الفصل الرابع

4 0 0
                                    

_تحت ظل شجرة التفاح..فوق الارض الخضراء الشاسعة ....امام ذلك الشلال الذى اعترف بالحب الذى لطالما رأى ملامحه ..ذلك الحب الذى اشتعل كالنيران ؛تجلس هى بثيابها البيضاء الفضفاضة ؛مظهرة اياها من اصبع قدمها حتى اسفل فخذها الذى ساده بشرتها الحليبية ...تتامل السماء الزرقاء ...قطع تاملها ذاك الضوء القادم من الافق البعيد ..ضيقت عيناها قليلا ولم تمر الا بضع ثوانى حتى اعتلت الابتسامة وجهها ؛لتنهض راكضة ناحية هذا الضوء .
ظلت تعدو وتعدو حتى وصل الضوء الى ذروته لتضع يديها امام وجهها حاجبة اياه من شدته .
انزلقت يديها من امام وجهها حينما خفت الضوء قليلا لتنظر له ...رات ما وراء الضوء ؛راته بوضوح لتتسع عينيها ؛غير مصدقة ما راته للتو.
______________________________________
_فتحت اسيا عينيها لترى فقط السقف أمامها ؛ لتتذكر ذلك الحلم الغريب .
بدات بالتساؤل عن ماهيته:"ترى ما كان ذلك الحلم؟لم افهم شى"
_قطع تفكيرها ذلك الصوت الأشبه بصوت كسر من الخارج .
نهضت لتسير على اطراف اصابعها خوفا ؛هى تهاب وحشان: وحش الظلام والاخر وحش الوحدة؛لهذا كانت دائما تواجه صعوبات بالنوم بمفردها.
فتحت الباب وخرجت من الغرفة .
اخذت تسير فى طرقات القطار حتى وصلت لدروة المياه ؛فتحت الباب وهمت ان تدخل لكن اوقفها ذلك الظل الذى راته يتحرك من بعيد .حاولت ابعاد تلك الافكار عن خيالها لكنها لم تستطع ؛فحب المعرفة تغلب عليها .
اخذت بالسير ناحية البقعة التى لمحت بها الظل ؛لكنها شعرت بجسد خلفها ؛شعرت بدم دافئ يحيط بها ؛تسمرت فى مكانها ...لم تستطع الحركة من شده الرهبة...لم تشعر الا بتلك اليد الى امسكتها من خصرها لتديرها ناحية ذلك الجسد؛اغلقت عينيها وهبت لتصرخ لكن منعتها تلك اليد التى كانت اكبر من وجهها حتى ؛حاولت وحاولت ؛بدات دقات قلبها تتسارع؛اتلك نهايتها؟؛استختفى الان أحلامها بالغزالة والذئب؟ ؛استموت؟؟؟استموت مقتولة ايضا؟؟هناا؟شعرت بالدموع بعيونها المغلقة ؛لكنها سكنت قليلا عندما لم تجد رد فعل من الجسد الاخر؛شعرت بانفاس تتضارب على وجهها؛بدات فى فتح عينيها بتباطؤ حتى راته امامها ...كانا وجهيهما متقابلان متقاربان لا يفصل بينهما سوى بضع الانشات.
_سليم ...ما الذى تفع..؟
_لم تكمل الجملة حتى شعرت بتلك الكف التى
اغلقت فاهها.
_اصمتى ..سمعتِ ذلك الصوت ايضا صحيح؟ "
اومات براسهها ليقول:
"سمعت ايضا صوت امراة تبكى و كسر زجاج "
تذكرت فورا اسيا :"عندما كنت بغرفتى سمعت صوت كسر زجاج وخرجت لتفحص امره "
بدات ذاكرتها بقص عليها باقى الاحداث لتكمل:"تذكرت ... لقد لمحت ظل كذلك"
"واين رايتيه يتجه؛"
اشارت اسيا ناحية الاتجاه ليتبعانه .
ظلا يسيران حتى لمحت اسيا جسد صغير فى ظلام حالك ...نظرت لترى منظر لم تتخيل انها قد تراه فى يوم ما .
تبعها سليم الذى اتسعت عيناه من هول المشهد .
فتاة جميلة ، فى العشرين من عمرها... ملقاة على الأرض بقميصها الارجوانى ....كانت تبكى بحرقة. نظرت اسيا لها لتجد يداها بهما آثار دماء وضح انه لم يمر عليها سوى بضع دقائق؛وكذلك قمصيها ؛ استنتجت انه اثر الكسر الذى سمعت صوته ...نظرت اسيا مطولا لها حتى لمحت علامات ضرب على ظهرها ؛ليدب الرعب فى قلبها اكثر.
حاولت اسيا مناداتها"معذرة ..."نظرت لها الفتاة بخوف لتتسع عيناها وتبدا بالصراخ قائلة"ابتعد ...لا تضربنى ارجوك... لم افعل شى ...الرحمة... ارجوك"تحركت الفتاة لتمسك باسيا كمحاولة للدفاع عن نفسها لكن امسك سليم ذراعيها ليشل حركتها .. ثم نظر لاسيا ليطمئن انها بخير.
حاولا تهدئتها لكنهما لم يفلحا وكانت الفتاة لا تردد سوى تلك الكلمات"يكفى-لم اخطئ-اتركنى ارجوك"
لم تفهم اسيا شى وكذلك سليم الذى استغرب سبب تصرفها هكذا ...لكن ما كان واضحا عليها انها دخلت فى حالة صعبة من الانهيار النفسى .
"سيدتى لا اعلم عن من تتحدثين لكننى أؤكد لكى اننا لسنا هو"طمانها سليم الذى نظر نحو اسيا متسائلا.
"ماذا حدث لكل هذا"سال سليم الذى نظر لاسيا بعدما هدات الفتاة قليلا
لم تعلم اسيا ما يجب قوله..فقد كانت مفزوعة حتى الموت "لا اعلم ..ر..راي...تها و...حدث هكذا"
"حسنا حسنا... يجب علينا اخذها لقسم الطوارئ فورا اذهبى انت ونادى خالد فورا "
"استكون بخير وحدك؟؟"
"اجل لا تقلقى فقد هدات يبدو انها استوعبت اننا لسنا ذاك الشخص الذى تبغضه على ما اظن"
لم يشعر سليم الا بجسد الفتاة الذى هوى صريعا بعدما فقدت وعيها بعدما هلكت من الصراخ .
حملها سليم على ذراعيه صارخا :
"اذهبى سريعا ونادى خالد ".
هبت لتعدو لكن اوقفها صوته الخشن: "انتظرى"وقفت اسيا منتظرة ما ينوى قوله
"كونى بخير حسنا؟"
لم تفهم سبب كلامه او نبرته تلك لكنها اومات سريعا
.بدات اسيا تعدو الى غرفة خالد والخوف يمزق قلبها ....لا تريد ان تفقد اى شخص...لا تريد ان ترى
أحدا يموت امام عينيها ..زادت من سرعتها. محدثة نفسها"اعدك ..لن اتركك".
فصلت افكارها بمجرد رؤية وجه خالد النائم بفوضوية .
"خ...خاالد استيقظ ارجوك "لم يستيقظ من نومه العميق ...توترت ولم تعلم ماذا تفعل ..تملكها الخوف .
تذكرت سليم ومشهد تلك الفتاة الغارقة بدمائها بين ذراعيه ؛اغقلت عينيها واخذت شهيقا قائلة"لن اتركها فقد وعدتها"فتحت عيناها ورفعت كفها لتلقى به على وجه خالد صافعة اياه انتفض الاخير من سريره فزعا "ماااذا...ماذا حدث؟؟".
"سليم... بالخارج...الفتاة...يحتاجك"
لم يفهم خالد شيئا من تلك المتشتتة .حاول تهدئتها لكنه لم يستطع فاستمع الى كلامها و اتجه للحاق بسليم .
سار خالد مع اسيا حتى وصل لقسم الطوارئ كما اخبرها سليم.. ليجد سليم واقفا بجانب فتاة نائمة ...ظن خالد انه رأى ملاك لاول وهلة ... حتى انه صفع نفسه فى الخفاء ...كانت جميلة جدا لدرجة انه كان متاكد فى تلك اللحظة ان تلك الفتاة ....وخزت قلبه .
افاق من غفلته على صوت سليم الذى كان يناديه"خالد ماذا بك ؟؟"نظر لسليم واسيا المحملقان به ليقول"ل.لا شئ فقط ..من تلك؟"قال الأخيرة مشيرا لتلك المستلقية على سرير الطوارئ.
"فتاة رايتها وكانت..."لم تستطع اسيا الاكمال عند تذكرها لما حدث من قليل ...منظر الفتاة ويديها مليئتان بالدماء الذى لا تعرف ان حتى دمائها ...او دماء شخص اخر...ارادت البكاء ؛لكن قاطعها صوت سليم الذى اكمل قائلا"فتاة رايناها وكانت يداها ملتخطان بالدماء وايضا..."توقف سليم عن الحديث ليكمل"قال الطبيب انها كانت تتعرض لضرب مبرح ؛كان هناك آثار على جسدها".
اتسعت عينا اسيا وكذلك خالد الذى شعر بشى فى قلبه لم يعلم ما سببه.
بدا الحزن الدفين على وجهه
تنفست اسيا الصعداء قائلة"لا اعلم ماذا كنت لافعل حقا وقتها ...لا اعلم اذا لم يكن سليم موجود ما كنت انا فاعلة "قالت الاخيرة بنبرة بها مزيج من الراحة والخوف .
نظر لها سليم قائلا محاولا التخفيف عنها "لو لم تستيقظى حينها من يعلم ما كان مصيرها حينئذ"
"ولكن ...هل علمتما سبب ذلك؟؟"تسائل خالد
نظرا له اسيا وسليم بعدم فهم.
"اعنى ما سبب تلطخ يداها بالدماء وايضا... آثار الضرب تلك"
قال سليم مجيبا"لا اعلم تماما لكنها كانت تردد كلمات مثل اتركنى ولا تضربنى ؛لم اخطئ"
"والدماء؟"سالته اسيا بفضول .
"عثر الطبيب على اثار زجاج بيدها "
قال خالد بتعبير الم"يبدو انها عانت كثيرا"
نظر له سليم للحظة واعاد نظره للفتاة قائلا"اجل ..كان مشهد مروع حقا"
"ايعقل؟؟؟"قالتها اسيا بشرود
"ماذا؟"سالها سليم وخالد لتجيب قائلة:
"ايمكن...لست متاكدة لكن اهناك احتمالية ولو صغييرة ...انها هى من فعلت ذلك بيدها؟"
نظرت لها اسيا ...كم تشفق عليها!....تريد التربيت على كتفها وازالة تلك الالام عن قلبها.
"سنعلم كل الحقيقة بمجرد استيقاظها"
قال خالد وهو ينظر مطولا لتلك الفتاة...الان فهم.
كانا سليم واسيا يتحدثان إلى الطبيب الذى عاد ليطمئن على حالة الفتاة .. حتى وقع نظر اسيا على خالد لتوكز سليم ليلقى بنظره عليه كذلك.
تفاجآ الاثنان عندما وقعت عيناهما على ذاك الذى بدات الدموع بالانهيار على وجنتيه مارة بثغريه .. يخفى وجهه بيديه :
"انها مثلى...مثلى تماما"
______________________________________

محطة الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن