اسكربت ١٣

343 22 3
                                    

كنت قاعد في الكافيه مستني الويتر يجيب لي القهوة اللي طلبتها، بما إني مبحبش الانتظار قُلت لنفسي اتسلى في وشوش الناس اللي كانوا قاعدين حواليَّ في الكافيه، كان فيه بنتين قاعدين بعد مني بتربيزة واحدة، لابسين نفس الطقم بنفس اللون بس واحدة فيهم كانت ملامحها مُلفتة أكتر من التانية ضحكتها طالعة من قلبها ونظراتها بتقول إنها واثقة من نفسها جدًا، واللي معاها اعتقد إنها صاحبتها مش أخوات عشان مكنش فيه بينهم أي شبه غير اللبس وبس، كانت بتحاول تبقى نسخة منها بتحاول تقلدها في حركاتها في قاعدتها حتى نظراتها، البنت صاحبة الملامح المُلفتة كانت لابسة انسيال اعتقد إنه دهب شوفته لما وقع من إيديها من غير ما تاخد بالها بس اللي كانت معاها أخدت بالها فضلت ساكتة مقالتش حاجة لحد ما جات اللحظة المناسبة ونزلت تحت الترابيزة جابته ودخلته في جيب الجاكيت بسرعة قبل ما صاحبتها تلاحظ، اممممم أخدته مش عشان هي حرامية أخدته عشان ده من حقها، ده مش تفكيري أنا ده تفكيرها هي، هي شايفة إنها أحق بالأنسيال من صاحبته، ده تفكير مريض طبعًا، مش تفكير إنسان سويّ!

فضلت باصص عليهم لحد ما لاقيتهم قاموا وخرجوا من المحل وهما سوا بيضحكوا ومُبتسمين، كنت ممكن أقوم أحذرها من الحية اللي عاملة صاحبتها دي، بس مبحبش أحذر حد من حد، عشان جربت اعمل كده كتير لاقيت محدش بيسمع كلامي، لازم يتلسعوا من الشوربة عشان ينفخوا في الزبادي، قررت من زمان جدًا أخد دور المشاهد أو يمكن الناقد أو المُراقب، بس لنفسي مش هتشارك  مع حد بالمُتعة دي، إنك تقعد تتفرج على كل حاجة حواليك وإنتَ عارف إن نهايتها بتقرب بس أصحابها مش فاهمين ده ولا حاسين، أنا بحب الإحساس ده جدًا، محدش يستاهل إنك تحذره، كل واحد مكتوب له شَدة ودن لازم يجربها عشان يفضل فاكر إنه مخلوق ضعيف لا حول ليه ولا قوة، وأنا عمر ما حد حذرني يبقى ليه أحذرهم؟ ما يشربوا من نفس الكأس زي ما أنا شربت!

القهوة اتأخرت وأنا بدأت أزهق، كان فيه أم قاعدة على تربيزة بعيد شوية ومعاها طفلها، كان هادي جدًا على غير العادة مش زي الأطفال، وجوزها قاعد معاهم بس مكنش معاهم، وهي كانت بتحاول تخلي طفلها يأكل أكله بس الولد شكله كان زعلان!

مبشغلش نفسي بالأطفال ولا بحاول أفهمهم لأنهم مخلوقات مُعقدة أكتر من الكبار، الولد سابهم وقام أمه قامت وراه، وجوزها فضل قاعد، كان ماسك تليفونه وشكله بيشات مع حد، تحديدًا بيشات مع واحدة، نظراته المُترقبة كل شوية يشوف مراته رجعت ولا لسه وضحكته السمجة بتقول إنه بيكلم واحدة، تحديدًا أصغر منه بكتير، بيراضيها، بيعتذر لها، قال لها بحبك، طلب منها يخرجوا سوا بليل، النهاردة، كشر! يبقى رفضت، صدته، أو بمعنى أصح قلبته على وشه زي الجردل، قفل التليفون بغضب وحطه في جيبه، دلوقت لما مراته ترجع هي وابنه هيزعق لها ويقوم عشان يمشوا.. أهي جات، أنا لازم اشتغل في حاجة مهمة، أنا خسارة في الكافيه ده، مش معقول كل توقعاتي بتطلع صح! أنا معلم على فكرة، قام بعد ما شخط فيها بنبرة مكتومة عشان الناس، وتقريبًا، هتنضرب النهاردة بليل مش عشان حاجة بس عشان هو مزاجه كده! وابنهم هيبقى قاعد مستخبي تحت سريره وهو سامع أمه بتنضرب، وهيبقى عنده تبول لا إرادي، زي أبوه، ما اللي يعمل كده يبقى عنده تبول لا إراي في عقله، خرج أخيرًا في داهية، كنت قرفان منه وعايز أقوم أخبطه في الحيط أكسر عضمه، عشان لما يفكر يضرب مراته النهاردة بليل ميبقاش قادر يضربها فَيسبها في حالها، عصبني الحيوان، مليش دعوة هي اللي وافقت تتجوزه يبقى هي اللي اختارت.

حكاوي بالعامية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن