المخيم الجنوبي –خارج أسوار إدنبرة- اسكتلندا
28 أكتوبر 1568
بحلول ساعة البهرة عم سكون تام على المخيم، وحتى أولئك الرجال الذين يحبون أن يؤخروا أوقات نومهم خلدوا إلى أفرشتهم ليحظوا ببعض الراحة قبل أن يستيقظوا ويباشروا العمل مجددا. باستثناء صوت طقطقة الحطب في بؤر النار التي توشك أن تنطفئ ونعيق البوم فلم يسمع شيء في المحيط، ولم تبق أي عين يقظة ما عدا بضعة دوريات من الحرس الذين تجولوا بخطوات بطيئة وجفون مثقلة حول المخيم حرصين على عدم وجود أي تهديد.
كان السرادق الملكي الاستثناء للقاعدة، في الداخل اشتعلت عشرات الشموع مضيئة المكان وكأن الوقت نهار، وفي الوسط تجمع الحاضرون حول الطاولة بملامح جادة وأعين اختفت منها كل آثار النوم.
على عكس العادة لم تكن ماري واقفة عند رأس الطاولة بل تركت مكانها لجون لورنت الرسول الإنجليزي الخاص بإليزابيث تيودور. عقب وصوله أرسلت ماري تطلب حضور أيرون القائد الأعلى لجيش المرتزقة والذي أضحت تقدر مشورته مؤخرا. كان كول غرايسون وبران حاضرين أيضا وكذلك سيينا مالكوم بذاك الوجه الشاحب الذي أصبح يرافقها دائما مؤخرا وأرجعت ماري سبب هذا إلى قلقها على زوجها المحتجز في غلاسكو. في ظل غياب نبلاءها أصبح هؤلاء الأربعة مجلس مستشاريها.
"سيد لورنت، نحن نستمع" قالت ماري مشجعة إياه على الحديث.
ابتلع جون لورنت ريقه قبل أن يبدأ الحديث بصوت دبلوماسي ثابت: "أنا أحد أعضاء مجلس جلالتها إليزابيث تيودور. جلالتها على دراية بكل ما يحدث في اسكتلندا وقد عقدت مجلسا منذ بضعة أيام لمناقشة المسألة. وفي النهاية توصلت إلى قرار فيما يخص الموقف الذي تنوي اتخاذه".
"أوه حقا، هل تحاول إليزابيث الآن جعلنا ننسى أنها احتفظت بملكتنا أسيرة لأشهر؟". قال كول ساخرا.
"المواقف المستعصية تستدعي حلولا مستعصية. جلالتها أصبحت ترى بوضوح الآن من هو العدو الفعلي" أجاب لورنت بهدوء.
"هذا لا ينفي حقيقة أنها سبب كل هذا" قال كول وتبينت ماري أنه يحاول إخراج غصبه على أي شيء في الوقت الحالي.
"جلالتها في الواقع خلقت لكم فرصة، إيرل موراي طالب برأس ماري مرارا لكن طلبه قوبل بالرفض، كما أن إقامة جلالتها ماري ستيوارت في إنجلترا كانت تليق بمكانتها ولم تصدر منا أية إهانة لشخصها، بإمكانك سؤالها إن لم تكن تصدقني" رد لورنت بنفس الهدوء غير منجرف وراء محاولة كول لاستفزازه.
"نحن لسنا أغبياء، كان بإمكان ملكتك مد يد المساعدة منذ وقت طويل لكنها رفضت" جاء صوت سيينا الحاد.
"لن أنكر هذا" أجاب "السياسة لعبة، ومفتاح أي لعبة هو اتخاذ القرارات الصحيحة في الأوقات الصحيحة. ومهما حاولنا الإنكار فالسبيل الوحيد للنجاة في هذه الحياة هو الأنانية، لا أحد يقدم على فعل شيء ما لم تكن له فيه مصلحة. وبالتالي فالإجابة الصريحة القاسية على تساؤلك سيدتي هل أن مد المساعدة في ذلك الوقت لم يكن يصب في مصلحة الأمة الإنجليزية وكما تعلمين فإن الأنانية عند الملوك لا تخصهم بأنفسهم فقط بل تشمل رعيتهم أيضا، ومن هذا المبدأ رفضت جلالتها مد العون".
أنت تقرأ
قصة ملكتين
Ficción históricaماري ستيوارت اليزابيث تيودور ملكتان... امراتان... مناضلتان شاءت الاقدار ان تكونا عدوتين لدودتين.. لكن ماذا لو لم تسر الامور بهذه الطريقة عندما تتعقد الاوضاع وتنتشر المؤامرات تكتشفان ان الكره تجاههما ليس بدافع الدين او الوطن او السياسة وانما كونهما ا...