الفصل التاسع

19 1 1
                                    

الفصل التاسع
صرخت حبيبة عليها وقالت فليذهب أحمد
ووالده إلى الجحيم  وكل من يقول أن عيبك أن أمك مطلقة ما بها المطلقة هل أطعمتك حراما أو تاجرت بشرفها تلك المطلقة عملت ليل نهار من أجل توفير حياة كريمة لكم لماذا تزيدي من وجعي يا مريم لم يعد عندي طاقة لكل هذا ارتمت مريم في أحضان أمها باكية وجلست تتأسف منها وتعتذر لها وظلت تخبرها أنها لا تفهمها هى لا تشعر بالحرج منها فهى تعلم جيدا أنها أفضل أم لكنها تشعر بالحرج من لقب المطلقة وكيف ينظر إليها الناس في مجتمعهم والسؤال الوجودي الذي يسأله كل من يقابلها لماذا لم تتزوج أمك بعد طلاقها أو تلميحات مهينة عن إمكانية زواجها عرفيا للحفاظ على المعاش كنهج الكثيرات من المطلقات كانت دموع حبيبة تتساقط وكلمات مريم تنزل كالصواعق على قلبها قالت لها كل هذا تكتميه داخلك من ناحيتي !
‏ظلت مريم تخفض رأسها لأسفل وهى تبكي وقالت كنت دوما أحتاج لحنان الأب ،أسمع من صديقاتي قصصهن عن آبائهن وكيف أن الفتاة حبيبة أبيها وهو الحب الأول في حياتها أما أنا فأبي لا يحبني ويكرهني ،لا توجد صورة واحدة تجمعنا سويا سوى صورة قديمة ربما كنت في عامي الأول وجدتها ونحن ننتقل إلى هذا البيت وأخفيتها وأعود إلى رؤيتها كلما شعرت بالاحتياج إلى هذا الشعور ، لم أخبرك من قبل بهذا لقد رأيته قبل وفاة يحيى صدفة كان يتنزه مع زوجته وأولاده ،يمسك بيد ابنته بكل قوته وكأنه يخشى أن يخطفها أحدهم منه لم يلحظ وجودي وربما لم يكن حينها يعرفني من الأساس كانت تمسك بيدها غزل البنات بالتأكيد تذوقته كثيرا من قبل لكن من يد أبي كان سيكون له طعما آخر ،أنا لا أخاف من بيت العائلة أتمنى فعلا أن أشعر كيف تكون العائلة الواحدة .

‏كانت حبيبة تستمع والدموع تنهمر على خديها ثم قالت بعد كل ما عشناه يا مريم تقولين لي هذا الآن ؟

‏قالت كرهنا أنا وأخي لأنه كرهك أنت لو كان أسوأ رجل في الدنيا فهناك امرأة أخرى احتملت هذا السوء ولم تطلب الطلاق منه بل تحملت من أجل أولادها لم كنت بتلك الأنانية يا أمي ؟
‏نظرت إليها حبيبة دون أن تتفوه بكلمة واحدة وخرجت من غرفتها.
‏أنزلت مريم الكتاب من على صدرها وعيناها تورمت من الدموع ثم وضعته على فراشها بجانبها وظلت تبكي بحرقة وهى تقول ويلك يا مريم ما الذي فعلتيه بغبائك في أمك ...
‏فتحت علياء غرفة مريم بعد أن استمعت لصوت بكائها فوجدتها على هذا الحال ركضت ناحيتها واحتضنتها وهى تسألها ماذا حدث فوجدت دفتر حبيبة بجانبها قالت ليتني لم أعطه لك
‏رفعت مريم وجهها وقالت بالعكس ليتك أعطيتيني ذلك الدفتر من قبل تأخرت كثيرا يا خالتي .
‏قالت علياء تأخرت على ماذا يا حبيبتي ؟ افصحي عما بداخلك كي أفهم؟
‏قالت مريم ستعرفين كل شيء في وقته ولكن على الآن أن أذهب هناك مكان لا بد لي من الذهاب إليه
‏قالت لها علياء بصرامة شديدة إلى أين باكرا هكذا اليوم زفافك ويبدو أنك لم تنم منذ ليلة أمس ما الذي يدور ببالك بالضبط ؟
‏قالت لها دين ولا بد أن أسدده الآن وحين أعود سأنظر إلى ما سأفعل التقطت عباءتها السوداء من على الشماعة وحجابها وانطلقت لم تستطع علياء اللحاق بها أو إحداث جلبة البيت مكتظ والأرياف لا يخفى فيها خافية وضعت يدها على وجهها وقالت استر يا الله التقطت الدفتر ووضعته في دولاب مريم واتصلت على أخيها ممدوح.
‏انطلقت مريم هائمة في شوارع القرية في الصباح الباكر ومن يرها يتعجب كثيرا عروس اليوم تلتحف السواد في الصباح وعيناها متورمتان من أثر البكاء ظلت تمشي في طريقها حتى وصلت لأبواب المدفن ما إن اقتربت من قبر أمها حتى ارتمت عليه بكل قوتها تبكي وتتأسف ظلت تخبر أمها كم هى آسفة على كل كلمة خرجت من لسانها وكيف لم تقدر ما فعلته أمها قالت لها
‏أعلم أنك تشعرين بي لكن وأسفاة لن تستطيعي الحديث معي ولم أعد أستطيع سماع صوتك ثانية تركتيني يا أمي وتركني أخي كما أن أبي تركني منذ زمن طويل لم أجد سوى خالتي وباب أحمد مفتوحا لي ماذا كنت سأفعل لا أعلم حتى إن كنت أحببته أم لا كنت أحتاج إلى حضن فقط أعلم أنك أعطيتيني إياه لكنه لم يكن كافيا كنت أحتاج إلى حضن أبي وحين لم أجده بحثت عن رجل يعطيني إياه أشعر أنني ابنته المفضلة كنت أحتاج لمن يمسك يدي بقوة يخاف أن يفلتها هل تعلمين كم تمنيت وأنا صغيرة أن يرفعني أبي ويدور بي كما كنت أرى بعض الآباء تفعل هذا مع بناتها لم أكرهك أبدا وإنما كرهت عدم وجوده الآن أنا أسير على خطاك ربما سيحدث لي نفس ما حدث معك وسيكون عندي طفلة تخبرني بنفس الكلمات لو قررت أن أنجو بروحي من العذاب أو سأهلك روحي وقلبي لكي أتحمل من أجلها ماذا أفعل يا أمي أخبريني ظلت تبكي وهى تقول  أجيبيني يا أمي !
‏نفضت ملابسها من تراب القبور وخرجت غاضبة جدا وقالت لنفسها سيكون عليك أن تدفع الثمن غاليا جدا
‏******************************
‏هرول ممدوح راكضا لأخته علياء كانت زوجته في المنزل مع علياء منذ ليلة أمس وجدهما في انتظاره ودخلوا غرفة علياء قال لها ما الأمر وأين ذهبت لم أفهم شيئا ما الذي حدث بالضبط قصت علياء كل الحكاية من أولها عليهم قال ممدوح أخطأت يا علياء أكان هذا وقت تسليم دفتر حبيبة لابنتها تعلمين أن أختك لاقت كل ألوان العذاب في زيجتها بالتأكيد تأثرت البنت بما قصته والدتها وربما كتبت لها ألا تتزوج من أحمد كنت تعلمين عقدتها من بيت العائلة ورفضها لأحمد بسبب هذا أين ذلك الدفتر ؟
‏قالت علياء طلبت حبيبة ألا يطلع عليه أي شخص سوى ابنتها
‏فرك ممدوح ذقنه بيديه وقال ترى أين ستذهب باكرا هل حاولت الاتصال بها ؟
‏ردت علياء وقالت لم تأخذ هاتفها ولا حتى محفظة نقودها بالتأكيد لن تبتعد عن هنا
‏جلس ممدوح على طرف سرير أخته وقال مصيبة أن تذهب لزوجها وهى هكذا تحت تأثير الصدمة لتلغي الزفاف أمن الممكن أن تفعلها مريم وتجلب لنا الفضيحة لن تفكر في عواقب الأمر
‏شهقت علياء وقالت فأل الله ولا فألك مريم عاقلة تعرف أننا نعيش في القرية ولا تفعل هذا بنا أبدا
‏أخشى أن تكون قد ذهبت لمكان آخر ولشخص آخر دار كل حديث والدتها عنه أخشى أن تكون قد ذهبت لأبيها ....
‏***********************
‏على باب بيت عائلة أبيها كانت الطرقات تنهال من يد مريم هرولت زوجة عمها لترى من ذلك الذي أتى  ويطرق عليهم بهذا الشكل كانت المفاجأة حين فتحت الباب ووجدت ابنة هشام العروس تقف في هذا المنظر المزري ويبدو عليها الإجهاد فقد قطعت تلك المسافة كلها على قدميها عيون حمراء كالدم متورمة من أثر بكاء كثير ضربت صدرها بيدها وقالت يا مصيبتي ما الذي حدث لك يا مريم
‏بكل ثبات عيون ينطلق منها الشرر قالت أين هو ؟
‏قالت لها زوجة عمها من؟
‏قالت ذلك الذي يدعى أبي؟
‏جاءت صيحة جدتها من الداخل وهى تسأل زوجة ابنها من بالباب ؟
‏أزاحت مريم زوجة عمها قليلا التي ارتسمت الصدمة على وجهها من هول ما سيحدث ودخلت إلى شقة جدتها وقالت لها أنا مريم هل تتذكريني يا جدتي أنا تلك الفتاة التي حُرمت من أن يكون لها أب ،أنا تلك الفتاة التي لم تحترمي موت أمها وحزنها عليها وجلست مع بعض النساء اللاتي يعشقن الغيبة وتحدثت عنها بشكل سيء دون احترام حرمة الموت ،أنا تلك الفتاة التي طردتك من العزاء وقلت عنها أنها غير محترمة أنا هى تربية أمها التي بالمناسبة فخورة بها ،ماذا عن تربيتك أنت أين هو الآن ماذا عمن رمى أولاده وتهرب منهم أين هو أجيبيني ركض هشام للأسفل حين أيقظته زوجته وأخبرته بما يحدث في الأسفل
‏رأها بهذا الشكل فصدم كثيرا اقترب منها وأمسك ذراعها وقال ما بك يا بنيتي ؟
‏جذبت ذراعها بسرعة وقالت من هى ابنتك ثم أشارت على نفسها وقالت أنا !
‏ابنتك من ربيتها وأنفقت عليها ومنحتها الحب والاهتمام أما أنا فلم أكن يوما ابنتك هل تريد سماع كلمة أبي وأن أركض أحتضنك ذلك العناق الذي طالما حلمت به وكنت أتخيل كيف سيكون شعوري حينها ،حسنا سأفعلها إن استطعت أن تجيبني ما لوني المفضل ،طعامي المفضل ،أول شهادة حصلت عليها ماذا أحب وماذا أكره مما أخاف ؟ ابنتك تلك التى رميتها هى وأخاها بدون أثاث لم تكلف نفسك عناء معرفة كيف نعيش هل نأكل أم لا ؟ دارت تنظر إليهم كلهم صامتين كأن على رؤوسهم الطير فأكملت قائلة هل فكر أحدكم ولو مرة ثم اقتربت من عمها وقالت له كنت دوما تظهر على أنك غير راض عن كل ما يحدث هل فعلت أنت شيئا يدل على ذلك ثم عادت بوجهها ناحية أبيها وقالت له أوتعلم لقد طلقت أمي فلم طلقتنا معها ثم نظرت باشمئزاز إلى جدتها وقالت وأنت يقولون أن أعز من الولد ولده لمَ لم نكن هكذا على قلبك مم صنع قلوبكم ؟ أانتم بشر مثلنا تحاسبني أني لم أخبرك بموعد زفافي وماذا كنت ستفعل لو كنت عرفته متى كنت لي أب لأكون أنا لك ابنة؟..........
‏(يتبع)
‏#رواية
‏#الفخ
‏#منى_وهبه

الفخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن