٩-لعنتي

1K 49 19
                                    

جلس الرجل على واحدة من الصخور الموجودة أمام كوخه وأخذ ينظر على صورة قد التقطها قديماً لحبيبته وأخفاها عنها وعن الجميع وحينما كان يلجأ لكوخه مبتعداً عن الجمع والزحام كان يلجأ لتلك الصورة أيضاً..
في الجزء السابق ذكرنا أنه سيلجأ لكوخه ولجوئه لكوخه كان يعني له الكثير فإن رأيتم جان يلجأ لذاك المكان دون الجميع فاعلموا أنه بلغ سيل الزبى...!
فهذا هو جان ديفيت، القوي الصلب أمام الناس، الهش الضعيف وحيداً...! 
رغب بالجلوس وحيداً يفكر لستوعب ما يمر به وستدركه بعد أن وصل به التشويش والضيق إلى القمة لديه...!
فأراد أن يواجه ما في قلبه ويعرف ما بداخله...!

كان يشعر بالرهبة لمواجهة ما بداخله فكان يسأل نفسه لماذا يخاف بذاك القدر؟
لماذا يخاف من معرفة الحقيقة؟
لماذا يخاف من مواجهة مشاعره؟
بل كان يخاف من مشاعره نفسها..!
كان يظن أن تلك المشاعر لو كانت حقيقة فسيتعذب قلبه ويحترق بنار العشق ويشوى في لهيبها...!
ولكن تلك لم يكن ذلك ما يحصده فقط بل إن لم تكن تلك المشاعر حقيقية فسيتعذب كذلك.
فإن لم يحتوي قلبه على أية مشاعر لها وهرب بسبب الألم التي سببته له سيؤلمه قلبه ويعذبه ضميره على إيلام قلبها وتعذيبها...!
وإن هرب وهو فارغ القلب في البداية وأيقن حبها فيما بعد سيموت قهراً وألماً ويحترق في نار الندم على خطئه بالرحيل وتركها...!
بل سيموت أكثر حينما يبقى وحيداً بذاك القلب المحمل بالمشاعر الغير قادر على أن يجد رداً لمشاعره...!
وإن قرر البقاء وعدم الهروب وأيقن ما في قلبه لن يستطيع أن يتخطى ذاك الألم الذي سببته له سانم وسيبقى معلقاً بحبها ولن يأخذ أي خطوة لا للأمام أو حتى للخلف لمجرد أن قلبه مربوطٌ بها...!
فسيراقبها من بعيد فقط لا يستطيع أي خطوة تجاهها ورحم نفسه ونسيانها وحتى لن يستطيع رحمها هي...!
كان سيعاني في جميع الحالات والأوقات وهذا كان يقتله ويحرقه حياً بدون أن يفكر حتى...!
فكما يقولون حبها هم وعدم حبها هم آخر...!!

ولكنه لا يدرك كل تلك النتائج فهو لم يعش التجربة ومن الممكن أن يسافر لينصدم بالحقيقة المرة فيما بعد، فطول الزمن يساوي الاحتراق فلكي يتألم ويعاني بحق عليه أن ينتظر بعض الوقت حتى يرى بنفسه. فلذلك كانت فكرة السفر قائمة لديه وقد ينفذها إن شعر بالرغبة في الرحيل حقاً دون أن يلتفت وينظر خلفه ولكن سيأتي يوم عليه ويوقن أن ما فعله كان خطأً كبيراً ويندم عليه أشد الندم... ويبكي بدل الدموع دماً...!
ورغم كل تلك العواقب والنتائج المؤلمة الذي يدركها ولا يدركها إلا أنه رفض الهروب منها مجدداً لأنه بهذا يظلم سانم ولا يريد ظلمها أكثر من هذا...!
لقد آلمها كثيراً وإن ظل غاضباً منها بسبب كذبتها عليه على الأقل لا يعذبها بعدم حبه لها لأن بذلك سيكون عقاباً شديداً هو بنفسه لن يتحمله إن كان مكانها.
لقد سئم من العاصفة التي بداخله ويريد أن يحكمها ويوقفها أو على الأقل إن لم يستطع ذلك كان يريد أن يرى إلى أي طريقٍ سترمي به وتعصفه.
ولكي يعرف ذلك عليه أن يعذب نفسه ويتذكر كل الجميل والقبيح في حكايتهما دون أن يرحم روحه أبداً..!

Zümrüdüanka العنقاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن