الفصل الثاني

48 9 5
                                    

مضى شهران على مكوثه عند خالته يحاول أن يستعيد نشاطه لكن الحزن لم يفارقه أبدا، و كيف سينسى ما حدث له تلك الليلة؟ رأى ما لا يجب رؤيته و هو مازال ابن الخامسة عشر، كان يسأل نفسه دائما هل سيبقى عند خالته ام لا؟ هل سيذهب الى مكان آخر؟ الا انه لا يملك أحدا في هذه الدنيا غيرها.

نهض من فراشه و ذهب بإتجاه المطبخ بالرغم من أن عضلات جسمه مازالت تؤلمه حتى الآن، رأى خالته و هي تعد الفطور بدت مرهقة و بالرغم من ذلك أرادت أن تعد له فطارا لأيكله، دخل الى المطبخ و قال:

- صباح الخير خالتي

- صباح الخير ادوارد، حضرت الفطور تعال كُل

- شكرا لك على ما فعلته لي، لولاكي لما كنت سأبقى على قيد الحياة و لمت وسط هذا البرد.

- أنت ابن اختي و يجب عل فعل كل شيء لأحميك.

جلس غلى طاولة الطعام و بدأ بالأكل، لم يأكل بشكل كافي منذ ذلك اليوم، معدته كانت دائما ترفض الطعام و تؤلمه بشدة.

نظر الى خالته و علامات الحيرة ترتسم على وجهه و قال:
-اين انطوني لم أره منذ مدة؟

-إنه قادم اليوم ففور ما سمع اتصل بي و أراد أن يكلمك لكنني رفضت فلم يكن مزاجك مناسب لذلك.

- لقد إشتقت إليه فلم أره منذ مدة طويلة.

- أعلم ذلك، و هو أيضا مشتاق اليك.

- لقد أخبرني انه سيأتي اليوم صباحا لذلك إنتظره فلن يتأخر.

إنتهى ادوارد من طعامه و ذهب ليجلس في الغرفة وحيدا يفكر بما سيحصل له و ما ان جلس على فراشه حتى سمع طرقات باب البيت فذهب ليفتح الباب، لا يعرف لما أحس بالخوف الشديد عندما سمع طرقات الباب لكن إنتابه شعور بأن اولئك الأشخاص يبحثون عنه و سيعودون لقتله.

بدت يداه ترتعشان عندما أمسك بقبضة الباب، الخوف يملأ قلبه و العرق يتقطر من كل مكان بجسده، فتح الباب برفق ليظهر صديقه أنطونيو و ابن خالته ليرونكا، شاب بعمر الخامسة و العشرين طوله لا يتعدى المئة و السبعين الى ان عضلاته بارزة قليلا شعره أشقر و على وجهه ندبتين كبيرتين، نظر أنطونيو نحوه و قال:

-صديقي ادوارد لما لونك أبيض شاحب؟ هل كنت خائف أن اتي وأقتلك.

ضمه برفق و دخل بسرعة الى المنزل و قال:

- انا اسف لما حصل لك والدتي أخبرتني كل شيء و أعلم أنك الآن في حالة حزن شديدة لكن عليك أم تخبرني بكل شيء.

- حسن سأخبرك لكن أدخل اولا و سلم على والدتك فهي تقتقدك ايضا.

- اعلم، اين هي أخبرني؟

- انها في الداخل تنتظر قدومك.

دخل انطوني و سلم على والدته كانت جالسة تصلي من اجل اختها و زوجها و تدعي الله ان يرحمهما.
قال انطوني لوالدته:
- اعتذر منك امي لكني يجب أن أذهب أنا و ادوارد الى القهوة ليخبرني بكل ما حصل معه منذ البادية و من لحظة موت والده و ووالدته.

-اتركه يستريح فإنه مرهق و لم ينم جيدا طوال مكوثه عندي

- لا تخافي عليه انه رجل و يستطيع الذهاب صحيح
قال ادوارد بهدوء
- صحيح، فلنذهب هيا

خرج انطوني و ادوارد من المنزل و عادت الخالة ليرونكا تكمل صلاتها.

كان الجو باردا، الثلج يتساقط و سط الحي بكثرة ليتوحل الحي رغم فقره و بشاعته الى ساحة بيضاء لا سائبة فيه.

ذهبوا الى مقهى قرب منزلهم و جلسوا قبالة بعضهم بعضا عند نافذة كبيرة تطل على الشارع الرئيسي للحي، طلبوا قهوة سوداء.
نظر انطوني الى ادوارد بتمعن و قال:

- ستخبرني كل شيء هنا و الان لأني أريد أن اعلم ما حصل معك و ان أردت فعل شيء سأكون معك دائما فأنا مثل أخوك الكبير.

-أعلم هذا يا انطوني شكرا لك يا صديقي

أخبر ادوارد أنطوني بما حصل معه اخبره كل شيء منذ البداية حتى النهاية.
جلس انطوني بهدوء فلم ينبس ببنت شفة و نظر نحو ادوارد و قال:
- يبدو انني أملك معلومات عن الحادثة أكثر منك.
صدم ادوارد بما قاله و أمسك به بقوة و صرخ
- أخبرني بما تعرف  أخبرني بكل شيء

-اهدأ سأخبرك بكل شيء أعرفه، إن والدك قاضي معروف بنبالته فلا يصدر أية حكم بلا فائدة و دراية تامة فيه و لا يقبل الرشاوي ابدا و أنت تعلم ان كل القضاة يأخذون الرشاوي بشكل كبير هذه الأيام و خاصة في المكان الذي يعمل به والدك، و كما قلت إن سانتيونو هو من قتله اقصد هو من أرسل اولئك الرجال ليقتلوه.

- نعم هذا ما قاله ذلك الرجل الذي أطلق النار على والدي.

- إن سانتينو هو زعيم عصابة في هذه المدينة، انه اكبر زعيم هنا و لسوء حظ والدك تم القبض على سانتينو بتهمة القتل و لذلك كان لابد من محاكمته، عينوا والدك قاضيا في تلك المحكمة لذلك كان لابد من رشوته ليخفف الحكم على سانتينو فهذه عادات العصابات لدينا و هذا ما حدث قبل ذلك بفترة ليست بطويلة فتم اتهامه بالقتل و تم الحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات الى انه خرج بعد سنة واحدة فقط، لم يجرأ احد في تلك الفترة على سجنه أكثر من ذلك فكلهم كانوا يخافون منه و مازالوا حتى يومنا هذا، لكن والدك أراد العدالة أراد وضع المجرم في السجن و فشل للاسف فلقد تكلموا معه و ارادوا أن يرشوه لقد دفعوا له مئة الف دولار و لكنه رفض رفضاً قاطعا و طردهم من مكتبه و أخبرهم انه سيزجه بالسجن لأكثر من عشر سنوات هذا أغضبه بشدة و أمر بقتله قبل موعد المحاكمة بيوم واحد.

فجع ادوارد بهذه الأخبار، تلون وجهه بالأبيض و الأصفر و أصبح شاحبا و و بدأت الدموع تنهمر من عينيه ليسقط رأسه على الطاولة و يبدأ بالبكاء بشكل كبير لتظهر عينيه كأنها شلالات من المياه لا تتوقف ابداً.

إنتقام ضالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن