أمسكت بالفأس بين يدي وأخذت أحفر في الارض بكل تفاني..فبسبب تأخري ونومي تحت الشجرة تراكمت علي الاعمال كثيرا..كنتُ بجهة من الحقل انا وبعض الاولاد المقاربين لعمري نعمل فيها..وقد خصصت لنا بسبب سهولة العمل بها..فهي لا تحتاج الكثير من الخبرة في فن الزراعة..
حيثُ جلس قصي الصغير مفترش الارض بجانبي ضاماً ساقيه الى صدره..منتظراً بفارغ الصبر أن أنتهي وبسرعة..واستقرت بجانبه سكين صغيرة للنحت بالاضافة لخشبة عريضة مناسبة تماما لصنع الخنجر..وقد انتقاها بنفسه..
"متى ستنتهي!؟.."
سأل قصي هذه المرة باستياءٍ واضح..عابساً بطفولية.."حقاً هذه المرة المليون التي تسألني بها..كفى فأنت تزعجني..إن وددت انتهائي بأقرب وقت..فلتبقى هادئاً..مفهوم!!.."
خاطبته بنبرة تنم عن مدى انزعاجي..فمراقبته لي طول الوقت حقاً تصيبني بالتوتر..وقد شتمت حظي العاثر بإعطائه وعداً..وأقسمت لن أكررها.."المليوووون!!..انه رقم كبير جداً..لا اظنني سألتك بحجمه..أنت تكذب!!.."
أجابني بطفولية..واضعا كفه الصغيرة على فاهه..كعلامة على تفاجئه..لاضحك بخفة على شكله الظريف..لكن لحظة..هل قال كاذب!!.."يا ولد!!..أنا أخوك الكبير..لا تقل كاذب..هل هذا واضح!؟..احترم من هم أكبر منك سنناً.."
وبخته بعد أن ضربته بخفة على رأسه كعقابٍ بسيط..وقد كنت جاداً بالفعل..فقد لاحظت كم أصبح مؤخراً يتحدث بوقاحة..بالنسبة لي لا فرق عندي كثيراً..لكن حين تتطور وقاحته..لن يقع اللوم إلا علي..وسيتهمني أبي بكونه يتعلم مني..صدقاً لستُ وقحاً على الدوام..إلا في حالات الغضب الشديدة..كوني لا أستطيع السيطرة على كلماتي..لكن حقا الصغير قصي يتعلم بسرعة ويستخدم هذه الكلمات دوماً..للكبير والصغير.."حااااااضر.."
أجابني بملل..مثبتاً كلا كفيه على رأسه مكان الضربة يدلكها متألما..بينما ابتسمت على شكله العابس..وعدت حاملاً الفأس لاتابع ما بدأته..استمررت بوتيرة منتظمة حتى بدأت تلك العروس الذهبية تتوارى خلف الافق رويدا رويدا وقد صبغت السماء باللونين البرتقالي والاحمر دلالة على أنه الغروب..استقمت بوقفتي أمرن عضلاتي قليلا..فقد شعرت بعظام ظهري تصلبت من كثرة العمل..علاوة على كوني سأنتهي عمَّ قريب..جففت عرق جبيني بالمنشفة التي استقرت على كتفي..ثم ألقيتُ بنظري على من بجانبي ليستقر على قصي الذي قد غفى بالفعل مفترش العشب الاخضر بعشوائية مضحكة..
نمت على شفتي ابتسامة دافئة على منظره...وقد لُمت نفسي على جعله ينتظر كل هذه المدة..من المؤكد كانت بالنسبة له دهراً..وقد عاهدت نفسي كوني لن أنام لليوم..حتى انهي ما طلبه مني شقيقي اللطيف..والذي أحبه حباً جمّاً..ولا أتخيل حياتي من دونه..
أنت تقرأ
#ألم الفقدان....
Ficção Geral-طفل في الثامنة من عمره يعيش حياة هادئة طبيعية مع ذاك الذي يعتبره اسرته الوحيدة وملجؤه الآمن........ -الا ان ايامه الوردية لم تدم طويلا لتنقلب رأسا على عقب..... "رواية ألم الفقدان"ستروي لكم الاحداث المؤلمة التي سيعشها ذاك البرعم بعد فقدان...