الفصل الرابع

5.4K 212 6
                                    


♡قراءة ممتعة♡
جونغكوك :
بعد نصف ساعة من رحلة إتباع السيد تايهيونغ إلى وجهته التي أجهلها بدوري ، لاحظت أن طريقه تتجه نحو الجبل ، الطريق تصبح أكثر خلاء شيئا فشيئا والأشجار تصبح أكثر كثافة أيضا إثر وولوجنا للغابة الجبلية ...غريب ! ما الذي يفعله في هذا المكان، أعلم جيدا أنه مكان بري لا يوجد به أي شيء مثير للاهتمام.. بما أنه لا يوجد غيرنا أنا وهو في هذا الطريق فمن السهل جدا أن يلاحظ أنني أتبعه، قررت أن أتوقف مكاني للحظات حتى يتسنى له الابتعاد قليلا فلا يلاحظ أمر مراقبتي له عندها سأقوم بسلك نفس الطريق المنفرد الذي يسلكه .
بعد أن تركته يبتعد قليلا عن الأنظار، انطلقت بسيارتي مجددا أتبع قفاه تماما فلم يكن هناك غير طريق واحد يتجه لعمق الغابة ...كنت أراقب الطريق جيدا لعلي أجد شيئا يلفت انتباهي أو يقودني إلى حيث يوجد تايهيونغ ... أخيرا لمحت شيئا من بين الأشجار هناك ...بينما تقترب السيارة أكثر فأكثر تبين لي أنه منزل ، هل هذا هو وجهة تايهيونغ منذ البداية ؟ أيعقل أنه منزله ؟
ركنت السيارة على مسافة ليست بقريبة من المنزل بعيدة عن الأنظار ، رمقت المكان بنظرات تفحص لعلي ألمح سيارته في الجوار ...وبالفعل إنها هنا .. إذا فإحتمال كبير أن تايهيونغ بداخل هذا المنزل ...عجيب من قد يمتلك منزلا في أعلى الجبل بين الأشجار فقط ...هذا يجعلني أشعر بالفضول أكثر .
يوري :
كنت منسدلة على السرير أفكر بعمق إلى أن سمعت صوت حديث أحدهم ..لعله تايهيونغ قد عاد ، وقفت من مكاني ثم اقتربت نحو الباب أكثر لكي أسترق السمع لما يجري في الخارج...إتضح لي أنه صوت تايهيونغ و الخادمة يوجين يتحدثان في أمر ما بينهما .
تايهيونغ " هل هي نائمة في الغرفة ؟ "
يوجين " لا أعلم سيدي فأنا لم أفتح ذلك الباب مطلقا مثلما أمرتني "
تايهيونغ " جيد ...سأتفحصها إذا "
بعد أن سمعت جملته الأخيرة ، أسرعت نحو سريري واستلقيت به ثم أغلقت عيناي متظاهرة بالنوم ، حتى لا تتسنى له الفرصة لإزعاجي بكلامه المزعج مجددا.
سمعت صوت فتح الباب لابد أنه هو من دخل ليلقي نظرة علي مثلما قال ليوجين ،سمعته يهمس ببعض الكلام لها قبل أن يعيد غلق الباب ...وبعد أن تأكدت من إقفاله للباب عدت لأسترق السمع مجددا
تايهيونغ " جيد أنها نائمة حتى لا تقوم بإثارة بعض المشاكل لاسيما أن ذلك الشرطي ينتظر في الخارج"
توسعت عيناي حين سمعت كلمة شرطي ... لألصق أذني جيدا بظهر ذلك الباب الخشبي العتيق .
يوجين " شرطي ؟ كيف وصل إلى هنا ؟ و ما الذي ستفعله الأن سيد تايهيونغ ؟ "
تايهيونغ " لا تقلقي ذلك الشرطي لا يعرف شيئا هو فقط يمتلك بعض الشكوك بشأني لا أكثر ...لاشك في أنه قام بلحاق بي طوال الطريق حتى يحقق في أمري ...أما أنا فكل ما علي فعله أن أتظاهر بالغباء ولن أشعره بأي شيء خارق عن العادة و أنت يا سيدة يوجين سوف تساعدينني في ذلك "
يوجين " بكل تأكيد سيدي ، بما تأمرني "
تايهيونغ " سأخرج من المنزل و أذهب لمكان ما بعد مغادرتي مباشرة ستخرجين و تتظاهرين أنك تتجولين بحديقة المنزل من المرجح أنه سيأتي إليك بعد أن يراني قد غادرت و يسألك عما اذا كان هذا بيتي أم لا ستقولين أن هذا البيت هو بالفعل بيتي و أنك والدتي وقد غادرت لأحضر بعض الأغراض هذا كل شيء حاولي عدم إطالة الحديث معه كثيرا يجب أن يغادر و تنطلي عليه التمثيلية قبل أن تستيقظ تلك الشقية من نومها "
يوجين " حاضر سيدي "
أبعدت رأسي عن الباب بعد أن تأكدت من انتهاء حديثهما لأركض نحو تلك النافذة الصغيرة و أنظر عبرها بحثا عن هذا الشرطي اللذي يتحدثان عنه ..لكن ! لا يوجد أي أحد في الخارج عدا ذلك البستاني ...هل هو يختبئ في مكان ما ؟ ولكن ما الذي أتى بشرطي إلى هذا المكان ...هل شعرت ويندي أنني مختفية فقدمت بلاغا للشرطة ؟ أم أن تايهيونغ متورط في قضية ما أخرى ؟ صحيح ماذا عن جونغكوك ...لابد و أنه منشغلا جدا بقضاياه فنسي أمري ... علي أن أنتهز فرصة وجود شرطي هنا يجب أن ألفت انتباهه بأي طريقة لا يمكن أن أتركه يغادر دون اكتشاف أمري ولكن ما الذي يسعني فعله و أنا محبوسة في غرفة كهذه ونافذة صغيرة كهذه أيضا ... اللعنة ! فكري يوري فكري رجاء .
