قصص متنوعه 2

القصة السادسة

#متحابان

ظلام دامس ولا يوجد بصيص لنور قد يخترق تلك الظلمة الحالكة ، كان فقط يسير دون ان يرى امامه ، يحاول عقله ان يرسم ويجد الاجسام التي يتحسسها ويلامسها دون قصد منه .

لكن اين صوته ، انه لا يخرج ويفصح عن ما في جوفه .

فقط اخذ يتخبط امامه ، وبدون انذار مسبق او تحذير مبدئي ظهر نور بل شعاع، لا مهلا ! هذا وجه فتاة !

أخذ نورها بالتفشى شيئا فشيئا ، انار مقدمة وجهه لتظهر تلك الخطوط المتعرجة أثر تجعيدها من الدهشة ، ثم بهدوء مناسب إنزلق النور ليضيئ انفه وفمه الذي اُحاط بخشن الشعر .

كان ثغره بوابة مفتوحة على مصرعيها جامد كمُحّنط تيبس لسنين ، أما حدقتا عيناه فكانتا تهتزان بسرعة تجوب وجه تلك الفتاة الفاتنة في نظره ،من أعلى وجهها حتى أسفل ردائها الجاذب للابصار .

لو لم يعرفها من قبل لظنها ملاك نازل من السماء ، كانت بسمتها له الضوء الاخضر لانتفاضته ثم بحركة بطيئة تعجل من وصوله لها .

يداه تسبق جسده ، وعيناه لا تزالان تتلاطم بداخلها امواج العشق الدامس .

كيف وصل  وكيف تحرك ، بل وكيف تنفس ، اسألة لن تُجاب عليها .

وقف امامها ثم بيدان مرتجفتان ضم وجهها كحنو ام على رضيعها الذي ولد توا .

ازدادت خفقاته مع ازدياد بسمتها ، ولكنه توقف عن العمل حين نطقت اسمه

" سراج"

بذلك الصوت انتفض متعرقا من مرقده ، جلس بهدوء منافي لدقات قلبه وتعالي تنفسه .

ليس كابوس بل أفضل ما حصل له ، لقد حلم بها بل واستمع لصوتها الناعم الدافيء كريش ناعم يلامس القلب رقة .

وضع يده بجهة قلبه ثم أعاد جزعه من جديد موضوع إضطجاعه يناظر السقف بتلك العينين اللتين تبتسمان ، كيف لا وهي رأت ما عجزت عن رؤيته لسنة من الزمان .

أخذ ثغره الان يُطلق الابتسامات بشكل متتالي حتى انفجر قلبه وأبى الا ان يظهر فرحه ؛بضحكة قوية زلزلت أركان جسده وغرفته .

هو لا يشعر بأطرافه فهو اصيب بمرض الحب وما تخدر تلك الاطراف الا عرض لذلك الداء .

انزلاق للباب مع صوت صرير قوي اثر فتحه ، اقدام تطرق على الارضية ثم جلوس شخص بجواره ، كان يسمع لكن لا يعي بشئ غير ذلك الحلم .

" ما الامر ؟! ما بال تلك البسمة البلهاء على ثغرك!؟ "

تمتم بسخرية ممزوجة بالاستغراب مع نكهة فضول قوية من صديق طفولته ، هذا الكوكتيل فقط يحتاج لاجابة واحدة تفي بالامر لكن عاشقنا لم يرد الا بزفرة حانية اخرجت من اعماق جزور قلبه بعد أن تراكم الهواء بصدره ثم نفخ كل الذي اختزن به .