لعنة الخطيئة

لعنة الخطيئة 11

الحلقة الثانية عشرة

اتصلت بمنى وحكيت لها لعلها تُخرجني من حيرتي فقالت:
- طبعا كان نفسك تعرفي من زمان أنا ليه عايشة من غير جواز؟ وأنا صغيرة حبيت ابن الجيران وكانت بيننا قصة حب كبيرة جدا لكن لللأسف والدته الأرملة فضلت ورا والدي لحد ما اتجوزها على والدتي وساعتها والدتي اتجننت وعملت مشاكل كتير وأصرت على الطلاق ووالدي تجنبا للمشاكل أخد مراته الجديدة في منطقة بعيدة عننا وقصة حبي بقت مستحيلة ولما جه حبيبي يتقدم لي أمي نجلاء لطفي خيرتني بينها وبينه، طبعا اخترتها وأنا مُنهارة وقفلت قلبي على حبي وعشت جسم من غير قلب، اتقدم لي كتير ناس مناسبين لكن رفضت وكأني باعاقب أمي على حرماني من حبيبي اللي فضل مستنيني كتير ولما يأس هاجر واتجوز أجنبية وفضلت أنا من غير جواز لحد ما ماتت أمي وكنت عديت ال35 وقلت فرص جوازي وساعتها عرفت إني عاقبت نفسي مش أمي ، وحرمت نفسي إن يكون لي بيت وحياة وأولاد، باحكيلك الحكاية دي عشان ماتغلطيش غلطتي وتعيشي العمر كله لوحدك تستني حد يسأل عليكي أو يخبط عليكي الباب، لو مش هترجعي لرامي وده قرارك النهائي اتجوزي حمدي وسافري وابعدي عن كل أسباب تعاستك، وقبل أي قرار استخيري ربنا.
استخرت الله عدة مرات ثم اتصلت بحمدي وأبلغته بموافقتي فحدد لي موعدا في أحد المقاهي في المدينة بعيدا عن مكان عملنا وجلسنا نتحدث في كل التفاصيل، فقال:
-قولي طلباتك
-أفضل أشتغل
-بس؟ دي كل طلباتك؟
-أه وطبعا إنت عارف إني مُطلقة وأهلي مقاطعني بس أنا هاحاول معاهم للمرة الأخيرة ، وكل اللي عاوزاه منك تعاملني بما يُرضي الله مش أكتر
- والمهر والشبكة؟
-الجوازة الأولى علمتني إن كل الحاجات دي مالهاش قيمة لما يبقى الزوج مش راجل أنا سبت شبكتي ومؤخري وحتى هدومي بس عشان يطلقني وأبعد عنه
-عموما أنا هاقدم مهر وشبكة في حدود إمكانياتي وهاكتب لك المؤخر اللي إنتي عاوزاه وأنا شقتي هنا ومفروشة بالكامل لو رجعنا هنرجع عليها
-اتفقنا وأنا هاكلم والدي وإخواتي النهاردة واتمنى إنهم يحضروا
اتصلت بوالدي الذي رفض تماما الحديث معي وقال لي:
-أنا ماعنديش بنات بنتي ماتت
قتلتني كلماته فكم كنت أحلم أن يكون رفيقا بي وأن يستمع إلي مرة واحدة عندها لم أكن أتعرض لكل ما تعرضت له، كفكفت دموعي واتصلت بإخوتي واحدا تلو الأخر وكانت إجابتهم واحدة( أختنا ماتت)، قررت حينها أن أمضي في حياتي وحدي رغم أني كنت أتمنى أن يكونوا عزوتي وسندي ولكنهم رفضوا وأغشت القسوة قلوبهم فتخلوا عن دورهم الرئيسي في حياتي فكل ما يهمه كبرياؤهم وماذ سيقول الناس عنهم، أما سعادتي أو شقائي فهي أشياء ليست في اعتبارهم.قررت أن أعيش حياتي وفقا لما أراه مناسبا لمصلحتي وألا أبالي بأحد كما لا يبالون بي، كما قررت أن أدفن حبي في أعماق روحي فمن غير المعقول أن أتزوج برجل وأنا أحب أخر، إن كان الحب ليس قدري فليكن الاخلاص قدري.

عقدنا القران بحضور عدد من الزملاء واتصلت منى وهدي لتهنئتي وطلبت من هدى أن تخبر دكتور رامي بزواجي وسفري حتى ينساني ويُكمل حياته ودعوت الله أن يسعده. بعد عقد القران جاءت دعاء بكل غضب وهنأت حمدي ثم قالت لي بصوت منخفض:
-كنت فاكراكي غلبانة لكن طلعتي حرباية، كنتي عامله بتكرهيه وإنتي بترسمي عليه عشان توقعيه، مبروك خطتك نجحت لكن أنا هاقضل أكرهك وأدعي عليكي لأخر عمري لأنك أخدتي أجمل حاجة في عمري واضح إنك بتردي الجميل.
-أنا مش هاحاسبك على كلامك لأني باعذرك لكن إنتي كنتي قدامه لمدة سنتين قبل ما يشوفني لو كان عاوزك كان اتجوزك، ده مش نصيبك وجايز ربنا شايل لك اللي أحسن منه، يمكن كرهك والغل اللي مالي قلبك ده اللي مخوف الناس منك وباعدهم عنك حاولي تطهري قلبك حياتك هتبقى أحسن.
تركتها وانصرفت تجاه باقي المدعويين وبعد انتهاء التهاني اصطحبنا حمدي لمطعم فاخر لنتناول العشاء فيه وكانت تلك فرصتي لأتعرف أكثر على الفتاتين اللتين كانتا متخوفتين من دخولي حياتهما، لكني حاولت أن أبدد خوفهما من خلال المرح معهما فقال لي حمدي هامسا:
-لما هنروح البنات هيباتوا عند دعاء هي عرضت عليه استقبالهم النهاردة
-لأ طبعا يبقى أول يوم ليه في البيت اطردهم فيه من بيتهم مستحيل مش هينسوها العمر كله وكمان كده بدل ما بنشيل الحواجز اللي بيننا بنزود حاجز، من فضلك يا حمدي خلي الدنيا تمشي عادي
-أنا مستغربك أي واحدة مكانك كانت هتفرح إن جوزها هيبقى لها لوحدها في ليلة زي دي
- يمكن لأني مكسورة ويتيمة زيهم فعارفه احساسهم شكله إيه عشان كده مش عاوزه أكسرهم أكتر
نظر إلي ولم يتكلم حتى عدنا للبيت كلنا معا واتصلت به دعاء تسأله عن الفتاتان فأخبرها أني أصررت أن تبقيا معنا فأغلقت الهاتف غاضبة دون رد وظل حمدي متعجبا من تصرفها. بمجرد دخولنا البيت قال حمدي:
-من النهاردة كلنا عيلة واحدة هدير مراتي ولها كل التقدير والاحترام مننا كلنا، وانتم بناتي اللي عمري ما هاحب حد في الكون أكتر منكم، اتمنى إننا نعدي أي مشكلة تقابلنا بالتفاهم والصراحة والوضوح يعني اللي عنده مشكلة ييجي يقولها على طول عشان نحلها مفهوم؟
أومأتا الفتاتان فاقتربت منهما وقلت:
-طبعا أنا مش هاحل محل ماما لكن ممكن تعتبروني أخت أو صديقة أكبر منكم شوية طول عمري كان نفسي يكون عندي إخوات بنات وربنا رزقني بيكم
فقال حمدي:
-ده وقت النوم تصبحوا على خير
وانصرف لحجرتنا فاقتربت من سلوى ويمنى وقبلتهما وضممتهما لصدري وقلت لهما:
-تصبحوا على خير
دخلت الفتاتان غرفتهما واتجهت لغرفتنا وطرقت الباب قبل دخولي فلم أستمع لصوت فدخلت فاستمعت لصوت الماء في الحمام فأدركت أن حمدي يغتسل فبدلت ملابسي بسرعة وارتديت قميص نومي وفوقه الروب وبعد خروجه من الحمام دخلت لأغتسل وأتعطر وأضع القليل من الزينة وعندما خرجت وجدت حمدي في انتظاري وبدون أي كلمات اقترب مني وغمرني بقبلاته ثم جذبني للسرير ، كان كطفل جائع ووجد فجأة أمامه وجبة يحبها فالتهمها بدون تفكير وبدون كلام. حتى بعد أن انتهى واستلقى بجواري على السرير لم يقل شيئا، وأدركت فيما بعد أن تلك طباعه وحاولت كثيرا أن أجعله يعبر بالكلمات لكنه كان يأبى فهو رجل عملي جدا ويرى الكلمات الجميلة مجرد تفاهة فالمهم الفعل لا القول، لكنه لا يُدرك أن النساء ربما تُطربهن الكلمات أكثر من الأفعال، ارتضيت بحياتي معه وما يمنحه لي فزواجنا من البداية كان بالعقل لا بالمشاعر وعلي أن أتأقلم مع ذلك.