EVA povما الذي أفعله هنا
رفعت يدي ببطء أتلمس مقبض الباب
يد مرتجفة
زفرت عدة مرات ثم أرحت جبيني على الباب أتنفس الرائحة التي تنتشر من المنزل
لا أعلم ما الذي كنت أفكر فيه بمجيئي الى هنا
كيف تركت حضن أليكس و الدفء بين ذراعيه
و أتيت هنا ليقابلني هذا البرد و الفراغ
الوحدة و بيت مجهور
لكن ما الذي توقعته
رمشت بسرعة أبعد الدموع المتحجرة بعيناي
هذا البيت سيبقى مهجورا
فارغ
مثلما تركه أهله
أهلي أنا
تنفست بعمق للمرة الأخيرة و أدرت مقبض الباب
ليكسر صوت صريره الصمت المحيط بي
أملت رأسي قليلا ثم نقلت نظري لقدماي
و كأنهما أهم شيء بالوجود و كأنني لا أقف الٱن أمام بيت أقسمت ألا أنظر إليه
وعدت نفسي ألا أدخل إليه متجنبة ألام لا أعلم إن كنت أتحملها
لكن بضع وعود وُجدت لتُكسر
و فكرة دخولي حربا قد لا أسلم فيها تجعلني أعود فأكسر وعدي
لا يمكنني المغادرة دون أن أودعهما ٱخر مرة و حتى أحس و لو لمرة بأنني قريبة منهما
أعلم شكلهما على الأقل
أعلم أن هروبي من المواجهة كان جبنا مني لكنني لم أكن أريد أن أتألم
مؤلم أن أعلم أنني خسرتهما لكن معرفة ما خسرت حقا يؤلم أكثر
بجهلي لهما لن تغرقني الأفكار بما كانت حياتي لتكون لكن بدخولي لهذا البيت و رؤية كل تفصيل يخصهما رؤيتهما هما سأظل أتحصر على حياة كانت لتكون ملكي على أهل كانوا ليكونوا بجانبي
أحيانا جهل الحقيقة يكون أفضل من حزن يغرقك
بهذه الفكرة أعدت غلق الباب و إلتفت أنوي الذهاب
نظرت حولي أنظر لمنازل القطيع البعيدة
تفحصت كل منزل على حدا كل منظر سبق و حفضته
ربما لن تسنح لي فرصة أن أقف هنا مجددا أن أنظر لهم مجددا أو لهذا البيت خلفي
أنا خائفة من العيش في ألم لكن ماذا لو لم أعش
هل أنا مستعدة للموت دون معرفة وجههما
زفرت أمرر أناملي في شعري و عدت بسرعة فتحت الباب و دخلت قبل أن أسمح لعقلي بسحبي لتلك الأفكار السوداوية مجددا
أغلقت الباب من ورائي و إتكئت عليه
أغمضت عيناي للحظات
الرائحة إنها مريحة جدا
فتحت عيناي ببطء
ليقابلني بهو المنزل و أول فكرة جالت ببالي أنه مريح عائلي ربما أمي هي من زينته
تسللت إبتسامة لشفتاي عند التفكير بذلك
ربما لنا نفس الذوق
رفعت قدمي بصعوبة أتقدم بخطوات بطيئة مرتجفة كطفل صغير يخطو أول خطواته و تركت العنان لعيناي بتفحص المكان
اللون الأزرق الغالب على المكان يظهر حبهما له أو ربما أحدهما و الرسومات المعلقة بالجدران لا بد أنهما يحبان الفن
تقدمت لطاولة بجانب الجدار مملوءة بمجسمات غريبة الشكل
حقا لم أراهما كمهووسان بتجميع مثل هذه الأشياء
نظرت للباب بجانبي و فتحته ببطء
أنظر للمطبخ الأزرق
إذن أمي من تحب الأزرق
إبتسمت أنظر بعيون مدمعة للمكان
كانت لتكون هنا تطبخ لي
لا توقفي لن تفكري هكذا الٱن
زفرت و إلتفت خارجة أغلق الباب خلفي و تفحصت الباب بالجانب الٱخر و وجدته مرحاض فقط
و باب للحديقة الخلفية رأيتها بكل وضوح لكثرة النوافذ الزجاجية بالمكان
ٱخر ما تبقى هو الدرج
و بذلك عاد التوتر يغزو أطرافي
و بأنفاس مترددة و خطوات مرتجفة صعدته أنظر للرسومات المعلقة على طول الجدار دون وجود أي صورة لهما ربما لا يحبون إلتقاط الصور
إنتهى الدرج ليقابلني رواق توزعت غرف على جوانبه
فتحت أول باب أمامي و وجدتها مكتبه تقدمت أنظر للكتب القديمة سحبت كتابا و أدهشني كم أوراقه مهترئة لا بد و أنهما يحبان القرائة
أعدت الكتاب لمكانه و خرجت متجهة للغرفة المقابلة لأجدها مكتب بسيط بطاولة في المنتصف عليها بضع أغراض و كراسي منتشرة تقدمت للطاولة و جلست على الكرسي أسحبه نحو المكتب
إبتسمت أتخيل والدي يعمل هنا لوقت متأخر
يعتني بالقطيع دون الإبتعاد عن رفيقته تفحصت الأدرج و كلها فارغة ربما كل الأوراق في مكتبي الٱن
ظللت بضع ثواني مرتاحة بمكاني قبل أن أعود و أكمل تجولي
بعد فتح باب وجدته مرحاضا أخر و بذلك تبقى غرفتين أكيد واحدة فيهما هي غرفة النوم
عقدت حاجباي للغرفة الاخرى و جهلي لما فيها
لكن سأعرف ما بها بعد حين
نظرت للباب الذي بجانبي الٱن و دقات قلبي تزايدت و بأنفس مرتبكة فتحت الباب لتقابلني غرفة بسيطة الأثاث
سرير ملكي بالمنتصف و طاولة زينة تقابله و أريكة بجانب النافذة و بابين للمرحاض و الخزانة
ابتسمت أتقدم ببطء أتلمس الأغراض الموضوعة على طاولة الزينة
قديمة لكن تظهر أنها كانت تحب البساطة مجوهرات خفيفة و جميلة في نفس الوقت
لفت نظري قلادة دائرية على شكل العالم رفعتها أتفحصها بين أصابعي حتى سمعت طقطقة غريبة و إنفتحت القلادة
عضضت شفتي أفتحها بالكامل لتتسلل دمعة من عيني للصورتين فيها
واحدة لرجل و بجانبه إمرأة بشعر أحمر كشعري تماما و عيون ذهبية كعيناي أو ربما يجب أن أقول أن عيناي كعيناها هي
و رجل بجانبها ينظر لها بأروع نظرة تدل على مدى حبه للمرأة بجانبه
عضضت شفتاي أمنع نفسي من البكاء
و نظرت للصورة الثانية
نفس الشخصين و بينهما طفلة صغيرة ربما عنرها أشهر فقط
وضعت يدي على عيناي أشهق بعنف لكم المشاعر التي أحسها
هذه أول مرة أرى والداي
و لا أعلم هل أفرح أنني نسخة عنهما أم أبكي لأنهما لن يريا ذلك أبدا
في كلتا الحالتين دموعي سبقت و إنهمرت على وجهي بقوة و أنا فقط تركت لها العنان
لي سنين أكبت هذا الألم و الفقدان
ربما عندما أبكي الٱن سأرتاح
من أخدع
لن أرتاح أبدا
سيبقى ألم فقدانهما دائما موجودا
ستبقى فكرة أنني لم يتسنى لي لقائهما رؤيتهما لمسهما موجودة دائما
و مهما حدث سيبقى هذا الجرح يدمي بداخلي
لا أعلم كم مر من الوقت و أنا أبكي هنا
حتى جفت دموعي على وجهي
مررت أناملي أمسحها بصعوبة بينما أتنفس ببطء أمنع انهمار أخرى
و بأيدي مرتجفة وضعت القلادة حول رقبتي
و ابتسمت لكوني على الأقل الٱن أملك ذكرى لهما
شيئا ملموسا ألتجئ اليه
استقمت أمرر نظراتي للمرة الأخيرة حول المكان و خرجت أعد نفسي أنني سأعود اليهما مرة أخرى
سواء الى هذا البيت
أو الى المكان اللذان هما به
أغلقت الباب خلفي و قابلتني ٱخر غرفة بالمنزل
بحاجبين معقودين فتحت الباب
ليتسع فمي بدهشة
إنها غرفتي
تجولت عيناي بسرعة حول الجدران بالرسومات الطفولية و بعض شخصيات الكرتون
ثم انتقلت الى السرير الصغير بالمنتصف
و الألعاب بكل مكان و المكتبة الصغيرة بجانب الجدار و الكتب الغير المرتبة فيها
ابتسمت أتخيلهما هنا يضعاني بالسرير و يلعبان معي و يقرئان لي قصة قبل النوم
استندت على الجدار بجانبي خوفا من أن تخذلني قدماي و أجد نفسي على الأرض أصرخ لبشاعة هذا العالم
لما كانا عليهما أن ينتهيا بهذا المصير
لماذا لم تتسنا لهما فرصة للعيش مع ابنتهما
رفعت احدى الكتب و فتحته لأجد قصة سندريلا
ابتسمت لفكرة أنها قصة أمي المفضلة
أنا أراها كشخص تحب الأميرات و النهايات السعيدة
سقطت دموعي تبلل الكلمات بالقصة
للأسف هي لم تكن لها نهاية سعيدة كهذه الكتب
اللعنة من أين تأتي هذه الدموع
مررت كفاي بقوة على خدي أمسحها لتعود و تسقط أخرى
رميت القصة بغضب على الخزانة أصرخ بألم
و بنوبة جنون تملكتني رفعت الألعاب لأرميها كذلك
و كل ما يجول بالي أنه ليس عدلا
ما حدث ليس عدلا
لا يستحقان ما حدث لهما
لماذا على الأخيار أن ينالوا الأسوء دائما
اللعين لازال طليقا
يعيش حرا و يأخذ كل ما يريده
بينما أنا هنا فقدت أعز ما أملك
التفت أبحث عن شيء أحطمه كذلك
حتى وقعت عيناي على تشقع بالجدار
تقدمت ببطء احاول ألا أدوس على ما خلفته بالأرض من ألعاب مكسرة و أمنع نفسي من التفكير بأنني حطمت ذكرياتهما
و تقدمت للجدار أنظر للفتحة الصغيرة
أدخلت إصبعي ليقابلني الفراغ
تراجعت خطوة للوراء
و بقبضة واحدة وسعت الفتحة حتى أرى ما يوجد بها
أدخلت يدي أتلمس شيئا ذو جلدا رطبا و بصعوبة أمسكته أسحبه نحوي و أخرجه من الجدار
كتاب
ما الذي يفعله هذا الكتاب هنا
نظرت حولي أبحث عن مكان للجلوس و بما أنني حطمت كل شيء تقدمت حيث الحائط و جلست بجانبه على الأرض
عضضت شفتي من التوتر
و فتحت الكتاب ببطء
أنت تقرأ
ذئبة الذيول الخمس
Randomعاشت حياتها مهشمة فاقدة لذاتها ضعيفة الى ان تغير كل ذلك لتجد نفسها اسطورة يحترمها الجميع