14¶ انفصام

736 69 62
                                    

Biter of cold¶
Frost bite

_____

سنارتا صيد تعمل بجهد لاصطياد عشاء يومٍ جائع، كل واحدٍ منا يتشبثُ بواحدة باجتهاد، وذلك الكيس من رقائق البطاطا المقرمشة الذي يتوسطنا لم يمنع كتفينا من الالتصاق، بالأحرى كتفه بعضدي، فهيئته مازالت في طور المراهقة.

سيقاننا قد تفتحت مسامها، وابيضت. ماء الينبوع باردٌ إلى حدٍ ما، إلا أنه اكسبنا انتعاشًا رائعًا أثناء اصطيادنا للأسماك.

طبعًا ليس بالمعنى الكثرة بل واحدة فقط، وهذا ما التقطه طُعم سنارتي منذ برهة.

حجم السمكة لا بأس به وربما يكفينا للعشاء، ولكني أصرّيتُ على انتظار أخرى، فالجلسة الآن حلوة، وميونغسو مسالمٌ لحدٍ ما، والخوض معه في نقاش خفيف هو فرصة لا تُعوَّض.

أطعمته من مقرمشات البطاطا ليَسُدَّ به جوعه ريثما يجهز عشائنا! ولكني أعتقد أنه لا يمانع طول انتظارنا.

على مايبدو أنه مستمتعٌ بتجربة الصيد كما أفعل، لينسى نفسه وتهرب من حنجرته دندنات كان يخفيها بحرج كلما أدرك أني أسمعها.

لم أمنعه، أو أغيظه، بل أدعه شاردًا في أحلام اليقظة، يكلم الطيور، يداعب الفراشات، يسمح لدودةٍ أن تزحف على فخذه فيضحك مُتدغدغًا، تقرصه ذبابة من أنفه فيمتعض متذمرًا.

يبتسم، يراقص الماء بأصابع قدميه، يحادث الطبيعة، ولكن ما يقلق راحتي أنه يمتنع عن منحي نصيبًا من اهتمامه السعيد هذا.

-وهذا- ما يزعجني، إلا أني مُجبرٌ على الصبر..

أراقبه خلسةً بطرف عيني، بُتُّ بجانبه خامدًا، كانطفاء بركانٍ في جوفِ جبلٍ جليدي.

أقبضُ على سنارتي بقوةٍ وبأصابعَ مغتاظة، وكأني أفرّغ فوران بركاني الداخلي..

أكبتُ نفسي عن إجباره على الحديث معي، مناقشتي، مشاكستي، أي شي يصدر عنه.. فانتشال الصحبة منه لا تسمى بصحبة، بل إكراه، ولا أحبذُ أن تبنى علاقتنا على خداع.

وفي طور تفكيري المستاء هذا يأتي نداء الطبيعة لينفض هالة السواد عني، حيثُ لم تسمح لي مثانتي بإطالة أفكاري الغاضبة، فأثبّت السنارة جيدًا بين صخرتين، وأنهض باحثًا حولي عن مكانٍ مناسب لقضاء حاجتي.

"سأعود"

اكتفيتُ برمي هذا العذر في أذنه وهرولت على مبعدة، حيث سيستقبلني جذع شجرة مكرهًا.

ثوانٍ معدودة وقد عدت إلى حيث كنا، قررتُ إنهاء نشاطنا للرجوع إلى مكان التخييم لتحضير العشاء، لا أعتقد أن الجائع سيحتمل جوعًا أكثر.

زمهرير | لدغة الصقيعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن