١٦-لم ترحل

669 15 6
                                    

وقع البذر من فم سانم وهي تنظر لأختها فمها وعينيها واسعتين ويدها تجمدت في الهواء.
حاولت استيعاب الأمر ولكن عقلها تشوش ولم تستوعب أبداً فأخذت وقتاً حتى تتقبل ما قالته وهي تنظر لأختها بعدم تصديق.
- ماذا؟! ماذا فعلتِ؟! كيف؟! عـ-عثمان... ماذا؟!
- لقد كذبت... كلنا نكذب وليس أمراً جديداً!
  - إنه عذر أقبح من ذنب يا أختي!
لحظتها تذكرت سانم الماضي وكيف نطقت باسم عثمان حينما سألها جان عن اسم خطيبها فقالت بعدم تصديق:
- لماذا يقوم الجميع باستغلال ذلك المسكين دائماَ؟!
لم تعلق ليلى وتذكرت ما فعلته سانم به سابقاً فقالت سانم وهي تحاول إقناعها بألا تفعل.
أختي فكري جيداً وتوقفي عن القيام بمثل هذه الأشياء.. لا يمكنك أن تقعي في نفس الخطأ الذي وقعت به في الماضي، لا يمكنك أن تقولي أنك مخطوبة أو في علاقة وأنتِ لستِ كذلك، إن الأمر خطير أكثر مما تتخيلين!
بدت كلمات سانم منطقية وصحيحة رغم أنها لم تعرف الكثير حيال ذاك الأمر فلم تكن قريبة من أختها ذلك الوقت إلا أنها كانت تعرف أن الأمر لم يكن سهلاً على أختها بتاتاً.
- وأيضاً يا أبلة نحن نتحدث عن عثمان هنا... إنه الشاب الذي أحبك منذ صغره، هل يستحق برأيك أن تستغلي حبه لك بهذا الشكل ؟
نظرت ليلى وبدأت توقن أنها قد تجرح عثمان بهذه الطريق إن علم بالأمر ولكن لأنها لا تستطيع أن تعيد الماضي أو حتى تصلح ما سببته من مشاكل لم تستطع سوى قول:.
- بالطبع لن أخبره!
- وماذا ستفعلين إن علم بالأمر؟! حين علم بأمري لم يهتم لأنه لا يكن أي مشاعر لي ولكن أنتِ با أبلة... سيجرح كثيراً إن علم!
لم تصدق سانم أن أختها العاقلة المنطقية كانت في الحقيقة بهذا الطيش ولكن ليلى لازالت مصرة على رأيها عوضاً عن إهدار كرامتها أمام إيمره.
- كيف سيعلم يا سانم حباً في الله؟!
- لا تستطيعين أن تتوقعي ما يخبئه القدر لك!
انتابها الرعب قليلاً حين بدأت تتخيل مظهر عثمان بعدما يعلم أنها استغلت حبه حتى تؤلم إيمره وتبعده عنها ولكنها حاولت التظاهر بأنها طبيعية أمام أختها حتى لا تظهر السبب الحقيقي الذي جعلها تكذب على إيمره.
تذكرت التضحية التي قدمتها من أجل ألا تترك أختها تعاني وحيدة.
رغم أنها لم تسامح إيمره ولكن أحد الأسباب التي منعتها بأن تفكر فيه حتى كان بسبب أختها وما قدمته من تضحيات لأجل عائلتها فلا تستطيع أن تصبح سعيدة على حساب آلام أختها.
ولكنها لم تستطع أن تخبرها هذا حتى لا تشعر أنها كانت السبب في بعدها عنه وأقنعت نفسها أنها مازالت غاضبة منه ولم تسامحه على ما فعله بها.
- على أي حال لا تشغلي عقلك بالأمر وارتاحي الآن لأنك متعبة.
وبدأت بالسير إلى باب الغرفة وسانم تناديها لتوقفها عن الرحيل لتصلح ما تسببته من مشكلة ولكن ليلى تجاهلتها كلياً ورحلت ببساطة.

_____________________

أنهى الأخان رياضتهما أخيراً بعدما تعرقا وأنهكا جسدهما ولكن كان الجو السائد مازال كئيباً وبهذا الشكل لم يستطع كليهما أن يفعلا شيء محمس لهذه الليلة فتنهد جان وأمسك هاتفه حتى يتصل ببولين.
- ألو بولين كيف حالك؟
- بخير جان... أنا أتجهز من أجل العشاء أين أنت؟
توتر جان قليلاً وحك مؤخرة رأسه ثم قال:
- بشأن هذا هل يمكننا تأجيل العشاء ليوم آخر؟
صمتت الفتاة بعدما صدمت مما قاله ولكنه أراد أن يوضح لها أن الأمر خارج عن إرادته.
- أنا آسف ولكن طرأ لي أمر ما...
ابتلعت الفتاة إنزعاجها وابتسمت لتقول:
- بالطبع لما لا؟ لنترك العشاء لاحقاً... أنا أعرف أنك لا ترفض دعوة إلا لأمر خارج عن سيطرتك.
- شكراً لتفهمك يا بولين... وداعاً.
- وداعاً.
أغلق جان الهاتف مع الفتاة ليلتفت بحثاً عن أخيه وإذ به يجده يقف خلفه ينظر له باستغراب عاقداً حاجبيه.
- هل كانت تلك بولين؟
- نعم...
- لماذا؟
لم يفهم جان السؤال رغم بساطته فشرح أخوه سؤاله مجدداً حتى يستوعب جان الأمر.
- لماذا تحادث بولين؟ هل قلت عشاء أيضاً؟!
ولكن جاوبه جان بكل براءة وقال:
- بولين اقترحت أن نذهب للعشاء سوياً احتفالاً بصداقتنا...
رفع إيمره حاجبيه ونظر لأخيه بعدم تصديق فقال:
- صداقتكما؟ أنت وبولين؟ بولين التي نعرفها؟ حقاً؟
- نعم إيمره.. الفتاة أتت وأخبرتني أنها تود مصادقتي، هل أخبرها أني لا أرغب في صداقتك؟!
رد إيمره عليه ساخراً قبل شربه للماء:
- لقد رأينا صداقتك مع سانم وكيف انتهى بكما الأمر.
نظر جان له وهو يشرب الماء أيضاً ولم يعرف ما يقوله فأتى الرد إلى رأسه وتردد قليلاً عن قوله ولكنها كانت الحقيقة في النهاية.
- الوضع... كان مختلف، فسانم كانت حب حياتي...
ابتسم إيمره بعد سماع أخيه يقول عن سانم هذا ولكن أجبر ملامح على العبوس وقرر أن يغيظ أخيه قليلاً.
- كنت تقول عن بولين نفس الشيء أيضاً... يعني ليس الشيء ذاته ولكن شيء يشبه هذا.
ولكن حتى ينهي جان الأمر قال:
أنا متأكد أنه لن يحدث أي شيء بيننا... إنها تعرف أني أحب امرأة أخرى، حتى لو انفصلنا لا يعني هذا أن قلبي توقف عن حبها.
كان شرحه المفصل مفهوماً من جهة إيمره فهو يعرف أخاه ورأى حبه لسانم بعينيه فرغم أنه لم يفهم في البداية ولكنه يفهم الآن وأيضاً حبه لسانم هو من أعطاه الشجاعة في حبه لليلى أيضاً.
- على أي حال... لقد أخبرتها بأن نؤجل العشاء لوقت لاحق لكي أستطيع البقاء معك.
نظر إيمره له وعقد حاجبيه وهو يبتسم ثم قال ساخراً:
- لماذا؟ هل أنا حبيبتك الجديدة؟
حدق الرجل عليه طويلاً فما بدا على وجهه أنه لم يتقبل هذه المزحة ليقول أخيراً:
- مزحة سيئة جداً، عليك أن تحسن من مزاحك يا أخي...
ضحك إيمره بضحكة لا طعم لها فنظر له جان والتفت ذراعه حول كتف أخيه وقال:
- سيأخذك أخوك الكبير للشرب، هيا!
- لا، لا أريد... لقد أهلكتني الرياضة وأريد النوم أكثر من أي شيء آخر.
تظاهر جان بالحزن وقال:
- هل تقول هذا بعدما ألغيت عشاء بولين؟
فضحك إيمره وهو ينظر لأخيه وقال:
- هل تقول أني السبب يعني؟ بدا لي أنك استغللتني لا أكثر وأنك لم ترغب في الذهاب معها من البداية!
- هل يعقل شيء كهذا يا روحي؟
- إذاً أخبرها بأنك تقبل دعواها مجدداً...
حدق جان بالفراغ وأخذ يفكر في الأمر قليلاً حتى لا يظهر بأنه استغل وضع أخيه حقاً فسعل ثم قال بثقة:
- هل يعقل أن أرفض الشيء ثم أعاود تغيير رأيي؟!

Zümrüdüanka العنقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن