لعنة الخطيئة 15

247 16 4
                                    



الحلقة السادسة عشر


بعد ثلاثة أيام عسل قضيناها في البيت أصر رامي على دعوة منى ويمنى ومروان أحد الأطباء من أصدقاء رامي على الغداء وخاصة قبل سفر منى وبمناسبة حضور يمنى للإقامة عندنا بعد أن أعددنا لها غرفة خاصة. رفض رامي أن أنشغل بإعداد الطعام وأصر على شراء الطعام جاهز وأن يكون دوري مجرد إعداد المائدة والترحيب بالضيوف لأني في رأيه مازلت عروسة. سعدت كثيرا بمعاملته الرقيقة لي فهو الوحيد فكل من عرفتهم من لا يريد إستغلالي بل ويرغب في إسعادي، ولا يعلم أن وجوده في حياتي هي السعادة الحقيقية. أحضر مروان منى ويمنى وقال:
-أنا جبت الحلوين أهو فين الأكل بقى
فقال رامي:
-أصبر يا مفجوع دكتور فاروق جاي في الطريق وأهو بالمرة نستشيره في حالتك بتاكل ليل نهار ورغم كده رفيع ومش باين عليك
ضحكنا كلنا وجاء دكتور فاروق كان رجلا وقورا على مشارف الستين عاما ولكنه مازال يحتفظ برشاقته وبقدر من الوسامة. ساد جو من الجدية على الحوار بوجوده وقدمت الطعام وبعده جلسنا لشرب الشاي فهمس مروان ليمنى:
-ماتيجي نخرج أو نلعب بلاي ستيشن بدل جو النشا ده
وقبل أن تجيبه جاءه إستدعاء من المستشفى فاستأذن منا وقال لها ضاحكا:
-قليل البخت طول عمري
-ربنا معاك
-أه ادعيلي أصلي يتيم ومحتاج دعواتك أوي
فقلت له:
-بطل بكش وأنزل على شغلك
استأذنت منا يمنى ودخلت غرفتها وجلسنا ومعنا منى ودكتور فاروق وتحدثنا في موضوعات شتى حتى أصرت منى على الإنصراف لتعود للإسكندرية فأصر دكتور فاروق على توصيلها لمحطة القطار.
قمت بإعادة ترتيب المكان ودخل رامي مكتبه لمراجعة بعض الأبحاث ولإجراء إتصالات حيث سنعود لعملنا غدا فدخلت ليمنى حجرتها وقلت لها:
-عجبتك أوضتك
-جميلة طول عمرك عارفة ذوقي وبجد مهما أقول مش هاعرف أشكرك إنت ودكتور رامي
- بما إننا أصحاب ومش بنخبي حاجه على بعض إيه رأيك في مروان؟
احمرت وجنتاها وارتبكت وقالت:
-كويس ليه؟
-حاسة إن فيه حاجه من ناحيته بخصوصك فقلت أعرف رأيك عشان لو فاتحني أصده ولا أشجعه
-مش عارفة هو كويس وابن ناس ودمه خفيف ومستقبله كويس
-مش بسألك على كل ده بسألك على قلبك
-بصراحة أنا بحب وجوده معايا واهتمامه بيه بس مش عارفة ده حب ولا إيه؟
-طيب يعني على الأقل فيه قبول وراحه؟
-أه وبابقى مطمنة وأنا معاه تصوري بيخاف عليه ويطلع يوصلني لحد باب الشقة ويستنى أما أدخل ولما باكون معاه في العربية عمره مافكر يلمسني أو يقول لي كلام غزل مثلا زي ما حصل من زميلي اللي حكيتلك عنه وده كبره أوي في نظري.
-عارفة الإحساس بالأمان والاحترام ده أهم من الحب، المشاعر بتتغير والحب ممكن ينتهي
-بس أنا مش عارفة هو معجب بيه ولا بيحبني بجد؟
-الأيام هتوضح ده سبيها على الله لكن مهم مهما حبتيه ما تفرطيش في نفسك ولا تتنازلي عن كرامتك لأي حد لأي سبب
-حاضر
مضت بنا الحياة وتأقلمت يمنى سريعا مع رامي الذي كان تواجده قليلا في البيت بسبب انشغاله بعمله في المستشفى والعيادة ،وكذلك كان تواجد مروان معنا قليل بسبب انشغاله بعمله وبتحضير الماجستير، وشجعت يمنى على تدعيم دراستها ببعض الكورسات لتشغل فراغها وتكتسب مهارات جديدة. كنا نجتمع يوم السبت معا حيث أجازتنا جميعا- لأن مروان ورامي كثيرا ما يعملان الجمعة- وكنا نتبادل الحكايات عنما حدث لنا طوال الأسبوع، ومن خلال تلك اللقاءات تعمقت العلاقة بين يمنى ومروان الذي طلب مني سؤال يمنى عن مشاعرها تجاهه حيث يرغب في الزواج بها فقلت له:
-هاسألها بس لازم تعرف إنها لو وافقت هاسمح بخطوبة بس ومافيش جواز غير بعد تخرجها من الجامعة وشغلها ده شئ أساسي مافيهوش كلام
-يا دودو بلاش شغل الحماوات من أولها
-دي شروطي يا مروان أنا باتكلم جد ما يهمنيش هتجيب شبكة إيه أو هتدفع مهر كام، لأني عارفة إنك راجل وهتصونها لكن أنا مسئولة عنها ولازم أوفي بوعدي لأبوها الله يرحمه
-وأنا موافق أهو أكون خلصت الماجستير والشغل ده هي حرة عاوزة تشتغل أو لأ مش هاعترض
-يبقى اتفقنا هاكلمها وأشوف رأيها
سعدت يمنى كثيرا برغبة مروان وأبدت موافقتها ولكن قلت لها:
-مش هأقوله موافقتك غير بعد يومين
-ليه حرام عليكي
-الحاجة اللي بتيجي سهلة بتضيع أسهل والإنسان ما بيصونش غير الحاجة اللي بيتعب فيها.
أخبرته بموافقة يمنى وقال رامي:
-مش هاعمل خطوبة هاخليها كتب كتاب لأننا عايشين في مكان واحد، وهاكلم عمها حسب الأصول
فقلت له:
-عمها اللي كل همه الورث ومايعرفش حاجه عن البنات؟
-دي الأصول والله جه أهلا وسهلا ما جاش براحته
اتصل رامي به وأخبره برغبة مروان فقال له عمها:
-هي مشيت ورا مرات أبوها خليها تنفعها وتنسى إن لها عم
فقلت له:
-هاكلم سلوى أقولها واتصل بعماتها وأعزمهم على كتب الكتاب وبكده نبقى عملنا اللي علينا
هنأتها سلوى ببرود وباركت لها عماتها وأعتذرن عن الحضور فبكت في حضني وقالت:
-إنتي كل عيلتي يا هدير
-طبعا يا حبيبتي وهافضل في ضهرك إنتي وسلوى لأخر يوم في عمري
في يوم عقد القران حجز لها رامي قاعة حفلات فخمة وقال لها:
-دي هديتي لك من النهاردة هتبقي بنتي رسمي
-شكرا يا عمي بجد إنت عوضتني عن حاجات كتير
فقلت :
-ده مش وقت دموع الماكياج هيبوظ
فمد ذراعه لها فأمسكت به وخرج بها أمام الحضور من زملائها وأصدقاء وأقارب رامي ومروان ومنى التي حضرت خصيصا من أجل يمنى، وعندما سأل المأذون عن وكيل العروس قالت الدمع في عينيها:
-عمو رامي
فلمعت الدموع في عيون رامي وتم عقد القران وبعد التهنئة بدأ الصخب وجذب زملاء مروان العروسين للرقص وسط سعادة الجميع وذهبت أنا ورامي للترحيب بالضيوف. وجاء دكتور فاروق والذي بمجرد أن رأى منى ابتسم وسلم عليها وجلس على منضدتها معي أنا ورامي وكان يتحدث معها بألفة فابتسمت لرامي وغمزت له بعيني ففهم ما أعنيه وابتسم. انتهى الحفل بعد منتصف الليل وانصرف الجميع وعدنا للبيت وعلى السلم قال مروان وهو يجذب يد يمنى:
-شكرا يا جماعة وتصبحوا على خير
فجذبها رامي وقال:
-روح نام يا دكتور واحلم براحتك لكن في الواقع هي هتفضل عندي لحد ما تتخرج
-والله ده حرام أنا متجوزها رسمي
فقلت له مازحة:
-طب روح نام يا رسمي عشان عندك نباطشية بكرة
دخلنا بيتنا ونامت منى مع يمنى في حجرتها ولما دخلنا حجرتنا قال رامي:
-أنا كده خلاص مش عاوز من الدنيا حاجة إتجوزت اللي بحبها ومبسوط وابني إتجوز اللي بيحبها ، الحمد لله على نعمه
-وغالبا فيه حد كمان هيتجوز اللي بيحبها
-قصدك فاروق؟ انتي عارفه إنه كان بيسألني عنها كتير
-هو إيه نظامة؟
-مراته ماتت وبناته اتجوزوا ومنهم واحدة مسافرة بره مصر واللي هنا مشغولة عنه وهو عايش لوحده
-لأ ودي تيجي ما ينفعش برضه نسيبه لوحده
ضحك وقال:
-سيبك إنتي من كل الناس إنتي النهاردة كنتي قمر
وقبلني وأنا أقول هامسة:
-رامي معانا ناس في البيت
-وماله خليهم يعرفوا إن الجواز حلو
في الصباح ذهب رامي لعمله بينما كنت في أجازة فاصطحبت منى ويمنى لتناول الإفطار في أحد المطاعم على النيل وقلت لمنى:
-ما بتفكريش تتجوزي يا منمون؟
-في السن ده؟
-ماله السن ده؟ لا الجواز مرتبط بسن ولا هو حرام
فقالت يمنى:
-عارفة يا طنط لولا إني عارفة سنك ما كنتش أتخيل أبدا إنك في السن ده، الشباب مش سن بالعكس روح حلوة ومشاعر جميلة وحد بيعيش حياته من غير هموم
-فقالت منى:
-كلامك جميل زيك يا يويو بس مش عارفة لسه أقدر أرتبط بحد وأعيش على نظامه بعد ما اتعودت على نظام معين ولا لأ
فقلت لها:
-ماتقفليش قلبك ولو لقيتي حد كويس ارتبطي أفضل من الوحدة اللي انتي عايشة فيها




لعنة الخطيئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن