2 ¶حيرة طفولية

1.7K 115 96
                                    


BITER of cold¶
Frost bite

____________________

_٢_

أعيشُ في الحياة على أمل أن أتنفس دون أن أشعر بأني منبوذ أو مُستثنى من قائمة الأحياء،

أُجاري الأمر بشكل طبيعي كسائر البشر، أحاولُ أخذَ أول شهيقٍ لي آمِلًا أن يملؤني عُمرًا هنيًّا ويُعبِّئ رئتَيَّ بالنقاء،
وإذ يُكتم عني الهواء حالما أتَّخِذُه وقبل أن يصلَ إلى مجرى تنفسي، وكأنه قد قُبِضَ عليَّ بالجرم المشهود.

أسرقتُ ما يجعلني أحيا؟! حتى أنفاسي ليست من حقي، بل مُلكٌ له فقط.

ركبتيه الصغيرة الناعمة مَطويةٌ على الرخام، جسدهُ قد استقبلَ الصقيعَ بارتعاشٍ غزا كلَّ أطرافه، ساعِدَيه الرفيعين يُحاولانِ أن يرتفعا أعلى وأعلى من رأسهِ الغائرِ بين كتفيه الضيِّقين، بالكادِ يُرى وجههُ المُحمَرِّ اختناقًا، ليس سوى شعرهُ الأسود الحريري المائل إلى تغطية نصف وجهه هو ما ظهر من ياقة سترته الصوفية الحمراء.

يُحاولُ ألا يترنح، يُجاهدُ في تنفيذ العقابِ بشكلٍ مثالي كي لا يتلقى صفعةً أخرى تُنسيه حليب أمه الذي لم يتذوق منه ولا حتى مصّة.

يثابرُ هذا الطفل في لفظِ كلمةٍ زارت قاموسَ مُفرداته الضحل، والتي تعثّرَ لسانَهُ بنطقها سابقًا، هي ماكان السبب في ركوعهِ أمام دونغوو لساعةٍ كاملة على البلاط البارد.

أعادَ لفظَها للمَرَّةِ الألف، ولكن نطقه مازال لم يكتمل بعد، فهو بالرابعة سنًا، حُبًّا بالله! مازال طفلًا.

"ثرير.. ثرير"

دونغوو الجالس على ما يقصدهُ هذا الصغير بحروفه المبعثرة كاد أن يقتلع لسان ذلك الفاشل منذ قليل

"حسنًا! قلتَ لي ثرير! أعتقد أنكَ لن تُريحَ جسدك عليه بعد الآن"

اهتَزَّت حنجرة الطفل غصَّةً بسماع ما قرره دونغوو، يُحرَمُ من كل أمرٍ ليس قادِرٍ على تشكيلِ اسمه

"أيها الغبي! لقد ضقت ذرعًا بك، إن لم تنطقها بشكل صحيح سأقطع لك لسانك كي لا تَستطيع قول شيء بعد الآن، هل فهمت"

لم يكن دونغوو سوى جاحدُ اهتمامٍ بهذا الصغير، بجمود عينيه به، بمقلتيه التي تحدق بميونغسو بحقد، بتلك العصا التي رسمت على قدمي ميونغسو حتى الآن ثلاثة خطوطٍ حمراء

طفلٌ يُحاكمُ طفلًا أصغر منه

يغورُ رأس ميونغسو داخل سترته أكثر، يُخفي خوفه في جوف ملابسه، قلبه ينبض بشدة فزعًا، لا مفرّ، سيطول الأمر.

زمهرير | لدغة الصقيعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن