أمر الله بالتوبة النصوح، ووعد عليها بتكفير السيئات، ودخول الجنات، والفوز والفلاح، حين يسعى المؤمنون يوم القيامة بنور إيمانهم، ويمشون بضيائه، ويتمتعون بروحه وراحته، ويشفقون إذا طفئت الأنوار، التي لا تعطى للمنافقين، ويسألون الله أن يتمم لهم نورهم فيستجيب الله دعوتهم، ويوصلهم ما معهم من النور واليقين، إلى جنات النعيم، وجوار الرب الكريم، وكل هذا من آثار التوبة النصوح، والمراد بها التوبة العامة الشاملة للذنوب كلها، التي عقدها العبد لله، لا يريد بها إلا وجهه والقرب منه، ويستمر عليها في جميع أحواله، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ...)، «سورة التحريم: الآية 8».
ويقول العلماء إن التوبة النصوح، هي الخالصة من كل غش، وإذا كانت كذلك، فإن العبد إنما يعود إلى الذنب لبقايا في نفسه، فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد إلى الذنب، فهذه التوبة النصوح، وهي واجبة بما أمر الله تعالى، ولو تاب العبد، ثم عاد إلى الذنب، قَبِلَ الله توبته الأولى، ثم إذا عاد استحق العقوبة، فإن تاب، تاب الله عليه أيضاً، ولا يجوز للمسلم إذا تاب، ثم عاد أن يصِرَّ، بل يتوب، ولو عاد في اليوم مئة مرة.
والتوبة في الشرع ترك الذنب لقبحِه، والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المُعاوَدة، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من الأعمال بالإعادة، فمتى اجتمعت هذه الأربع فقد كمل شرائط التوبة وتاب إلى الله، والتوّاب العبد الكثير التوبة، بتركه كل وقت بعض الذنوب حتى يصير تاركاً لجميعها.
قال أبو بكر الجزائري في تفسير الآية: هذا هو النداء الثاني الذي يُنادي فيه الله تعالى عباده المؤمنين - في سورة التحريم - يأمرُهم فيه بالتوبة العاجلة النَّصوح التي لا يعود صاحبها إلى الذنب كما لا يعود اللبن إلى الضرع، ويُبشِّرهم ويَعدهم بتكفير سيئاتهم، ويُبشِّرهم بالجنة دار النعيم المقيم، فيقول: (... عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ...)، «سورة التحريم: الآية 8»،
والتوبة من الذنوب بالرجوع إلى علام الغيوب وغفار الذنوب، مبدأ طريق السالكين، ورأس مال الفائزين، وأول أقدام المُريدين، ومِفتاح استقامة المائلين، ومطلَع الاصطِفاء والاجتباء للمُقرَّبين، ومنزل التوبة أول المَنازل وأوسطها وآخرها، فلا يُفارقه العبد السالك، ولا يزال فيه إلى المَمات، فالتوبة هي بداية الطريق ونهايته، وهذه الآية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم، والتوبة هي رجوع العبد إلى الله، ومفارقتُه لصراط المغضوب عليهم والضالين.💙💙
سارعوا وتوبوا الى الله فنحن لانملك من أمرنا شيئ..
توبوا قبل ان تموتوا..!!!