الفصل الواحد والعشرون
المزيد من الصدمات
يا ربّ الأكوان أواقع هو أم حلم تلحّفه، تسلّل إليه من غفوة منسيّة على أعتاب العيون التي لا تعرف النوم... لكن الحلم أبداً لم يكن يوماً بذلك الوضوح... بتلك الفوضى... بتلك البراءة... براءة... تسلّلت عبر مسامات جسده نفخت على روحه برفق مسحت فوق جروحها ونفضت عنها غبار سنين مضت وأعادت لها وهجها وبريقها التي فطرت عليه...
شعر بإرتجافتها رقيقة بين ذراعيه تناجي خشونته تطالبه الترفق بها.. بعذرية روحها وأوجاع أشباحها، فاستنهض بداخله قوّة سيف بن ذي يزن وانتشل شفتيه بعيداً عن شفتيها اللتين ما إن فارقهما حتّى بدأتا بالإرتعاش ككلّ جسدها... أتشعران ببرد الفقد فيعاود ضمهما أم تراها رعشة العجز والمشاعر فاضت فما عاد لها قدرة على إحتوائها كما يحصل معه بالضبط... أم... أم تراها الخشية والخوف فتكون هي في وادٍ وهو في واد... أعليه أن ينظر لعينيها الآن فيعرف إن كانت تلك القبلة قد بعثرتها كما بعثرته؟
رفع كرم عينيه ببطءٍ متأملا وجنتيها المحمرتين... أعليه الإطمئنان الآن وقد خلا وجهها من الشحوب... أم عليه أن يفارقهما ويأخذ الجواب من العيون فالعيون... مفتاح الروح... وروحها الآن كانت في ذهول... ذهول هو ما كان يطغى على كلّ المشاعر!
كانت غزل تنظر له الآن تبحث عن جواب... تريد أن تفهم... تعرف إن كان ما تشعر به الآن هو أمر طبيعي... أن تحتاج... تحتاج منه شئ أعطاها إيّاه بكرم لكنّها لم تفهم حقاً ما هو... لا تنكر أنّها حين إنقضّ على شفتيها أوّل ما إكتسحها هو الخوف... إنتظرت أن تدخل معه في دوَّامة من الرعب حتّى إشتمّت عطره... نقطة الارتكاز التي سجّلتها ذاكرتها وعيّنتها لعودتها من أشباح الظلام المرعب... تخبرها أنّه كرم وأنّه... ليس كغيره...ففتحت عينيها تتملّى بوجهه... تتأكّد... تستنجد به... تستغيثه أن يقضي على أشباحها واحداً تلو الآخر... حتّى سمعت مناجاته أيضاً...في قبلته... قرأتها بفطرتها وإن كانت الخبرة معدومة... يحتاجها... يريد منها الصمود... يريد منها القبول... يريد منها أن تسير... فصمدت بعينين مفتوحتين... وروح ترفرف حيّة من جديد... أتلك هي قبلة الحياة التي لطالما سمعت عنها حيث ينفث فيها من روحه راضياً... تخبطت مشاعرها كثيراً ولكنّ ما طغى على مشاعرها حين فارقها كان الذهول... فكيف لقبلة منه فقط أن تمسح على دنس مسّ روحها فيتركها طاهرة... كيف لشئ إشمئزّت منه دوماً أن يكون بتلك القدسيّة ويتطلب ذلك الخشوع!!
أحسّت بكرم يقترب منها من جديد فإنتفضت من جديد لكنّها لم تكن الآن سوى أنفاسه من داعبتها إذ يهمس بأذنها يقاوم بحّة خانقة في صوته: أعتقد هيك صرتي بتعرفي قديش إنّه جسمي بيعشقك مش بس بحبّك...
ونفض نفسه عنها مبتعداً بعنف من جديد وولّى هارباً وحبال شوقه إليها تجرّه بقسوة للخلف ولكن لأجلها خرج... فالبقاء الآن ما عاد محمود العواقب!!
بعد دقائق وبينما لا زالت على ذات وقفتها دموعها تجري على فم يرتعش يقاوم إبتسامة ذهول تهشّ على قلبها تمنعه التحليق، جاءها صوت هاتفها منبهاً إيّاها من غفلتها فذهبت إلى حيث هاتفها ومسحت على شاشته برجفة الأصابع لا سيّما وإسمه يتفجّر من عمق الشاشة، وما إن وضعته على صيوان أذنها حتّى جاءها صوته متفجرا كإسمه يقول بعنف مكبوت: إعملي حسابك إنّو اللي صار من شوي راح يصير كتير... أنا مستحيل أبعد عنّك بعد ما قرّبت!!
هكذا فقط وكان من بعده صمت، انشقّ من بعدها على صوت دواليب سيّارته تتحرّك خارجة من كاراج البيت بعنف!!
.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ................................................
أنت تقرأ
عيون لا تعرف النوم(الجزء الأول من سلسلة مغتربون في الحب) مكتملة
Romanceرواية بقلم الكاتبة المبدعة والمتألقة نيفين ابو غنيم.. الجزء الأول من سلسلة مغتربون في الحب حقوق الملكية محفوظة للكاتبة نيفين ابو غنيم..