120

2.4K 143 6
                                    

" قوليله مش موجودة "
- ولله!
نزلت تحت المكتب: أنا مش هنا
- اطلعي يا إيمان
" أنا مش هنا يا أحمد "
دخل و قعد على الكرسي، ميت مرة أقول لمريم متخليهوش يدخل و مفيش فايدة
- ممكن أفهم يعني ايه مش هينفع نكمل مع بعض دي؟
طلعت بشويش، ما أنا كنت عارفة إن ده اللي هيحصل
" ممكن تهدى الأول ع..
اتعصب: أنا هادي و لذيذ اهو
" شاطر "
- إيمان!
" مش مرتاحة يا أحمد، مش عايزة أكمل في العلاقة دي "
- بالبساطة دي!
" إنت شايف إن دي حاجة قليلة، كل واحد فينا دماغه في حتة تانية، بقينا بنزعل بعض أكتر ما بنفرح مع بعض، كل واحد عايز كلامه هو اللي يمشي، كل واحد بيعمل اللي بيريحه هو بس و مبيفكرش في التاني، مش بسيطة يا أحمد بس مفيش حل تاني، أنا حاولت كتير و إنت حاولت كتير، خلاص بقى لازم نرتاح شوية "
- و الراحة إننا نبعد عن بعض؟
" لو كان حد قالي كدة من كام شهر مكنتش صدقت بس الواضح دلوقتي إن ده الحل، أنا آسفة بس مش هقدر أكمل و أنا مش مرتاحة"
كان هادي بشكل مريب أو كان مصدوم
- ده أخر كلام؟
قرار زي ده صعب عليا جدًا و عارفة إني هتعب بعديه بس مينفعش ابينله ده لو عملت كدة هضعف زي كل مرة قبل كدة و هنرجع تاني نزعل بعض و نشيل هم بعض و في الأخر مفيش حاجة بتتغير
" أيوة "
خرج و مشوفتوش تاني في أي حتة، بالنسبالهم كلهم أنا الشريرة عشان قولت لاء، عشان رفضت أكمل في حاجة مش مرتاحة فيها
مكنش بيجي الشغل و قفل الأكونت بتاعه، فبقيت أنا الظالمة اللي معندهاش دم اللي مش متأثرة، كل ذنبي إني عرفت أدراي أكتر منه
- أحمد رجع
" بجد! "
- مالك فرحتي كدة ليه!؟
" عادي يا مريم، أنا و أحمد صحاب مهما كان "
- أشك
" قصدك ايه؟ "
- معتقدتش إنه هينفع ترجعوا صحاب زي الأول تاني، القلب اللي بيشيل لحد حب مرة عمره ما بينساه، عمر الحبيب ما يتحول لصديق
كنت فاهمة كويس اللي بتقوله و عارفة إنه صح بس أنا مش عايزة أخسر أحمد و لا كان قصدي أجرحه، كان عندي أسيبه أهون ما أفضل معاه و أوجعه
" أخيرًا ظهرت "
بصلي بالطريقة اللي كنت بدعي طول الطريق إنه ما يبص بيها، قام وقف: عن إذنك
هو معاه حق و أنا عذراه بس أنا كمان بتوجع، أنا كمان تعبانة و لا هو لازم يعني أقعد أعيط و أختفي و اقلب الدنيا عليا عشان يحسوا إني زعلانة!
- اللي واخد عقلك
ابتسمت: مفيش
- ازاي بس إنتي بقالك كام حصة مش معانا خالص و إيمان اللي أعرفها مفيش حاجة بتشغلها عن الشعر
حصص الشعر دي هي الحاجة الوحيدة اللي كانت بتهون عليا بس دلوقتي مبقتش تجدي، مش قادرة أرميه بره تفكيري، المرادي مش خناقة معاه و لا شوية زعل، ده وجع للأبد و عقلي مش قادر يبطل تفكير فيه
- أعرفك يا سيدي، دي إيمان أشطر طلابي على الإطلاق و مينفعش نقول طالبة كمان، إيمان تكاد تكون استاذة
ابتسمت بإحراج: مش للدرجادي
- لا بطلي تواضع، ده بقى أحمد اللي كلمتك عنه من أحدث الاساتذة المنضمين للدار و ممكن نقول من القلة المتميزين في الشعر
" تشرفت بحضرتك "
استأذنت منهم و مشيت، سمعت من واحدة صاحبتي هناك إنه متخرج من سنتين و متفوق جدًا و هو اللي بيدير شركة والده و قالت حاجات كتير تاني بس أنا مكنتش مركزة معاها
لي حَبيبٌ حبُّهُ يشوي الحَشا  ... لَو يشا يَمْشي على عَيْني مَشى
- عاجبك للدرجادي؟
اتخضيت عشان كنت سرحت قدام اللوحة، كان مكتوب عليها البيت ده بخط جميل، فمعرفش امتى وقفت قدامها و لا بقالي قد ايه
ابتسمت: الخط حلو جدًا و..
قاطعني: أنا كان قصدي البيت
" البيت جميل طبعًا "
ضحك، فاستغربت: في حاجة!؟
- آسف بس أصلك اتكلمتي عن الخط الأول، كنت فاكر أو متأكد إن البيت اللي موقفك
" اشمعن؟ "
رد ببساطة: عشان بقالك كتير واقفة
اتنهدت جوايا، اللي هو حضرتك حكيم روحاني بقى و فلسفة و علم نفس
ردد البيت بصوت مسموع: لي حَبيبٌ حبُّهُ يشوي الحَشا ... لَو يشا يَمْشي على عَيْني مَشى
لاقتني ببصله بتلقائية، فسألني: في حاجة؟
و لإني مبفكرش قبل ما اتكلم: صوتك حلو
ابتسم: شكرًا
" امم قصدي يعني بتلقي كويس "
بص حواليه باستغراب و قال: طب ما طبيعي أي حد هنا بيلقي كويس، اومال الدروس دي كلها لإيه!؟
حسيت إني غبية شوية بس قولت: قصدي كويس أكتر من الكويس المألوف
ضحك: يااه ده كله من بيت واحد
ابتسمت بحرج، فقال: أنا أحمد بالمناسبة
" اها و أنا إيمان "
- عارف
" ولله! "
ضحك: اتعرفنا قبل كدة
كنت لسة هستغرب و أرد بعبطي المعتاد لكن سابقني: بس كنتي سرحانة شوية
" اها آسفة، مخدتش بالي أكيد، مش بركز أوي ف..
قاطعني: عادي و لا يهمك
كنت لسة همشي لكن الظاهر إن لسة على لسانه كلام
- تعرفي البيت ده فكرني بإيه؟
اتنهدت بملل: ايه؟
- بيت تاني
ولله!
بص على اللوحة شوية و قال من غير ما يحرك عينه من عليها: أما كفاني ما ألقاهُ من زمني ... حتى أغالبَ فيكَ الشوقَ والزمنا
قلبي دق جامد، افتكرت أحمد و كلامنا، كان بيتريق عليا كتير في حوار الشعر ده و مع ذلك شجعني أدخل المعهد ده، كنت مترددة و عمري ما هنسى اللي قاله وقتها: إيمان لو معملتيش الحاجة اللي نفسك فيها دلوقتي هتعمليها امتى! إنتي بتحبي الشعر و الإنسان بيحب يقرب أكتر من اللي بيحبه، مفيش حاجة تكسف في كدة
ابتسمت بتلقائية لما افتكرت أول يوم كان ليا هنا و ازاي كان مستنيني بره و كان أول بيت خدته هو البيت ده، يومها فتح النت و دور على باقي القصيدة و قال: إني وإياكَ كالمنفيِّ عن وطنٍ ... أيُّ البلادِ رأى لم ينسهِ الوطنا
محستش إني قولته بصوت عالي غير لما أحمد بصلي و مشلش عيونه من عليا
" أنا آسفة لو قاطعتك "
استغربت لما مشالش عنيه من عليا بالعكس ده عينه ثبتت على حاجة معينة في وشي و متحركتش و مفهمتش في ايه لحد ما حسيت بالدمعة اللي على خدي، مسحتها بسرعة و أنا مش مصدقة إني اتأثرت للدرجادي
قولت بسرعة و لهوجة: أنا آسفة بس اتأثرت شوية، كان ليا معاه ذكريات مش حلوة
ابتسمت بعدها اغطى على الفوضى اللي حصلت دي و لا مرة فقدت السيطرة على مشاعري بالشكل ده
ابتسم بتفهم و قال بنفس النظرة اللي مفهمتهاش: لو كانت مش حلوة، مكنتش بكيتي عليها دلوقتي، الإنسان مابيتوجعش غير بالذكريات الحلوة اللي كانت في يوم و يعز عليه كانت
معرفتش أقوله ايه، محبتش كلامه أو بالأصح محبتش إنه صح، كنت عايزة أمشي، أروح لأحمد و احكيله على كل حاجة زي ما كنت بعمل بس مكنش ينفع، أنا اللي خدت القرار و أنا اللي لازم اتحمل عواقبه، كنت محتاجة ابعد فترة خصوصًا إن أخر فترة كان كلها خناقات و زعل، كل واحد فينا كان بيجرح التاني من غير ما يحس، بدأنا نختلف كتير، فبدأت أخاف
- شوفي كدة الديزين ده قبل التنفيذ
ابتسمتله زي الهبلة: صباح الخير
كان واحشني صوته و ملامحه، هو بيحرمني من النظرة حتى عشان عارف إن دي أكتر حاجة بتوجعني
- صباح الخير
مكنش ليها روح و لا طعم و لا تتقبل بس قبلتها
اتنهدت: هو إنت ليه مش عايز تفهمني!؟
- عشان اللي بتقوليه ده ميتفهمش، إنتي مش فاهمة نفسك أصلاً يا إيمان
" و إنت يا إما مع بعض يا إما مفيش! "
- اومال إنتي عايزة ايه و لا عايزة تجننيني!؟
" أنا! "
- لا أنا اللي قولت نبعد عن بعض و لما بعدنا لا مينفعش، هو يا إما سوا يا إما مفيش.. اها مفيش يا إيمان، أنا مليش في الرقص ده، أنا بحب أقف على أرض صلبة، أعرف راسي من رجلي لكن ايه اللي مع بعض و فجأة مش عايزك أبعد و بعدين إنت بعدت ليه!
" أنا مقولتش كدة، أنا بس عايزة وقت، وقت قبل ما الحلو اللي بينا يروح "
ابتسم بسخرية: هو لسه مرحش!؟
قلبي وجعني، بصتله و مهربش بعينيه زي ما بيعمل كل ما يكدب: يعني خلاص؟
- إنتي اللي قولتيها الأول و دلوقتي خلينا في الشغل أحسن و أفيد
كنت حاسة بتقل العالم كله فوق قلبي، كان نفسي أعيط بس أنا مبعيطش، مبسمحش لنفسي بكدة، أنا اللي عملت كدة فعلاً بس هو مفهمنيش، هو مشي بسهولة و اتجاوز بسهولة و كإني مكنتش، ولله حرام اسهر و ينام على رأي حليم
لاقيت نفسي في المعهد قدام نفس اللوحة بحلف إني مش هعيط، الجو مكنش ألطف حاجة و شكلها هتمطر بس مهتمتش
- فَما في نَعيمٍ بَعدَ فَقدِكِ لَذَّةٌ ... وَلا في سُرورِ لَستِ فيهِ سُرورُ
ياربي! حاسة البني آدم ده بيظهر عشان يقلب عليا المواجع
ابتسم: الخط حلو مش كدة؟
رديت ببرود: أيوة
- يستاهل جايزة اللي رسمه بالشكل ده
بصيت للخط كويس: هو فعلاً يستاهل
تحس مش خط عادي و كإنه مرسوم بوجع البيت، كل ما بقرأه بحس كإني مقرأتش البيت ده قبل كدة
الدنيا بدأت تندع و شوية شوية الندع تزيد
- تجي ندخل جو
بصتله في تردد، فقال: إلا لو بتحبي السباحة
ابتسمت و دخلت معاه، طلعنا الدور التاني و دخلنا أوضة مخدتش بالي منها أوي، كانت كلها لوح و خطوط و حروف، فاستغربت، بقالي سنتين هنا و دي أول مرة أخد بالي من الأوضة دي، كنت عارفة إن في أوضة للخط بس عمري ما شوفتها و لا اهتميت اسأل عنها حتى
وقفت عند الشباك اتفرج على المطرة بابتسامة، لاقتني ببص للتيلفون و الابتسامة بتختفي، من عادة أحمد في الجو ده و خصوصًا لما تمطر يبعت يسألني أنا فين و بتمطر عندي و لا لاء و لو محتاجة حاجة من بره مش لازم أخرج أعرفه و هو هيجبهالي، عمره ما نسي الدور اللي جالي و خدت فيه شهر تعبانة بسبب خروجي في المطرة لوقت طويل
- بتحبي المطر للدرجادي!؟
" هاا "
ابتسم: ده إنتي نسيتيني خالص
" هى هتفضل كدة كتير "
- و زهتي مني بسرعة كمان
ابتسمت: لاء بس عشان متأخرش
اتردد شوية و بعدين قال: ممكن أوصلك لو معندكيش مانع
" إن شاء الله هتبطل "
لا عمري هبطل دش و لا هبل و أخد قرارات أنا مش قدها
بدأت انتبه للوح و الخط و لاحظت إن في خطوط كتير شبه اللي تحت، أحمد كان عند المكتب معرفش بيعمل ايه، فقربت منه
كان فاتح كشكول مكتوب فيه: من دون الحب، كُل المُوسيقى ضجيج، كل الرقص جنون، كل العبادات عب.
ابتسمت بسخرية: من دون الحب محدش هيتوجع
بصلي و حط القلم اللي كان في ايده على المكتب و شاوري اقعد، فقعدت، فقال: و من غير الوجع محدش هيستمتع
" ازاي! "
- زي من غير الحزن محدش هيفرح، أصلاً الإنسان مش هيعرف مصطلح الفرح ده، فطبعي نلاقي الاتنين في الحب، الوجع و اللذة، الفكرة بقى إن كلاهما مؤقت و الحب اللي بيدوم
كنت بتريق عليه جوايا، ما هو اللي ميعرفش يقول عدس
" معتقدتش، جربت قبل كدة تاخد القرار الصح بس وجع القلب ميسيبكش في حالك و دايمًا عايزك ترجع تاني لنقطة الصفر، ترجع تاني لوجع يوم و فرحة يوم، تايه و خايف من اختيارك و خصوصًا لما يبقى مفيش تفاهم "
سكت شوية و بعدين قال: و يا ترى بقى القرار الصح ده صح بالنسبة لأيه؟
" للمنطق "
ابتسم: أول عدو للحب المنطق، طالما خدتي الخطوة يبقى لازم تتنازلي عن المنطق في حاجات كتير
" حرام تحب حاجة بتوجعك "
- هو حرام بس بيحصل و وارد و طالما بيحصل يبقى نواجه لإن الدنيا طويلة و الحب نفسه مش طويل
اتنهد: عارفة الحرام ايه؟
سألته بعينيا قبل لساني: ايه؟
- إننا نضيع حاجة بنحبها عشان شوية منطق أو عشان خناقات و زعل، عارفة الخناقات و الزعل مش بتحصل عشان الحب، بتحصل عشان إحنا بنحب من غير وعي، من غير ما نتكلم و نسمع كويس، من غير ما نخصص لبعض و بكل رضا وقت نسمع فيه بعض و نحاول نواجه اللي بيضايقنا في بعض لحد ما يختفي و كمان مينفعش طرف ياخد قرار من غير ما يشارك التاني فيه لإن ده بيحسس الإنسان بالتهميش و ده بيوجع أكتر خصوصًا لو بعد حب كبير
سمعته كويس و كنت مستغربة هو عرف التفاصيل دي كلها منين، شكله حكيم روحاني فعلاً
ابتسم: و دلوقتي بقى قوليلي رأيك ايه في الجملة دي؟
فهمت قصده، فابتسمت قولتله: حلوة
و بعدين خدت بالي من الورق و القلم و سألته: اشمعن؟
- عشان اكتبها
" ازاي!؟ "
شاور على اللوح اللي شوفتها في الأول: زي دول
بتهزر! أكيد بيهزر
" هو إنت اللي كاتب البيت اللي تحت، قصدي عامل اللوحة اللي تحت دي"
ابتسم: أيوة و مش هسألك عن رأيك في الخط عشان عارف قد ايه إنتي مغرمة بيه
وصلني فعلاً بعد ما المطر هدي و كنت لأول مرة من فترة مرتاحة، كان إنسان غريب بس كلامه مريح و موزون مش زي أغلب الشباب اللي شوفتهم او اتكلمت معاهم و دلوقتي بس خدت بالي إنه اسمه أحمد
- يارب الديزين يعجبك المرادي
خدته من ايده، هو كدة كدة عاجبني بس ولله ما مريحاك
- شكلك روحتي على البيت امبارح علطول
" بتسأل ليه!؟ "
- أنا بخمن مابسألش
" تخمينك غلط و الديزين مش لايق محتاجة حاجة أحسن من كدة "
جز على سنانه بس قال: اومال روحتي فين؟
" يهمك في ايه؟ "
- و لا حاجة
خد الديزين و قال قبل ما يمشي: خلى بالك ده أخر ديزين هعمله
" ولله ده شغلك و إنت و شاطرتك "
جز على سنانه تاني: ماشي
مسكت الموبايل، فلاقيت أحمد بعتلي اللوحة اللي كان بيعملها امبارح، استغربت جدًا، فبعتله: إنت رجعت كملتها!؟
- مقدرتش استنى
ابتسمت، بعت تاني: ايه رأيك؟
" ما قولنا مرة يستاهل جايزة "
بعت: كفاية شهادتك دي
ابتسمت و كنت لسة هرد، لما رزع بإيده على المكتب: هو الضحك على ايه!؟
بصتله بصدمة و قلبت التيلفون لما لاقيته بيبص فيه جامد: هو ايه ده! و إنت مالك أصلاً، شوف شغلك يا أحمد
حط نفس الديزين قدامي تاني: مسمعتش التعديلات المطلوبة يعني و لا اللي يعجبك معاليكي ايه
" مفيش زيادة عن المطلوب، الفكرة بس إن في أحسن من كدة "
- ولله!
" ولله دي رؤيتي و شغلي، عقبالك "
- لا ما أنا مبقتش أشوف
كان بيجز على سنانه جامد، كنت عايزة ابتسم بس داريت جوايا، مبيعملش كدة غير في حالتين لما برخم عليه و بيبقى نفسه يرد رد محترم من بتوعه بس مبيعرفش في الشغل و لما بيغير
" و مبقتش تشتغل كمان؟ "
اتفاجئ و ابتسم: لا هايل، البعد جه في صالحك جامد
" مش قولنا نشوف شغلنا أحسن و كل شيء راح و لا لاء ده إنت اللي قولت صحيح مش أنا "
سند دراعه على المكتب: و إنتي اللي بعدتي مش أنا
و بعدين اتعدل و خد الديزين و مشي و بعدين في النفس اللي مبيعرفش يخرج في وجوده ده، خلصت شغل و كنت رايحة المعهد
شوفته واقف قدام عربيته بره، الجو مكنش لطيف بردو، في العادة كان بيوصلني بس أنا خدت قرار و هو اعترف بنفسه إنه نسي و كل شيء انتهى بينا
- رايحة فين؟
" يفرق معاك في ايه؟ "
- لا بصي إحنا دلوقتي بره الشركة، كلام عبيط مش عايز و ده لمصلحتك
" ايه ده! إنت ازاي بتتكلم معايا كدة!؟ "
- زي ما كنت بتكلم قبل كدة
" قبل كدة حاجة و دلوقتي حاجة "
نفخ: رايحة فين؟
" المعهد "
شاور على العربية: اركبي
كنت لسة هعترض، فزعق: اركبيي
ركبت عشان أنا عقلي كبير بس و مش تافهة زيه، خدت بالي من إنه لسة معلق الميدالية اللي جبتهاله أول ما اشترى العربية، فابتسمت
- عشان شكلها حلو بس
بصتله بطرف عيني: ما هو ذوقي
ضحكت جوايا، ما هى كلها ذوقي، أنا اللي مختارة معاه العربية و لونها و كل حاجة
- بقيتي تروحي المعهد كتير
" عشان بقيت أحب الشعر أكتر "
- اشمعن؟
عشان بيفكرني بيك، ايه الأسئلة اللي مش منطقية دي
" بقى حلو "
بصلي و سكت، بني أدم سخيف، مرة كل حاجة انتهت خلاص و دلوقتي بيستهبل عشان يكلمني
وصلنا فنزلت علطول من غير ما أقوله مع السلامة زي قبل كدة عقابًا ليه
- العفو
" إنت اللي اتبرعت بخدماتك مش أنا اللي طلبتها "
- و بقيتي بجحة كمان
" بعض مما عندكم "
قفلت الباب و دخلت، لاقيت أحمد عند الباب فسلمت عليه و دخلنا سوا
- بصي بقى يا ستي
" سمعني "
- وَاصْبِرْ عَلى هَجْرِ الحَبِيبِ فَرُبَّما ... عَادَ الوِصَالُ ولِلْهَوى أَخْلاقُ
افتكرت أحمد، فسكت و بصيتله بذهول، اختياراته دي هتجننيني في يوم
- سرحتي فين؟
ابتسمت: في البيت
- و الخط؟
ضحكت: يووه هتفضل ماسكهالي بقى
ضحك: مش عايزة تتعلمي
" الخط "
رد بتريقة: لا الشعر
ابتسمت: لو هيطلع زي خطك كدة، فياريت
- ده إنتي طماعة أوي
ضحكت: جدًا و بعدين لو مش هنطمع في الحاجات الحلوة هنطمع في ايه!؟
ابتسم: ده رأيك
" اها..
قال بسرعة: خلاص يبقى نسمع بيتين شعر حلوين منك
" ايه! "
- لا ما أنا اللي بقول علطول و سامع يعني إنك استاذة في الشعر و متيمة بيه جدًا، فمتقنعنيش إنك مش عارفة تجيبي بيتين و لا مش عارفة تقوليهم
غلبني، بحب الشعر و بحفظه اها بس مبقولوش لحد و مش بلقيه، أحمد بس اللي كنت بحب أقولهوله
- بتفكري في البيتين و لا في حجة عشان متقوليش
ضحكت، هو فهمني بسرعة كدة ازاي!
فكرت كتير مكنتش عارفة أقول ايه، افتكرت أحمد و غحنا مع بعض من شوية، كلامه و عصبيته و النرفزة اللي بيتنرفزها دي و رخامته، فقولت: أحقّاً كنت في قربي
لعلي واهمٌ وهما
تكلَّمْ سيدَ القلبِ
وقل لي: لَمْ يكن حُلما
ابتسم: معاكي حق
استغربت: في ايه؟
- لازم نطمع في الحاجات الحلوة
" لااا "
ضحك و بعدين بدأ يعلمني و حاولت اتعلم منه على قد ما أقدر و محستش بالوقت، لأول مرة أروح متأخر كدة، نمت زي القتيلة و صحيت تاني يوم بالعافية
كنت بشتغل لما دخل كالعادة، أمشير بزعابيبه، رمى الديزين على المكتب، فكنت لسة همسكه: قلة ذ..
- مين الكتكوت؟
" ايه! "
قعد قدامي و كان بيجز على سنانه: اللي كان في المعهد امبارح و روحنا بعد المغرب بسببه، اللي خلى الشعر يحلو أكتر
كنت عايزة أضحك من طريقته و في نفس الوقت قلبي بيرقص من غيرته
" ده من الاساتذة اللي في المعهد "
- ولله!
" بكدب أنا يعني! "
- مقولتش جدًا بس شكله صغير حبتين
" عشان هو صغير فعلاً و بعدين إنت مالك بتسأل ليه و عرفت منين اصلاً إني روحت متأخرة "
رزع الديزين قدامي و هو بيقول: ده الديزين و مفيش أي تعديلات هتتعمل تاني، مش عجبك صمميه إنتي و أنا واخد ساعة إذن عشان ورايا مشوار مهم و صغير
كان بيتكلم بطريقة مخيفة، فمعرفتش اعترض حتى، بصيت للديزين، غبي، هو من الأول عاجبني أصلاً
حمدت ربنا إني جيت بالجاكيت النهاردة، الجو شكله ميطمنش بس مع ذلك روحت المعهد عشان مخلفش ميعادي مع أحمد
- لا بقيتي أحسن في الخط
ابتسمت و أنا فرحانة و هو قام مشي لحد الشباك و يالهووي الدنيا مطرت و مش مطر عادي
ابتسم: شكلنا هنفضل هنا حبة
" مكنتش مرتاحة من الأول ولله "
- تسمعي شعر
ابتسمت: ياريت
كان بيبص على حاجة من الشباك و هو بيقول: يقسو الحبيبان قَدْرَ الحبِّ بينهما .. حتى لتحسبُ بين العاشقين دما
افتكرت أحمد النهاردة، فابتسمت و لازال أحمد بيبهرني باختياراته، شاورلي بإيده، فاستغربت و روحتله
" ايه!؟ "
شاور بإيده بعيد و قال: والحب طفل متى تحكم عليه يقل ... ظلمتني ومتى حكمته ظَلَمَا
اتصدمت لما شوفت عربية أحمد قدام المعهد و هو واقف قدامها بعد ما طلع شمسية تحميه من المطر، أحمد بصلي و ابتسم و بعدين كمل: إن لم تطعه بكى، وإن أطعتَ بغى ... فلا يريحك محكومًا و لا حَكَمَا
ابتسمت و أنا شايفاه من بعيد و سامعة صوت أحمد و هو بيكمل: مذ قلت دع لي روحي ظل يطلبها ... فقلت هاك استلم روحي فما استَلَمَا
ضحكت و نزلت جري بس رجعت تاني لأحمد و أنا بنهج: أحمد.. شكرًا
ابتسم: عرفيه بس إني مش كتكوت
" ايه! هو جالك ه..
قاطعني: لسة هتتكلمي، إنزلي بسرعة
ابتسمت بامتنان و نزلت جري لحد ما وصلت للبوابة و بعدها عملت فيها البنت التقيلة، ابتسم أول ما شافني
" بتعمل ايه هنا؟ "
اتنهد: دنوتَ إِليَّ مستمعا
فُبحْتُ، وفرطَ ما بحْتُ
بعادك والذي صنعا
وهجرُك والذي ذقتُ
وحبِّي! ويحه حبِّي
تَبيعك حيثما كنتَ
تكَلَّمْ سيدَ القلبِ

ابتسمت قد ما حاولت مبتسمش: ايه!؟
نفخ: أنا قولت إن الكتكوت ده مش هيقول حاجة عِدلة
قرب مني و خباني أنا و هو بالمشمسية من المطر و قال: بحبك و هتتجوزيني
قلبي كان هيوقف، كمل: عشان زهقت
يخربيت غلاستك يا أخي
" مين قال إني موافقة!؟ "
قرب مني أكتر: اومال إنتي ايه؟
ابتسمت: موافقة جدًا

" أين أنا من كل أنت الذي بداخلي "

#إيمان_أحمد

اسكربتات إيمان أحمد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن