الفصل الأول

54 1 0
                                    

أشارت إليهم بيديها ليخفضوا صوت الأغاني قليلا؛ كى تستطيع الرد على مكالمة  زوجها، فاليوم موعد الحنة وقد جاءت المرأة التي ستقوم برسم الحنة للعروس وصديقاتها.
كان البيت يعج بالإناث منهن من تهتم بالطعام وترتيب المنزل؛ لكى يتهيأ لاستقبال الضيوف في المساء، ومنهن جل اهتمامهن بتزيين أنفسهن والظهور في أجمل مظهر، وحدها مريم كانت تجتمع على وجهها الفرحة والحزن في آن واحد، كانت ستكتمل فرحتها وينتهى حزنها لو كانت أمها وأخوها مازالا على قيد الحياة لكنه القدر، لم تتسن الفرصة لحبيبة أن تحيا حتى هذا اليوم وتحقق حلم حياتها برؤية صغيرتها وقرة عينيها مريم وهى في ثوب الزفاف، ردت مريم على زوجها ثم خيم الحزن على وجهها وبدت منفعلة خرجت الفتيات واحدة تلو الأخرى من الحجرة لكى يتركوا لها المجال لتستطيع الحديث قالت مريم معاتبة له:
كيف تفعل هذا لماذا وعدته بأننى سأرد عليه ؟
أنت تعلم موقفي منه جيدا يا أحمد.
تنهد زوجها وصمت قليلا ثم قال:
حبيبتي لا أريدك أن تحملي ذنبا بسببه، وسامحيني لو أعطيته وعدا حين هاتفني، لك حرية التصرف.
قالت: أى حرية تصرف في إحراجك يا أحمد؟ حسنا سأرد عليه حين يتصل ما دمت قد وعدته بأنك ستجعلني أرد، لكن لا تفعلها ثانية أبدا، لا أريد أي صلة به، أعتبره شخصا غريبا عني، ما الذي جعله يتذكرني الآن ؟
قال أحمد: إن أباكِ غاضب لأننا لم نقم بدعوته لحفل الزفاف.
ضحكت بسخرية وقالت: لو كان أبي حقا ما كانت الكلمة خرجت من لسانه، الأب لا ينتظر دعوة لحضور زفاف ابنته، لكنه لم يقم أبدا بدوره كأبي فلماذا ينتظر مني أن أقوم بدوري كابنة له؟ على العموم حين يتصل سأفهم ماذا يريد.

أغلقت هاتفها بعد أن أرضاها زوجها بكلمات حانية يلطف بها الأجواء قليلا لكنها كانت لاتزال تشتعل من الداخل لم تمر سوى لحظات قليلة إلا وقد جاءتها المكالمة التي تكرهها مثلما تكره أباها .
بصوت يملؤه الغضب قال لها:
أمن اللائق  يا مريم  أن أعرف موعد زفافك من الغرباء؟ هل مت يا مريم لتفعلي هذا هل دينك يأمرك بهذا؟

صمتت قليلا ثم قالت: وما دخلك أنت بالحديث عن الدين؟ هل أمرك الدين بتركنا وعدم السؤال كيف أعيش؟ ألم أكن رعيتك  التي أهملتها ولم تتق الله فيها؟ ماذا قدمت  لي حتى تتنتظر مني ما سأقدمه لك؟ أنت أبي على الورق فقط، وخلافي مع أمي رحمها الله لن يعفيك من الذنب في حقي وحق أخي رحمه الله وغفر له، ربما أنا  لا أعرف أو أتذكر ما الذي حدث بينكما في الماضي؛ لكنني أعرف ما عشته جيدا وما حرمت منه !

غضب الأب غضبا شديدا وقال لها:
لقد سقتك أمك الكره منذ صغرك، تخيلت أنك حين جئت لتتعرفي علي وعلى إخوتك أنك فهمت مكر أمك وما فعلته بعائلتي وكيف أفسدت الحياة بيننا لكنك سرعان ما تغيرت بعد موتها لعنة الله عليها  حية وميتة.
صرخت مريم في وجهه قائلة:
بل لعنة الله عليك أنت ،لا تلعن أمي ثانية  أبدا.
ثم أغلقت هاتفها ودخلت في نوبة بكاء
انقلب البيت في ثوان قليلة من فرح إلى حزن دخلت علياء خالتها واحتضنتها تهدئ من روعها وتسألها عن سبب بكائها كانت مريم تستجدي الكلمات لتخرج من فمها من كثرة البكاء ربتت خالتها على كتفها وهى تحتضنها وقالت لا بأس يا حبيبتى لا تقصي شيئا الآن اهدئي قليلا وسأستمع إليك فيما بعد.

الفخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن