لعنة الخطيئة 10

298 16 0
                                    


الحلقة الحادية عشرة


أرسلت رسالتي وتأكدت أنه استلمها ثم نقلت كل الأرقام على الهاتف ونزعت الشريحة ووضعت أخرى كنت اشتريتها من محطة الأتوبيس بالقاهرة حتى لا يتصل بي ولا أضعف أمام قلبي فمهما كان ألمي في بُعدي عنه فسعادته عندي أهم فلأتعذب أنا ليسعد هو العمر كله.

وصلت شرم الشيخ واستقبلني الأستاذ ابراهيم قريب منى وعرفني على الأستاذ حمدي في شئون العاملين فقدمت له أوراقي فنظر إلي وقال:
-خريجة تجارة ومعاكي كورسات كمبيوتر وعاوزة تشتغلي في خدمة الغرف أقدر أعرف السبب؟؟
-محتاجة الشغل ضروري وكمان ميزة الشغل هنا إنه هيوفر لي مكان للإقامة
-أهلك فين؟
-مقاطعيني
-اوعي تكوني عاملة جريمة وجاية هنا تستخبي؟
-لأ خالص بس لأني مُطلقة أهلي قاطعوني
-وريني بطاقتك
أعطيته إياها فتفحصها ثم قال:
-هاخد صورة من شهادة تخرجك وصورة من بطاقتك وعاوز فيش وتشبيه عشان أضمن إنك ما فيش عليكي أي قضية
-بس هو الفيش ده لازم أعمله من محل إقامتي ؟؟ بطاقتي كانت على عنواني القديم في القاهرة ومش معقول هارجع تاني
-ثواني هاتصل بواحد معرفتي وأقولك
اتصل بصديق له في الداخليه وطلب منه أن أذهب له في القسم وهو سيتصرف، شكرته وانصرفت حيث دلني على أماكن إقامة العاملات وأرسل لفتاة اسمها دعاء وقال لها:
-دي زميلتك الجديدة هتكونوا شركاء في السكن وعرفيها الشغل
-حاضر يا فندم
ذهبت مع دعاء التي كانت مُتحفظة في كلامها كثيرا و متجهمة ، أرتني الغرفة التي سأشاركها فيها واصطحبتني لمكان العمل وعرفتني طبيعة العمل وأعطتني رقم هاتفها وأخذت رقمي ثم قالت لي:
-تقدري تروحي مشوارك اللي أستاذ حمدي قالك عليه
-ممكن توصفي لي أروح إزاي؟
وصفت لي طريق الذهاب وكيفية العودة وبالفعل أنهيت الإجراءات وعدت فلم أجد الأستاذ حمدي فسألت عنه فعرفت أنه انتهى من عمله فاحتفظت بالورق معي حتى أعود إليه في اليوم التالي. كان التعب قد نال مني فذهبت للغرفة التي أعطتني دعاء نسخة من مفتاحها وبدلت ملابسي ونمت ولكن رامي لم يتركني في صحوي أو حتى منامي فاستيقظت وأنا أبكي، فقالت دعاء:
-طول الليل بتعيطي شكل حكايتك حكاية
-أسفة إني أزعجتك
-ولايهمك كل قلب فيه اللي مكفيه
نهضت واغتسلت وخرجنا معا تناولنا إفطارنا واصطحبتني معها في أثناء أداء عملها وكانت تعلمني كيف أقوم بالعمل المطلوب مني ، وعند الظهيرة استأذنت منها لأسلم الورق للأستاذ حمدي ، طرقت على باب مكتبه ودخلت فلم يرفع عينيه من على الحاسوب فقلت:
-الفيش اللي حضرتك طلبته والحمدلله طلعت مش مطلوبة جنائيا
-ده إجراء بنعمله مع الكل مش حاجه خاصة بيكي
-عموما اتفضل حضرتك عاوز مني حاجه تانية؟
-لأ
-عن إذنك
انصرفت وأنا حانقة على ذلك السمج الذي يظن نفسه فوق الجميع، عدت لعملي مع دعاء التي كانت تتحرك كإنسان آلي يعرف المهام المطلوبة منه ولا تتحدث إلا للضرورة. بعد انتهاء العمل ذهبنا لتناول الغداء في المكان المخصص للعمال والموظفين وهناك التقيت بالعديد ممن يعملون في القرية الذين يجلسون معا ويتحدثون بأُلفة ولمحت من بعيد أستاذ حمدي يجلس وحيدا فقلت في نفسي لابد أن أحدا لا يُطيقه بسبب تجهمه وشدته. بعد الغداء قالت لي دعاء:
-الوقت الباقي ملكك تعملي فيه اللي انت عاوزاه تنزلي البلد أو تفضلي هنا براحتك بس ممنوع علينا نزول البحر أو البيسينات
-أنا هادخل الأوضه ومش عاوزه أكتر من كده
-براحتك
كانت الغرفة مكونة من سريرين ودولاب منقسم لجزأين كل جزء بمفتاح خاص به ومنضدة صغيرة بجوار النافذة ، رتبت ملابسي في دولابي ووضعت أوراقي الشخصية أسفل ملابسي وأغلقت الدولاب بالمفتاح وجلست على سريري أبحث على النت عن دورة تدريبية على النت عن الفندقة حتى أطور نفسي ولا أبقى كما أنا مجرد عاملة في خدمة الغرف فأسعفني البحث فوجدت بعض الدورات لكنها باهظة التكاليف وأخيرا وجدت واحدة منخفضة التكاليف والأخرى منحة مجانية فأرسلت للمنحة وسجلت بياناتي بها وأنا في انتظار القبول. مرت الأيام وتعرف على العديد من الزميلات لكن معاملتي نجلاء لطفي مع الزملاء والموظفين كانت محدودة للغاية وعرفت من خلال ثرثرة الفتيات أن البعض يُقمن علاقات مع كبار الموظفين من أجل الترقية كما أن إحدى الموظفات أوقعت في حبالها شاب ثري خليجي وتزوجته وسافرت معه، لم تتحدث أي واحدة منهن عن حمدي فلما سألتهن عنه أجمعن أنه رجل كئيب قليل الكلام ولا يسمح لأية موظفة أن تتجاوز حدودها معه كما أن وجهه لا يعرف الإبتسام، فقالت دعاء:
-راجل جد بتاع شغل وبس وعايش عشان يربي بنتين سابتهم له مراته اللي طلبت الطلاق
فقالت إحداهن:
-ماهو عشانه كئيب اتطلقت
-مش أحسن ما يكون عينه زايغة وكل شوية مع واحدة؟ اتلموا بقى وكفاية سيرة الناس وكل واحدة تخليها في حالها
انصرفن فقالت دعاء:
-لو عاوزة تاكلي عيش ابعدي عنهم وعن سلوكهم وكلامهم
-حاضر
بعد عدة أيام أرسلت لي الجامعة بقبولي للدراسة على النت والتي ستبدأ أول الشهر، ففكرت أني أحتاج لتابلت أو لاب توب صغير حتى أستطيع متابعة دراستي فسألت دعاء فوعدتني أن تصطحبني للمدينة حيث تعرف أحد المحلات المتخصصة في بيع المستعمل بسعر معقول. بالفعل اشتريت تابلت مُستعمل واشتريت له خط واشتركت في النت وبدأت في تلقي المحاضرات ، كنت أنهي عملي وأتناول غدائي وأعود لغرفتي وأنغمس في الدراسة ، أما دعاء فلم تكن تعود قبل الحادية عشر مساءا فكنت أتعجب من غيابها ثم أفصحت لي بعد فترة أنها تعمل في إحدى المحلات في المدينة بعد إنتهاء عملها حتى تسدد مصاريف دراسة إخوتها الصغار لأن والدها على المعاش ووالدتها تعمل ولكن دخلهما لا يكفي، فعرفت معنى كلامها أن كل قلب به ما يكفيه. حرصت أن أدخر جزءا من راتبي للمستقبل فأنا لاأعلم ماذا ينتظرني فقد علمتني الدنيا أن أتوقع الأسوأ دائما، وأن المال يحميني من الوقوع تحت رحمة من لا يرحمون.
نلت في عملي إعجاب رؤسائي كما استطعت الحصول على شهادة الدورة التدريبية بعد أن أرسلت للجامعة قيمة شحنها فأرسلتها لي فأردت إضافتها لملفي الوظيفي فكان علي أن ألتقي بأستاذ حمدي مرة أخرى، ذهبت إلى مكتبه واستأذنت ودخلت وقلت له:
-من فضلك عاوزة أضيف الشهادة دي لملفي الوظيفي
فلم ينظر إلي وقال:
-شهادة إيه دي؟
-شهادة كورس فندقة من جامعة مُعتمدة في بريطانيا
نظر إلي بتعجب وقال:
-ودي جبتيها إزاي؟
-درست على النت
فظل ينظر إلي للحظات ثم أخذ مني الشهادة وقرأها جيدا ثم قال:
-هاخد منها صورة وخلي الأصل معاكي
صورها وأعطاني الأصل وقال:
-لو تعرفي تاخدي كورس يقوي اللغة عندك في مجال المحادثة يبقى كويس عشان لو فضيت أي وظيفة يبقى أنتي أولى
-تمام شكرا لحضرتك
كدت أنصرف فنادى علي:
-هدير
التفت له فقال مبتسما:
-برافو ما تخليش لطموحك نهاية وطوري نفسك دايما
-إن شاء الله
تعجبت من تغيره معي لكني لم أهتم إنما بالفعل بحثت عن كورسات محادثة على النت ووجدت فبدأت اتعلم فكان بعضها مجاني وبعضها بمبالغ فلما سألتني دعاء عما يشغلني أخبرتها أني أدرس محادثة على النت فقالت لي:
-أحسن طريقة تتعلمي فيها إنجليزي إنك تتكلمي مع الأجانب
-و دول هاجيبهم منين؟
-تعالي معايا فيه واحدة أجنبية عايشة جنب المحل هاعرفك عليها وممكن هي تعلمك أحسن وأرخص
-طيب كلميها لو وافقت هاجي
في اليوم التالي أخبرتني دعاء أنها وافقت وستعطيني دروسا بمبلغ زهيد، فسعدت بذلك وكنت أذهب لها ثلاثة أيام في الأسبوع ومدة كل حصة ساعتين نتكلم فيها في كل الموضوعات وتصحح لي طريقة نطقي وبعد أن انتهي من الدروس أبقى مع دعاء أساعدها في البيع كنوع من التسلية ولأتحدث مع الأجانب فتزداد ثقتي بنفسي.
وذات يوم بينما كنت مع دعاء دخلت فتاتان بين الثامنة والعاشرة المحل وظلت دعاء تتحدث معهما وتضحك وكانت تلك المرة الأولى التي أراها فيها تضحك- لغير الزبائن- وعندما دخل الأستاذ حمدي وحيانا رأيت نظراتها التي تلتهمه وتبثه أشواقها لكنه كان غافلا عنها وعرفت من مجرى الحديث أن الفتاتين هما بناته سلوى ويمنى ، كانتا فتاتان لطيفتان فحاولت الإندماج معهما في الحديث حتى أُتيح الفرصة لدعاء وحمدي، لكنه لم يهتم بالحديث معها بقدر اهتمامه للإستماع لما يدور بيني وبين الفتاتان. علمت أنه أحضرهما ليشتري لهما ملابس جديدة فذهبت دعاء لتريهما أفضل ما عندها وأردت الذهاب معها لأساعدها لكنه استوقفني عندما قال:
-عملتي إيه في كورس المحادثة؟
-ماشية فيه كويس كمان مدام جينا جارة دعاء هنا بتديني دروس
-عمما فيه وظيفة قدامي وبافكر أرشحك لها وخاصة إن معاكي مؤهل عالي وكورس فندقة وكدة كمان لغة كويسة، هتقدمي لها زيك زي غيرك ولو لقيوكي كويسة هيكون لك الأولوية.
-شكرا يا فندم على تشجيعك
فابتسم وقال:
-إنتي مجتهدة وفي حالك وده يخليني أشجعك طبعا
جاءت دعاء فوجدتنا نتحدث فتغيرت ملامحها وكساها الغضب وقال بحدة:
-اتفضل حضرتك شوف اللبس ده مناسب ولا لأ؟
فذهب ليرى ما اختارته الفتاتان فقالت دعاء هامسة:
-كنتوا بتتكلموا في إيه؟
-في الشغل لأن قريب مدام منى كان موصيه لو لقي لي شغل مناسب بمؤهلي يبقى أحسن فكان بيقولي فيه وظيفة فضيت عشان أقدم لها
-بس كدة؟
-أمال هاتكلم معاه في إيه؟
جاء حمدي وأخبر دعاء أنه سيشتري الملابس فابتسمت وخصمت له من ثمنها نحو 20% وقالت له:
-ده خصم مخصوص مش لأي حد إنما للناس العُزاز بس
فقال لها مجاملا:
-شكرا يا دعاء وإنت برضه أخت عزيزة
وانصرف ولم يرَ ابتسامتها التي غابت عن وجهها، ثم قالت لي بغضب:
-يالا نمشي كفاية كده
مشينا وحالة من الغضب تسيطر على دعاء وبمجرد دخولنا حجرتنا قالت:
-اشمعنى انت اللي مهتم بيكي؟
-بس تلاقي قريب منى كلمه تاني أصلها كانت بتكلمني امبارح وسألتني عن شغلي قلت لها زي ما أنا فزعلت وأكيد كلمت قريبها وهو كلمه عشان كده لما شافني افتكر
سكتت ولم تجب وأدركت أنها تحبه وتغارعليه مني فصممت أن أتجنب الحديث معه حرصا على مشاعرها. قدمت للوظيفة وطلبوني للمقابلة الشخصية نجلاء لطفي وقالوا لي أن النتيجة القبول ستكون بعد أسبوعين فسألت الله أن يكتب لي الخير. رغم انغماسي في عملي ودراستي فلم أستطع نسيان رامي ولو للحظة واحدة فكان يحتل قلبي وعقلي أجمل احتلال، كان طيفه يمر بخيالي فيرسم ابتسامة على شفتي، وعندما كان يزورني في أحلامي كنت أسعد به وكان قلبي يخفق كلما أتذكر كلمات عشقه. كنت أسأل منى دائما عن أحواله وأدعو الله أن يمن عليه بالسعادة وراحة القلب، كما كنت أتتبع أخباره من خلال صفحته على الفيسبوك وفكرت مرارا أن أتواصل معه لكني كنت أتراجع حرصا عليه.
أخطرني مديري أني انتقلت للوظيفة الجديدة بعد ما أعلنوا قبولي بها فسعدت بذلك كثيرا لكني لاحظت الغيرة في عيون دعاء ولم أعلم لذلك سببا فأنا لم أشعر بالظلم عندما عملت في وظيفة أقل من مؤهلي وهي تعلم أني أستحق أكثر مما أنا فيه فلا أعلم ما سر غيرتها، وقالت لي:
-طبعا هتتنقلي من هنا لأن ده سكن العمال مش الموظفين؟
-هو النقل إجباري؟
- لأ طبعا بس إيه هيخلي موظفة زيك تعيش مع العمال؟
-نفس اللي خلاني أعيش معاهم قبل كده، ممكن أعيش مع ناس أغنيا وأصحاب مناصب وما أرتحش معاهم وممكن أعيش مع ناس بسيطة وأرتاح، الراحة النفسية مش بالفلوس
سكتت ولم تجب لكنها عادت لحالتها الأولى من القوقعة، ونتيجة اختلاف العمل اختلفت مواعيدنا فكنا نادرا ما نلتقي وإن التقينا تقابلني بجمود رغم ابتسامتي ولم تكن تتخلى عن جمودها إلا عندما أسألها عن إخوتها فتُسهب في الكلام والشكوى وأن الحمل فوق طاقتها وأن سنوات العمر تمر وهي مازالت كما هي لم تفعل لنفسها شيئا. أدركت أنها تتحمل عبئها رغما عنها وهذا سبب تعاستها ، كما أنها لا تجد من تشكو له وكل أملها أن يهتم بها حمدي وهي لا تفهم أن الفارق بينهما كبير في السن والمستوى الإجتماعي والتعليمي وأنه لن يتخذها زوجة بسبب ذلك كما أنها لا تصلح لتربية بنتيه اللتان تدرسان في مدارس اللغات.

مرت بنا الأيام وأنا أحتمل تجهم دعاء وألتمس لها الأعذار وكنت أنغمس في عملي حتى أني فكرت في الحصول على بكالوريوس الفندقة على النت لأكون مؤهلة للعمل في أي مكان. كانت القرية في كل عام تختار الموظف المثالي وتكرمه وذلك تشجيعا للموظفين على بذل المزيد من الجهد، وفي ذلك العام فوجئت با ختياري وتكريمي من قِبل الإدارة وعندها استعرت نيران الغيرة في قلب دعاء فأدركت ألا محالة من انتقالي من غرفتها فهي أصبحت تضغط على أعصابي كثيرا خاصة عندما تقارن بيني وبينها ليل نهار ، بينما أنها لا تدري أنها تتفوق علي في أشياء كثيرة يكفي أن سمعتها لا تشوبها شائبة وأنها لم تتزوج وتُطلق من قبل، لكن كل منا لايرى ما بيده بل يبحث دائما عما ينقصه.
فكرت كثيرا كيف أخبرها بانتقالي دون أن أجرحها ولم أهتدِ لوسيلة حتى جاءت سامية -إحدى عاملات النظافة- وقالت لي أمام دعاء :
-ياستي انت موظفة كبيرة ولك مكان محجوز لك في سكن الموظفين ماتسيبي لي مكانك مع دعاء
-بس أنا مش عاوزة أسيب دعاء
فقالت دعاء بجفاء:
-بس أنا عاوزاكي تسيبيني
فقلت مبتسمة:
-حاضر بس برضه هافضل مديونة لكي بحاجات كتير علمتيها لي وعملتيها عشاني
توجهت للغرفة وجمعت أشيائي وتوجهت نحو غرفتي الجديدة كانت غرفة خاصة بي بحمام ، حقا كان حجمها صغير لكن يكفيني أن أستقل بنفسي فيها، ورغم كل ما فعلته دعاء فقد كنت مشفقة عليها تماما.
مع الوظيفة الجديدة ارتفع راتبي لكن حرصت على أن تظل مصروفاتي محددة حتى أستطيع التقدم للحصول على البكالوريوس في الفندقة لأنه سيكلفني كل عام مبلغا ليس بقليل، كما حرصت على تنظيم وقتي بين عملي ودراستي نجلاء لطفي حتى أستطيع التوفيق بينهما. كنت ألتقي كثيرا بالأستاذ حمدي الذي كان يشجعني على الدراسة ووجهني للمجال المطلوب بكثرة في العمل ، وكان دائما يسألني عن دراستي ومدى تقدمي فيها. كثرت أحاديثنا فعرفت من خلالها أنه إنسان مهذب وعلى قدر كبير من الثقافة ويتحدث الإنجليزية والروسية بطلاقة، كما أنه المسئول عن سلوى ويمنى بعد طلاق زوجته وهو من يتولى شئونهما وحده في وجود سيدة كبيرة تهتم بشئون المنزل من نظافة وطعام.
حرصت على أن تظل علاقتي به في حدود العمل حتى لا أتعرض لأن يخوض الناس في سمعتي، حتى سألني ذات يوم:
-مافكرتيش ليه تتجوزي تاني؟
-ظروفي ملخبطة ومش عاوزه أدخل حياتي حد يلخبطها بزيادة
-يعني مافيش حد في حياتك؟
عندها سرحت في رامي وكدت أقول كان رامي كل حياتي ولكني اكتفيت بالنفي فقال:
-أنا هاكلمك بصراحة بعد ما مراتي طلبت الطلاق بعد قصة حب كنت فاكرها كبيرة قررت أقفل قلبي وأعيش بعقلي بس ولما فكرت بعقلي لقيتنا مناسبين لبعض ظروفنا متشابهة ومستوانا التعليمي واحد، كمان طموحاتنا كبيرة، وأنا وبناتي محتاجين ست تخلي حياتنا لها معنى ولأني عارف أخلاقك من خلال الفترة اللي اشتغلتيها معانا فكرت إنك الأنسب ليه، إيه رأيك؟
أصابني الذهول ولم أتكلم فأضاف:
-بصراحة أكتر عندي فرصة شغل خارج مصر براتب أعلى لكن أنا باكبر ومحتاج زوجة وبناتي كمان محتاجين أم متعلمة تعلمهم وترعاهم
-حضرتك فاجئتني بعرضك ده
-هاسيب لك يومين تفكري فيهم وسواء ردك بالإيجاب أو الرفض عاوز أعرفه عشان أحدد هاقبل الوظيفة ولا هافضل هنا.
لم أعرف بم أجيبه فقلبي مُتعلق برامي وزواجي من آخر ستكون خيانة للإثنين فخيانتي لرامي لأني أحبه ولا أتخيل نفسي مع غيره، وخيانتي لحمدي أن أكون زوجته وأحب غيره، كنت حائرة ولكن هل سأعيش طول عمري بدون زوج وأسرة وحياة مستقرة؟ أم أتزوج رجل لا أحبه للمرة الثالثة وأحيا جسدا بلا روح؟ فعندما وجدت الحب خفت عليه من الماضي وكأن قدري أن أحيا بلا حب.

لعنة الخطيئةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن