الفصل الثامن عشر
ها هو ذا آلن يجلس بغرفته مُرتديًا ثيابًا أنيقة،
وتحديدًا أمام طاولته المستديرة، واضعًا
عليها روايته التي قد كتبها بالإضافة إلى بعض
المؤلَّفات الخاصَّة بكاتبه المفضَّل مع القليل
من الأقلام، شبكَ أصابعه ببعضها والحماس
يكاد يقتله، لقد انتظر هذه اللحظة منذ زمن،
جلسَ ليام بجانبه بينما يحمل بيده
هاتفًا يتصفَّحه بهدوء تام، فنهض
الأصغر من مقعده للمرَّة المئة ناظرًا
لانعكاس نفسه بالمرآة بتوتُّر وفرح شديدَين،
هو يريد أنْ يبدو وسيمًا في أوَّل لقاء له،
اتَّضحتْ سترته الصُّوفيَّة وشعره
الذي كان مصفَّفًا بعناية من خلال المرآة،
مسح شعره بيده ليخفي الخصلة التي ظهرتْ
من العدم مُفسدة تلك التُّحفة الفنيَّة،
التفتَ ليام له متنهِّدًا ليقول بنبرة
يائسة : " ما بكَ ؟ عليكَ أنْ تهدأ، إنَّها ليستْ ليلة
زفافكَ لتتوتَّر هكذا، هيَّا تعال واجلس هنا "
ربَّتْ على المقعد بنهاية حديثه ليومئ
آلن بعبوس، ولكنَّه جلس مرغمًا والهدوء
يعتليه عكس العاصفة بداخله،
فنظر ليام له بخبث : " آلن، قلتُ اهدأ ! "
بادلَه المعنيّ النَّظرات لينطق بغباء :
" ما بكَ ؟ أنا هادئ تمامًا " رفع ليام
الهاتف أمام وجه بندقيّ الشَّعر مبتسمًا
بنصر : " لا تحاول، دقَّات قلبكَ
تُثبتُ عكس ما تقوله تمامًا " حدَّق
آلن بشاشة الهاتف ليرى مستوى
نبضات قلبه التي تقاس بتمعُّن
موضِّحة لليام عن أيّ تدهور بحالة
قلبه، ودقَّاته الآن بازدياد ملحوظ،
زفر آلن الهواء بتعب، ونقل بصره
للسَّاعة الملتصقة بيده مُتمتمًا بضجر :
" أنا حقًّا أكرهها ".قطع ذلك الحوار صوتُ طرق
الباب لينقلب لون بشرة الأصغر
للأحمر وكأنَّه حبَّة طماطم، وقف
بسرعة ليقف ليام بعدها برزانة وفتح
الباب، ألقى التَّحيَّة وقد سمح للكاتب
بالدُّخول، نظر له آلن بتمعُّن في حين
عيونه بدأتْ بالبريق ! إنَّه هو حقًّا،
كان يرتدي بدلة سوداء رسميَّة، شعره
ذو لون فضِّي أنيق، اقترب الكاتب من
آلن مبتسمًا بلطف ليلقي التَّحيَّة
عليه مادًّا يده، فارتبكَ آلن بشدَّة
ليدركَ واقِعه مصافحًا إيَّاه وهو يلقي التَّحيَّة
أكثر من مرَّة دون إدراك منه، جلس
مارتن مقابل ليام وآلن، فقال ليام
كاسرًا تلك الأجواء الغريبة :
" حسنًا سيِّد مارتن، هذا هو آلن
أخي الذي حدَّثكَ عنه جاردن سابقًا "
أخفض آلن رأسه أكثر ليضحكَ
الكاتب على ظرافتِه قائلًا بلطف :
" يبدو ظريفًا، وخجولًا ! "
نقل بصره لآلن :
" مرحبًا آلن سُررتُ بلقائكَ "
نظر له الآخر بحماس مردفًا بمرح :
" أنا أيضًا سررتُ بلقائكَ سيِّد مارتن "
ابتسم الكاتب بلطف ليعيد أنظاره لليام،
بدآ بالتَّحاور دون توقُّف، فالكاتب كان ثرثارًا
وليام يجاريه في ذلك.بقيَ آلن يستمع لهما دون اكتراث، فهو قد
أَوْلى كلَّ تركيزه واهتمامه على مارتن، فحدَّق
بكلّ تفاصِيله، أسلوبه بالحوار،
لطفه، حسن تعامله وكلَّ شيء
فيه قد لفتَ انتباهه، وبعد تلك
الجملة التي ألقاها ليام خاتمًا حديثه،
نهض من مكانه ليستأذن رافعًا يده :
" حسنًا، أنا ذاهب لذا خُذا وقتكما "
أومأ فضِّي الشَّعر وعاد ببصره
للصَّغير الساكن، ربط ذراعيه ونطق
بمرح : " اسمعنِي آلن، يمكنكَ اعتباري
بمثابة الصَّديق، لذلك هلَّا توقَّفتَ عن خجلكَ ؟ "
ارتبكَ الآخر ولكنَّه ابتسم بلطف :
": اءء حسنًا .. كلُّ ما في الأمر أنِّي
لازلتُ غير مصدِّق أنَّكَ هنا "
ضحكَ مارتن على ظرافة آلن ليقول :
" أوه فهمت فهمت، هكذا الأمر إذن،
ولكن صدِّق فها أنا ذا بشحمي ولحمي
أجلس أمامكَ "بدأ آلن حديثه بعد أنْ وجد مارتن
شخصًا لطيفًا ويسهُل التَّعامل معه
حتى دون رسميات : " سيِّد مارتن،
هذا الكتاب الخاصُّ بكَ يُعدُّ من
أفضل الكتب التي قرأتُها، أنا حقًّا
معجب بسردكَ ووصفكَ لكلِّ شيء
بدقَّة " قالها بينما يرفع أحد الكتب
من المِنضدة، قهقه الكاتب ببعض
الخجل : " أشكركَ على هذا الإطراء،
ولكن أتصدِّق أنَّكَ بالفعل شديد الملاحظة،
فهذا الكتاب يعدُّ أفضل ما كتبتُه "
حكَّ آلن مؤخِّرة رأسه بتوتُّر، ثمَّ أعاد
الكتاب مكانه ليتناول غيره من أعمال
مارتن شارحًا له أفضل جزء بالكتاب،
ومارتن قد أعجبه الأمر بالفعل ليبادل
آلن الحوار مُعطيًا إيَّاه نصائح بين الحين
والآخر، وهكذا إلى أنْ وصل لدفتره
الخاصِّ، أمسكه بفرح ليمدَّه نحو الكاتب
طالبًا توقيعه بحرج، فابتسم الآخر له
ليوقُّع سائلًا آلن : " امم، ما هذا الدفتر هناكَ ؟ "كاد آلن يجيب على سؤاله ولكن صوت
طرق الباب قاطعه، دخل أحد الخدم
مُحضِرًا معه فنجانَين من الشَّاي
واضعًا أحدهما أمام الكاتب والآخر
أمام آلن، انحنى لينصرف باحترام
مُغلقًا الباب خلفه : " ما الذي كنتَ تقوله " قالها
الأكبر بينما يرتشف من فنجان الشاي
" أ-أجل، سألتني ما هذا الدفتر، في
الحقيقة هنا توجد روايتي التي بدأتُ كتابتها
منذ مدَّة " أنزل مارتن الفنجان ليسأل بفضول
" هل لي بقراءتها ؟ " صُدم آلن بداية
ولكنَّه وافق بالتَّأكيد، فمن الأحمق الذي
سيرفُض عرضًا كهذا ! بدأ بقراءتها
بتمعُّن شديد تحت أنظار الأصغر
المُحرجة.قلَبَ آخر صفحة من الرِّواية، ثمَّ
نظر لآلن المُرتبك بعيون متَّسعة قائلًا بصدمة :
" مذهل، هل أنتَ من كتبها ؟ "
حرَّكَ الآخر رأسه بالإيجاب ومازال
التوتُّر مرسومًا على وجهه،
استكملَ الأكبر حديثه بابتسامة
مشرقة ونظرة مليئة بالفخر :
" هذا مدهش، حقًّا مدهش،
أتكتبُ مثل هذه الرِّوايات بسنِّكَ هذا ؟
أنا بالفعل أُعجبتُ بما كتبتَه، وأتمنَّى أنْ
أقرأ الباقي، أرى أنَّ لكَ مستقبلًا مشرقًا،
كما أنَّ هذه موهبة جميلة يجب أنْ لا تُدفن "
خجل آلن بشدَّة لكلِّ هذا المديح ليُبعدَ أنظاره
عن مارتن قائلًا بحرج : " شكرًا لكَ "
نظر مارتن لآلن بعزم ناطقًا بإصرَار :
" اسمعني، يجب أنْ يكون لنا لقاء آخر،
ما رأيكَ بأنْ نذهب إلى مكتبتي المفضَّلة والتي
قد قمتُ بكتابة الكثير من الأعمال فيها ؟ "
فرح آلن لذلك كثيرًا رغم أنَّه تفاجأ،
ليصرُخ بقوَّة : ": اتَّفقنا " ، ضحكَ
الكاتب ليدركَ آلن فعلتَه، حرَّكَ يديه
لفمه مُغطِّيًا إيِّاه بحرج شديد، فاستقام
الأكبر من مكانه وهمَّ ببعثرة شعر آلن
" أنا ذاهب الآن، أنتظرُ زيارتكَ
أيُّها الكاتب الصغير " احمرَّتْ وجنتاه
ليوافق الأكبر مودِّعًا إيَّاه .ما إنْ خرج مارتن حتى رمى آلن
بنفسه على السَّرير بقوَّة مُبتسمًا
بسعادة لا توصف، لقد قضى
اليوم وقتًا مُسلِّيًا وفعل ما حلم
به منذ زمن، أغمض عينيه والابتسامة
لَمْ تفارقه، ودون شعور منه سرقه النَّوم بعيدًا.احممم رأيكم ؟؟؟🙈🧡
اي توقعات ؟ 😭
نحبكم واعتتذر عن التأخير🥺🧡....
أنت تقرأ
حُلم بين صفحات 🌠
Fanficالنبذة : حلم بين صفحات هي قصة تحكي عن كفاح فتى لم يتجاوز ١٥ ربيعا، تحكي عن ألمه ومعانته ضد الحياة التي لم ترحمه، معانةٌ لا يتحملها شخص بالغ ، فكيف يتحملها فتى صغير !؟ فها هو يحارب مرضه، في محاولة لتحقيق حلمة. مـُـقــتَـطــفــاتــ :- " امكم ذهبت ف...