الفصل الثامن

16 7 2
                                    

بعدما وضعوا الحقيبة أمام غوستافو و فتحوها لينظر اليها و ينهض من كرسيه يتفقد المال داخلها، قال لسانتينو:

- انها كاملة ولا أعتقد أن المال بنقص دولار واحد.

قال سانتينو:

- لا مشكلة، المهم أحسنت يا مايكل لقد أثبت أنك جيد اليوم، لحسن حظكم لم يعلم الفريد بشأن هذه العملية فلو علم لما كنت أكملتموها، أخبرني ماكيل هل قابلت ويل جيداً؟

- نعم قابلته.

- ما رأيك به؟ هل نكمل عملنا معه أم لا؟

- لا أعلم فلم أتعرف علي بعد، لكن يبدو عليه الخبث.

- جميعهم هكذا، جميعهم خبيثون و سينتهزون اية فرصة حتى يتخلصوا مني و يبعدوني عن عملهم.

- لا أعتقد أنهم يمتلكون القدرة على ذلك

- يمكنهم ذلك، هي طلقة واحد في رأسي و تنهي أمري.

ضحك ضحكة عالية في وسط الغرفة وصل صداها إلى خارج المكتب.

قال و هو يعاود الجلوس في كرسيه:

- يمكنك الذهاب يا مايكل الآن و تعال غداً لا تنسا.

- حسناً سآتي صباحاً، ليلة سعيدة.

اومأ برأسه لغوستافو و جيمي و صعد الدرج بسرعة و خرج خارج المطعم، أخذ نفسياً عميقاً و عاد الى بيته مشياً على الأقدام.

جلس سانتينو على كرسيه و اتكأ على يديه نظر إلى جيمي و قال:

- يبدو أنكم لم تواجهوا متاعباً خلال العملية.

قال جيمي:

- نعم بدلنا البضاعة بسهولة تامة فلم نواجه اية متاعب.

- هل كان خائفاً ام لا؟

- لا، كان يبدو كمن يقوم بهذا العمل منذ أعوام، هل تثق به لهذه الدرجة؟ فلم يمضي وقت عليه معنا لترسله إلى مهمة.

- نعم أثق به، لقد أنقذ حياتي و لا يبدو عليه خائن، قلد سأل غوستافو عنه، صيته جيد و هو رجلً قوي على ما يبدو و نحن نحتاج إلى رجلً مثله بيننا.

- المهم أنك تثق به يا سيدي، أنا لا علاقة لي به.

- نعم نعم، الآن خذوا هذه الحقيبة و ضعوها في المخزن.

قال جيمي:

- حسناً

كمل الحقيبة و خرج بها خارج المكتب و ذهب ليضعها في الخزينة.

عاد إدوارد إلى من خالته و هو مرهق، التعب النفسي كان أصعب عليه من التعب الجسدي، أن يكون بقرب قاتل والديه و لا يقتله أمر صعبً جداً يأكل روحه بسرعة و يتخلص منها.

صعد بهدوء على الدرج و حاول فتح الباب بهدوء لكن صرير الباب أفاق خالته، نهضت من سريرها و رأته يدخل الباب، نظر اليها و قال:

- أعتذر لكن صرير الباب قوي لم أقصد.

غطت ليرونكا نفسها بمعطف و و ابتسمت و قالت:

- لا مشكلة يا بني لكن أتيت متأخراً لماذا؟

- أخبرتكِ أنني ساتأخر هل نسيتي؟

- لقد كبرت و بدأت انسى بسرعة.

- لا لم تكبري مازلتي في عمر الشباب يا خالتي.

- كفاك كذباً يا حبيبي، لقد كبرت و أصبحت عجوز و أنت كبرت أيضاً و أصبحت شاباً يعتمد عليه، تعمل الآن و يمكنك أن تعيش لوحدك بدوني.

- لا أستطيع العيش بدونك أبداً فلو حصل لكي مكروه واحد سأموت ورائكي مباشرة.

- أتذكر أبويك الراحلين، كم إشتقت إلى أمك الحنونة، ايما كانت أخاي و حبيبتي، كم كنت أحبها فقد كانت المفضلة بين اخوتي، طيبة قلبها و حبها للناس جميعاً جعلها امرأة لا مثيل لها، موتها نأساوي فهي لا تستحق هذا يا إدوارد.

بكت ليرونكا بسرعة و الدموع تنزل من عينها كعاصفة شدسيدة يصحبها مطر.

نظر اليها إدوارد و وجهه أحمر، دموعه لم تنزل بعد لكنها على وشك ذلك، لا يريد أن يبكي فقد بكى كثيراً، لكنه لا يستطيع، لا يمكنه تذكر والديه الا مع دموع و الم، موتهم كان صعباً عليه و الم فراقهم مازال يلحقه، يحلم بهم دائماً و لا ينسى أشكالهم، يشاهد صوره معهم و يبكي بحسرة، هل يبكي على حالته الحزينة أم يبكي على خالته التي مازالت تشتاق لاختها، كل يوم تتذكرها و تبكي عليها، لا يمكن للإنسان ان ينسى شخصاً عزيزاً عليه، فلو فقده سيبكي أبد الدهر.

مسك إدوارد يد خالته و عصرها بخفة بين يديه وقال:

- لا تبكي فوالله لقد تعبنا، أتمنى لو أستطيع تحذيرهم قبل مقتهلم أو أن اعانقهم عناقاً أخيرا و أشم ريحهم قبل أن يذهبوا إلى الأبد، أتمنى لو أني أستطيع أن أنام بحضن أمي ولو لمرة واحدة، تداعب شعري بيديها و تحكي لي حكاية أنام على فخذيها و تقبلني قبلة النوم تحملني لتضعني في سريري، أتمنى لو أني أستطيع ضم ابي لمرة أخيراً و أقبله على خده و أجلس بقربه، أحدثه عما حصل لي في المدرسة، لو أحتمع معهم للحظة أخيرى على مائدة الطعام و نأكل سوياً كعشاءٍ أخير، ليتني أستطيع أن أودعهم ولو لاخر مرة و أتحسسهم و اودعهم إلى الأبد قبل أن يذهبوا و يتركوني لوحدي تحت هذا الألم الذي يلاحقني كل يوم فلا يتركني وحدي أبداً، أنت الآن يا خالتي أمي، أنت عائلتي الوحيدة ولا أعرف أحداً غيرك، لذا سأحاول دائماً أن أفرحك ولا أتعبكِ، سأكون لكي كإبن خرج من رحمك لا كقريبٍ أتى اليكي يطلب النجدة، لن أنسى فضلك علي و سأبقى ممنونٌ لكي مدى حياتي.

نظرت ليرونكا اليه و عيونها مليئة بالدموع، هل هي دموع الفقدان أم دموع ولدت كما ولد إدوارد الآن فأصبح كإبنها من لحمها و دمها.

حضنته و نهضت من كرسيها و قال:

- سأعد لك كوباً من القهوة

قال شكراً لكني أريد أن أنام فأنا مرهقٌ جداً.

قالت: حسناً ليلة هنيئة و ذهب إلى غرفتها و أغلقت خلفها الباب.

نهض هو أيضاً و ذهب إلى غرفته، أخفى مسدسه تحت فراشه، جلس على سريره و جسده يؤلمه لا يعلم لماذا مع أنه لم يفعل شيئاً اليوم، و فور وضع رأسه على السرير نام بسرعة و لم يعد يشعر بشيء.

إنتقام ضالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن