وقد شاركت في عمليات البحث مختلف صنوف الدفاع المدني ؛ حيث شاركت زوارق وطائرات الإنقاذ، إضافة لطائرات مسيرة من دون طيار مصممة لأغراض البحث. كذلك شارك فريق البحث والإنقاذ التابع للدفاع المدني، مستخدما كلاب البحث والإنقاذ والكاميرات التلفزيونيةوتم إنقاذ البعض وانتشال بعض الجثث لكن هناك مفقودين والعمليات مستمرة حتى الان "
استمع مرعد ومن معه للتقرير
"كم بقي من العدد الرئيسي"
"مازلنا لا نعلم حتى الان لكن اخر الإحصاءات تدل ان هناك اكثر من ثلاثين مفقود حتى الان والإصابات ما تزال بازدياد مع الفوضى لايمكننا الحصول على تقدير كامل "
"لما لا يتم نقل بعض الحالات لمشافي اخرى "
"كما ترى حالة الاستنفار في الدفاع المدني مركزة على إنقاذ الحالات "
"خسنا "قال مرعد يجري اتصالًا تحركت على اثره عدة قوات من الدفاع المدني لتقوم بإرسال سيارات اسعاف لنقل المصابين وتوزيعهم على المستشفيات القريبة
"لدينا بنات كانوا في الرحلة كيف نعرف اذا نجون"سال صقر محاولا ان يكون ثابتا بينما الشحوب ملا وجه صخر غير قادر على الكلام ومرعد يحاول الحصول على اي معلومة شعرت سما بان كل ما حولها يدور دون توقف يا الهي اذا حدث شيء للفتيات لكنها تماسكت قدر إمكانها
"انا طبيبة يمكنني ان اساعد "قالت تتجه الى الطبيب المسؤول في قسم الطوارىء والذي كان منهمكا في الفحص ومحاولات الإنقاذ
"ما الذي تنتظريه هيا اسرعي وساعدي بالفحص "قال الطبيب بسرعة
نظر رجل الأمن لمرعد وابناء اخيه الذين بدا عليهم الجمود وكانهم يهيؤون أنفسهم للاسوء
"لدي قائمة ببعض الاسماء "قال رجل الأمن في محاولة للمساعدة
انقض مرعد وصقر وصخر عليها ليقرؤوا الاسماء
في تلك الأثناء كانت سيارة الاسعاف تصل معها إصابة خطيرة ركضت سما لاستقبالها لتصرخ
"انها مزنة " سار صقر ومرعد اليها يتبعهم صخر
"اين الباقيات اين اختك وبنات عمك سال صقر بلهفة
"صقر انها بحاجة لعملية ارجوك "قالت سما تسرع بها "اريد غرفة عمليات فورا
"انها مصابة في منطقة البطن هناك نزيف حاولنا السيطرة عليه جروح متفرقة ربما كسور ايضا"قال رجل الاسعاف ليبهت مرعد ومن معه
"هل ستموت "قال صقر بفزع ليمسكه صخر بينما يحاول هو التمسك بعربة النقل التي تسرع بها سما الى اقرب غرفة عمليات
"اهدا يا رجل وادعو آلُلُه ان ينجيها "
سارع مرعد لورقة الناجيين"صبابة هنا لقد تم تسجيل اسمها لنبحث عنها ونعرف ما مصير ريحانة وفوز "
"ماذا عن مزنة "قال صقر بصوت مختنق متذكرًا منظر ابنته الغارقة بالدماء والماء شفتاها الزرقاوتان وأطرافها المتجمدة بدت كانها ميتة
"لا تقلق باْذن الله ستنجو "قال مرعد مسرعا الى غرف المرضى يبحث عن صبابة
كانت شبه مخدرة عندما راها في سريرها مضمضة الرأس واحدى يديها وساقها
"ابنتي صبابة"هتف صقر مندفعا نحوها بينما مرعد وصخر ينظران اليها دامعين
"ابي قالت بصوت مبحوح بالكاد يخرج يبدو انها قضت ساعات تصرخ قالت باكية لقد غرقت لقد رايتهن امامي كنا معًا عندما اتى السيل علينا تمسكت انا بإحدى الصخور لكن فوز وريحانة جرفتهما معًا واتت دفعة قوية اخذت مزنة معها بقيت وحدي حاولت إنقاذهن لكن كل شيء مر في لحظات واختفين عن نظري بقيت ساعات وحدي على تلك الصخرة حتى اتى فريق الإنقاذ وأخذني ولا اعرف شيء عنهن "قالت تبكي بمرارة
ضمها صقر اليه محاولًا الا يبكي هو الاخر "مزنة هنا انها في غرفة العمليات مع سما والإنقاذ مازال مستمرا سيعثروا على فوز وريحانة "
"لقد غرقتا غرقتا صرخت صبابة بالم لقد رايتهما قالت تهتف بهستيريا مما استعدى مرعد لطلب الممرضة التي سارعت لحقنها بمهدأ "ارجوك لا تجعلوها تنفعل "قالت الممرضة لتسرع مبتعدة تهتم بحالة اخرى
نظر مرعد امامه للحالات المصابة المتوفاة انها كارثة بكل المقاييس الأهالي في الخارج بالكاد يسيطر عليهم
سارع الى رجل الأمن المسؤول "اعلن اسماء الناجين للأهالي في الخارج حتى يطمئنوا قال مرعد والحالات الخطيرة يتم إرسالها بالإسعاف للمشافي المتخصصة اذا أمكن "
"حاضر سيدي قال الرجل منفذا ليتوافد بعدها أهالي الناجيين ليطمئنوا على ابنائهم
كانت يدها ترتجف وهي تمسك المشرط لتبدا العملية الجراحية لمزنة لم تظن ان اصابتها خطيرة وصعبة لم تتوقع ذلك
"ماذا تظني يا طبيبة "قالت الممرضة المساعدة والشخص الوحيد معها بعد ان غادرهم طبيب التخدير ليهتم بجراحة اخرى
"سنفعل كل ما في مقدورنا "قالت سما تحاول التركيز على العملية التي تقوم بها فالجرح عميق ووصل الى الأغشية الداخلية مسببا تلفًا ودمارا لا تعلم كيف تخرج منه باقل الخسائر
جلس صقر بجوار ابنته صبابة منتظرًا انتهاء عملية مزنة محاولًا تصبير نفسه بينما صخر ينتظر في الخارج اي خبر عن ابنتاه ومرعد يحاول السيطرة مع رجال الأمن الباقيين على الأهالي المفجوعين والغاضبين وينقل المرضى الى مناطق اخرى
"هل نخبرهم في المنزل فكما يبدو ان ابنتاي ...لم تنجوا"قال صخر بصوت متقطع يسال مرعد
"مازال مبكرًا لتعلن ذلك لكن اخبرهم نريد عناد ورعاد قد يساعدوا هنا معنا "
تنهد مرعد محاولا ابعاد الياسً لا يمكنه ان يظهر خوفه امام ابن اخيه لكن المؤشرات ليست جيدة بالنسبة لفوز وريحانة ياا رب دعا في داخله ان يلطف الله في قضاؤه عليهم وعلى هؤلاء الأهالي
تنهدت تنهي اخر اجراء في الجراحة وقد اطمئنت ان كل مؤشراتها جيدة مراقبة ٢٤ساعة ويكون كل شيء بخير باْذن آلُلُه خرجت من غرفة العمليات لترى مرعد يقف عند الباب
"كيف هي "
"ان شاء الله بخير هل من اخبار "
"وجدنا صبابة حالتها جيدة بعض الإصابات لكن فوز وريحانة لا نعلم عنهما شيء "
"يا الهي قالت سما بتاثر ان شاء الله خير "قالت تبتلع غصة تسير مع مرعد متجهة الى صبابة
كان صخر يحدث ابنه على الهاتف
تشعر بانزعاج قالت الجدة بنزق هناك أمرا ما ليس جيدا فكرت مستاءة بينما عناد يدخل المجلس بلهفة
"لقد تعرضت رحلت الفتيات لحادث إنهن في مشفى في المنطقة الغربية سنذهب انا رعاد الى هناك "قال بسرعة بينما انهارت فرحة مغميا عليها وراية تجمدت في مكانها تبكي بدموع سخية
"كنت اعرف ان هناك أمرا ما "
"اهدئي جدتي ارجوك "تدخل متعب الذي تلقى أمرا بان يبقى مع نساء المنزل في حال احتجن لشيء وسارع لرفع فرحة يوقظها تساعده نزهة
"لقد أصبن بصدمة "قال صخر يغلق الهاتف بينما سما تسارع لتعالج حالة اخرى قد وصلت
"أريت ما تزال هناك حالات تصل قال مرعد هناك امل "
"املي بالله يا عم "قال صخر يجرع ريقه المر بصبر
مرت ساعات قضتها سما تعالج الحالات الناجية متحاشية رؤية الجثث المنتشلة خوفا من رؤية بنات صخر بينهن
"حالة صبابة ومزنة مستقرة يمكننا نقلهما الى مشفى القرية حتى تطمئن والدتهما والجدة "قالت سما لمرعد تراقب صقر الذي قضى وقته متنقلًا بين بنتيه بينما صخر يركض بلهفة باتجاه كل سيارة اسعاف تصل
"لقد تعبت "قال مرعد يضع يده على كتفها
"انا بخير ...لكني متألمة عندما ارى كل هذا الموت حولي ..."قالت بصوت متقطع من البكاء
"وحدي الله يا سما انها ارادته والله لا يريد الا خيرا "
"ونعمَ بالله "قالت تُمسح دموعها وتتجه الى صقر
"تنقلهما الى مشفى القرية راية ستهدأ عندما تراهما بخير "
"ماذا عن فوز وريحانة"
"ها نحن ننتظر انا ومرعد وصخر وعناد ورعاد وجودك هنا لا يفعل شيء "
"انهما بنات اخي يا سما لا يمكنني "
"اذن دعهما تغادرا مع أخيهما"قالت سما تجلس بإنهاك على المقعد القريب
تراقب صقر ينقذ ما طلبت منه
"انا لن أغادر "قال رعاد
"سنحضرهما حالما تصلا الى مشفى القرية "قالت سما بإرهاق
"ولكن ..."
"رعاد خذ اختيك واذهب "قال صقر بنفاذ صبر
"حسنًا لكني سأعود "قال رعاد باستياء يسرع لتنفيذ امر والده
ما كاد ان يغادر حتى بدات حركة هرج ومرج في الخارج
"ما الامر سالت سما تنهض عن مقعدها
"لقد انهار جسرًا قديمًا في منطقة الحادث مما ادى إعاقة عمليات الإنقاذ "شرح صقر بينما صخر يضع راْسه على الحائط بحركة استسلام
مرعد اسرع اليه يهدئه بينما الأهالي ثار غضبها اكثر مع وصول اسعاف تحمل جثث منتشلة
خ*٣
حالات انهيار وجنون حزين وغاضب شملت بعض الأهالي وهم يتعرفوا على جثث ابناءهم انه موقف عصيب ومؤلم وكئيب شعرت بالاختناق وهي ترى كم الحزن والالم والبكاء والعويل حولها بينما تحاول جاهدة مساعدة طاقم الاسعاف والطوارىء
الا يمكن لهذا الكابوس ان ينتهي
"متى تعلنوا انتهاء عمليات البحث "
"ساعة اخرى بعد فبعد ذلك لا يمكن ان ينجو احد "قال رجل الأمن لمرعد الذي يحاول ان يخفف عن ابن اخيه فمع كل ساعة تمر الامل يتضاءل
نظرت سما اليه مع ابناء اخيه يقفون بثبات ويحاولوا تهدات المواطنين "كيف تستطيعون البقاء هكذا ...هادئين"
"انه عملنا يا سما لا يمكننا ان ننهار او نضعف "أجابها مرعد "مثلك انت طبيبة لا يمكنك ان تتهاوي حتى لو فقدت الامل بإنقاذ شخص ما "
لكني احترق في داخلي اشعر بالم فظيع في قلبي فكرت سما باسى تنظر اليه لابد انه يشعر هكذا لكن يخبأ ذلك
ماتزال أفواج سيارات الاسعاف تصل لنقل الجثث فكما يبدو انه لم يبقى ناجيين
"سنرسل الجثث الى المشفى الحكومي الرئيسي ليخف الضغط هنا لم نعد نستطيع استقبال الأهالي اكثر " صرح الطبيب المسؤول وبدا بالتنفيذ
رفع صخر نظره الى مرعد "ساذهب الى المشفى الحكومي "قال بصوت مختنق
"صخر ...!"قال مرعد بتردد فهو لا يستطيع ان يعطيه املا فارغا
"هل تظن انهما ...سالت سما بينما البكاء يقطع كلماتها مما جعل صخر ومرعد ينظران بجمود لبعضهما لكن صوت صراخ وعويل قطع عليهما ذلك الجمود
"لاااااا .....لن اتركها انها اختي لاااااا"هتف صوت الفتاة بهستيريا تضرب اي يد امتدت الى اختها او اليها تصرخ بالم وحرقة متشبثة بالفتاة الاخرى التي بجانبها هرع صخر ومرعد تليهما سما عندما سمعوا الصوت الذي بالكاد ميزوه او انهم املّوا أنفسهم ان يكون هو الصوت الذي ينتظروه وتوقفوا بفزع عند رؤية ذلك المشهد شعر صخر بساقيه تهويان تحته بينما تقدم مرعد ليسنده وتقدم صقر من بعيد عندما رأى تحركهم السريع كانت سما الوحيدة التي استطاعت التقدم والتصرف متجاوزة مشاعر الالم والرغبة بالبكاء ومحاولة التصرف بمهنية فلا احد يستطيع فعل شيء هنا غيرها كانت فوز وريحانة متشبثتان ببعضهما واحدة قد فارقت الحياة وانتفخت جثتها اثر شرب المياة والأخرى تعاني من خدوش وجروح في عدة أماكن وكما يبدو ان ذراعها مكسورة بشدة مع ذلك فهي تأبى التخلي عن اختها ودخلت في حالة هستيرية جعلتها تتشبث بها وتمنع اي احد من الاقتراب منها
تدخلت سما تضع يدها على الأخت الحية تحدثها بتهدئة "انا سما يا عزيزتي فهي لم تستطع ان تعرف اي واحدة من التوأم هي اهدئي انت بخير ها هو والدك وعمك والعم مرعد اهدئي ودعيني أعالجك"
"لا ااا اختي لن اتركها "صرخت باسى
"بالطبع لن تتركيها ستبقى معنا "قالت سما تحاول الإشارة لإحدى الممرضات لكنها لم ترى احد
نظرت الى مرعد الذي يضع يده على كتفي صخر بينما صقر يقف يسنده من الجهة الاخرى وعيناه حمراوان وصخر يبكي بدموع صامتة لذلك المشهد
تقدم مرعد ملبي نداء الاستغاثة من سما "هيا يا حبيبتي اهدئي سنساعدك ونعود بك الى امك فقط اهدئي "قال مرعد بحنان أبوي لتبكي الفتاة بحرقة اكثر "ماذا اقول لوالدتي لقد غرقت لم استطع مساعدتها ...."غابت باقي الكلمات الحارقة عن سمع سما لتحركها لتحضر ابرة مهدئة
"لم يبقى ناجين لم يبقى الا عدة جثث سيتم انتشالها خلال الساعة الاخيرة الأوضاع هنا استقرت والجثث تم نقلهم الى المشفى الحكومي الرئيسي وباقي الحالات ستم نقلها مع اهلها للمشافي في العاصمة ماذا ستفعلي مع قريبتك "قال الطبيب المسؤول
"ستخضع الى جراحة حالا ثم سننقلها مع جثة اختها الى مشفى قريتنا "قالت سما تتحرك لأخذ الابرة المهدئة لتبدا عملها
بينما الطبيب يومأ لها ويتحرك الاخر لينهي عمله
بصعوبة اقنعها مرعد وصقر بان تثبت بينما صخر يراقب الموقف كانه خارج الزمن او كانه يشاهد فلما لاعلاقة له به جامد صامت على وشك الانهيار تحركت سما تطلب الدعم مع بعض الممرضين بينما تنقل الأخت المتوفاة الى سرير اخر حيث أتمت الفحص واعلنت الوفاة واخذت الحية بعد ان حددتها تقريبا متجهة الى غرفة العمليات
كان كسر ذراعها كاملًا وخمنت سما السبب او إمساكها المستميت باختها رغم وفاتها فاختها تعرضت لضربة قاسية في مؤخرة راسها سببت نزيفا داخليا ادى الى دخولها في غيبوبة وبعدها كما يبدو انها شربت كمية كبيرة من الماء أدت الى اختناقها ووفاتها مباشرة اما الحية فهي مصابة بعدة جروح قطعية بعضها عميق لكن ليس خطير اما كسر ذراعها فكان قصة اخرى فهو كامل ولولا لطف آلُلُه لكانت قد خسرت ذراعها بدات سما بمباشرة عملها فلا وقت لديها تضيعه بالحزن او البكاء يجب ان تنقذ هذه الفتاة
خ*٤
مازال الجمود يلف الوجوه خرجت سما من غرفة العمليات تجر قدميها غصبا لقد أنهكها الالم والحزن وجدت صخر يتأمل جثة ابنته بصمت
تقدمت سما من مرعد وصقر اللذان تحجرت نظراتهما على ذلك المشهد
"كلمه يا مرعد لا يجوز ان يبقى صامت هكذا "
"لقد فعلت لكن دون فائدة "
"يجب ان يخرج من هذه الحالة "تقدمت سما منه
"حدث عناد ليلاقينا عند مدخل طوارىء المشفى سننقلهما الان "لم يستجب صخر بقي ينظر الى الفراغ كانه لا يسمع شيء تقدم منه مرعد يضع يده على كتفيه يهزه "اجمد يا صخر ما بالك استرجع واحمد الله هزه مرعد بخشونة جعلت أنينًا باكيا يخرج منه لتنهمر دموعه بعد ذلك بينما يضم مرعد اليه وهو يسترجع ويحمد الله بصوت بالكاد يخرج من بين دموعه السخية
لم تعد تحتمل اكثر من ذلك دموعها هي ايضا بينما تنظر لصقر وتطلب منه ان يجهز سيارة اسعاف لنقلهم
بقيت سما مع الفتاتين في سيارة الاسعاف بينما اقنعوا صخر بمعجزة ان يركب السيارة مع مرعد وصقر خلال فترة وصولهم كانت احدى الشقيقتين تستيقظ تئن بالم امسكت سما يدها السليمة تهدئها .
الوصول للمشفى كان كئيبًا وجنائزيا ما ان انفتح باب الاسعاف حتى طالعتها نساء العائلة الباكيات واولهن فرحة التي بالكاد تستطيع الوقوف صوت العويل والبكاء ملا المكان لكن رعاد وعناد تقدما الجميع
"من هي المتوفاة"سال رعاد بلهفة "من هي هل هي فوز هل ماتت فوز "عاد ليسال لكن سما لا تملك الاجابة الشافية بينما الفتاة الاخرى تنظر اليه بخواء تقدم عناد باكيا اخته
"انها فوز التي ماتت "قال ليشتد البكاء اكثر
بينما رعاد ينهار على ركبتيه امام جثمان الفتاة
"لا ، لا يمكنك ان تتركيني لا ااااا لماذا انت "صرخ رعاد لتشيح الفتاة وجهها عنه باكية "انا لم امت انها ريحانة التي توفيت انا فوز"قالت بصوت متقطع لينهض رعاد باكيا اكثر "يا آلُلُه انا لله وانا اليه راجعون "
"لا يصح ما تفعلون يجب إنزال الفتيات حالًا "قالت سما ترى مرعد وصقر يبعدوا النساء عن المكان بينما طاقم المشفى يستلم الجثمان ويبتعد به بسرعة عن النساء وآخر يستلم المصابة وينقلها الى الغرفة
"اذهب لتحضر غسل الفتاة سندفنها عند الظهر قال ملاحظًا تجاوز وقت الفجر "
"ماذا عن باقي الفتيات "سال صقر
"لا يمكن إخراجهن أنهن بحاجة لمتابعة "تدخلت سما
"يجب ان ترين ريحانة بعد غسلها "
"يمكن ان نمررها لهن بعد ان ننتهي "قالت سما بصوت متعب
"يجب ان ترتاحي "قال مرعد متقدما منها ً
"اي راحة انظر إليهن ستنهار إحداهن قريبا "
امر مرعد ان يتم اخذ غرفة للنساء بجانب غرفة الفتيات لترتاحن لكن فرحة وصخر رفضا وأخذ كل واحد منهما مصحفًا متجهين الى الثلاجة حيث وضعت ابنتهما
الجدة منهارة باكية وراية كذلك الفتيات اخذن حقن مهدئة الشباب بين مصدوم وباكي صقر يجهز للعزاء مرعد يكلم الاقارب ومن ضمنهم رعود أعطت الجدة حقنة لتنام بعد بكاء مستمر بينما راية تسال عن بناتها وفوز وحالهما سما تمددت اخيرا على السرير يشعر بالم يشق اسفل ظهرها كان النهار ملحميا لم تمض ساعات حتى عادت الحركة للمشفى بدا غسل الفتاة وسط التلاوة والدعاء كانت فرحة مستنفدة فقد قضت الساعات الاخيرة تدعو وتبكي هي وصخر بجانب ابنتهما
انتهى الغسل الذي كان صعبا على الجميع ومرروا الفتاة امام بنات عمها وأختها التي بكت بحرقة وداعا يا ف..ريحانة وداعا يا اختي معك ادفن ذاتي القديمة ليرحمك آلُلُه ويصبرنا على فراقك
عندما تم وضع الفتاة في عربة نقل الموتى ظهرت صبابة الكبيرة تولول وتبكي وما ان رات سما حتى هاجمتها "يا وجه الشؤم منذ دخلت عائلتنا والمصائب تتوالى علينا ...."هتف مرعد يقاطع كلماتها
"ام صقر قال مرعد ليصمتها صقر قل لوالدتك ان تعود لبيت زوجها "
قال مرعد لينسحب مع النساء الى المنزل
يتبعه صخر وصقر ورعود الذي نظر الى والدته شذرا
كان كل شيء معد وضعوا الجثمان في وسط المنزل يبكون ويقرؤون القران والدعاء عندما رِن هاتف صخر رد بتثاقل "حسنًا سارى "قال بإنهاك قبل ان ينظر الى عمه
"انه الشيخ مجحم يطلب الإذن ليحدثك ويعزيك ويحضر هو ووالدتي العزاء "
قضب مرعد غاضبا
قبل ان ينسحب الى المجلس المجاور
نظرت سما الى صخر وأخويه الذين نظروا بالم وصمت لبعضهم
"جهزوا كل شيء حتى تنطلق فور مجيء والدتك وتوديعها"قالت سما مما جعل الآخرين ينظرون لها بدهشة
ربتت على يده تجلس امامه ملاحظة انعقاد حاجبيه وملامح الغضب التي تلون وجهه
"هل ستجعل غضبك يتحكم بك "
لمستها الناعمة كانت كماء بارد أطفأت شيئا من النار المستعرة داخله جسدها الدافء واللين الذي اقترب منه كالمهدأ لأعصابه التي كانت مشدودة خلال الفترة الماضية ولكن كلماتها جعلته ينظر لها بتركيز
"ما الذي تقصديه"تنهدت تقرب نفسها منه اكثر فهو واحة أمانها وراحتها ولا يمكنها ان تراه هكذا
"اعلم انها عادات وأعراف وعلينا ان نسير عليها دون نقاش لكنك شيخ يا مرعد وكلمتك قانون ولم تكن يوما ظالما او غير منصف لا تنظر للامر من زاوية الحق والعدل فنحن بشر مجبولين على الخطا ...نخطأ ونؤذي ونجرح لكننا ايضا نسامح وننسى او نتناسى آلُلُه زرع في قلبنا الرحمة ...انها جدة وام قبل اي شيء اخر وبغض النظر عما فعلت الا يكفي قسوة الامر والفقد علينا لنزيده ؟!"
"تدافعين عنها ؟!"قال مرعد مستغربا
"هذا ما علمتني اياه يا مرعد عملتني ان اكون شيخة ان تكون عشيرتي وعائلتي اهم من اي شيء اخر حتى ولو على مشاعري سلامة ومشاعر من احب وبقاءنا معا فوق كل شيء لا تجعل خطئًا يجر خطا اخر هي اخطات واذت لكن نحن لن نفعل مثلها وخصوصا انت لانك الكبير انت الوعاء الذي يحتوي الجميع بخيرهم وبشرهم انت من عليك ان تعيد المخطأ لجادة الصواب وتشد على يد المصيب لم اعد انظر لها على انها مؤذية هي عاصية علينا مساعدتها لتعود لصوابها ندلها ونحتويها لقد امضيت عمرك تفعل ذلك لاجل ابناءها الذي هم عائلتك لن تبخل بذلك الان ايضا من اجلهم نحن نمر بظروف صعبة نحتاج لان نكون معا لا ان نتشتت "نظر لها كانه يراها اول مرة هل هذه سما العنيدة ..ملاحظا كلمة نحن التي تشير بها لهم والعقل الراجح الذي تناقشه به فعلا قد أصبحت شيخة شيخته زوجته ووالدة ابنه التي ستكون معينة له ومعه دائما وضع يده على وجهها
"عرفت انك ستكون العون والرحمة في حياتي انك ستكوني زوجتي وشيختي وام اولادي وفخري "قال يضمها اليه شاعرا انه اخيرا وجد سكنه الذي تمنى بينما تربت هي على كتفه تتعلق به فهو ركيزتها وأمانها
*********
في لحظات الحزن والالم تتآلف القلوب ربما يوحدها الجرح والرغبة بان لا تكون وحيدًة الحاجة ليد حانية تربت عليها
توافد الكثيرين من جميع أنحاء القرية يقدمون العزاء كان اليوم صعبا ومنهكا انهارت الجدة فوز وصبابة الكبيرة لولا وجود سما واهتمامها بهما لكانت المصيبة اكبر بعد ان انتهى يوم العزاء الاول ذهب الرجال لزيارة الفتيات في المشفى بينما امر مرعد سما ان تبقى لترتاح
خ ٥
دخل يجر قدميه شاعرًا بجبل يرزح فوق أكتافه ،الوقت بعد منتصف الليل بساعتين او اكثر جناحه صامت كباقي البيت الا من صوت الشهقات المتتالية التي تدل ان صاحبها قضى ساعات طوال في البكاء بمعجزة وافقت سما ان تصعد الى غرفتها كما أخبرته والدته وهاي هي امامه مستلقية خائرة القوى شهقاتها الغير واعية تمزق داخله لتضيف الى ألمه الما اخر ، تحركت شاعرة بالم في راسها يكاد يفتك به لابد ان سببه البكاء الطويل والإرهاق الذي تعرضت له لساعات ما كانت ان تفتح عينها المثقلة تشعر ان هناك مئات من حصوات الرمل داخلها حتى رأته يجلس في مقعده يضع يده على راْسه وهم العالم مرسوم على محياه
"مرعد همست ليرفع راْسه وتطالعها عيناه المليئة بالحزن بالألم
"يا الهي قالت تنهض مسرعة من مكانها تضم راْسه الى صدرها وتمسد شعره بيدها ليصدر منه انين متألم وتخنقه تنهيدة حارة
"ابكي مرعد لا تحبس الحزن داخلك "قالت تضم راْسه اليها اكثر شاعرة به يعتصر عيناه دون فائدة
"يا ليتني استطيع لكن حتى الدموع رفاهية لا املكها "قال بصوت مختنق مما جعلها تنشج هي ببكاء مرير
"ليس عليك ان تبقى متماسكًا امامي أرح نفسك مرعد ابكى اصرخ حطم افعل ما تريد انا هنا لأجلك عبر عن غضبك "
"استغفر آلُلُہ العظيم قال يمسح على صدره ويسترجع بانا لله وانا اليه راجعون رافعا راْسه اليها ليجلسها في حضنه
"ومن لك انت عندما تبكين "قال يمسح دموعها بكفه ، بينما تنظر اليه الا حدود لصبره !
"ماذا افعل لأخفف عنك قال ناهضا يحملها الى السرير مرة اخرى لتستلقي "استريحي لأجلي لقد تعبت اليوم يكفي ما واجهتي انه ألمك ايضا"
أمسكت يده عندما تركها ليبتعد"أبقى معي "
جلس يتكا الى ظهر السرير بينما تضم نفسها اليه
"كيف تتحمل كل هذا "سالت تنظر لوجهه المرهق وخطوط الإرهاق التي حُفرت عليه
"الإيمان بقضاء آلُلُه هو ارحم منا بنا"
دمعت عينها "اريد ان أخفف عنك ليتني استطيع اخذ هذا الحزن من داخلك "
"انت تفعلي بوجودك جانبي "قال يقبل قمة راسها بينما هي ترفع وجهها اليه يديها تُمسح وجهه قبل ان تعانقه عناقا بطعم دموعها لم يكن رقيقا ولا ناعما ولا خشنا حتى هو عناق حاجة ،حاجة من نوع اخر بعيدا عن الرغبة هو عناق مآزرة منح وعطاء كانها تريد ان تعطيه كل ما بداخلها تبثه امنا كان دائما يمنحها اياه وقد جاء دورها لتعلمه انها هنا لاجله ستعطيه اي شيء ليشعر بدعمها ويشعر بالراحة حتى لو بالقليل منها
مر اسبوع حزين وقاسي على الجميع ومازال المعزيين يتوافدون على المنزل في صباح اليوم الثامن للعزاء كانت صبابة ماتزال مقيمة عندهم اجتمعت العائلة للإفطار الفتيات الان عدن الى المنزل كرسي ريحانة فارغ نظر له الآخرون بالم جعل العيون تطفح بالدمع
"انها مشيئة الله لقد اختار الأفضل ليس لنا سوى الدعاء لها بالرحمة اي عزاء او حزن او دموع لن تكفينا لنخرج الم فراقها لكنها الحياة هذه هي أناس تودع أناس وتستمر بدورتها لا نعلم من العزيز الذي سنفارقه ليس لنا سوى الصبر والاحتساب عند الله "قال مرعد يحاول ان يخفف الالم عن عائلته الحزينة توالت التنهيدات وبعض الأنين
"لدي شيء اقوله "قالت صبابة كبيرة
"اريد ان اشكر سما لقد وقفت معنا خلال الايام الماضية لن انسى لك سهرك على راحتي وراحة الجدة وبقاءك قرب فوز الصغيرة وما عانته من كوابيس "
"انه واجبي لا شيء يستحق الشكر انتم عائلتي "إجابتها سما متذكرة الايام الاخيرة عندما كانت تسيقظ فوز كل ليلة صارخة كيف كانت تقضي الليل تحاول تهداتها وهي تتذكر مشهد غرق اختها وكيف بقيت متشبثة بها تمسكها حتى كسرت يدها ومع ذلك بقيت تمسكها باصرار
"ليس هذا فقط انا ادين لك باعتذار لما فعلته معك سابقا الحياة قصيرة لنقضيها بالمشاحنة والحقد اتمنى ان تسامحوني لقد اعمى الغضب بصيرتي وجعلني اتصرف بطريقة سيئة معكم سامحني يا مرعد على السنين التي أضعتها معي وانت يا سما لاني اسأت لك واولادي لاني لم اكن اما جيدة لكم "قالت صبابة ببكاء شاركها به الآخرون
"لا شيء يستوجب طلب السماح يا ام صقر الماضي ذهب ولن نفكر به بعد الان "قال مرعد وأضاف "لنسمح الدموع الان ونقرا الفاتحة لروح ريحانة ووالدي واخي عدي ولامواتنا واموات المسلمين "قال ونفذ الآخرون رافعين اكفهم بالدعاء بالرحمة
*****^^^*****
وصلت الى القرية متجهة الى بيت الشيخ مرعد كما اوصتها سما استقبلتها نزهة كالعادة كان هناك جوًا من الحزن يلف المنزل الجميع يرتدي اللون الاسود فكرت هنادة بالم وهي تتقدم من مجلس النساء لاقتها سما بترحاب
"ما الامر ؟"سالت عندما رات دلائل الحزن حولها
"لقد توفيت ابنة صخر منذ عشرة ايام "
"عظم آلُلُه اجركم لم اكن اعلم "
"بالطبع لا تعلمي يا هنادة اسفة لاني لم اخبرك لكن تعلمي كيف تكون الامور في تلك الاوقات سأدلك على جناحك وبالطبع انت تعرفي طريق المدرسة ستبدئي عملك في الغد "قالت سما ترافقها الى جناحها وتشرح لها كيف تستطيع الدخول الى مجلس النساء وكيف انهم جددوا الجناح لها لتتمكن الدخول والخروج وقت ما تشاء
*********
"هل استقرت ضيفتك في جناحها "سال مرعد يدخل معها جناحهما بعد انتهاء جلسة العائلة المعتادة
"اجل هي بخير لكن اريد ان اخبرك بشيء يجب ان تعود الفتيات الى دراستهن الاختبارات النهائية باتت قريبة والغياب ليس من مصلحتهن خصوصا صبابة الصغيرة ثم ان حالتهن تحسنت كثيرا وبالنسبة لفوز اعتقد ان الدراسة ستشغل تفكيرها "
"ماذا عن جرح مزنة"سال مرعد يستلقي في سريره
ارتبكت سما "بصراحة ...كنت لا اعلم كيف اقول هذا ظاهريا جرحها يتعافى لكن ليست أكيدة من تداعياته"
نهض مرعد من استلقاءه"ما معنى هذا "
"انا لم اخبر والديها بعد لكن ...كنت انتظر ان تخف صدمة ريحانة قليلا "
"ما الامر سما "
"حسنًا لقد تضرر الرحم جراء اصابتها وربما لن تكون قادرة على الإنجاب ...هذا ليس أكيدًا لكن علينا اخذ الحذر "
"يا جاهد البلاء "قال مرعد واتبع باستغفار
"الصراحة لم اريد قول ذلك لكن يجب ان يعرف والديها ولم اعرف كيف اخبرهم "
تنهد مرعد باسى "اللهم لا اسالك رد القضاء ولكن اسالك اللطف به دعي الامر سما لا احد سيتحمل صدمة اخرى "
"حسنًا "قالت سما تضع راسها على صدره وتغرق بالنوم تاركًا له عينه لم تعرف النوم يفكر كيف سيخبر صقر بذلك
**************
كما يخلق الحزن يخلق الفرح الالم والسعادة الفراق واللقاء مر شهران منذ الحادث عادت العائلة لعادتها بدات البسمة ترتسم على الوجوه من الجديد ليس انهم نسوا لكن هذه هي الحياة تستمر
صبابة الكبيرة تزور العائلة بانتظام تطمئن على اولادها وأحفادها وتبيت في بعض الأحيان معهم الهدوء يخيم على جو الاسرة هنادة تعمل في المدرسة وبدت اكثر ثقة تشارك النساء احيانا في المجلس الفتيات والشبان يقدموا الاختبارات النهائية للعام الدراسي كان عاما صعبا ومليء بالاحداث لكن المحبة والمودة وتجمع العائلة حول بعضها جعل الامور تسير
أخبرتها الطبيبة انها قد تلد في اي وقت فهي في الشهر التاسع لم تظن انها ستكمل بعد الاحداث التي مرت بها لكن الله سلم حملها وها هي تنتظر اي اشارة تدل على موعد ولادتها ومرعد يطلب منها الراحة باستمرار وقد أعطاها اجازة من عيادتها حتى دون ان يخبرها تمددت على السرير تشعر ببعض الثقل في جسدها وسرعان ما انتقل الى جفنيها لتغيب في نوم عميق
استيقظت بعد منتصف الليل تشعر بالتعرق والحرارة مع ان الجو ليس حارًا المفترض انهم في الربيع نظرت لمرعد النائم الى جوارها وتحرك بهدوء تشعر بالم اسفل ظهرها وما كادت تضع قدمها على الارض حتى احست بمغص شديد اسفل بطنها
"ما الامر "سال مرعد ناهضًا بمجرد ان احس بحركتها
"اااه تاوهت سما تشعر بالألم يزداد لا اعلم اظن انني ألد "قالت سما ليشرع مرعد بارتداء ملابسه ويناولها عباءة كانت قد حضرتها للولادة وحمل حقيبتها التي تم تجهيزها
"ما الذي تفعله"سالت سما
"الى المشفى هيا "قال مرعد يحثها "هل تستطيعي السير ام أحملك"
"انتظر قالت سما تهدئه ربما هذا ليس طلق "
"هيا سما انت في الشهر التاسع وتشعري بالألم دعينا نذهب للمشفى "
ارادت ان تعترض لكن الالم اصمتها الم فظيع يبدا اسفل ظهرها وينتهي اسفل بطنها كما أخبرتها الطبيبة
"هيا قالت تسير معه لكنه حملها ليسرع بها عندما رأى اثار الالم على وجهها
"دعني اسير مرعد السير افضل لي "قالت سما لينزلها وتسير الى جانبه بتثاقل ساطلب الطبيبة رفيدة رفعت هاتفها لتكلمها طبيبة رفيدة اظن انني ألد قالت سما تتبع تعلمياتها وتجيب اسالتها
"سالحق بك في المشفى "أخبرتها الطبيبة
"لا داعي لتقلق الآخرين "قالت سما تتابع سيرها بصعوبة حتى وصلوا الى السيارة التي وضعها بها وانطلق مسرعا بها الى المشفى
ما كاد يصل حتى رِن هاتفه باتصال من صقر
"ما الامر عمي لما غادرت بسيارتك "
"سما اظن انها تلد "قال مرعد بلهفة لا يعلم ماذا يفعل
"سنحضر اليك اخبره صقر منهيا الاتصال
دخلت غرفة الفحص حيث لاقتها الطبيبة هناك
"انها ولادة جهزوها بسرعة "قالت الطبيبة رفيدة تحث الممرضات
"طبيبة رفيدة اريد ان يكون زوجي معي ارجوك "
"هذا لا يجوز "أخبرتها رفيدة
"ارجوك "قالت سما بتوسل
"حسنًا لكن ان شعرت باي توتر من حضوره ساخرجه"
اثناء تجهيزها للولادة كانت العائلة قد وصلت
"لمَ لمْ تخبرنا "قالت الجدة فوز
"لم ارد ان تقلقوا"اجاب مرعد ملاحظا حضور الجميع ما عدا الصغار حتى هنادة قد حضرت
"ان لم نكن معك في ولادة ابنك البكر متى سنكون "اجابه صقر
بينما الطبيبة تخرج "لقد حضرناها للولادة أريدك انك تكون معها "أخبرته ليسرع ويدخل الى غرفة الولادة يتبعها
مدت سما يدها له باكية "اهدئي كل شيء سيكون بخير "
"انه مؤلم "قالت بالم
"ليتني استطيع ان أخفف عنك ...الا يوجد شيء يمكن ان تعطيه لها يخفف عنها الالم "سال الطبيبة متمسكا بيد سما
"ان امورها جيدة وان كانت متعاونة ستلد خلال دقائق "قالت الطبيبة تمم إنهاء الفحوصات قبل الولادة ضغطها جيد الدم جيد التوسع سبعة قالت الممرضة تضع ساقيها في مكانها المناسب على سرير الولادة
"اريدك عندما تشعري بالالم ان تدفعي الى اسفل يا سما لا تصرخي حتى لا تذهب الدفعة سدى "امسك مرعد يدها "شدي على يدي وادفعي قال يحثها بينما هي تاخذ نفسًا عميقًا وتئن بصمت
"جيد سما استمري دفعة اخرى "حثتها الطبيبة بينما سما تشد على يد مرعد دموعها تنساب على وجهها "هيا انت قوية سما دفعة اخرى شعرت معها بالم فظيع كان جسدها يقسم نصفين
"الرأس خرج سما هيا دفعة اخرى فقط وننتهي شجعتها الطبيبة لتنفذ سما منهية انينها بصراخ متألم سحبت الطبيبة الطفل لتضربه على مؤخرته ويصرخ باكيًا معلنًا قدومه للحياة نظر مرعد لتلك الكتلة الصغيرة التي سارعت الممرضات بلفها وأخذها صوت بكاءه يملا الغرفة ذرفت دمعة من عينه انه طفله ابنه جزء منه امامه شعر بيد سما ترتخي بين يديه ليلتفت لها ويراها باكية
"لا تبكي حبيبتي حمدا لله على سلامتك "قال بصوت مثقل بالمشاعر
"اذهب لتراه مرعد "قالت سما بإنهاك
"ولكن ..."
"اذهب حتى تنهي الطبيبة عملها ارجوك "
قبل جبينها ليتبع الممرضة التي بدات بتطبيقه ووزنه واتى طبيب اطفال ليطمئن على حاله
"انه سليم وبحاله جيدة اعطي للام وقتًا للراحة ثم اعطيها اياه لترضعه قال وخرج لتكمل الممرضة إلباسه الملابس التي احضرها معه
"هل يمكنني حمله "قال مرعد للممرضة التي ناولته له مبتسمة
اخذه وخرج الى العائلة تقدمت والدته فوز لا تستطيع كبح جماح دموعها التي انهمرت بسخاء
"مبارك يا عم ردد صقر وصخر ورعود بفرح بينما أطلقت فرحة زعرودة مختلطة بالدموع اخذته الجدة فوز تضمه اليها بعد ان استلمته من صقر الذي تلا الاذان في أذنه
رَبت مرعد بابوية على راس فرحة"لا عليك "
"لا انه بكر كبير الصخور كيف لا نفرح بقدومه قالت فرحة تمسح دموعها تشاركها راية الزغردة هذه المرة
خرجت الممرضة "مبارك ما جاءكم يجب ان اخذه لوالدته لترضعه يمكنكم ان تسبقوها الى الغرفة رقم سبعة
تم تنظيفها وارتدت ملابسها قبل ان تضعها في كرسي بعجلات ووضعت الطفل الصغير بين ذراعها ودفعتها الممرضة تتجه الى غرفتها حيث استقبلتها العائلة بالتهاني والفرح
"سنتركك لترتاحي الان قالت الجدة مدركة انها بحاجة لخلوة لترضع الطفل "لكننا سنعود في الصباح "وتحركت مغادرة تتبعها باقي العائلة وهنادة التي تقدمت من سما بخجل تودعها
تنهدت بتعب تنظر للطفل المحمر بين ذراعيها
"اذا كنت متعبة اخذه عنك "
"لا ...قالت سما لقد أمسكته اكثر مني "قالت تضمه بطفولية جعلته يضحك ثم انني اريد ان ارضعه"
"حسنًا أرضعيه"قال يسحب المعقدة ويجلس بجانب السرير
"الن تخرج "سالت سما بخجل
"لا انا لن افارقكما ابدا "قال ينظر مبتسما لمحاولاتها ان تخفي عنه الطفل
"حسنًا يا ام عدي لا اظن ان هناك داعي لكل هذا التوتر والخجل قال مقربا راْسه منها هل تعلمي كم انتظرت هذا المشهد " ابتسمت سما تمسك عدي وترضعه بينما مرعد يراقبهما بسعادة
"انه جميل يشبهك"قالت سما تُمسح وجهه بيدها
"هل تتغزلي بي. "قال مقبلًا راسها لا يوجد كلمات توصف سعادتي سما شكرا لك لقد أعطيتني بفضل آلُلُہ تحمل شعور يمكن ان احس به "
"هل أخبرتك قبلت كم احبك "قالت سما تشعر بالنعاس والتعب
"أخبرتني لكني احب ان اسمع "قال ياخذ الطفل بعد ان نام منها وضعت راسها على الوسادة
"احبك من هنا حتى القمر والعودة "قالت بصوت يغالب النوم قبل ان تستسلم للنوم بينما مرعد يعدل المصل الذي وصلته الطبيبة في يدها ويضع الطفل في السرير الصغير بجانبها ينظر الاثنان نائمان قطعتان من قلبه الذي تضخم حبا لهما امامه ابتسم ناهضا ليتوضا ويصلي ركعتان شكر لله
****^^^^^******
ما ان طمئنتها الطبيبة على حالها حتى طلبت ان تغادر المشفى فورا رغم ان العائلة كلها قد وافتها في الصباح لتطمئن عليها وعلى الطفل الا انها أكدت انها بخير وتريد العودة الى المنزل حيث استقبلها الجميع بفرح وأقيمت الولائم على شرف سلامتها وسلامة الطفل وحضر والدها ووالدتها يهنيؤوها بطفلها
خمسة عشر يوما قضوها بالاحتفال يوميا الولائم معدة والمهنئين يتوافدون البيت الذي كان منذ فترة حزينا ملاه الفرح حتى فرحة وصخر والفتيات بدات السعادة على وجوههم بالوافد الجديد تقدمت صبابة من الطفل بعد ان خرج اخر الزوار فاليوم كان طهور عدي لذا كان عدد الزوار اكثر من المعتاد
"أعطني اياه "قالت تمد يدها تاخذه
"ولكن ..."
"هذا عدي سمي زوجي ولي حق فيه اذهبي انت لترتاحي واذا بكى ساحضره لك قالت صبابة تحمله وتتجه الى مجلس النساء
"ولكن .."قالت سما تنظر الى مرعد
الذي رفع كتفيه باستسلام "ضريبة الحياة مع عائلة كبيرة "قال لها باسمًا وغادر مع الرجال الى مجلسهم
"هل تستطيع النوم مع وجود طفل باكي معك في الغرفة يا عم قال صقر باسمًا
"احيانا انسى النوم وانا أراقبه "اجابه مرعد بفرح
"ليباركه الله ويحفظه لك "قال صخر
نظر مرعد لرعود الذي بدا شاردا "ارى انك كثير الشرود هذه الفترة يا صغير هل هناك ما يشغل بالك "قال مرعد ليتبادل الابتسام مع صقر وصخر بتواطء
جعل رعود يعقد حاجبيه مدركا سخرتهم منه "للواقع اجل كنت افكر اذا كان يجب ان افصل سخان الماء لك فكما يبدو انك بحاجة للماء البارد اكثر هذه الفترة وهذه أربعون يوما طويلة وانت بالكاد دخلت دنيا يا عم "قال رعود بمشاكسه لينفجر أخواه بالضحك بينما مرعد ينظر له بعين محمرة"انت وقح ولم احسن تربيتك الحمامات الباردة هذه لك يا صغير وانت شارد تمني نفسك بالمستحيل "
اجابه مرعد ليزداد حماس صقر وصخر للحرب الكلامية بينهما"لا مستحيل مع الإصرار "اجابه رعود
"ارني ماذا سيفعل إصرارك امام كلمتي "
"لا يا عم انت لن انا رعود حبيبك "
"ربما افكر في الامر"
"ربما اعطيك سببًا لا تستطيع الرفض معه "اجاب رعود بثقة
"ميؤوس منك "اجابه مرعد ضاحكًا
دخل جناحه لتستقبله رائحة الياسمين والبخار كانت تقف امام المراة تجفف شعرها مرتدية مئزرها
"لقد تعبت اليوم "
"لم اشتكي شعوري بفرحة الجميع الموائد وشراب الوالدة الذي تعطيه لي والدتك كل دقيقة حتى ينظف جسدي تماما ويزيد الحليب لعدي الذي بات محور العائلة وإبقائي جالسة ومستريحة ساعتاد هذا الدلال "
"ومن غيرك يستحق الدلال "قال يقرب ظهرها من صدره
"حبيبي يستحقه"قالت تدير نفسها لتصبح في مواجهته
لكنه ابتعد خطوة عنها لتسقط ذراعيها التي رفعتهما على الهواء
"في كل مرة يكون هذا المئزر بيننا ينتهي الامر بطريقة سيئة"
"سيئة !!"
"في وضعك الحالي لا يجوز ان اقترب منك حتى الأربعين "
"من قال هذا ؟! "
"هذا لأجلك سما حتى يرتاح جسدك ويعود لحيويته"
"لكني سليمة ولا أشكو من شيء كما ان جسدي استعاد عافيته وانتهى نفاسي"
"قبل الأربعين ؟!"سال باندهاش
"اكثر النفاس أربعين وأقله ساعة انه يقاس بانقطاع الدم يا شيخ وانا والحمد لله مع كل الدلال الذي أحطت به استعدت عافيتي سريعا "قالت سما تقترب منه
"لا سما دعينا نتريث ..."قاطعته سما بدلال
"الم تشتاق لي ياشيخ انها تسعة اشهر طويلة "
"لقد اشتقت ..وذبت حنينا لكني ساصبر لأجلك "
"اممم طلبتك يا شيخ الصخور طلبتك يا مرعد "قالت تمرغ راسها في صدره
لتسمع تنهيدته "ماذا افعل بك "قال يضمها اليه
"احبني "قالت تغرس نفسها فيه
"انت قطعة مني يا سما يا ليتني استطيع منحك اكثر "
لفت ذراعيها على عنقه "لقد منحتني كل ما اتمنى انا اشكر آلُلُه كل يوم لانك نصيبي "
"لقد دخلت قلبي منذ اللحظة التي غطيت بها بعباءتي عرفت انك لي "قال مقتربا منها ليغيب معها في عناق حمل شوق اشهر حب ورقة خبأها فترة طويلة داخله
"لكني لا املك حماية "قال يضعها على السرير
"لكننا لا نحتاجها "
"انا لا اريد ان تحملي الان اريد اكون قربك لفترة اطول وبصراحة لا أظنني سأستطيع الابتعاد عنك تسعة شهور اخرى "
"من قال انك ستبتعد قالت تضمه اليها هذه المرة لن اسمح لك انا بخير وجودك قربي يجعلني بخير مرعد لا تبتعد عني "
زفر نفسًا حارًا قبل ان يغرق معها في عالم اخر كم اشتاق هذه الحرارة والذوبان داخلها الشعور بها حوله تشتاق وصاله
احساس بالغرق عشقا وشغفا يضمهما اسند راْسه على جبينها ليحاول ان تهدا انفاسه "لا اظنني سأكتفي منك يوما "قال يقبل جبينها قبل ان يبتعد على مضض "لكن يجب ان ترتاحي لا اريدك ان تتعبي لترفع نفسها تراقبه بنهم وهو يتجه الى الحمام "معك لن اتعب ابدا "قالت تبتسم قبل ان يقاطعها طرقات الباب اسرع مرعد يرتدي اي شي تصل له يده كيفما اتفق "ساشغل الطارق حتى ترتدي ملابسك "
"من ؟"سال يتقدم من الباب
"انا رعود "اجاب بصوت ضاحك ليشير مرعد الى سما ان لا تستعجل اغلق باب غرفة النوم ليفتح باب الجناح
"عدي الصغير يريد النوم قال رعود باسمًا ينظر الى عمه "حسنًا قال هامسا لو كنت اعلم انك تعمل على زيادة نسل العائلة لكنت تأخرت قليلا"
"يال قلة حياءك "قال مرعد مدعيًا الغضب يحاول مد يده لأخذ الطفل لكن رعود أبعده
"احمد الله انه انا من أوصله لك وليس احد اخواني او الجدة وراتك هكذا بسروالك المقلوب "
نظر مرعد الى سرواله ليراه وقد ارتداه مقلوبا لتطالعه ابتسامة رعود السمجة
"هات عدي واذهب من هنا "
أشار له بيده ان انتظر "لا داعي للعجلة دع الطفل يحظى ببعض الدلال "اكمل سخريته على حساب مرعد
"رعود اعطي عدي واذهب "
"كانت النصيحة قديمًا بجمل الان اعطيها مجانا وما المصير الطرد خذ أعطاه الطفل اياك ان تنام وتترك والدك فهو يخطط لإحضار شريك لك "قال موجها كلماته لعدي بينما مرعد يتناول الطفل منه ويغلق الباب في وجهه لتعلو ضحكاته وهو يغادر
دخل على سما ليراها تضحك
"لا تخبريني انك سمعت "قال مرعد باسمًا
لتجيبه بضحكة "يا الهي هل يسلي نفسه على حسابك "
أومأ لها مرعد تناولها عدي "انه وقح "
"لا باس قريبا سيقع تحت رحمتنا"
اخذت عدي لترضعه بينما مرعد جلس الى جانبها على السرير "الن تستحم "سالته
وضع ظهرها على صدره لتستند عليه وهمس قرب اذنها "انتظرك "قال مقبلا جانب عنقها مما جعلها تضم نفسها اليه اكثر
.........
لفت نفسها بين ذراعيه تضع راسها على صدره شاعرا بابتسامتها الكسولة على بشرته
"ما الامر قال بصوت ناعس فلقد كان وقتا طويلا قضياه معا
"افكر همست كيف القدر عندما تزوجتك ظننت ان حياتي فسدت لم اكن اعرف انك افضل ما حدث لي"غرست راسها في تجويف عنقه
"وانت افضل ما حدث لي عندما نمت في غرفة مكتبي شعرت انك طفلة اردت حملك حمايتك ثم ناديتي باسمي اول مرة عندما حبستك في الزنزانة شعرت بان أمرا ما حدث داخلي لم اعرف وقتها ما هو ثم حادث الحريق عندما لجات لي ولفقتك بعباءتي شعرت انك جزءا مني وقتها لم افكر او أفسر هذا الشعور لانك كنت غريبة وبعيدة عني ثم طلبت ان تكوني من اهل بيتي وشربت قهوتي من فنجاني عندها ادركت انك لي وطلبت من آلُلُه ان ييسر امرنا ان كان فيه خير لكلينا وقد تيسر عندما تزوجتك فكرت ان أمنحك وقتا لتعتادي حياتي لم اكن اتوقع انك لم تكوني تريديني"
رفعت نفسها تقابل وجهه "لم يحدث ذلك لقد كنت متوترة وخجولة ولم اعلم ماذا افعل وانت فاجئتني بطلبك ظننت انك نكتفي بزوجتك الاخرى وانا لا امثل لك سوى عبئا "
"انت اجمل عبء ولا اريد ان أتخلص منه "
"قبلت شفتيه بنعومة "يا الهي لا أظنني استطيع مقاومة شيخي عندما يكون متغزلا "
لف ذراعه حولا"استمري بمناداتي بشيخي وثقي انك لن تتخلصي مني ابدا "
"من قال اني اريد الخلاص "تقدم يغرقها في عناق بثه كل أفكاره ومشاعره حول كلمة ابدا
*******
تمطت في سريرها تشعر بدغدغة ناعمة على وجهها فتحت عينيها لتراه مرتديا زيه الرسمي ينظر لها بابتسام
"هيا يا كسولة اليوم أربعون عدي امي لن تسمح لك بالتأخر "نهضت بكسل تأرجح ساقيها على طرف السرير قبل ان تقرب منه لتضمه من الخلف
"ما بك "سال يربت على يدها التي لفتها على خصره
"لا اعلم افكر رعود وهنادة مؤمن وصبابة مزنة وعناد فوز ورعاد انهم اشخاص احبهم وأتمنى لهم السعادة هل تظن انهم سيحظون بها "
استدار ليضمها الى صدره "دعي كل شيء للقدر آلُلُہ الذي منحنا كل هذه السعادة والهناء سيمنحها لهم ثقي بذلك "
"ثقتي بالله كبيرة فلقد منحني اشياء لا تعد ولا تحصى لم اكن أتوقعها يوما يكفي السعادة التي أحياها معك "
"لدي عمل ملح وكلماتك لا تساعد ابدا لتجعلني أغادر قولي انك ستنتظري عودتي بشوق "
"انا اشتاقك من الان "تنهد مرعد بسعادة
"ماذا افعل بك "
قاطع ردها بكاء عدي الصغير "لقد انقذ والده في اخر لحظة "قال مرعد باسمًا قبل ان يقبل جبينها اتبعيني الى مجلس امي قبل ان اضعف "قال وخرج باسمًا يحمد آلُلُه على وجودها وابنه في حياته بينما تراقب هي خروجه بعينان لامعة تضم طفلهما اليها باسمة برضا شاعرة بقلبها يتوسع محبة له بينما لسانها يشكر الله لجعل هذا الرجل نصيبها
تمت النهاية
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرهْ وُجدنا غريبين يوما وكانت سماء الربيع تؤلف نجماً.. ونجما
وكنت أؤلف فقرة حب.. لعينيكِ ... غنيتها
أتعلمُ عيناكِ أني انتظرت طويلا كما انتظرَ الصيفَ طائرْ
ونمتُ كنوم المهاجرْ فعينٌ تنام، لتصحوَ عين طويلا وتبكي علي أختها '
حبيبان نحن' إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق , وأن القبل
طعام ليالي الغزل
وأن الصباح ينادي خطاي لكي تستمر على الدرب يوماً جديداً
النهاية 😍😍😍
أنت تقرأ
اكليل الصبار الجزء الاول من سلسلة (أني عشقتك) بقلم زهرة سوداء ּسوسن رضوان
Romanceشرقية فصحى