جونغكوك :
لحضات من انتظاري في الخارج أمام البيت حتى خرج تايهيونغ ثم ركب سيارته و انطلق ... إلى أين يذهب الأن ألم يمضي وقت طويل على وصوله ، حسنا هذا جيد لصالحي ، سأتمكن أخيرا من الاقتراب من ذلك المنزل و أتفحصه قليلا ... بعد أن غادر تايهيونغ تماما نزلت من سيارتي و بخطوات حريصة واثقة اتجهت نحو مدخل البيت وقد تفاجأت بمدى ضخامته و روعته ، ليس صعبا على ذلك المحتال أن يحصل على بيت كهذا على أية حال ... مهلا لحظة ! أرى سيدة تقف بين شجيرات تلك الحديقة ،وبينما كنت أحدق إليه ظهر أمامي رجل مسن فجأة يقف حاجز لرؤياي و يتحدث إلي من خلف قضبان البوابة الحديدية : كيف أساعدك أيها السيد ؟
تفحصته جيدا وقد بدى لي كعامل أو بواب يعمل لصالح تايهيونغ فأجبته : عذرا لقد كنت أخطط لتخييم على مقربة من هنا ولكن سيارتي قد تعطلت فجأة فلمحت هذا المنزل صدفة لذلك قررت أن أطلب المساعدة إن لم يكن الأمر إزعاج لكم .
بعد أن أكملت جملتي كانت تلك السيدة تقترب أكثر حيث نقف أنا و هذا الرجل وقد سمعت كل ما قلته لتبتسم لي قائلة : أهلا بك أيها الشاب ، لقد سمعت حديثك مع البستاني ..يا للأسف لو أنك أتيت قبل لحظات من الأن لكنت قد قابلت ولدي فساعدك على تصليح سيارتك إنه يجيد فعل ذلك .
حسنا إذا تايهيونغ ابن هذه السيدة ، تبدو طيبة جدا على عكس ابنها ، إذا فهذا منزل عائلة كيم تايهيونغ بالفعل وليس كما توقعته سألتها لأسترق المزيد من المعلومات : هل تعيشين أنت و ابنك فقط في هذا المنزل أيتها السيدة ؟ بصراحة منزلكم رائع و كبير جدا لم أتوقع أن يعيش به شخصان فقط .
ضحكت مستلطفة لتجيب: معك حق إنه منزل كبير جدا لعيش به شخصان فحسب ولكن هذه عائلتنا الصغيرة فليس لديه إخوة أما والده فهو يعيش بالخارج ...وقد كانت رغبة ابني بأن يعيش هنا بعيدا عن ضجيج المدينة فهو يفضل الوحدة و الهدوء كما أنه يميل لأجواء الطبيعة مثل والده.
لم أتوقع أن تكون عائلة تايهيونغ صغيرة هذا الحد ، وأن يعيش بمكان كهذا أمر لم يكن بالحسبان مطلقا ...لاشيء مثير للريبة كل شيء هادئ حين يتعلق الأمر بحياته الشخصية ... ما الذي جعلني أشك به بحق السماء.
وبينما أقوم بشكرهم و توديعهم لأعود إلى سيارتي منسحبا من الإشتباه بالسيد تايهيونغ لمحت شيئا لامعا قد سقط من نافذة صغيرة في أعلى هذا المنزل قطبت حاجبي قائلا بحيرة : أيتها السيدة ألم تقولي أنه لا يوجد غيرك أنت و ابنك ؟
أومأت برأسها قائلة : اجل .
أشرت بإصبعي نحو مكان سقوط ذلك الشيء اللامع قائلا : لقد سقط شيء ما هناك لتو ...أظن أن شخصا ما قام برميه عبر تلك النافذة الصغيرة ...
التفت هي وذالك البستاني والذي بدوره ذهب إلى هناك ليتفحص الشيء الذي سقط ثم قام بإحضاره ليريه الى السيدة لتتغير ملامح تلك السيدة قليلا نحو القلق ثم سرعان ما ابتسمت قائلة : أه إنه عقد ..ربما أسقطته الخادمة بغير قصد بينما تنظف الغرفة .
نظرت إلى يد البستاني لأرى ذلك العقد الفضي فتتوسع عيناي بصدمة ..مهلا لحظة إنه يشبه عقد يوري كثيرا ...بحق السماء بل إنه نفسه .
رفعت رأسي نحو السيدة لأقول : هل هذا العقد لك أيتها السيدة ؟
أجابت بعد ان تفاجأت لسؤالي : أجل هو لي .
رفعت رأسي نحو تلك النافذة الصغيرة ثم قلت : أخبرتني أنها قد تكون الخادمة من أسقطته بينما كانت تنظف ...وبما أن هذا العقد يخصك فمكانه في غرفتك ولكن أليس من الغريب أن تكون غرفتك بنافذة صغيرة كتلك ؟
صمتت لوهلة تفكر بسؤالي اللذي أربكها بعض الشيء لتردف بعدها : أخبرتك أن العقد ملكي ولكنني نسيت إخبارك أنني أعطيته للخادمة كهدية ربما كانت تقوم بارتدائه بينما تنظف أو شيء من هذا القبيل ما الذي جعلك تعطي جل اهتمامك لهاذ العقد هل رأيته في مكان ما من قبل ؟ لقد تم بيع مثل هذه القطعة كثيرا في الأونة الأخيرة لن يكون الأمر غريبا حين ترى مثلها في الأنحاء.
غريب ...أبدا لا أجد كلام هذه السيدة مريحا ولا مقنعا ..كلما أغوص في الحديث معها أكثر كلما تجعلني أشك أكثر
ـ حسنا أيها الشاب أظن انه علي أن اعود إلى المنزل الأن فقد حان وقت تناول دوائي ...أرجو أن تقضي رحلة تخييم ممتعة .
أشعر أنها تتهرب الأن ، هي تبدو مرتبكة من أن أسألها المزيد من الأسئلة ...أيعقل أن ما أفكر به صحيح ؟ ماذا لو كانت يوري داخل هذا المنزل ؟ ماذا لو كانت هي من رمى هذا العقد كي تلفت انتباهي...تلك النافذة بعيدة جدا و لا تظهر شيئا ، أنا متأكد أن هذا العقد يشبه الذي تمتلكه يوري وحتى أنها قامت بارتدائه في الحفل الليلة قبل اختفائها...هل تايهيونغ يقوم بحبسها هنا ؟ اه فقط لو كانت لدي مذكرة تفتيش ..ولكنني لا أمتلك أدلة تجعلني أحصل عليها ...علي أن أبقى هنا لأحصل على المزيد من الأدلة و أتأكد من الأمر أكثر...انتظري يوري سوف أنقدك بكل تأكيد .
يوري :
حين لمحت صديقي جونغكوك في الخارج أمام البوابة لن تصدقوا مدى سعادتي ، وددت أن أصرخ بأعلى صوتي حتى يسمعني و يراني فيخرجني من هذا السجن البائس ولكنني خفت ان تتصل تلك الخبيثة ب تايهيونغ فيأتي مسرعا و أعرض جونغكوك للخطر معي ...سيقتلنا معا هذه المرة بلا شك ... حاولت كثيرا الطرق على زجاج النافذة و تلويح له لكنه لم يلمح شيئا فالمسافة بعيدة جدا ، خطر ببالي أن أنزع العقد الذي أرتديه منذ ذلك الحفل و أرميه من النافذة لعلي ألفت انتباهه فيشعر أن هناك خطب ما بهذا المنزل ...أعتقد أن الأمر قد نجح فقد رأى لحظة سقوطه جيدا ، اتمنى أن يكون قد استشعر أمرا ما ...فجونغكوك ذكي للغاية ...مهلا مهلا لحظة ..إنه يغادر ..إلى أين ؟ مهلا كوكي أرجوك لا تذهب ..بهذه السهولة ؟ ألم تفهم تلك الإشارة؟ اللعنة إلى اين أنت ذاهب عد إلى هنا ...تبا !
نتفت شعري بتحسر وضربت عرض الأرض بقدمي بغضب ...وكم كنت أشعر باليأس الشديد أن ذاك ...كل الطرق التي فعلتها باءت بالفشل أظن أنني سأبقى هنا إلى الأبد.
ولكن حقا كيف وصل جونغكوك إلى هنا ...هل هو يشك في أمر تايهيونغ ؟ أرجوا أن يواصل فعل ذلك حقا ...سيجدني عاجلا أم أجلا فأنا أثق به .
حل الظلام أخيرا و بينما كنت مستلقية أحدق بجدران الغرفة ، فتح باب الغرفة لتظهر يوجين قائلة : لقد سمح لك تايهيونغ بمغادرة غرفتك و الذهاب للاستحمام إن أردت ذلك .
قفزت من السرير بسعادة : أخيرا !
خرجت من غرفتي أتبع يوجين حيث تقودني ، ثم توقفت أمام الحمام لتقدم لي بعض الأكياس نظرت إليها قاطبة حاجبي : ما هذا ؟
إبتسمت مسترسلة : إنها ملابس ...قام بشرائها السيد تايهيونغ لأجلك .
أخدت أقرب كيس ليدي ثم قلبت عيني بانزعاج : ليس و كأنني سأفرح لذلك ...سأرتديها لأنني حقا لا أتحمل نفسي بهذا الفستان بعد الأن فأنا أرتديه منذ أيام حتى انه قد تمزق كثيرا بسبب مغامراتي في تلك الغابة فأصبحت أبدو كالمشردة .
ضحكت على ما قلته بعدها دخلت مباشرة للحمام .
بعد أن إنتهيت من الإستحمام خرجت وقد انتبهت لتو للملابس التي أرتديها ، تيشرت فضفاض مخطط بلون برتقالي رفقة تنورة قصيرة مزينة برسوم الفواكه ! ما الذي قام بشرائه بحق الجحيم ، أي ذوق يمتلك هذا الأبله ...هل يتعمد إحراجي أم ماذا ؟
بدأت معدتي تصدر أصوات تذكرني بأنني لم أضع شيئا بداخلها منذ البارحة ...قررت أن أنزل إلى الأسفل و أبحث عن شيء لأتناوله ...حتى أنني لا أعلم أين هي يوجين تلك ، لقد اختفت فجأة أليست مكلفة بمراقبتي ؟!
بينما كنت أنزل عبر الدرج توقفت مكاني حين لمحت تايهيونغ يجلس على الأريكة بطريقة عشوائية يدخن سيجارته التي يمسك بها بين أصابعه و يحدق بالتلفاز بشرود ...
بمجرد أن استشعر وجودي اقف على سلالم إلتفت نحوي قائلا : انزلي ...لما توقفتي هناك؟
أضاف بعد ان ابتسم ابتسامة تثير استفزازي : أيعقل أنك شعرت بالخوف مني ؟
رمقته بنظرات كره دون أن اقول شيئا ثم واصلت النزول ..نظر إلي من الأعلى إلى الأسفل قائلا : لقد اشتريت الكثير من الملابس لما اخترت هاته من بينها ...ذوقك غريب .
نظرت إليه و بنبرة حازمة قلت : لم أختر شيئا ليس و كأنني في المزاج الجيد حتى أقوم باختيار الملابس .
أطفئ سيجارته وعدل من جلسته بينما ينظر إلي ركبتي قائلا : أنظري ما الذي فعلته بنفسك ، هل كان عليك حقا القفز من تلك النافذة ؟ لقد قمت بجرح نفسك كالأطفال .
نظرت نحو الجروح التي لاتزال تنزف قليلا ثم إليه قائلة بنبرة حادة: و ما شأنك انت ان قمت بأذية نفسي أم لا ؟ من البداية كل هذا بسببك ..لم يكن عليك إحضاري إلى هنا أصلا ...
قاطع كلامي بحزم : تعالي !
قلت بإستنكار : ها ؟
أشار بيده نحو المكان بجابه على الأريكة قائلا : تعالي و اجلسي هنا ..علينا تعقيم تلك الجروح قبل ان تتعفن .
إبتسمت إبتسامة مزيفة لأقول بعدها : كلا شكرا لك .. يمكنني لإعتناء بنفسي لست بحاجة الى لطفك .
مشيت نحو المطبخ دون أن انتظر ردة فعله لأتفاجأ به يأتي نحوي ممسكا بدراعي يجرني نحو الأريكة ويجبرني على الجلوس بكل بساطة ، جلس هو الأخر على الطاولة حتى يكون مقابلا لي وجها لوجه ..وقفت بشكل سريع قائلة بغضب : قلت لك لا أريد ..سأتكفل بالأمر بنفسي .
عاد يرغمني على الجلوس مقيدا ركبتاي بين خاصته حتى لا أستطيع الحركة وكثيرا ما حاولت ولكن لا جدوى فهو يمسك بهما بقوة ويمسك بيدي التي تحاول إبعاده قائلا : عليك أن تكوني مطيعة وإلا قد أغير رأيي و أقوم بقتلك في أية لحظة ..لاتنسي أنك في منزلي وتحت سلطتي .
ضحكت بإستهزاء : وهل تظنني خائفة من الموت ؟ كلا ..هل تظنني حية أصلا ؟ أنا أعتبر ميتة بما أنني لا أزال أراك أمامي .
ابتسم لما قلته بينما ينظر إلي بتمعن بعدها سحب عدة الإسعاف التي كانت بالقرب من الأريكة ..لعله كان يجهزها منذ وقت طويل هذا يعني أنه رأى هذه الجروح منذ مدة ...غريب أمره فجأة يتحول إلى شخص مكترث ..لا يجب أن أنخدع بتصرفاته المزاجية هذه ..لا أدري ما تخفيه نواياه الحقيقية .
كنت مشيحة بنظري بعيدا بينما يقوم بتعقيم الجروح إلى أن شعرت ببعض الألم بسبب لسعة الدواء فنظرت إليه كي أقوم بلعنه لكنه فاجأني بنفثه للهواء على الجرح بهدوء ولطف ...غريب ، جعلني أشعر ان هذا الرجل الذي أمامي طفل بريء جدا لن يقدم على قتل حشرة حتى ...إنه فعلا ممثل بارع .
قمت بدفعه مباشرة ليبتعد عني حائرا فقلت بانزعاج : هذا يكفي ..
أبعد يديه عني ينظر إلي في حيرة لأقف أنا الأخرى و أتجه للأعلى دون أن أنظر إليه حتى .
دخلت غرفتي لأصفع بابها بقوة محدثة صدى في الأرجاء إثر انزعاجي من تصرفاته الغريبة التي تظهر يوما بعد يوم ، رميت نفسي على سرير أحدق بسقف الغرفة ...لحظات حتى دخلت يوجين بصينية طعام لتضعها على حافة السرير قائلة : لابد و أنك جائعة ...لقد حضرت لك أطباقا لذيذة ، شهية طيبة .
قبل أن تلتف لتغادر استوقفتها قائلة : مهلا سيدة يوجين !
نظرت إلي رافعة حاجبيها بتعجب : ها؟
عدلت من جلستي لأستعد لما سأقوله : أريد أن أسألك سؤالا ...لما تعاملينني بلطف بينما سيدك يفعل العكس ؟
بدت مرتبكة لسؤالي فابتسمت لتجيب : يسرني أنك ترين تصرفاتي لطفا ... ولكنني حقا لا أعلم كيف سأجيبك .
بللت شفتي لأضيف : هل تعرفين تايهيونغ حق المعرفة ؟ اقصد هل تعرفين ما الذي يفعله حين يغادر هذا المنزل ...أسراره أو ما شابه...؟!
ابتسامتها هذه المرة كانت أكبر لدرجة أن عيناها قد أصبحت ضيقة لتقول بعدها : عزيزتي ..لا أظن أن باستطاعتي إخبارك بأشياء كهذه ...أظن أنه حان وقت النوم لقد تأخر الوقت ...نوما هنيئا .
بعد إنهائها تلك الجملة غادرت مباشرة و أغلقت الباب بالمفتاح كالعادة ...إنها تبدو مختلة مثله تماما ..تستمر بالابتسام بغرابة في كل مرة أتحدث إليها ..أكاد أجزم أنني في مستشفى للمجانين رفقة بعض المختلين وليس برفقة بشر عاديين ، آه متى سينتهي هذا الكابوس ...
في اليوم التالي
استيقظت هذا الصباح وقد وجدت أن باب غرفتي مفتوحا إنه لأمر لست معتادة عليه مطلقا ..ليست من عادتهم ترك باب الغرفة مفتوح ما الذي يحدث يا ترى ... خرجت من غرفتي وقررت أن أنزل إلى الطابق السفلي بخطوات حذرة وهادئة أتفقد كل زاوية بالمنزل بحثا عن أي أحد ..إلى أن توقفت عند السلالم التي تؤدي إلى الأسفل حين لمحت السيدة يوجين ترتب طاولة الطعام او بالأحرى تجهز الإفطار و ما فاجأني هو وجود تايهيونغ الذي كان ملتفتا نحو النافذة يحدق بالخارج وهو يحمل كوبا بيده... هكذا إذا هو بالبيت و لم يخرج لهذا تم ترك باب الغرفة مفتوحا .
لاحظت أن يوجين لمحت وجودي فهتفت قائلة : صباح الخير يا آنسة تعالي طعام الإفطار جاهز .
نظرت إلى تايهيونغ و الذي بدوره لم يصدر أي تصرف أو رد فعل لوجودي ... تقدمت أكثر ناحيتهم إلى أن تحدث تايهيونغ فجأة دون أن تغادر عيناه منظر الحديقة الذي يحملق فيه عبر النافذة : سيدة يوجين ...يمكنك المغادرة .
انصرفت يوجين مباشرة بعد سماعها أوامر تاي ليتحدث مجددا بنبرة حازمة : اقتربي قليلا إلى هنا !
لقد بدأ يتصرف بحماقة مجددا أجبته بإنزعج : ما الذي تريده مني منذ الصباح ؟
التف نحوي ليقول بنبرة أكثر حزما : قلت تعالي !
زفرت بانزعاج تام ثم اتجهت نحوه لأقف إلى جانبه أحدق بالنافذة مثلما يفعل تماما أضم يدي نحو صدري بغضب ...أرتشف من كوب قهوته قبل أن يقول : ما هي علاقتك تحديدا بذلك الشرطي ؟
بمجرد أن قال ذلك شعرت أن الدم قد توقف عن الجريان بعروقي ..أرخيت يدي بعيدا عن صدري ..خفضت ناظري نحو الأسفل وقد بدأ التوتر يتملكني ..حاولت التحكم بنفسي قدر المستطاع لأجيبه محاولة التمثيل عليه : عن أي شرطي تتحدث ؟
إلتفت نحوي مجيبا عن سؤالي : ذلك الذي رميت له عقدك حتى تقومين بلفت انتباهه مساء البارحة...ها ؟ ألازلت لا تتذكرين ؟
إبتلعت ريقي بإرتباك ..لابد أن يوجين أخبرته بذلك ..تلك اللعينة ،تتظاهر باللطف أمامي ولكنها تقف إلى صف هذا الوغد دائما ...ولكن مهلا لحظة هذا الأمر ليس كافيا لكي يعلم أنني على معرفة جونغكوك ..كيف علم ؟
نظرت إليه وكم كانت نظارتي كافية بإخباره أنني حقا متفاجأة من معرفته كل هذا وقبل أن أقوم بسؤاله و استجوابه عما يجول بخاطري ...أشار بهز رأسه نحو الخارج قائلا : أتعلمين أن وجوده هنا يزعجني كثيرا ؟!
لم أستطع استيعاب ما يقوله إلى أن نظرت إلى حيث يحدق فإذا بي أرى سيارة سوداء بالكاد ترى من بين الأشجار الكثيفة التي في الخارج ... هل ذاك هو جونغكوك ؟ ما الذي يفعله هناك ألم يغادر البارحة ؟ أيعقل أنه قد فهم إشارة العقد وهو الأن يراقب المنزل ؟
هتفت من غير إدراك مني : جونغكوك !!
أبتسم الأخر الذي يقف بجانبي قائلا : إذا اسمه جونغكوك .
بدأت أشعر بالقلق الشديد لما يحدث فسألته قطبتا حاجبي : هل تعرفه ؟ أقصد هل قام باستجوابك أو ما شابه ؟
استدار نحوي ليصبح جسده مقابلا لي تماما ليقول : لماذا ؟ هل تشعرين بالسعادة لأن أحدهم جاء لإنقاذك ؟ هل أصبح قلبك يرفرف فرحا لأن حبيبك بطل الأفلام قد عثر عليك ؟
لم أقم بإجابة على أي من أسئلته الفارغة بل كنت أحاول تفسير نبرته و نظارته الشريرة تلك التي تقوم بإخباري أن الأمر ليس بهذه السهولة ...بالرغم من وجود شرطي في الخارج إلى أنه يقف هنا بكل أريحية يشرب قهوته الصباحية و يتحدث باستهزاء و سخافة معي ..
تلاشت ابتسامته المستفزة تلك ليعيد ذلك السؤال مجددا : تكلمي ...ما هي علاقتك بذلك الشرطي ...لما هو مصمم على إيجادك هكذا بالرغم من أنه لم يمر وقت طويل على اختفائك ؟ هل هو حبيبك ؟
بملامح حاذه ونبرة شرسة أجبته : لن أخبرك ...لن أخبرك أي شيئ عن نفسي مطلقا .
بدى لي أنه لم يتوقع هذه الكلمات مني فقد تغيرت ملامحه للأشرس : هل تريدين أن تكون نهايته كذلك الرجل الذي رأيته في الفندق ؟
هنا شعرت أن نبضات قلبي قد توقفت ..توسعت عيناي تدريجا وبالكاد أستطيع إدراك الواقع ..يستمر ذلك الصوت في داخلي بإخباري ...إنه مجرد حلم ..مجرد كابوس و سيمر ..ولكن في كل مرة يصبح أسوء فهو لا يمر أبدا ..إنه يحاصرني من كل الجهات ..كلما أكون على وشك تخلص منه ...يصبح أسوء أكثر .
صرخت بوجهه دون وعي مني : كفى ! لا تقحم الآخرين في مشاكلي معك!
رفع حاجبيه مندهشا : غريب ! انفعالك هذا يخبرني أن ذلك شخص مهما جدا في حياتك ..لقد قمت بكشف نفسك .
شددت على قبضتي و أصررت على أسناني مزمجرة : تبا لك !
رفع رأسه مشيحا بنظره عني ليقول بكل غطرسة : إذا مار أيك بهذه الصفقة ...حتى يبتعد هذا الأحمق عنا ولا أقوم بإيذائه ..عليك مقابلته و إخباره أنك قد تزوجتي وكان قرارك بأن تقومي بالإختفاء عن محيطك ..حتى أنك قمت بترك وظيفتك ..
ابتسمت ساخرة : وهل تظنه غبيا ليصدق هذا ؟
هز كتفيه بتعجرف : كلما كان كلامك مقنعا وناجحا في إقناعه كلما زادت فرصتك بإنقاذه من الموت عزيزتي...أليس هذا بديهيا ؟
بعد أن أنهى جملته تلك أرتشف من كوبه مبتسما بانتصار وذهب ليجلس حتى يتناول إفطاره .
حسنا خوفي على حياة جونغكوك جعلني أعترف بالهزيمة ..سأفعل أي شيئ يخبرني به هذا السافل حتى لا أقحم أي أحد من الأشخاص المقربون إلي في مشكلتي هذه أو بالأحرى سأبقيهم بعيدون قدر المستطاع عن دائرة هذا المختل ..فبعد أن رأيته يقتل الناس ببرودة قلب إقتنعت جيدا أنه لا يمتلك أي ضمير أو حتى ذرة من الرحمة ..وقد يفعل المثل مع صديقي فأقضي حياتي كلها غارقة في الشعور بالذنب .
اتصلت بجونغكوك برقم غريب بطلب من تايهيونغ وأخبرته أنني على ما يرام و يجب أن ألتقي به بعد نصف ساعة في المقهى الذي يتواجد بالقرب من منزلي ..وكم كان سعيدا بسماع صوتي و بنفس الوقت غاضبا جدا لاختفائي دون قول كلمة ...حين أخبرته اننا يجب أن نلتقي لأخبره ما حدث معي طبقا لما أخبرني به تايهيونغ ..غادر فورا بسيارته المكان حيث كان يركن سيارته ويراقب منزل تايهيونغ ...عندها جهزت نفسي وانطلقنا أنا و تايهيونغ نحو المدينة لننفذ خطته المزعومة .
حين وصلنا إلى المكان المنشود ..ركن سيارته بعيدا قليلا عن المقهى ثم التفت إليّ بينما يحمل بيده جهاز تنصت صغير قائلا : يجب أن تحملي هذا الشيء معك حتى أكون على علم بما يدور بينكما من حديث ...حتى إن حاولت إخباره أنك مخطوفة بطريقة غير مباشرة سأدرك الأمر ...لهذا لا تفكري بذلك حتى .
بعد أن علق ذلك الجهاز داخل سترتي بينما أنا كنت أعامله ببرود ولا أتفاعل مع تصرفاته مطلقا أضاف قائلا : لا تفكري بأي شيء فأنت مراقبة من كل الجهات ...يوجد ثلاثة من رجالي بذلك المقهى سيحرصون تحركاتكم جيدا ...فقط أخبريه بكل ذلك الكلام الذي أخبرتك به وغادري فورا .
هذا التايهيونغ قام بحياكة خطته بإحكام ..لابد وأنه معتاد على أفعال كهذه ..قام بإحضار جهاز لتنصت ..وتوكيل رجاله بمراقبتي ..حتى أنه قام بتغيير سيارته الى سيارة رخيصة حتى لا يشك في أمره ...لا أدري ما سأفعله حقا ...هل علي إخبار جونغكوك أو تلميح له بأنني مخطوفة ..أم علي إتباع أوامر ذلك الوغد .
نزلت من سيارة تايهيونغ وقد نزل احد رجاله من سيارة أخرى مرتديا ملابس عادية حتى لا يشك في أمره ثم دخل برفقتي متظاهرا بأنه لا يعرفني ...جلست بإحدى المقاعد التي تم اختيارها لأجلي بجانب النافذة حتى يتسنى لتاهيونغ مراقبتي كذلك ..تجولت بأنظاري في أرجاء المقهى بحثا عن رجال تايهيونغ المتنكرين ولكنني حقا واجهت صعوبة في العثور عليهم ..إنهم متنكرين ببراعة يصعب تمييزهم ...كنت أهز قدمي بتوتر إلى أن دخل جونغكوك أخيرا وكم شعرت بسعادة غامرة ...وكأن الألوان قد عادت لشريط حياتي مجددا ، وقفت مكاني مع ابتسامة عريضة متناسية كل ما حدث معي ...ليقترب هو الأخر وبملامحه الجدية كالمعتاد ولكن هذه المرة يبدو غاضبا جدا ..ليهتف : أيتها الشقية ...أين كنت كل هذا الوقت ؟
لم أقم بالإجابة عن سؤاله فقد إستمريت بالإبتسام و النظر إليه ، لحظات حتى دخلت صديقتي ويندي تركض نحوي لتعانقني بشدة : يوري .. عزيزتي لقد شعرت بالقلق كثيرا ...أين كنت كل هذا الوقت .
لقد تفاجأت لحظور ويندي كذلك فقد إستمريت بالتحديق بها غير مصدقة لما أراه بادلتها العناق بقوة فلم أتوقع أبدا أنني سأراهم مرة ثانية و كأنني قد نجوت من تجربة الموت حقيقة...سعيدة جدا برؤيتهم معا ولكن ...ليتني أستطيع إخباركم حقيقة ما جرى معي وأعود برفقتكم إلى الديار ..على مايبدو فهذا مستحيل أنا أسيرة مختل عقلي قد فر من إحدى المستشفيات العقلية .
بعد أن جلسنا تهجم علي كلاهما بسيل من الأسئلة المتكررة التي لا أستطيع الإجابة عنها وفي كل مرة أستمر باختلاق الأعذار و حياكة السيناريوهات التي لم تحدث معي قط ...طبعا كل هذا تخطيط تايهيونغ العقل المدبر ...إلى أن سأل جونغكوك هذا سؤال فجعل الصمت سيد المكان لوهلة .
" لما تبدين حزينة وتستمرين بالضحك رغما عنك ؟"
نظرت إليه بنظرات يملئها الفراغ فلم أتوقع منه أبدا أن يسأل سؤالا مباشرا كهذا و كأنه قد قرأ أفكاري تماما ... هل أنا شفافة إلى هذه الدرجة ؟ أم علاقتي الطويلة به جعلته قادرا على قراءة ما بين السطور ...كيف علي أن أجيب على سؤاله الخطير هذا الأن ؟
ابتسمت لأضرب كتفه بمزاح : لا تتصرف و كأنك محلل نفسي أو ماشابه ...أنا حقا سعيدة لرؤيتكم أي حزن تتحدث عنه ؟
نظرت إليه ويندي بانزعاج : هل عدت لتفوه بالهراء مجددا ؟ دع الفتاة وشأنها .
ثم إلتفت نحوي وبنبرة حماس أردفت : إذا ؟ ماهو شيء المهم الذي أردت إخبارنا به ...أشعر أنك على وشك تفجير قنبلة هذا اليوم ...مهلا دعيني أحزر أولا ... هل قررت الذهاب لأمريكا ولحاق بوالديك أخيرا ؟
آه يا ويندي ليتني ذهبت إلى أمريكا مع أمي ليتني سمعت كلامك أنت ..لماكان سيحدث معي كل هذا .
قطب جونغكوك حاجبيه بعدم فهم : أمريكا ؟
ضحكت بخفوت لتعابير وجوههم التي تنتظر مني الإجابة بفارغ الصبر ...ثم تلاشت تلك الضحكة بعد أن نظرت باتجاه تايهيونغ عبر النافذة لأستجمع كل قواي وشجاعتي نفسية فأتلفظ دون النظر نحو أعينهم : لقد تزوجت يا رفاق .
ساد الصمت لثواني قبل أن تنفجر ويندي ضحكا ..رفعت رأسي لأرى رد فعل جونغكوك هو الأخر فوجدته يحدق بالخاتم الذي بأصبعي قد قدمه لي تايهيونغ هذا الصباح حتى تنجح هذه المسرحية السخيفة ...تلاشت ضحكة ويندي تدريجيا حين استشعرت النظرات الحادة التي نتبادلها أنا و جونغكوك الأن ... لتهتف قائلة : مهلا مهلا ..أيعقل أن كلامك هذا صحيح ؟!
كنت على وشك الكلام لولا نبرة جونغكوك المزمجرة قاطعتني : متى حدث هذا ؟
كان سؤاله و تعابير وجهه مخيفة جدا ..لا أنكر أنني شعرت بالخوف الشديد من أن يفعل شيئا جريئا الأن .
عضضت على شفتي السفلية بتوتر لأجيب بعدها : أسمعني ... أعلم أنكم غاضبون لأنني لم أخبركم ب...
قاطعني مجددا بنبرة أعلى : أجيبي ...متى حدث هذا ؟
بدأ كل الموجودين في المقهى بالالتفات نحونا بسبب صوت جونغكوك العالي ، تحدثت ويندي بارتباك : جونغكوك ..هدئ من روعك الجميع ينظرون إلينا .
قلت محاولتا تهدئة و تلطيف الجو : أنا آسفة يا رفاق أعلم أنه كان علي إخباركم ولكن لم يكن باليد حيلة ..أرجو أن ...
لم أكمل جملتي تلك لأن جونغكوك قد وقف من مكانه وتقدم نحوي ليمسك بمعصمي ويجرني نحو الخارج إلى أن إستوقفته بصعوبة : ما الذي تفعله ؟!
أجابني بنبرة حازمة : عودي إلى بيتك وكفي عن قول ترهات ...كيف لشخص أن يتزوج هكذا بين ليلة وضحاها هل أهلك يعلمون بذلك حتى ؟ متى تعرفت على هذا الشخص الذي تزعمين أنك تزوجت منه ؟ ثم أين هو ..أنا لن أصدق ذلك قبل أن أراه... أنا لا أصدق ما الذي تقومين به يوري !
كان قد نطق إسمي بوهن تام و كأنه يتوسل إلي بأن أخبره أنني أمزح وكل شيء مجرد هراء ...ولكن أنا لا أستطيع، لا أستطيع إخبارك بالحقيقة جونغكوك ...سأعرضك و أعرض نفسي للخطر ..
أغلقت عيني بقوة محاولة تمالك نفسي من أن اصرخ و أفضح كل شيء هنا بين أنظار الجميع ...لأتفوه بعدها : جونغكوك أنا مدركة تماما أن ما فعلته لا يصدق لاسيما أنه حدث بهذه السرعة دون أن أخبركم حتى ، أنتم من إعتدم على مساعدتي في إتخاد قرارتي ولكن ...هو الأمر قد حدث وانتهى ، لقد تزوجت كانت لدي أسبابي الخاصة كي لا أخبركم مسبقا ...ولكن صدقني سيأتي ذلك اليوم حين تعرفون كل شيء .
بعد أن أنهيت كلامي بنظراتي المتوسلة تلك وكأن كلماتي حلقت في الفراغ ..فقد سألني قاطبا حاجبيه بحنق : هل تم إجبارك ؟! أخبريني بالحقيقة يوري لا تخفي عني أمرا كهذا ...
التوى لساني تماما فسؤاله ذاك توجه نحو صميم قلبي مباشرة ، هاهو الأن يحطم كل جهودي في محاولة إخفاء الأغلال التي تحيط بي ...قاطع صراع النظرات بيننا رنين هاتف صادر من جيب معطفي ...أه صحيح إنه الهاتف الذي أعطاه لي تايهيونغ هذا الصباح حتى يكون على اتصال تام معي .
فور ما قمت بالإجابة جاء صوت تايهيونغ خلف الشاشة قائلا : تصرفاته و حديثه يزعجني كثيرا ..فلتغادري فورا قبل أن أتدخل وانهي كل شيء بنفسي ، إفعلي أي شيء حتى تستطعينين الفرار منه تعلمين جيدا ما قد أفعله لو إستشعر أي شيء غير عادي ...أخر تحذير لك .
أغلقت السماعة فورا بعد أن أنهى كلامه قبل أن يشعر جونغكوك بأي شيء لأجده يحدق بي بعدم فهم قبل أن يسأل : هاتف جديد ؟ هل كان هو من يتحدث إليك ؟
نفيت برأسي مفلتتا بيدي عن قبضته قائلة : كلا إنه ليس له ...أنا أسفة علي المغادرة الأن لدي عمل مهم ..سنلتقي مجددا و نتحدث أكثر .
قبل أ خطو خطوة واحدة ...امسك بدراعي مستوقفا : مهلا لحظة ...أريد لقاء زوجك ، أعطني رقم هاتفه.
تنهدت بنفاد صبر : جونغكوك
لا تصعب عليّ الأمر هكذا ..لما ترفض حقيقة زواجي بشدة هكذا ؟ ألم تتوقع يوما أنني سوف أتزوج ؟
هتف بصوت عال : أجل !
تراجع رأسي للخلف بسبب صراخه بوجهي وقبل أن أتحدث ..أردف بصوت أهدىء : بالطبع لم أتوقع ذلك فأنا كنت ...
صمت لوهلة مترددا لما سيقوله رمقته بحيرة فأكمل قائلا : كنت أود أن أكون ذلك الشخص الذي يقف إلى جانبك في كل خطوة تخطينها ..لاسيما خطوة مهمة كهذا ، كنت أريد أن أعرف شريك حياتك قبل أن تعرفينه انت حتى ، كنت أريد أن ابحث عن خلفيتيه اولا ..أرى إن كان يعاملك جيدا و يقدرك كمرأة ...والأهم إن كان يحبك ...لا أستطيع تقبل الأمر ..أرجوك قولي أنه مجرد كذبة .
كلامه فاجأني حقا لم أتوقع يوما أن أسمع كلمات كهذه من صديق طفولتي جونغكوك ...حقا قد نجح في التماس أوتار الحزن لدي ..فقد بدأت تلك الدموع اللعينة بتجمع وتلألأ امام ناظريه ...ولكنني علي أن أنهي كل هذا ، يكفي فلا مزيد من حديث أكثر من هذا و إلا فإنني سقوم بإخباره كل بشيء فيدخل تايهيونغ و يطلق علينا جميعا بأعينن باردة .
أمسكت بيده ورفعت رأسي لأحدق بعينيه قائلة بإبتسامة مزيفة على شفتي : جونغكوك أقدر كل ما كنت تود فعله معي ، و أنا أعتذر لك بشدة لعدم إخبارك بالأمر ...ولكنني حقا سعيدة بهذا الزواج لقد كان اختياري ...لا تقلق بشأن زوجي فهو يعاملني أفضل معاملة ...و أنا أحبه كثيرا ... والأن إلى اللقاء.
تلك الكلمات إستنزفت كل طاقتي فبالكاد إستطعت التحدث بها ..أشعر بالإشمئزاز لاسيما أن تايهيونغ يسمعني من خلال جهاز التنصت ذلك .
تجمد جونغكوك مكانه تماما وقد سرح في بحر شروده ...يستمر بتحريك لؤلؤتيه بين خاصتي وقد تغيرت ملامحه تدريجيا لحديثي ...تركت يده ثم إبتعدت عنه وخرجت من المقهى اخيرا و أنا على علم تام أنه لا يزال يقف مكانه دون حراك .
بمجرد أن صعدت إلى سيارة تايهيونغ إنطلق تماما ..أما أنا فلم أتحدث إليه ولا حتى النظر ناحيته ..سمحت لشلالات الدموع تلك بأن تنهمر علي خدي بينما أدير وجهي نحو نافذة بعيدا عن أنظار تايهيونغ .
ليتحدث بكل برودة أعصاب : لقد أعجبني أدائك حقا ...لاسيما ذلك الجزء .. حيث أخبرته أنك تحبينني ..لم أكن أعلم بالأمر هل أعتبره اعترافا ؟
أجبته بإنزعاج دون أن أنظر إليه : أفضل الموت على أن أحب شخصا مثلك.
رفع حاجبه الأيسر متظاهرا بالدهشة : أوه ! كان هذا قاسيا .
أضاف قائلا : إذا هل تحبينه هو ؟ ألهذا تبكين ؟
أجبته محاولة مسح دموعي بخفية : لست أبكي .
سمعت ضحكته الخافتة ليقول بعدها : هل أنت خائفة من أن أراك تبكين ؟ لما تحاولين التظاهر بالقوة بينما أنت لست كذلك ؟
إستمريت باجابته دون أن انظر ليه : وهل تظنني أكترث لأمرك ...لا يهمني إن رأيتني أم لا ..فقط دعني وشأني ...حقا لا أفهم لما تفعل كل هذا ..لما تستمر بتحطيم حياتي هكذا ...ها قد أفسدت علاقتي مع أصدقائي ...فأنا أبدو كصديقة خائنة في نظرهم الأن .
سأل بنبرة حازمة : هل تحبين ذلك الشرطي ؟
كان الصمت إجابتي ليسأل مجددا بصوت أكثر حدة : أخبريني ..هل تحبينه ؟ كل تصرفاته تلك توحي لي أنه واقع في غرامك ..هل تبادلينه ذلك ؟
حسنا كلامه جعلني اقطب حاجبي لغرابته ولكنني لا أريد ان احدثه بشأن جونغكوك حتى يتركه وشأنه ...فجأة إنتفضت مكاني بسبب توقف السيارة المفاجأ نظرت إليه محاولة فهم ماحدث بذعر فتبين لي أنه هو من توقف بشكل مفاجأ حتى يقوم بإخافتي ...عدت لأدير وجهي نحو النافذة ببرود فأردف بنبرة حازمة : أنظري إلي !
لم أفعل ذلك فأنا كنت في غاية الإنزعاج من أوامره المقرفة ...لأتفاجأ به يمسك بذقني مديرا برأسي نحوه قائلا : أتعلمين ما الذي أكرهه بشدة ؟ أن يتم تجاهلي مثلما تفعلين ...أجيبي على سؤالي لا تجعليني أغضب بحركاتك المستفزة هذه .
رفعت حاجبي باستهزاء : و إن يكن ؟!
لم أكن أعلم أن سؤالي هذا سيغير تعابير وجهه بهذا الشكل ..فقد إحتذت نظراته أكثر الموجهة نحو مقلتي ليتلفظ بتلك النبرة الماكرة التي أمقتها : لأنني لم أقم بإنهاء حياتك ..لا يعني أنني قد عفوت عنك ...و إن يكن ؟ تسألين ؟ من الواضح أنك تجهلين تماما عمن يجلس إلى جانبك ...وإلا فأنك لن تسألي سؤال جريئا كهذا ...لا تظهري خنجرك أبدا و أنت في عرين الأسد ..أتمنى أن تأخذي بنصيحتي هذه كي لا أضطر لإيذائك في المرة القادمة .
ما الذي يتفوه به هذا المعتوه فجأة ؟ عرين أسد ؟ إيذائي ؟ هل قام بتهديدي أم ماذا ؟ من يظن نفسه بحق السماء ، لا أصدق ما الذي يحدث معي ، قام بتحطيم حياتي و أسري و الأن يهددني ؟
أبعدت يده عن وجهي بغضب بعد ان تبين على وجهي ملامح الانزعاج ثم ألتفت نحو النافذة مشيحة بأنظاري عنه ، لينطلق هو بعد ذلك بسيارة .
ويندي :
عاد جونغكوك إلى الطاولة بعد أن غادرت يوري وقد بدى على وجهه الحزن التام و كأن حبيبته قد انفصلت عنه للتو ، غريبة تصرفاته هذا اليوم لما يبدي كل هذا الاهتمام بيوري ولما هو منزعج بشدة أنها قد تزوجت أيعقل أنه يمتلك بعد المشاعر اتجاهها ؟ ولكنه كثيرا ما رفضها و أظهر لها أنه يعتبرها مجرد أخت صغيرة و صديقة طفولة مقربة ...هل تغيرت مشاعره فجأة ؟
حين كنا في الثانوية ...اعترفت له يوري ذات مرة بحبها لكنه قد إنزعج كثيرا من ذلك الأمر فأخبرها أنها لا يجب أن تفكر بهذه الطريقة اتجاهه فهما مجرد أصدقاء وهو الأن يظهر رد فعل غريب جدا ..لم أعتد على رؤيته .
قاطع تفكيري حين تحدث بينما يحدق إلى فنجان القهوة الذي أمامه بشرود : أعتقد أن أمرا ما يحدث مع يوري ...هناك سر ما في هذا الزواج لكنها ترفض إخبارنا به ...ما الذي يحدث معها يا ترى ؟
ارتشفت من كأس العصير ثم تنهدت لأردف : لا أعلم ما الذي تخطط له هذه الشقية و لكنني أحترم قرارها ..حتى لو كان هناك سرا ما في الأمر ..فهو قرارها بأن لا تخبرنا به ..ربما لديها أسبابها الخاصة ، يوري صديقتي و أعلم أنها لن تخفيه طويلا ..سيأتي ذلك اليوم حين تخبرنا بكل شيء .... آه و لكنني حقا أريد أن أعرف من هو زوجها ...!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظهيرة | الشركة
رن هاتف تايهيونغ بينما كان في مكتبه منشغلا بالعمل تمعن في شاشة هاتفه فتبين أنه صديقه جيمين :
ـ مرحبا جيمين ...أنا في الشركة مشغول بالعمل لا أظن أن لدي الوقت الكافي لنتحدث على الهاتف .. ما رأيك أن نلتقي بعد الانتهاء .
ـ أسمعني تايهيونغ ، أنا لم أتصل من أجل لا شيء ...أردت إخبارك بأن ليسا تصر على الذهاب إلى البيت الجبلي لتراك هناك وهي الأن تجهز نفسها وقد أجبرتني على أن أقوم بإيصالها إلى هناك .
فرك تايهيونغ جبينه بانزعاج ليقول : تبا ... لما لم تخبرها أنني في الشركة ؟
ـ أخبرتها بذلك و لكنها ألحت في الذهاب وهي ترغب في انتظارك هناك ...تقول أنها ستحضر لك وجبة الغداء ريثما تأتي فكما تعلم هي عنيدة .
ـ آه كم هي مزعجة ...حسنا حاول تأخيرها قد المستطاع ...سوف أسبقكما إلى هناك .
ـ حسنا ولكن هل يوجد شيء تخبئه هناك تايهيونغ ؟ لما تريد أن تسبقنا ؟
أغلق تايهيونغ الخط دون أن يجيب على سؤال جيمين ، ليأخد أغراضه و يخرج من الشركة مسرعا ثم انطلق بسيارته نحو المنزل .

الأسيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن