8¶ تَبَدُّل المشاعر

936 78 92
                                    


Biter Cold¶
Frost Bite

_____________

-٨-

هل راودك شعور العجز!
ذاك الشعور الذي يقيدك عن فعل المستحيل، ذاك الشعور المربك الذي يعتصرك دون السماح لك بالانطلاق، الذي يحزّ على أقدامك بأغلال الحاجة بيدَ أن يديك الرافضة أضعف من أن تفكَّ رغبتك بالسلب..

جسدي مُحتاج لأنهبَ منه الكثير، بيد أن فؤادي يتمنِع عن النهب.

نامَ تلك الليلة كرضيعٍ في أحضاني، يشهقُ أحرفه المرتبكة بين دموعه التي تفيض على صدري، كأول مرة منذُ تسعة سنين كنتُ قد حضنته بين ذراعَي بعيدًا عن الأعين.. إنه طفلي، وماخُلِقَ لأجلي.

حاولتُ منذُ أن لمحتُ ضياء عينيه صغيرًا أن أرسله للفناء، أن أطفِئ شعلته قبل أن تُضيء دربه المتوحش وعالمه المرعب فيدرك أن مصيره الهلاك ..

حاولتُ أن أنهي حياته قبل أن يُبنَى وعيه، وقبل أن يستوعب ماهية الحياة،

أردتهُ كجنينٍ غُمِسَ في رحم أمه عنوة فخنقَ نفسه بحبله السري كُرهًا.

أردته أن يبتعد، أن يثور، أن يغضب، أن يرحل، أن ينهي حياته أو ينهيني...
ولكن عبث.. كلما آلمتهُ آوَى ذاته إلي، كلما صفعته قَبَّلَ كفّي بابتسامة، وكلما جرحته أرضى غروري بنظرةٍ منكسرة راضية.

ميونغسو! أحضروكَ إليَّ لتُحيي قلبي، وها أنت الآن فؤادي تُشيِّعُه.

تحركتُ بصعوبة تحتَ ثقلٍ فوق صدري وكأن صخور العالم بأكملها تقبع فوقي، آلمني خِدرَه، أصبح جسدي يتخدر بشكل أكبر وعلى فتراتٍ مطولة قبل أن يعود لحالته الطبيعية بفعل الأدوية.. الفراش أسفلي له رائحة الكرز لكثر أكل صاحبه هذه الفاكهة الحمراء، رائحة لطيفة محببة، ومقرّبة إلي.. ميونغسو.

ميونغسو!!
فتحت جفوني بصدمة، وانتفضت ناهضًا، مَسَحَت حدقتاي المذعورة أركان الغرفة، وقلبي يدق بقوة.

أين هو؟؟
لم أجده يملأ حضني!
حرصت أمس على احتضانه جيدًا، عانقته بقوة، غرستُ جسده بأضلاعي لدرجة لم يَعُد بإمكاني التنفس، ولكني قاومت انقطاع انفاسي كي أضمنه بحوزتي، كيف اختفى؟!

أقسم إن وجدته سأضربه حتى يتوسل إلي باكيًّا، سأصفعه حتى يتورم وجهه، سأفتح أخاديد بالعصا تجري بها أنهارًا من الدماء على طول ساقيه، حتى لا يعود قادرًا على المشي خارج الغرفة خطوة واحدة.

قفزتُ عن السرير وأسرعت باحثًا عنه باهتياج، أتوعده بوعودٍ مؤلمة، وظالمة، أتخيله يبكي وينتحب أمامي، وأنا راضٍ تماما عما فعلته به.

زمهرير | لدغة الصقيعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن