3- الزائر !!

1.1K 26 0
                                    

بدأ النهار جميلا أشرقت الشمس منذ الصباح الباكر حتى إذا اقترب المساء فقد الجو حرارته .. وانبعث العطر من الجوانب المزهرة حيث استلقت كارولين على وجهها في الحديقة تحت شجرتها المفضلة
وأخذ فيتو الطفل العنيد البالغ من العمر ستة أشهر تقريباً في تسلق ظهرها محاولاً الإمساك بشعرها... وكانت كارولين تضحك من قلبها وهي ترواغة وتمازحه لتمنعه كلما مد يده نحو شعرها ....
لم تسمع كارولين صوت السيارة الهادر عند وقوفها أمام باب المنزل ولم تنتبه إلى ذلك الرجل الذي شرع يراقبهما بعينين حادتين .. كان انتباهه مركزا على كارولين وطافت عيناه بخصلاتها الذهبية الخالصة ووجهها الجميل الجذاب.
ثم ألقى نظره خاطفة على عينيها الملونتين بلون زهره البانسية وهى تتقلب محاوله تفادي قبضات الطفل .
خطا الرجل إلى حيث كانت كارولين فرفعت بصرها سريعاً وإذا بها تفاجأ بوجوده أمامها . فنهضت جالسة على الحشيش الأخضر وحدقت فاغرة الفم في هذا الغريب الأسمر الذي وقف يرمقها .
كان طويلا وذا وجه متعجرف وكانت السخرية بادية في صوته وهو يتحدث :
_هل أنت الآنسة لندسي؟.
_نعم ,ماذا تريد ؟
_هل هناك مكان يمكنننا التحدث فيه يا آنسة لندسي؟
_لماذا لانتحدث هنا .
أخرج حافظة من جيبه الداخلي واستخرج بطاقة اعطاها الى كارولين دون أن يتكلم .
ونظرت إلى البطاقة ثم شهقت في دهشة حينما ظهر الاسم أمامها فجأة كان دومنيكو تورد وجهها وهي تعيد إليه البطاقة ثم قالت له :
_تفضل معي إلى البيت .
طلبت إليه الجلوس ريثما تعد له فنجانا من الشاي ,إنه من أفراد عائلة فيكاري التي ينتمي إليها ,وعندما عادت كان يجول بنظره فيما حوله باهتمام بالغ ثم قال :
_أرى أنك تملكين تماثيل جميلة بالإضافة إلى الصور الرائعة,أهي هدايا من معجبين ؟
فوجئت كارولين بهذا الأسلوب الذي يعتمده في مخاطبتها,لعله يظنها دورندا,كان من الواضح انه أعد نفسه لمقابلة فتاة متحجرة القلب تسعى وراء المال أو ترغب في قضاء وقت ممتع .
تذكرت كارولين فجاة أن دورندا ذكرت لها أبن عم لفيتو يدعى دومينكو وتمنت لو استطاعت ان تسيء إليه كما أساء فيتو الى أختها وردت بعذوبة مصطنعة :
_ربما فعلى الفتاه أن تنظر الى المستقبل ياسيد فيكاري وهل ثمة ماهو أفضل من استثمار المال في الأعمال الفنية ؟
رمقها بنظره قاسية ، و قال :
_مامدى معرفتك بفيتو يا آنسة ليندسي ؟
كادت كارولين أن تجيب بأنها لم تعرفه ,ولا تريد ان تعرفه لكنها تذكرت ماقاله في ازدراء عن أعمالها الفنية كما انها كانت قد قررت ان تنتحل شخصية دورندا لتعاقبه على موقفه
_اعتقد أنني عرفته إلى المدى الذي تعرف فيه كل أم او أبا لطفلها هذه الأيام ,لهونا كثيراً,وتمتعت بهذا العلاقة لكنه هجرني مع الأسف وأنا احمل طفلاً
أما فيتو العزيز فهو حر طليق بينما يحاول أبن عمه إصلاح ما أفسدة وهو يلهو ,أعتقد أن هذا هو مقصدك من هذه الزيارة يا سيد فيكاري ؟
فمقصدك هو ان تعزي ام الطفل ,ترى كم مره اضطررت إلى القيام بهذا العمل الممل ؟
وهل يروق لك ذلك؟
لم تكن كارولين تتوقع اليد التي امتدت ناحيتها وقبضت على معصمها بشدة وغرست أصابعه الفولاذية في جلدها الناعم
كان صوته بارداّ كالثلج وهو يقول :
_مات فيتو يا انسة لندسي ,عندما سقطت الطائرة التي كان يستقلها لتحمله إليك بسرعة .لو انه انتظر ليجد مكانا في احدى الرحلات الدائمة لكان حيا الان, لقد كان حبه لك اقوى من ان ينتظر ساعات قليلة ليصل اليك,ولقد شكلت فرقة للبحث عن الطائرة ,فوجدت الطائرة حطاماً على بعد عدة أميال من المدينة ولا أثر للحياة أظلمت عينا كارولين ,ثم رفعت عينيها إليه قائلة :
_أرجوك قل إن هذا غير صحيح يجب ألا يكون صحيحا ماذا سيكون مصير الطفل ؟
_ وأرجو أن توافقينني على الخطة التي وضعت نظرت إلية في ارتياب ثم سألت :
_ أي خطة ؟
_إنني أرى أن أسهل حل للمشكلة هو أن نتزوج !
وقبل أن ينطق بكلمة أخرى هبت كارولين واقفة وقالت بصوت صارخ :
_هل فقدت عقلك أتزوجك ؟ أفضل ان اموت.
_بزواجنا نكفل للطفل تنشئة تتفق ومنزلة أبية الاجتماعية وسيكون مستقبله مشرقاً ثم نظر بطرف عينة إلى كارولين وتابع :
_وعندما يبلغ سن الرشد يصبح تلقائياً شريكاً في أحدى أعظم شركات الاستيراد والتصدير في إيطاليا,بل يمكنني في الواقع ان اقول من اكبر الشركات في العالم , يضاف إلى ذلك أنه سيرث مبلغا من المال سأودعه باسمه حالما نتزوج,اتحرمينه من ميراثه لمجرد كونك تحسين نحوي بشيء من الكراهية
خيمت فتره من السكون غرقت فيها كارولين في خضم من الأفكار بينما كان الرجل يتأملها متفحصاً أجزاء جسمها استعادت كارولين رباطة جأشها وقالت :
_ياسيد فيكاري ، لا يخامرني أدنى شك في أنك صادق النية في مساعدتنا او في انك قادر على مدنا باكثر مما نطمع اليه لكن شعوري هو أنني أرفض عرضك لأنني اشعر بأنني لن انسجم معك ثم أنني عندما أريد أن أتزوج فأنني سأختار رجلاً أحبه وليست لدي أي رغبة في الاقتران برصيد في بنك أرجوك فلتذهب الآن ,لقد كانت مقابلتك تجربة بالنسبة الي.
سارت نحو الباب وأمسكت بمصراعيه مفتوحاً وانتظرته ليخروج
وفوجئت به ينهض ليفعل ما أمرته به ,وعرتها الدهشة جعلتها تقف فاغرة الفم عندما رأته يقف لينحني لها وليقول :
_أشعر أن لدينا الكثير مما يجب مناقشته يا انسة لندسي لكني أتوقع اتصالا هاتفيا بعد أقل من نصف ساعه في الفندق ولذلك سأذهب الى هناك وبعد العشاء سأعود لأراكما مره أخرى ونستكمل حديثنا عن الخطط المستقبلية ثم نظر اليها وقال :
_في هذه الاثناء سيكون لديك وقت كاف لدرس اقتراحي في تمعن وروية في ضوء مستقبلك ومستقبل الطفل
مرت بسلسلة كاملة من الاحاسيس فلم تقابل في حياتها رجلا مثله استطاع بقوة شخصيته ان يتعبها ثم يتركها وكانها دمية ممزقة ,اتجهت الى الغرفة وجلست مجهدة في الاريكة التي اخلاها ,دومينكو فيكاري منذ لحظات
بقيت كلماته الأخيرة تزن في إذنيها ,هل من حقها ان تنكر على فيتو ما سيرثه من عائلة فيكاري؟
عضت على شفتها وتفجرت فيها المرارة التي طالما قاومتها وهي تتذكر تصرفات دورندا المجردة من كل عاطفة ,ومع ان كارولين حاولت ان تلتمس الأعذار لاختها الا انها كانت تحس بالاسى كلما تذكرتها
كانت كارولين مضطربة وقلقة صباح اليوم الذي زارها فيه السيد ولكنز وكيل اعمال ابيها كان قد اتصل بها طالبا منها التوجه الى مكتبه باسرع مايمكن لينقل اليها ماعنده من اخبار فلما وقف على الصعوبات التي تصادفها في التنقل وسط المدينة هي والطفل عرض عليها ان يحضر في اليوم التالي
قال والكنز :
_تطور الامر بطريقة الصدفة يا انسة لندسي ,لعلك تذكرين انني اشرت الى اسهم مملوكة للمرحوم ابيك وانه ليسعدني ابلاغك ان عندي عروضا ممتازة من زبائن يريدون شراءها فالشركة التي استثمر فيها المرحوم والدك ماله فاجات الجمهور بسلعة مرغوبة وها هي اسعار الاسهم تقفز الان في سوق الاوراق المالية,ومع الوقت اعتقد ان وسعي القول باطمئنان الى انك ستحصلين على دخل جيد من استثمارك
سعادته انقلبت الى صدمة وذهول عندما اصرت على بيع الاسهم وفورا بدلا من ابقائها في الشركة وتمسكت برايها ,فاستجاب على كره منه لقد جنبها هذا المال غير المتوقع بيع مقتنيات ابيها الثمينة
التفتت إلى الساعة وأدركت أن الوقت حان لحمام فيتو
كان الطفل يترنم بصوت عالي وينثر الماء على كارولين عندما عاد دومنيكو فيكاري
سمع صوت ضحكهما منبعثا من الحمام وبخطوات واسعة ارتقى السلم ودخل عليهما ,وكانت كارولين ترفع فيتو من الحوض وللمرة الأولى بدا منه انه لاحظ فيتو ، وارتسمت على وجهة ابتسامة صبيانية غير متوقعة وهو ينظر إليها بينما كانت تحاول ان تجفف الطفل رفع الطفل وقال
_دعيني أتولى الأمر ، فقد حان الوقت لأجعله يألفني ثم رمقها بطرف عينه وقال :
_أما أنت ،فسأسعى إلى تحسين علاقتي بك فيما بعد .

في قبضة الاقدارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن