4_"نصيحة"

23 5 1
                                    

أوقفتُ السيارة أمام منزل جَديها، لقد ذهبنا إلى هناك كما وعدتها.
خَرجت من السيارة مسرعة تطرق باب المنزل بينما أنا ضحكتُ على مظهرها اللطيف ثم تبعتها أخرج من السيارة.

فتح جدها الباب و فور أن رأها ابتسم بوسع و حملها يقبلها و يعانقها بأشتياق، ثم أتت جدتها و حملتها منه تُعبر عن أشتياقها لها ببعض الكلمات المعسولة، رحبا بي مبتسمين، فابتسمت لهما و دخلنا جميعًا المنزل.

جلسنا في غرفة المعيشة، فقالت صغيرتي :
«إنني اشتم رائحة شهية، هل جدتتي كانت تطهو؟»
ثم نظرت جهة جدتها منتظرة ردها، فقالت :
«أجل.. اعتقد أن الطعام قد اوشك على الإنتهاء»
صفقت موون بحماس و قالت :
«لقد اشتقت لطعامكِ، لا استطيع الإنتظار»

قربت الجدة وجهها منها قليلًا و تحدثت بلطف :
«تعالي معي إلى المطبخ لتتذوقيه»
قفزت من على الأريكة بحماس تتبع جدتها التي توجهت إلى المطبخ.

نظرتُ للجد حين شعرت أنه يحدق بي، ابتسم و قال :
«تعال معي»
وقف ثم اتجه إلى أحد الغرف، و أنا تبعته بهدوء.

لقد توقف عند غرفة يفتح بابها، فعلمتُ أنها غرفة زوجتي، هوا يونغ.

دخلنا الغرفة، فأقتربتُ من حائط مليء بصورها منذ أن كانت طفلة رضيعة حتى صورة زفافها، لم يتغير بها شيء منذ صُغرها، جميلة بشكلٍ ساحر !

أتاني صوت والدها من خلفي قائل :
«تبدو متعبًا .. رغم جهودكَ لاخفاء ذلك»
أقترب أكثر حتى وقف بجانبي و قال :
«أدركُ أنكَ تجاهد حتى تكون ابًا جيدًا لها، و أدركُ خَوفكَ الشديد من أن تشعر هي بالنقصان ..
يقولون أنفاقد الشيء لا يُعطيه و مع ذلك أنتَ تُعطيها كل ما فقدته، لذلك لا تقسو على نفسكَ بُني»

نظرتُ له، فنظر لي و أكمل :
«أراكَ تفكر في كل شيء حولها، أراكَ تسعى لحمايتها من جميع الجهات لكن عليك ألا تنسى أنه ليس بيدكَ التحكم بكل شيء.
ستتعرض لصدمات و ربما ستتألم لكن وجودكَ بجانبها سيساعدها لتصبح أقوى، أنا أثقُ بكَ»
أنهى حديثه ببسمة دفيئة، ثم نظر لحائط الصور و قال :
«أول مرة حملت بها هوا يونغ بين يدي، شعرت بالخوف اتجاه كل شيء، أخذني تفكيري إلى
هل سأكون ابًا جيدًا؟، هل سأقدم لها ما تحتاج؟›، و الكثير من الأسئلة اللامتناهية ..
بكل يوم كنت أراها تكبر أمام عيني كنت أسعد لأنني تمكنت أن أكون ابًا جيدًا لها.

أعلم كم أنتَ متعلق بها، و لازلت لا تتقبل رحيلها رغم تلك السنين التي مضت و رغم الوقت القصير الذي أمضيته برفقتها مقارنةً بي، صراحة لا ألومكَ لكن..
هل تعلم أكثر مرة تألمتُ فيها؟، اليوم الذي رحلت فيه عني، وجتني أحمل كفنها بدل ما أن تكون هي مَن يحمل كفني، وجتني أضع التراب فوق طفلتي التي كانت بين يدي ليلة أمس ادللها..»

نظرتُ له ثم وضع كفه على كتفي و قال بحنو :
«لا أقصد أن أُلمكَ لكن أريدكَ ألا ترهق عقلكَ بالتفكير حول الماضي و المستقبل، عِش يومكَ كما هو، قدم ما بوسعكَ تقديمه و كُن دائمًا مُساندها، مصدر قوتها، و تأكد أنه لن يصبها مكروه ..
سأدعو لكما كثيرًا!»

لم أجد شيء لأقوله، فظللتُ أنظر له بصمت و على وجهي ابتسامة بسيطة ..
حقًا أشعر بالامتنان !

أعاد نظره لحائط صورها و قال :
«سبب تسميتي لها هوا يونغهو أنني وجدتها أجمل فتاة رأتها عيناي ..
أجمل زهرة ببستاني، و الفريدة من نوعها!»

خرجنا من شرودنا حين استمعنا صوت طفلتي تنادينا لأجل تناول الطعام و قبل أن نخرج من الغرفة نظر لي و قال :
«كُن رحيمًا تجاه نفسكَ بُني»

حديثه معي لم يفارق ذهني، ظل يتردد في أذني .. طوال الليل !

••
و يتبع..

زهرة الأقحوان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن