المخيم الجنوبي –خارج أسوار إدنبرة- اسكتلندا
21 أكتوبر 1568
تحتل مدينة إدنبرة مساحة شبه مستطيلة من جنوب شرق اسكتلندا، كونها واقعة في منتصف سهول عشبية مخضرة طيلة أيام السنة يجعلها ترى من على بعد أميال كثيرة. ترتفع الأسوار المحيطة بها ما يزيد عن عشرين مترا، وعرضها سطحها يكفي لتمشي عليه عربة من الحجم الكبير براحة تامة. رغم ارتفاع الأسوار إلا أنه لا يزال بالإمكان رؤية البنايات العالية داخل المدينة، بنيت هذه الأخيرة من نفس الأحجار ذات اللون البني الفاتح التي شيدت به الأسوار مسببة تناقضا واضحا مع الخضرة المحيطة بها. احتوت غالبية البيوت على أسقف مثلثة مصنوعة من الخشب الداكن الذي يرى أيضا في كل إطارات النوافذ جاعلة المدينة تبدو متناسقة وجاذبة للأنظار.
شمال غرب المدينة وعلى صخرة عظيمة مرتفعة عالية في السماء، تتربع قلعة إدنبرة بكبرياء مسيطرة على الأفق. بنيت قلعة ملكية في هذا المكان منذ ما قبل القرن الثاني عشر، وظل ملوك اسكتلندا يعتبرونها مقر سكن ملكي لقرون بعد ذلك. يفصل نهر صغير المدينة عن القلعة ويربطهما جسر خشبي متحرك متصل بسلسلة حديدية ذات حلقات عريضة تسمح برفعه وخفضه، ينتهي الجسر بقنطرة مرتفعة تليها البوابة الضخمة التي تفضي إلى داخل البناء. تحتوي القلعة على أسوار حماية خاصة بها، بحيط الأول بها من مكانه في منتصف السفح بينما بني الثاني أقرب إليها لدرجة أنه يبدو ملتصقا بها، كل هذا لضمان الحماية القصوى للعائلة الملكية وباقي الشخصيات المهمة التي دائما ما تكون متواجدة فيها.
واقفة خارج سرادقها، حدقت ماري في القلعة، لم تكن المعلومات التاريخية وهندسة المكان المعمارية ما كان يجول في خاطرها، لم تفكر حتى في الغرف التي اعتادت العيش فيها ولا بالأشخاص المألوفين الذين يتجولون الآن في الأروقة، بل انحصر تفكيرها على شخص واحد فقط لا غير، ابنها، جيمس.
استغرقهم الوصول إلى إدنبرة يوما واحدا فقط، وهو زمن قياسي نظرا لعددهم وكثرة المتاع الذي يحملونه معهم. ثلاثون ألفا وخمسمائة جندي، منهم عشرة آلاف من الخيالة، وما يقارب تسعة آلاف فارس وألفان من الرماة. جلب أيرون معه خمسين مدفعا متوسط الحجم وزودته ماري بسبعين آخرين، استغل بعض من فرسانه الفرصة لطلب دروع جديدة من الفولاذ وفي حين أن هذا لم يكن اتفاقهم غير أن ماري تجاهلت الأمر وقدمت لهم ما أرادوا. رافقتهم أكثر من مئة عربة كبيرة محملة ببراميل من التفاح والجعة وصناديق من الخضر واللحم المملح وأكياس من الطحين، إن قاموا بالصيد في الأرجاء ولم يعتمدوا على ما جلبوه معهم فقط فربما تكفيهم هذه المؤونة لما يقارب الشهر. تعرف ماري أن مخازن إدنبرة ممتلئة عن آخرها، أو هكذا تركتها على الأقل، ستصمد المدينة أكثر من خمسة أشهر تحت هذا الحصار بأريحية تامة، وشهرين إضافيين ببعض العناء. لحسن الحظ فهي لم تكن تنوي تجويع المدينة حتى الاستسلام بل كانت تعتمد على الأشخاص الذي هم في صفها في الداخل ليستجمعوا قوتهم أخيرا ويهبوا لفتح الأبواب لملكتهم.
أنت تقرأ
قصة ملكتين
Historical Fictionماري ستيوارت اليزابيث تيودور ملكتان... امراتان... مناضلتان شاءت الاقدار ان تكونا عدوتين لدودتين.. لكن ماذا لو لم تسر الامور بهذه الطريقة عندما تتعقد الاوضاع وتنتشر المؤامرات تكتشفان ان الكره تجاههما ليس بدافع الدين او الوطن او السياسة وانما كونهما ا...