الفصل الثاني والعشرون

5.8K 165 4
                                    

الفصل الثاني والعشرون

خنجرٌ صديق

كان أحمد يقود السيّارة ببعض من العصبية، عصبية يستمدها من عناد سراب في التماسك أمام أعاصير شوقه التي تكاد تفتك بكلّ أنفاسه: سراب... هيك من الآخر... اختصري عليّ وقوليلي متى ناوية ترجعي؟!!
تماسكت سراب قليلا وهدّأت من شوقها تدعوه لمزيد من الصبر، فأحمد لا زال يلاوعها، يقول ما يريد ويشتتها عن ما لا يريد... أخبرها عن طفولته... مراهقته... غربته ودراسته... الأسباب الظاهرية لطلاقه... ولكنه ذلك الإنغلاق الذي تشعر به ما إن يتحدث عن زواجه الأول ما يغيظها فقالت بعناد: لسّة أحمد لسّة... في كتير شغلات إحنا ما بنعرفها عن بعض وأنا المرة هاي ناوية ما أرجع إلّا وأنا فاهمة كلّ إشي
زفر أحمد بحدّة ليقول بصوت فاقد لصبره: سراااب شو كأنه اللعبة عنجد عاجبتك؟ احنا إلنا عشر أيّام ما بنعمل إلّا الحكي!!
ضحكت سراب بخفة سعيدة بلهفته عليها: طيب وين المشكلة في ناس بيضلّوا سنة وسنين خاطبين ومع هيك ما بملّوا من الحكي!!
إغتاظ أحمد منها ومن لوعها وقال بقهر طفولي محبب إلى قلبها: أساسا لو بتحبيني كان بتكوني مشتاقيتلي زي ما أنا مشتاقلك وأكتر كمان... بتعرفي إلي من متى محروم منّك؟ شهر... شهر بحاله إذا مش أكتر كمان!!
تنهدت سراب وكلّها يحترق بلوعة الجوى وقالت: إنت بدّك تقوللي... مو أنا حاسبتهم أكتر منّك واذا بدّك بعدّلك ايّاهم يوم بيوم
توقف أحمد دون شعورٍ على حافة الطريق ورمى برأسه على عجلة القيادة بإرهاق شديد بدني ومعنوي وقال باختناق: طيب لييييييش ليش... تعالي وخلصينا خلينا نرتاح!!
تنهيدة أخرى ندت من قلب سراب وقالت: أحمد إحنا قبل ما تصير المشكلة الأخيرة وأروح على بيت أهلي شو صار؟
تبسم أحمد بحسرة وقال بينما يغمض عينيه بارتخاء: كان وضعنا فلّ وبنتجهز لليلة طاحنة وبتذكر كمان إنّه كنتي مشتاااقة ومجهزة غرفة النوم لليلة مشهودة ومزبطة حالك لـ....
تورّدت سراب واختنقت بحسرة أخرى على تلك الليلة الضائعة، أكان عليه أن يجد الدواء في ذات الليلة... لكنّها تماسكت وقاطعته: بس بس... خلص وضحت الصورة...بس أحمد أنا بحكي عن قبل هيك... عن طلوعي من البيت من دون إذنك... أحمد انت حتى ما حاسبتني على هالموضوع ولا مرة من وقت ما تصالحنا!!!
تغضّن جبين أحمد وقال بصوت متعكّر: بتذكر إنّه حكينا بالموضوع بوقتها
أجابته سراب بصوت قاطع: لأ ما حكينا أحمد... ما حكينا... إنت هجرتني ورجعت وصالحتني... لا إنت فهمت أسبابي للغلط اللي أنا عملته ولا أنت وضّحت أسبابك لأنك حنيت عليّ ورجعت سامحتني... وأنا بوقتها ما سألت... لإنه كفاني إنّك ترضى... بالضبط متل ما إنت هلأ بس بتسايرني لحتى أرضى لكن التفاهم لا زال بيناتنا متعثر!
لا زالت تصدمه تلك الصغيرة... تجبره على محاكاة العقل فيها فنطق لسانه رغما عنه متجاوبا مع أفكاره: بدّي أفهم بس إنتي متى كبرتي؟!!
تبسمت سراب قليلا سعيدة بما تحققه معه من نجاح وإن صغر وقالت: أحمد أنا بدّي تفهم أسبابي للّي أنا عملته... أنا عارفة إنّي غلطت... بس كمان أنا تعبت واختنقت... يعني أنا بنت كنت متعودة أروح وآجي وين ما بدّي، وفجأة ألاقي حالي بوضع كلّ اشي ممنوع فيه... طيب ليييش... مو لازم أفهم لحتّى اقتنع؟ أنا عارفة إنّي غلطت بس كمان أنا لو ما كان عملت هيك كنت خلص وصلت مرحلة راح أنفجر فيها!
رفع أحمد رأسه من مكانه وقال ببعض الحدّة: والله أنا هيك... طبعي غيور... متملّك.. سميها إللي بدّك إياه بس بالنهاية هاد طبعي
هزّت سراب رأسها ترفض مواراته المتعنتة: لا أحمد لا... هاي مو غيرة... الغيرة بتكون من رجل تاني مش من الأهل والصاحبات والجامعة ومن أيّ اهتمامات تانية... والتملّك بكون عادي لو أنا فعلا ملتهية عنّك، بس أنا فعليا مكرستلك كل نفسي ووقتي... لكن كمان أنا بحتاج وقت لنفسي... أعيش خصوصيتي... وقت أتعرف فيه على نفسي وما ألاقي حالي مضيّعتها في يوم من الأيّام
ضاق أحمد بالحصار فأنهى الحوار قائلا: هاد الحكي كلّه فاضي... الأغراض اللي طلبتيها ببعتلك إيّاها مع يوسف اليوم العصر، وهلأ باي لإنّي تأخرت على إمّي عالغدا، وإنتي الله يهنيكي وخلّيكي هيك مبسوطة مع بنات عمّك وما على قلبك شرّ
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ..................................





عيون لا تعرف النوم(الجزء الأول من سلسلة مغتربون في الحب) مكتملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن