مرت الأيام تلتها أسابيع فشهور تبعتها سنوات فسنوات أصبح خلالها الصبي شاباً لا يهزه شيء، تعلم الكثير والكثير، تعلم ألا تتساقط عبراته مهما صار وحدث له، تعلم أن يكون قوياً شامخاً لا يهزه أي شئ، تعلم ألا يخشي من شئ ولا يهاب شخصاً بل على العكس يجب أن يصبح هو من يهابه الجميع، يجب أن يصبح هو مصدر رعبهم وسالب أمنهم وسلامتهم، سيصبح هو کابوسهم، سيصبح أسوأ أعمالهم، سيصبح فزاعتهم، ولكن ليس بعد
قرر أن يكون هو من يخيفون به أطفالهم ليلاً ونهاراً، أن يصبح محور إهتمامهم وحديثهم، ليس بحديث جيد أو قدوه إنما ليرعبوهم به أن تكون رؤيتهم له تعني الجحيم بعينه، نعم سيصبح جحيمهم، جحيمهم الأسود ومصدر هلاكهم الذي خلقوه بأنفسهم، أصبح طوال تلك السنوات يحبس نفسه بالكوخ لا يراه أحد حتي ظنوا أنه قد مات منذ حادثة الدب تلك، لم يكن يختلط بالبشر، كان يقتات على لحوم الذئاب والدببه فى أعماق الغابه، نعم فقد أصبح مصدر رعب للحيوانات أيضاً أصبح فزاعه للجميع، بشر حيوانات طيور كل شئ يتحرك أصبح يخشاه ولكن لن يظل مختبئاً طويلاً
أصبح شاب فى ريعان الشباب، بنیه جسده القويه والشديده، حدته، خشونته، عنفه، أصبح رجلاً بكل ما تعنيه الكلمه، لم يعلم كم مر عليه من الزمن وهو قابع فى كوخه لا يري أحد ولا يراه أحد منعزلاً عن الكون أجمع منبوذ، هم من نبذوه وعزلوه من بينهم لذا لم ولن ينسى أنتقامة، لم يتعلم فى تلك السنوات سوي القتل ليحيا، إما أن تقتل أو يتم قتلك هکذا هو قانون الغابه وقانونه، البقاء للأقوي، الأقوى من يحكم، وهو يعيش بالغابه لذا قرر أن يصير الأقوى، أن يصير هو المتحكم لا يخاف شي، نعم أختار تلك الحياه، بل هم من أجبروه على عيشها، هم الوحوش وليس هو لذا سيريهم ماذا صنعت أيديهم، سيريهم نتاج ما صنعوه، سيريهم وحوشهم متجسده به، قرر أخيراً أن يظهر لهم أخيراً حان الوقت، أخيراً أتى وقت الإنتقام، أخيراً أصبح مستعداً
---------
فى أحد ليالي الشتاء القارصة البروده حيث تتساقط الثلوج بغزاره فلونت تلك المرتفعات ببياضها الناصع، وبالرغم من كل تلك الأجواء كان الأطفال يلعبون ويلهون، أصوات ضحكاتهم كانت تكسر السكون فى الأرجاء مما أزعج الكثير من أهالى القريه ليبدأوا بالخروج من منازلهم ومتاجرهم والقيام بالصراخ على الأطفال وتوبيخهم ليصمتوا ويعيدوا الهدوء للمكان ولكن دون جدوي، فأستسلموا بالنهايه لأزعاجهم الطفولي فهي عادتهم وهم ليس بيدهم ما يستطيعون فعله، فهم بالنهايه أطفال صغار ولهم الحق فى اللعب واللهو، ولكن هناك من له رأى آخر، هناك من لم يعجبه الأمر، هناك من يجد أن ذاك ليس حق لهم
كان بداخل الغابه بمعطفه البني المهترئ الذي كساه اللون الأبيض من الثلوج المتساقطه فوقه وحذائه ذو العنق الطويل البني والذي يظهر عليه أنه لم يتم تبديله منذ سنوات لا تعد ولا تحصى، قبعته المهترئه البنية التي تغطي شعره الذهبي الناعم كالحرير ويصل حتى عنقه، يداه التي يغطيها قفاز قماش يغطي حتى منتصف أطرافه فقط، وجهه، وجهه قد تم تغطيته بغطاء قماشي بني ذو فتحات للعينين والأنف وقد تم خياطه مكان الفم ليصبح قناعاً مفزعاً لمن يراه، وما يزيده رعباً حقاً هو ذاك الذئب الأبيض الذي يلتصق به وكأنه جروه أو حيوانه الأليف