3_" آمال"

29 8 0
                                    

«هنا نحن ذا»
قُلتُ لذات السبع سنوات حين أوقفت سيارتي أمام مدرستها.

جهزت حقيبتها لكي تنزل من سيارتي، لكنها توقفت و نظرت لي، فعلمت أنها تود قول شيء لكن بدا عليها التردد، فابتسمت و قُلت :
«ما الذي تودي أن تقوليه؟، لا تترددي.. قوليه فحسب.»

«هل ستتأخر اليوم في العمل؟»
سألت بينما تلعب بأصابعها الصغيرة، قهقهت بخفة و نفيت :
«لا.. أنا مَن سيصتحبكِ اليوم من المدرسة»

صمتت قليلًا ثم قالت بينما تنظر لأصابعها :
«هل يمكننا أن نزور جدي و جدتي اليوم بما أن في الغد عطلة نهاية الأسبوع؟»

ظللتُ أنظر لها بهدوء حتى أن رفعت رأسها بتردد منتظرة ردي، فابتسمتُ بدفء و قلتُ :
«كل ذلك التردد لأجل هذا!
بالطبع لن أرفض شيء لأميرتي ..
لكن هنالك شرط!»

«ما هو؟»
قالت سريعًا بفضول، فقلتُ بعد أن تصنعت التفكير :
«سأوافق بعد أن تعطيني قبلة و عناق.. و بما أنكِ لم تعطيني قبلتي في الصباح، فلقد أصبحوا قبلتان و عناق!»
نظرت لي بتعبيراتها اللطيفة و هي سعيدة، فقلت بسرعة متصنع الجدية :
«هيا قبل أن أغير رأيي!!»

فأندفعت نحوي بسرعة تقبلني فقهقهت بصوت مرتفع بعض الشيء، ثم قامت بمعانقتي، لو تعلم كم أن عناقها دافئ !
حقًا أرغب بأن أوقف الزمن عند ذلك وحسب.

فصلت العناق، فطبعتُ قبلة على وجنتيها من ثم مسحت على شعرها قليلًا و أنا أقول :
«هيا قبل أن تتأخري على المدرسة»
فأمأت و هي تفتح باب السيارة، فقلت قبل أن تغلقه :
«والدكِ يحبكِ»
فقالت مبتسمة :
«و أنا كذلك أبي»

ظللتُ أنظر لها حتى أن دخلت المدرسة، ثم تنهدتُ لأنطلق بالسيارة.

أعلم كم هي تحب جدها و جدتها، و حقيقةً أنا كذلك أحبهما، منذ أن عرفتهما و هما يعاملاني على أنني ابنهما ..
لكن لأكون صريح، جزء مني يخشى أن تتعلق بهما !
أعلم أن ما أقوله أناني بعض الشيء و غريب لكن فقط أنا أعلم أنهما عجوزين الآن و أخشى أن يرحلا بأية لحظة ..
فقط أنا لا أرغب بأن تتألم.

أنا أكثر من شرب من ذلك الكأس لذلك أدرك جيدًا مرارته، و لهذا لا أريدها أن تتذوق منه..
على الأقل ليس بسنها الصغير ذاك، يكفي رحيل والدتها.

جميعنا نأمل لأولدنا أن تكون حياتهم أفضل من حياتنا، خالية من جميع الأخطاء التي أرتكبناها في الماضي حتى لا يندموا هم أيضًا عليها في المستقبل، و خالية أيضًا من كل ما قد يؤلمهم..
بالقدر المستطاع، لإن ذلك ليس بيدنا أختياره !

آمل ألا تتألمي مثلي صغيرتي ..
حقًا آمل ذلك.

••
و يتبع..

زهرة الأقحوان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن