لعنة الخطيئة 2

428 14 0
                                    



الحلقة الثانية


. بكيت وحدي كثيرا فلم يكن لي من يحبني أو يرفق بي فالكل يراني عبئا ثقيلا ويسعى للخلاص مني، فقط الوحيد الذي يحبني شادي فاتصلت به وحكيت له ماحدث فسكت قليلا ثم قال:
-وطبعا لو جيت اتقدمت لك أبوكي هيرفضني ويطردني
-يعني هتسيبني لغيرك؟ أنا كنت فاكراك بتحبني وماتقدرش تعيش من غيري
-أنا فعلا بحبك وهاموت من غيرك لكن مافيش قدامنا غير حل واحد مش عارف هترضي بيه ولا لأ
-قوله
-تهربي معايا ونتجوز
-إيه؟مستحيل أفضح أهلي في وسط الناس
-يعني عاوزه تتجوزي واحد بتكرهيه وتضحي بحبنا؟
-مش عارفة أنا متلخبطة أوي
-خلاص فكري ومستني ردك بكره وعاوز تفتكر دايما إني باعشقك وهاموت من غيرك
فكرت كثيرا وأدركت أننا لن نستطيع الفرار بحبنا وستقع بين الأسرتين لا بل بين القريتين مشاكل كثيرة بسببنا، كما سيتعرض أبي وإخوتي للعار والسخرية من الجميع وخاصة زوجة أبي التي ستشمت بهم وتعايرهم أني تربية أمي الفاسدة ولو كنت ابنتها لما فعلت ذلك، لذا كان قراري النهائي بالاستسلام ومنذ متى لم استسلم لقرارات أبي ؟ لم تكن لدي الجرأة يوما على معارضته، فأنا ملك يده يفعل بي مايشاء بحجة أنه أدرى بمصلحتي مني. غضب شادي من قراري واسمعني أسوأ كلمات عن ضعفي وجُبني وطمعي في مال العريس وأني كنت أخدعه باسم الحب، وتلقيت كلماته في صمت ولم أدافع عن نفسي فمهما قلت فلن يصدقني فهو لم يحيا حياتي ولم يعرف قسوة أبي وإخوتي.
قابلت كريم الذي تجاوز الثلاثين بعام وملامحه عادية ببشرته السمراء وشعرة الأسود الخشن وعيونه البنية الضيقة الغامضة وملامحه الجامدة التي لا تُظهر ما بداخله، لم أشعر معه بالارتياح ولا بالنفور إنما كان إحساسي محايد وما نفع المشاعر مادام الزواج سيتم رغم إرادتي؟ تمت قراءة الفاتحة ومنحني خاتما من الذهب بفص من الياقوت الأحمر فجاز إعجابي وإعجاب الجميع واتفق مع أبي أن يتم الزواج خلال شهر لأن أعماله بالقاهرة لا تحتمل أن يغيب عنها كثيرا وقال لأبي بغرور:
-أنا متكفل بكل حاجه وعايزها بشنطة هدومها وبس
أردت أن أصفعه لأحطم ذلك الغرور ولكنها تبقى مجرد رغبة لا أستطيع تحقيقها. سادت أجواء السعادة بيتنا لأول مرة حتى زوجة أبي فرحت بذلك العريس الذي لن يكلفهم شيئا وسيوفر مال أبي ولم يسألني أحد عن موافقتي أو مشاعري فأنا في هذا البيت كم مهمل لا أحد يهتم به، وتمنيت أن تكون لي قيمة أكبر في بيت كريم ، وحتى إن لم تكن لي أية قيمةما بيدي حيلة فأنا معتادة على ذلك.
كنت استعد للزواج بلا روح وبفرحة غادرت قلبي منذ وفاة أمي وفراقي لشادي، حتى جاء يوم الزفاف ففوجئت بكريم حجز فندقا فخما بالقاهرة ليتناسب مع مكانته في المجتمع وضيوفه من رجال الأعمال، كما حجز لي غرفة لتأتي متخصصة التجميل لتُزينني، واشترى لي فستانا لم أرَ في روعته، كل ذلك جعلني أشعر بالإمتنان له وأتغاضى عن أنه سبب حرماني من شادي بل وبدأت أقنع نفسي أن أرضى بنصيبي، وعندما حان موعد الزفاف صعد أبي لغرفتي ليصطحبني وقال لي:
-جوزك دلوقتي هو كل أهلك رضاه من رضا ربنا اوعي تيجي تشتكي لي منه واعرفي ان البنت تطلع من بيت أبوها على بيت جوزها ومن بيت جوزها على القبريعني لا تيجي يوم غضبانة ولا تفكري يوم في الطلاق مهما حصل، لأن موتك أهون من طلاقك.
صدمتني كلماته فقد تخلى عني وأعلنها صريحة أنه لم يعد لي سندا ولن يقف بجواري، تمنيت لحظتها لو كنت أطعت شادي وتزوجته طالما في الحالتين سيتخلى عني أبي على الأقل كنت سأحيا مع من أحب لكن يبدو أن جُبني أعماني عن رؤية الحقيقة، لكن فات أوان الندم فقد بدأت طريقي وعلي أن أكمله.انتهت إجراءات عقد القران وقدم لي كريم أسورة وخاتم من الماس بهرني بهما أنا وكل الحاضرين، كان زفافا أسطوريا تحاكى به الجميع وحضره مطربون كنت أسمع عنهم ولم أتخيل أن أراهم، كذلك حضره نخبه من رجال الأعمال وسيدات المجتمع وانتهى الحفل وصعدنا للجناح المحجوز بإسمنا في الفندق الفخم وأنا خائفة مما سيحدث لي وبمجرد دخولنا قبلني كريم في جبهتي واتجه للحمام لتبديل ملابسه وتركني أبدل ملابسي فأبدلتها بقميص النوم الأبيض ووضعت الروب فوقه وأنا أرتجف رعبا مما سيحدث وشغلت نفسي بتصفيف شعري وبمجرد أن انتهيت خرج كريم من الحمام ونظر إلي مبتسما وقال:
-تصبحي على خير
ونام خلال لحظات وأنا مذهولة فمن يرى فرحته أثناء الحفل ورقصه معي وضمي لصدره يظن أنا عاشق متيم وأنه لن يتركني للحظة ، رغم سعادتي بأنه تركني إلا أنه حطم كبريائي كأنثى مرغوبة، لكني التمست له العذر بأنه مُتعب والأيام بيننا كثيرة. في الأيام التالية عندما انتقلنا لفيلته- في تلك المنطقة الراقية النائية – لم يخل بيتنا من المهنئين وكان يقضي النهار نائما أو يمارس الرياضة بينما يتوافد الضيوف مساءا ولا يغادرون إلا في ساعة متأخرة من الليل وعندها يعلن تعبه ويخلد للنوم في غرفته المنفصلة عن غرفتي، كنت متعجبه وأتساءل هل هو مريض أم أنه لايرغبني كامرأة؟ فكرت كثيرا أن أسأله لكن شجاعتي كانت تخونني في أخر لحظة فأبي رباني على الخوف منه ومن عقابه إن قلت شيئا يغضبه كذلك إخوتي كان من يغضب مني ينهال علي ضربا حتى صرت مرعوبة دائما من الحديث وارتكاب الأخطاء.
كان هناك ضيوف يترددون على بيتنا يوميا وأحيانا يدعوننا لبيوتهم وعندما سألته عن سر تلك الدعوات اليومية قال:
-بيزنس يا حبيبتي بنتقابل عشان نخلص شغل مهم
-بس بقالنا شهر متجوزين وماشفتكش بتروح شغل هو انت بتشتغل إيه؟
قال مبتسما:
-سمسار
-عقارات ولا في البورصة؟
-كله أنا سمسار لكل حاجه حتى التحف
-وأنا إيه دوري في السهرات دي؟ أنا لا بافهم في البيزنس ولا أعرف الناس دي؟
-دورك إنك مراتي وواحدة واحدة هتتعلمي كل حاجة
-هو أنا مراتك فعلا؟
اقترب مني وقبلني في وجنتي وقال:
-إنتي الغالية على قلبي ومن كتر برائتك ورقتك خايف أقربلك بعدين أدنس البراءة دي، أنا مش قادر أصدق إني اتجوزت الجمال ده كله وخايف عليه حتى من نفسي
لم أصدق أذناي فتلك أول مرة يعترف لي فيها بحبه ولكن حجته كانت واهية فلم أصدقها فلا أنا جمالي متميز ولا أتفوق على من رأيتهن في بيته في الرقة أو الأنوثة وقلت لنفسي ربما لايريد أن يبدو صغيرا أمامي. توالت الأيام وهو يغمرني بأفخر الثياب والعطور ثم قال لي ذات يوم:
-إنت ليه محجبة رغم إني ما باشوفكيش حتى بتصلي؟
-بابا وإخواتي غصبوني على كده وكمان دي عادات البلد
-إنت دلوقتي عايشة حياة جديدة في مجتمع جديد ولازم تتغيري، إنت جميلة وأنا بحب أتباهى بجمال مراتي قدام الناس
-يعني مش هتغير؟
-اللي بيغير ده متخلف و مش واثق من نفسه، عاوزك في سهرة النهاردة تلبسي الفستان الأحمر وتروحي للكوافير تخليها تعملك شعرك وتظبط ماكياجك والا أقولك هاجيبهالك هنا على الساعة 7
-زي ماتحب
ضمني إليه وقال:
-باموت في طاعتك ورقتك
وتركني وأنا متعجبة من أمره فقد كان شجار إخوتي الدائم بسبب اللون الأحمر الملفت للنظر وبسبب ظهور شعري الناعم من أسفل غطاء رأسي وبسبب الكحل الملون نجلاءلطفي الذي كان يبرز لون عيناي العسليتين، أما أحمر الشفاه فقد تلقيت بسببه علقة موت كسر فيها أخي ذراعي فتُبت عنه، والأن جاء زوجي ليسمح لي بكل ما أُجبرت على تركه.ارتديت الفستان الأحمر بعد أن صففت شعري وتركته منسدلا على ظهري ووضعت لي خبيرة التجميل مساحيق الزينة المناسبة فنظرت للمرآة وأعجبني جمالي وقلت لنفسي:
-النهاردة كريم مش هيقدر يقاوم جمالي أكيد
خرجت لكريم الذي ظهرت في عينيه نظرات الإعجاب فأدركت أنني اليوم سأصبح زوجته لا محالة، غادرنا وتوجهنا لحفل سيد بك ذلك الرجل الذي يفوق أبي في عمرة لكنه قصير وبدين ويصبغ شعره بالأسود ليداري الشيب الذي غزا رأسه، لم أكن أحبه فكانت نظراته تلتهم جسدي التهاما فكنت طول الحفل لا أفارق كريم لأحتمي به من نظرات ذلك السمج حتى تحرك كريم بعفوية فأسقط كوب الشراب على فستاني فاعتذر لي وطلب منه سيد بك أن يصطحبني لأحد الغرف حتى أنظف فستاني. صعدنا معا لإحدى الغرف وطلب مني كريم أن أخلع فستاني فشعرت بالخجل فقال لي:
-ياحبيبتي أنا جوزك ماتتكسفيش اقلعي وهاخلي الخدامة تنضفه بسرعه
وصب لي كوبا من الماء وقدمه لي وقال:
-اشربي ده وهدي أعصابك أنا أسف غصب عني
شربت كوب الماء وساعدني على خلع الفستان ولما رآني بملابسي الداخلية ضمني إليه وقبلني في وجنتي وقال:
-ادخلي السرير واتغطي عشان ماتبرديش وأنا دقايق وراجع لك
تمددت على الفراش وتدثرت جيدا ليس من البرد ولكن خوفا من أن تدخل الخادمة وتراني بملابسي الداخلية فأنا شديدة الخجل ، ولا أدري لم شعرت بدوار في رأسي ربما لأني لم أتناول طعاما منذ الإفطار. شعرت بثقل في رأسي ونمت وحلمت أن سيد بك دخل الغرفة ونزع عني الغطاء وراح يغمرني بقبلاته وأنا أدافع عن نفسي بكل قوتي لكنه كان الأقوى وتغلب علي فنهضت من النوم وأنا مفزوعة فوجدت ملابسي الداخلية ممزقة وشعري مشعث والسرير غير مرتب نهضت مسرعة وأنا ألتف بملاءة السرير ووجدت فستاني على الكرسي بجوار السرير فأخذته ودخلت الحمام الملحق بالغرفة واغتسلت سريعا فوجدت جسدي به العديد من الكدمات وهناك بقع دماء على الملاءة فتساءلت هل فعلها كريم في بيت الغرباء؟ هل هذا ما حدث أم؟؟ شهقت عندما تذكرت الحلم نجلاء لطفي وقلت ماذا إن كان حقيقة وليس حلما ؟؟ هل اغتصبني سيد؟ ماذا سيفعل كريم لو علم بذلك؟ أفكار كثيرة تضاربت في رأسي وشعرت بالخوف والاضطراب وقررت ألا أتكلم حتى أعرف حقيقة ماحدث. ارتديت ملابسي وصففت شعري وخرجت من الحمام وبينما كنت أرتدي حذائي سمعت صوت كريم خارج باب الغرفة يقول:
- زي ما وعدتك بنت بنوت مالمستهاش، عشان تعرف غلاوتك عندي منعت نفسي عن الجمال ده كله عشان خاطرك
-ما انت واخد صفقة بملايين يعني أكتر من تمنها، بس المرة الجاية عايزها فايقة مش متخدرة
-اصبر شوية وهخليك تعيش ألف ليلة وليلة
لم أصدق أذناي هل باعني كريم لسيد بك؟ هل فرط في شرفه وعرضه مقابل المال؟هل هو سمسار أعراض؟؟ هل أنا مازلت أحلم؟ لا هذا كابوس وسرعان ما سأفيق منه، فما سمعته لا يمكن أن يكون حقيقي لابد أني أتوهم ذلك فلايوجد رجل يمكنه أن يُفرط في شرفه في مقابل المال.




لعنة الخطيئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن