لعنة الخطيئة 14

272 11 0
                                    



الحلقة الخامسة عشر


خلاص انسي كل اللي فات من النهاردة هنبدأ من جديد كأننا لسه بنعرف بعض
تحدثنا وضحكنا واستمتعنا بمشهد موجات النيل وهي تتهادى بنعومة تحت الأضواء ثم أوصلني حتى البيت وقال:
-كان نفسي نروح بيتنا لكن هانت
-تصبح على خير
صعدت للمنزل فوجدت يمنى مازالت مستيقظة تذاكر بينما سلوى أغلقت باب حجرتها بمجرد دخولي فلم أهتم بها لأني أعلم أنها ستعتاد على هذا الوضع مع الوقت. في اليوم التالي بعد انتهاء عملي اتصل بي رامي وأخبرني أن أمر عليه في المستشفى ذهبت إليه فعرفني بإحدى زميلاته طبيبة نساء وقال:
-دكتورة سامية أكفأ دكتورة نسا في المستشفى احكي لها على مشكلتك وأنا عندي عملية حالا لو عاوزه تروحي بعد ما تخلصي معاها كلمي مروان هو هنا وخليه يوصلك لأني مش عارف العملية هتخلص امتى
ابتسمت وأنا أتعجب من ذلك الاهتمام هل حقا يرغب في علاجي رغم أني فقدت الأمل تقريبا في الإنجاب؟ هل مازال يرغب في أطفال في مثل عمرنا؟ لابد أنها مجرد شفقة لا أكثر لأنه رآني أتألم فأراد أن يبذل كل جهده لإسعادي. أفقت من أفكاري على تساؤلات الطبيبة التي أجبت عليها كلها فاصطحبتني لغرفة الفحص وطلبت مني عدة تحاليل وأن أتابع معها باستمرار.
انصرفت وأنا عقلي مشغول حتى أني نسيت الاتصال بمروان، وتابعت معها ما طالبتني به ووصفت لي علاج وطلبت مني الإنتظام عليه ففعلت. مرت بنا الأيام بين عملي ومراعاتي للفتاتين، وحبي ولهفتي على رامي، كما انشغلت أيضا بإعداد شقة الزوجية وإدخال بعض التعديلات نجلاء لطفي عليها وعرفت فيما بعد أن شقة مروان هي المقابلة لشقتنا و أنه سينتقل إليها بعد زواجنا فحاولت إثناء مروان ورامي عن ذلك لكنهما أصرا وقال رامي:
-هو برضه مش هيكون بعيد عننا كمان هو طول النهار في شغله يعني هيرجع على النوم ، كمان أنا عاوزه يتعلم يعتمد على نفسه شوية أنا دلعته كتير واكتشفت إن ده غلط
- ولا يهمك يا مروان هادلعك أنا
فقال رامي بغضب مُصطنع:
-تدلعي مين؟ ده بقى أد ضلفة الدولاب يعني كبر على الدلع
ثم قال هامسا:
-أنا بس اللي تدلعيني
ضحكت ثم أصررت على إعادة ترتيب شقة مروان بما أنه سينتقل إليها وبالفعل تم طلاؤها ورتبت له غرفة نومه ومكتبه ووضعت له في المطبخ الأدوات الأساسية التي سيحتاجها ، سعد مروان كثيرا بما فعلته من أجله وكذلك رامي الذي شكرني كثيرا فقلت ضاحكة:
-إنت ناسي إنه ولي أمري؟
انتهت الامتحانات وحان موعد الزفاف والانتقال لشقة رامي وطلب مني رامي قبلها بأسبوع أن يلتقي بسلوى ويمنى فحذرته من حدة سلوى فقال لي:
-مالكيش دعوة هاتي رقم تليفونها
اتصل بها هي ويمنى وطلب لقاؤهما في المساء فدعته سلوى للحضور لشقتنا في السابعة مساءا وبالفعل حضر وقال للفتاتان:
-طبعا عارفين إن هدير هتتنقل لبيتي أخر الأسبوع ومش معقول هنسيبكم تعيشوا لوحدكم فأنا باقترح إنكم تتنقلوا وتعيشوا معانا وخاصة إن مروان في شقته ، طبعا أنا مش هاكون مكان والدكم الله يرحمه لكن ممكن تعتبروني صديق أكبر منكم في السن
فقالت سلوى:
-أنا مش موافقة؟
-ليه؟
-أولا إنت راجل غريب عننا ومش مُلزم إنك تتحمل مسئوليتنا، كمان إحنا كبرنا خلاص ومش محتاجين رعاية حد
فقالت يمنى من خلال دموعها التي تحارب لمنعها:
-ما تقولي السبب الحقيقي إنتي مش هتروحي لأنك أصلا مسافرة تعملي الماجستير بره وموافقة الجامعة على المنحة وصلت خلاص
سكت الجميع فقلت:
-ده حقيقي يا سلوى؟
فقالت بحدة:
-من حق كل واحد يدور على مصلحته وإنتي مش وصية علينا أنا وهي عدينا ال21 سنة
فقال رامي بهدوء:
-كل اللي قولتيه صحيح لكن برضه من حق يمنى تختار اللي في مصلحتها
فقالت سلوى بلا مبالاة:
-هي حرة وهي طول عمرها لازقة في هدير رغم إنها عارفة إنها غريبة عننا
فقالت يمنى:
-غريبة عنك مش عني، أنا فعلا هافكر في عرضك يا دكتور وحقيقي متشكرة جدا لاهتمامك بمصلحتي وده الاهتمام اللي ما لقيتهوش من أقرب حد مني
فقال رامي:
-أنا في انتظار ردك خلال يومين
انصرف رامي وساد الصمت بيننا حتى قلت لسلوى:
-مافكرتيش لما تسافري وأنا هتجوز أختك هتعمل إيه وتعيش إزاي؟
-تعيش لوحدها عادي هيجرالها إيه؟
-لأ ولا حاجة سافري ودوري على مصلحتك ومالكيش دعوة بيمنى بس لو يوم من الأيام احتجتي أهل وسند ما تتكسفيش إنك تتصلي بينا صحيح أنا غريبة بس الأيام أثبتت لك إني كنت لك أقرب من أهلك اللي من دمك وصُنت مصلحتك ومالك أكتر منهم، مش هتعرفي قيمة العيلة والسند غير في الغربة، تصبحي على خير.
في الصباح سألتني يمنى:
-إنت اللي طلبتي من دكتور رامي إني أعيش معاكم؟
-أبدا بالعكس أنا إتفتجئت برغبته زيك بالظبط بس هو بإحساس الأب فكر إزاي نسيب بنت زيك تعيش لوحدها
-وعشان كده مروان هيعيش في شقة لوحده؟
-برضه لأ مروان واخد القرار ده من يوم ما وافقت على الجواز يعني مالوش علاقه بيكي خالص
-طيب ممكن تبلغي دكتور رامي إني موافقة بس مش هاتنقل غير لما سلوى تسافر
-اللي يريحك يا حبيبتي

في أخر الأسبوع جاء رامي لإصطحابي لبيته وأصر على دعوتنا جميعا للعشاء وألح على سلوى أن تحضر ولكنها رفضت فحضرت معي يمنى التي كانت مُتألقة بجمالها وأصررت نجلاء لطفي على حضور منى وهدى فحضرت منى ولكن هدى إعتذرت بسبب زوجها وأولادها وكذلك حضر مروان وبعض أصدقائهم المقربين من مروان ورامي، ووجدنا رامي حجز لنا رحلة عشاء على أحد المراكب النيلية ومعها برنامج ساهر وعندما علم جميع من على المركب أنه حفل زفافي أنا ورامي هنأونا وتحولت فقرات الحفل لحفل زفاف وسط مرح الجميع حتى أني فوجئت بالعاملين يحضرون لي تورتة زفاف وقمنا بتقطيعها وسط مرح الجميع . قام مروان وأصدقاؤه بالرقص والغناء وجذب معه يمنى التي كانت تقف بخجل وقالت لي منى:
-واضح إن فيه قصة حب جديدة بتبتدي
-مش ملاحظة يا منى إن مدير المركب مشالش عينه من عليكي
-عارفه ده عادل زميل شغل قديم كان عاوز يصاحبني و رفض يتجوزني لأننا فقرا زي بعض وفضل يتجوز واحدة غنية يطلع معاها لفوق وبعد سنين لما عرف إني لسه ما اتجوزتش رجع لي يقولي عمره ما نسيني ولا لقي اللي تعوضه وعاوز يتجوزني في السر ويجي لي وقت ما ظروفه تسمح وطبعا رفضت، كلهم فاكرين عشان كبرت من غير جواز أبقى ملهوفة على أي راجل سيبك منه وخليكي في العاشق الولهان مش قادرة أصدق إن أخيرا ربنا كتب لك السعادة بجد فرحانة عشانك.
-ربنا يسعدك إنتي كمان
حان وقت العشاء فبقيت أنا ورامي وحدنا وأحضروا لنا العشاء بينما انتقل الباقون لإحضار الطعام لأنفسهم فشعرت يمنى بالخجل فقال لها مروان:
-خليكي وأنا هاجيبلك مش هتعرفي تتصارعي مع الحيتان اللي جوه
ابتسمت له شاكرة فقالت له منى مازحة:
-طيب ممكن تجيب لي معاك ولا العزومات للبنات الحلوين بس والعواجيز لأ؟
فقال مازحا:
-عواجيز؟ أنا مش شايف أيتها عواجيز لحظة واحدة وأجمل طبقين لأجمل بنات هيكون جاهز
أحضر لهما الأطباق وقال:
-أقوم أنا ألحق حاجة قبل ما مستقبلي يضيع
فقالت يمنى بخجل:
-إنت جايب لي حاجات كتير ممكن ناكل سوا
-ده هيبقى أحلى عشا في الدنيا
فغمزت له منى وقالت:
-وأنا هاجيب لكم الحلو
فقال بمرح:
-يابركة دعواتك يا ماما
ضحكنا جميعا وساد جو من المرح ثم عادت المركب للمرسى وكان علينا أن ننصرف فقلت لمنى:
-هتروحي تباتي مع يمنى زي ما اتفقنا وما تسبيهاش غير لما تسلميها لي
-ماتقلقيش أنا حبيتها و هاشيلها في عيوني
فقالت يمنى:
-بجد هتنوريني يا طنط بس أنا مش عاوزة أتعبك
فقالت منى :
-تعبك راحة يا حبيبتي
فقال مروان:
-يالا يا حلوين عشان أوصلكم
فقلت له:
-مروان تسوق بالراحة وتركز في الطريق فاهمني
-ده لو عرفت أركز أصلا
ضحكنا كلنا وانصرف الجميع وذهبت مع رامي لبيتنا ولأول مرة لا أشعر بالخوف وأنا أبدأ حياة جديدة فمع رامي لا أعرف سوى الأمان، دخلنا البيت وصلينا معا وقال لي بعدها:
-ربنا بعتك ليه في الوقت المناسب لأني كنت فعلا خايف من الوحدة بعد جواز مروان
-وربنا بعتك ليه عشان يعوضني سنين حرمان قلبي نشف من قلة المشاعر في كل اللي فات من عمري
-أنا مش أد الكلام الحلو ده كله
قبلني وضمني لصدره فشعرت أني لم أعرف رجلا من قبله، وبدأت حياة كلها حب وتفاهم وإحترام.




لعنة الخطيئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن