١ | تفاصيل حضورك

1.4K 113 17
                                    

كاليفورنيا، رصيف سانتا مونيكا.
-ساعة ما قبل الظهيرة.

في الفضاء كنتُ، ليست تلك السماء
القاتمة المتزوجة من النجوم، وأقاربها
الكواكب والغيوم، ومنزلها مبني من
الطوبِ والهدوء.

في فضاء الأرض أنا،
في عقدة المنتصف، كل شيءٍ يمشي بمهلٍ،
ذلك الدولاب الذي يدور، تقبع عليه ثنائيات
يمسدون على أيديِ بعضهم في رقةٍ، وأطفال
آخرين تبرعمت أزهارٌ حارة في وجناتهم إثر
البكاء الشديد،

وتلك الشابة ذات الشعر الأشقر الأشعث،
ترتدي فستاناً أحمراً رسمياً لنصف فخذها،
تتعجل في خطواتها، تطرق بحدةِ كعبها
ورأسها يتردد بين طريقها والساعة التي
تغلف معصمها النحيل.

الساعة..

الوقت، بعمومه من الثانيةِ إلى
الدقيقة لحين حياة البرزخ؛ لا
ينتظر أحداً، لا يتوقف لأجلك

ينقر على منكبك بضع مراتٍ في أحداث
حياتك، كحجارةٍ خفيفة تثب على بشرة
البحيرة، تعكر سكونها وثبات ملامحها.

وفي لحظةٍ أنت تتذكره، تعلم به
وبوجوده المحتوم معك، تستوعب
أنك رميته خلف ظهرك، أهملته،
هدرته

في تلك اللحظة سيلسعك بطرف
سيفه، يُقطع جلدك، ينزف دمك.

ولكن ما بال عقدة المنتصف؟
في لحدها أنا، في طيِّ خُلدها.

لا الوقت يقهرني، فأنا بينه، بين البعدين،
في ذلك الفراغ المتوقف، ولأنني أدركت
خدعة العالم، وما تعتمد عليه من دقِ
العقارب؛ عُقبت.

تلسعني دواخلي في كل وقتٍ، يحتطب
الضيق في جيب صدري ويشب بنارٍ
مريرة هناك،
يتمايل الدخان ببطء، يسير على
جسر حلقي يكتسح مجرى تنفسي
يخييم بين عروق عينيَّ.

إلا أن رأيته

ذو الابتسامة الباهتة، يستند بذراعيّه
على حافة السور، يتأمل الشاطيء تحته
برأسٍ مُنخفض قليلاً إلى أن هبَّ نسيم
رياح باردة بغتةً تجعله يرفع رقبته نحو
سفح السماء وخصلات شعره البنيّة
تموجت كالمد والجزر مع الهواء.

الجميع انتفض وتجعدت أساريره بكدرٍ

إلا هو

التقط علبة سجائر من جيب بنطاله الأسود،
تبدو من نوع مارلبورو، حشرها بين فاهه،
صدره يعلو في نفسٍ عميق وعندما أخرج
ما يحبسه أعاد ذراعيّه على السور مُجدداً

ولكن لوهلةٍ هو سكب بجليدٍ رطبٍ على
حريقي وتلاشى الضباب الرمادي من
أمامي حينما أدار نفسه إليَّ

يرمقني

تفاصيل من قماشحيث تعيش القصص. اكتشف الآن