38

2.1K 105 1
                                    

" أنى حرة يا مريم و محدش له صالح "
مريم : يا خرابي يا إيمان لو أبوى شافك و أنتى لابسة كِدهه
" مالو كِدهه "
مريم : زى بنات البندر و يمكن لبسك أنتى اضيق كمان " و بنات البندر أحسن منى فى ايه ؟ "
مريم : أمى مش عمتهم و ابوى مش جوز عمتهم
" انتى بتعرفى منيح إنى مبخافش من حد و لبسى ملوش صالح بشخصيتى و بتعرفى كمان إنى هتعلم و ادخل الجامعة كمان "
مريم : الجامعة ! يا سوادى ولله ما بيخلوكى تعمليها و بعدين بتعملى ايه بالجامعة دى
" باخد شهادة و اشتغل و ابقى شخصية مهمة و الناس تحترمنى زى الرجالة فى البلد اهنيه "
مريم : الرجالة و بعدين الجامعة دى فى مصر بتعرفي يعنى ايه فى مصر .. كيف بتروحيها
" بسافر بالقطر "
مريم : ايه وحديكى .. بيقتلوكى ولله
" محدش يجدر يلمسنى .. انى حرة "

لم يكن لحديثها انقطاع فهى دائمًا ترغب فى الحديث عن المستقبل الذى ينظرها ، لم يكن أحد يعلم من أين جاءت بعنادها فلقد كان والدها فلاح ميسور يمتلك فدنين ورثتهما هى بعد وفاته ، أحلامها تشذ عن غيرها من الفتيات فهى فتاة الثمانية عشر و مع ذلك كانت تجوع للحرية بل كانت تحارب تقاليد قرية بسيطة يجهل الكثيرين فيها العلم و تقودهم العادات المقدسة لديهم فكيف لفتاة مثلها أن تقاتلهم و مع ذلك فقد تمردت و كانت قسوتهم تزيد تمردها حتى ما عادت تخشى أحد
كان صوت عمتها إنذار بتأخرهما عن المدرسة و كاسر اجنحتها التى لوهلة ظنت أنها تمتلكها و أنها تطير الآن

خرجت الفتاتان تلبيان النداء إحداهم خوفًا و الأخرى لا تبالي
كانت مريم تقبض بشدة على يد إيمان ربما خوفًا مما سيحدث الآن و ربما تتوسل إيمان لتتراجع عن قرارها و لكن الأخرى تمشى و هى على تتمة الاستعداد لأى شئ
رفعت تلك السيدة التى بدت فى أواخر العشرينات رأسها و سرعان ما احتدت ملامحها و هى تتأمل تلك الصغيرة التى تزداد عنادًا يومًا بعد يوم
شهقت تلك السيدة فهذه المرة لقد وصلت الأمر إلى حد خطير
- ايه اللى انتى عاملاه ده و ايه اللبس ده ، يا خرابي انتى عايزة تفضحينا
كانت تنظر لها بلامبالاة و كأنها تعودت على تلك الوتيرة أو ربما عزفت عن الإنصات لعمتها فهى لا تضيف جديدًا
لم يكن من تلك السيدة إلا أن صفعتها فتلك الفتاة تجعلها تخرج عن طورها و ما كانت تلك الصفعة سوى لهيب يُضاف إلى لهيب شعلة تمردها و يزيد من تعطشها للحرية و ثورتها على العادات البالية 
خرجت و مريم تهدأ من روعها و غضبها
مريم : معلش يا إيمان انتى عارفة كف عمتك و هى دايما إكده
" امتى ربنا يرحمنى منيهم "
مريم : احمدى ربنا إن ابواى مش اهنه

كانت شاردة تحدق فى ذلك الطريق الذى يقود إلى خارج تلك القرية و إلى عالم تملكها فيه حريتها كما تعتقد و لكن متى تصمن أن نهاية هذا الطريق لن تقودها إلى سجن جديد

مريم : شاردة فى ايه
" اهرب "
مريم : يا ويلى اوعى تعمليها يجتلوكى ولله

كانت تسير وسط تلك النظارات النارية الممتعضة الغاضبة ، تسمعهن ينعتنها بصفات كثيرة و رجال يحدقون بعضهم معترضًا و أغلبهم يشتهونها
و كأنما اعتراضهم هذا يثير تمردها و يمدها بالوقود و الحماسة و كأن هذا مؤشر يؤكد صواب أفكارها و ربما يزيد من شموخها و قوة مشيتها و تلك اللمعة المتمردة فى عينيها
وصلت إلى المدرسة بعدما قطعت أميال كثيرة تكفى لتجعلها بعيدة عن أهل قريتها ، تركت يد مريم فنظرت لها الأخرى بتعجب و قالت : يلا إحنا اكدة متأخرين
" ادخلى انتى "
مريم : واه و انتى
" مش رايحة النهاردة "
مريم : يا ويلك يا إيمان أستاذ عطية أكيد هيقول لأبواى و مش هيرحموكى
" ولا خليه يعمل اللى يعجيبه و انى حرة "

اسكربتات إيمان أحمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن