رجل غريب

14.4K 308 22
                                    

البارت الأول :

أنا يوري فتاة بسيطة طموحة ذات الرابعة و العشرين ربيعا، منذ الصغر كان حلمي أن أصبح طبيبة و أمتلك عيادة خاصة ،أساعد الأخريين و أحرص على شفائهم .فكثيرا ما كنت أرى جدتي تعاني بسبب مرضها ولكن بسبب وضعها المادي السيئ لم تكن قادرة على دفع تكاليف علاجها ولم يأبى أي طبيب مراعاة ما تمر به لذلك أردت أن أصبح مختلفة عنهم ، و بالفعل نجحت بذلك فأنا الأن أمتلك عيادة خاصة لمساعدة الأخرين، ولكن المصيبة أن هذه الورقة التي أحملها بين يدي سطورها كانت كافية بتحطيم معنوياتي لنهار اليوم " يرجى دفع تكاليف الإيجار و إلا سوف تطردين بعد يومين من الأن !"
اللعنة إنه خامس إنذار يصلني عبر البريد  بسبب تأخري عن دفع ايجار محل العيادة ، ولكن ما باليد حيلة فليس لدي مرضى مطلقا لم يأتي  أي أحد منذ شهور..لا أدري ما كل هذا الحظ السيئ الذي أمر به ، ربما  كان علي أن لا أفتح هذه العيادة في هذه المنطقة المشئومة تحديدا ، إنها اشبه بالأمكنة المهجورة.. تبا.. فأنا لا أملك المال الكافي لأدفع كل ذلك المبلغ،. أراهن على أن المالك  سيرسل الشرطة في المرة القادمة .. ما الذي يجدر بي فعله الأن ؟
رفعت رأسي  نحو سقف أتنفس بهدوء مغلقة عيناي  بإسترخاء لعل بعض الأفكار قد تنصب في جعبتي هذه لتخرجني من هاته الورطة .  فتحت عيناي  بمجرد أن أطرقت إلى بالي فكرة إستعارة نصف المبلغ على الأقل من  صديقتي ويندي ،وكم أتمنى أن تفعل ذلك، أمسكت هاتفي مزيحة بعض الخصلات من شعري خلف أدني بينما  أبحث عن رقمها .
بعد رنين مطول ردت أخيرا وبصوت مترجي تلفظت دون مقدمات : ويندي أنا في ورطة ، ساعديني أرجوك.
هتفت ويندي بنبرة قلقة: ماذا هناك ؟ ما هذا الصوت الغريب الذي تتحدثين به هل حدث لك مكروه يا ترى ؟ هل قتلت أحدهم بسبب خطأ طبي ؟ هل جاء إليك أحد المجرمين مجروحا وأمرك بمعالجته مهددا؟ أرجوك قولي لا فأنا أصبحت أتوقع كل الأمور المشئومة بالحدوث معك بسبب حظك السيئ الذي دائما ما يرافقك.
ضحكت لطرافة حديثها ثم أجبت : بحقك يا ويندي أنت تحبطين معنوياتي أكثر فأكثر يا لك من صديقة سيئة.. بصراحة.. ليته أتى مجرم طليق أو حتى أخطر  زعيم مافيا إلى عيادتي سأعالجه و أستقبله بصدر رحب لأنني بحاجة إلى المال وبشدة ولكن المشكلة أنه لم يأتي أحد منذ مدة طويلة .
أنهيت جملتي بصوت متذمر لتردف فورا : ماذا هل وصلك إنذار جديد ؟!
أجبت مباشرة : نعم ...
ضحكت مستهزئة : أه كم انت مغفلة كان عليك جمع المال أولا قبل فتح العيادة ..
أضافت بعد صمت ليس بطويل : حسنا بإمكاني إعارتك نصف المبلغ فكما تعلمين يستحيل أن يكون لدي كل ذلك المال ..ألا تتذكرين أنني فصلت من وظيفتي قبل أسبوع.ولكن ما الذي ستفعلينه حيال النصف الأخر يا ترى ؟
تنهدت بملل : لا أعلم .
أضافت : لما لا تتصلين بوالديك و تطلبين المساعدة منهما؟
بنبرة حازمة يملؤها الانزعاج أجبتها : والدي قد سافرا للخارج كما تعلمين لا أريد أن أشعرهما بالقلق بشأني و أظهر لهما أنني غير قادرة على الاعتناء بنفسي و إلا سوف يجبرانني للذهاب معهما .
ضحكت بسخرية لتردف : في الحقيقة لو كنت مكانك لذهبت برفقتهما فأميركا بلد رائع حقا .
جلست على الكرسي مترنحة وقلت بامتعاض : لا أحب أميركا ، أفضل بلدي ...حسنا سأغلق  يبدو أن أحدهم على وشك الدخول الأن ..سنتحدث في ما بعد.
بعد أن أغلقت السماعة  أمعنت النظر نحو المدخل وإذا بالأجراس المعلق أعلى الباب تقرع معلنة دخول أحدهم ، قابلتني تلك الابتسامة  المشرقة و النظرات الحادة الجذابة لذلك الشخص ،إنه ضابط الشرطة جونغكوك وصديق الطفولة ، هتفت بسعادة : جونغكوك ! يال المفاجأة! .
ابتسم مغلقا الباب خلفه قائلا : أرى أنك مفعمة بالحيوية منذ الصباح ...أم أن رأيتك لي أضافت جرعة من لإيجابية لصباحك ؟
تقدمت نحوه لا أزال اتمعن بملامحه غير مصدقة أنني رأيته أخيرا ثم استرسلت : في الحقيقة كلامك صحيح ..فقد مضى وقت طويل على إلتقائنا.
ولم أتوقع ابدا قدومك .. بالله عليك لقد ظننت أن مكروها قد حدث لك لأنك لم تظهر منذ مدة ولا ترد على اتصالاتي ،هل عملك شاق لهذه الدرجة !.
تنهد بتعب مردفا : فعلا أصبح العمل شاق  مؤخرا فنحن نحقق بقضية  مرهقة في الأونة الأخيرة تخص هذه المنطقة  لذلك خطر ببالي المرور بعيادتك وأرى إن كنت تبلين حسنا أم أنك لازلت فاشلة  بعملك كالعادة .
ضربت كتفه  ممازحة : هاي ! إياك ونعتي بالفاشلة حتى انني لا استطيع نعتك بالمثل فأنت محترف جدا بعملك ..الأمر محرج.
انفجر ضاحكا ليقول بعدها : تعجبني صراحتك كثيرا يا فتاة .
بدأ يتمشى ويتفحص المكان مديرا بظهره وقد لمحت لتو الأصفاد المعلقة على بنطاله فتذكرت أمر القضية التي ذكرها قبل قليل لأسأله بفضول : صحيح عن أي قضية تحدثت قبل قليل ؟ هل توجد جريمة قد حدثت بهذه المنطقة ؟
قال بينما يواصل النظر إلى المكان  :  لا أستطيع إخبارك بأي شيء إنها معلومات سرية .
بنبرة ساخرة هتفت : بحقك !
ضحك بخفوت لتتغير ملامحه للجدية بعدها : صحيح ..إياك واستقبال أي شخص مشبوه لا تشعرين بالارتياح لأجله،إن حدث و جاء إليك شخص مثير للريبة ومخيف بعض الشيء فقط اتصلي بي وسآتي إليك فورا.
قلبت عيني بملل : أتعلم أنني لم أستقبل أي مريض منذ مدة ؟لذلك لن أكترث إن  كان هذا الشخص خطيرا ام طيبا ...آه!
أكملت جملتي متأوهة لأنه قد ضرب منتصف جبهتي بإصبعه ..ليقول : أنت مجرد حمقاء ..أرجح أنه لا أحد سيخطو إلى هنا من بعدي...حسنا يجب علي أن أغادر الأن فلدي عمل ... أضاف ساخرا : أردت فقط التأكد من أنك لازلت على قيد الحياة ..سأتصل بك حين أنتهي من هذه القضية وسنتلقي حينها أنا و أنت و ويندي كي نتسكع مثل الأيام السابقة ...اه تذكري انك وعدتني ذاك اليوم بوجبة عشاء فخمة .
أومأت برأسي  أرافقه نحو الباب : حسنا حسنا ..أعلم ذلك فقط إذهب إلى عملك الأن.
ابتسم مربتا على رأسي ثم خرج.
بعد أن غادر رفعت رأسي نحو السماء أنظر نحو الخارج وقد تبين أن الغيوم بدأت بالتلبد لا بد و أنها ستمطر بغزارة اليوم ، تذكرت .. لم أحضر مظلة معي ، على أن أغادرإذا قبل بدأ هطول المطر و إلا فإنني سأصبح مبللة بالكامل.على أية حال تأخر الوقت ومن المؤكد أنه لا يوجد مرضى  لهذا اليوم كالمعتاد لذلك فالذهاب إلى المنزل هو الحل الأنسب .
أخدت حقيبتي ثم خرجت وبينما أغلق باب العيادة بالمفتاح أصدر صوت الرعد جعلني أنتفض من مكاني : اللعنة كان ذلك قويا ..
ركضت نحو محطة الحافلات أحاول التسابق مع قطرات المطر، وصلت الحافلة بعد دقائق معدودة لأصعد بسرعة ثم زفرت بارتياح لأنني لم أتبلل.. ألقيت نظرة عبر النافذة فأرى أن الشمس قد غربت تماما وبدأ الجو يميل للظلمة.
بعد نصف ساعة تماما وصلت إلى شقتي أخيرا وقفت عند الباب وإذا بي أسمع رنين هاتف ،بدأت أقلب داخل حقيبتي بحثا عنه حتى سمعت استجابة من أحدهم فتوقفت ملتفتة نحو مصدر الصوت...إنه هاتف  هذه فتاة التي تعيش بالشقة المجاورة رنة هاتفها تشبه خاصتي كثيرا ...لكن مهلا لحظة ..أنا لا أجد هاتفي فعلا ، أصبحت أقلب في كل زاوية بحقيبتي ثم جيوب معطفي لكنني لم أجده ، أه اللعنة لاشك في أنني تركته بالعيادة ...أه يال غبائي ..حسنا يستحيل أن أعود إلى هناك الأن من المؤكد أنه سيبقى  إلى يوم غد .. شرعت أبحث عن مفتاح  الشقة كذلك ويال الصدمة مجددا ..لا يوجد؟! كيف؟ كيف ؟  ما الذي يحدث معي بحق الجحيم لما تركت كل شيء خلفي ما هذا الحظ التعيس الذي أمر به ..حسنا من الواضح أنني سأضطر للعودة وإلا سأبيت في الخارج مثل المشردة ..تبا لي ولحماقتي.
طوال الطريق كنت أشتم و ألعن حظي البائس وقد حل الظلام تماما وكذلك المطر لا يزال يتساقط بغزارة كنت أمشي بخطوات سريعة في الشارع الذي تتواجد به عيادتي أحاول الوصول بسرعة قبل أن يحين وقت توقف الحافلات ....رفعت رأسي كي أتفحص الطريق أمامي وكم شعرت بالارتياح لأنني قاربت على الوصول  ..لكن مهلا أنا  ألمح شخصا جالسا هناك أمام مدخل عيادتي بالضبط.توقفت لوهلة حتى أستطيع التمعن في ذلك الشخص جيدا ولكن لا جدوى  .عمود الإنارة ذاك غير كاف أبدا بإظهار ملاح الأشخاص لشدة خفوت ضوئه ، تباطأت خطواتي شيئا فشيئا لانني شعرت بالقلق قليلا فأصبحت أسير بروي وتوتر .. لما يجلس هذا الشخص في ذلك المكان وتحت المطر أيضا .مهلا لحظة إنه لا يتحرك مطلقا هل هو نائم يا ترى ؟ ولكن من سيتمكن من النوم تحت غزارة قطرات المطر هذه ؟ لا بأس تشجعي يوري وتقدمي ،لا شيء سيحدث على أية حال ..قد يكون مجرد شخص متعب يجلس هناك بهدف أخد قسط من الراحة ...أماا أنا فكل ماعلي فعله هو  أخد أغراضي والمغادرة فورا ، لن يحدث شيء لن يحدث أي شيء .. وصلت إليه أخيرا ونبضات قلبي تتسارع بشدة وقفت أمامه أحدق به محاولة تفحص هيئته هل بالفعل هو نائم أم لا؟ ملامحه لا تظهر جيدا ، اقتربت خطوة منه بحذر...وفجأة سطع ضوء البرق  على جسده مرفقا بصوت الرعد لأجفل عما رأيته للتو ، لقد رأيت دما ، نعم إنه دم لقد لمحت دماء على ملابسه..هذا الشخص مصاب بكل تأكيد وهو ينزف ..شهقت واضعة يدي على فمي أحاول استيعاب الموقف وما أراه أمامي .. ما الذي حدث له وكيف إنتهى به المطاف هنا ؟ مهلا ماذا لو كان ميتا ؟! جلست جلسة القرفصاء مقتربة منه ا كثر أحاول معرفة إن كان حيا يتنفس أم لا .. وضعت أطراف أصابعي على رقبته متحسسة نبضه فتبين لي أنه ما يزال على قيد الحياة و يتنفس بصعوبة  .. واضعا يده على جرحه الذي ببطنه منسدلا بوهن على الجدار. الحمد الله انه لا يزال على قيد الحياة على الأقل ..علي ان أتصل بالإسعاف فورا ولكن آه سحقا ...هاتفي بداخل ، أسرعت اخرج المفتاح من حقيبتي لأفتح الباب بسرعة وأهرع لجلب الهاتف ثم عدت إليه لأقترب منه مجددا وأتفحصه وكم كان القلق و الخوف يتملكني ، شكلت رقم الإسعاف ...ولكن تفاجأت به يمسك بمعصم يدي التي تحمل الهاتف  من دون سابق إنذار قائلا بصوت ضعيف متألم : لا... تتصلي... بأحد !
رفعت رأسي نحوه غير مصدقة انه قد تحدث للتو فهتفت مباشرة : ماذا ما الذي تتفوه به ، أتريد الموت ؟
أجاب ولكن هذه المرة فتح نصف عينيه ببطيء ينظر إلي محذرا وكم استشعرت رغبته الملحة تلك خلال كلامه : فقط لا تتصلي ..وغادري .
ما خطب هذا الرجل أكاد أشك أنه هو من طعن نفسه منتحرا ، هل يريد أن يلقى حتفه ؟..لما يصر على عدم الاتصال ؟قلت بصوت عال معاتبة : هل سبق و رأيت طبيبا يترك شخصا على شفا الموت ويغادر ببساطة ؟دون ان يفعل  أي شيء ؟ مستحيل  أن أتركك وأغادر يجب أن تذهب إلى المشفى .
تنهد بصعوبة محاولا تحمل ألمه ليقول : إذا..أفعلي شيئا بنفسك ..ولكن لا تتصلي..أرجوك .
غريب أمره يستمر برفض الإتصال بالإسعاف ، هل لديه رهاب المشفى أم ماذا ... حتى أنه يتوسل كي لا أفعل ...حقا أشعر بالقلق بشأنه .على أية حال حالته لا تسمح بإنتظار سيارة إسعاف ..يجب أن أفعل شيئا بنفسي قبل أن يفوت الأوان.
...ساعدته بالوقوف مسدلتا بجسده علي، ثم دخلنا إلى العيادة ..طلبت منه الانسدال على السرير الطبي ليفعل ذلك بينما أساعده بروي ، بعدها أضأت الإنارة ...واخيرا بإمكان رأيت هذا الشخص بوضوح الأن ، إنه شاب من المرجح أنه في أواخر العشرينيات.. هرعت بفتح أزرار قميصه لأزيحه عن ذلك الجرح  ..أخذت قفزاتي وشرعت في تفحصه ويال الهول لقد توسعت عيناي بدهشة حين إكتشفت انه جرح ناتج عن الإصابة بطلق ناري ..تراجعت خطوة إلى الوراء أستجمع أفكاري بحيرة .. يا إللهي من يكون هذا الرجل  تحديدا و ما الذي جعله يصاب برصاصة في بطنه ؟ ما الذي علي فعله ؟ ماذا لو كان مجرما هاربا من العدالة ؟ سأقع في ورطة بسببه ، من الخطأ معالجة شخص مصاب برصاصة في بطنه دون معرفة هويته ، هل أتصل بالشرطة ؟..
فجأة أصدر أنينا جعلني أنظر إلى وجهه وقد تبين أن وضعه يزداد سوء فتنفسه أصبح أبطيء  العرق يتصبب على جبينه علي أن اعالجه لن أتركه يموت على أية حال سأنفذ دوري كطبيبة ولايهمني ماسيحدث لاحقا ..
أسرعت لأغلق باب ونوافذ العيادة حتى لا يأتي أي شخص ويعرق عملي بعدها جهزت الأدوات وقمت بتعقيم نفسي وتنفست بعمق لأقف أمامه قائلة : يمكنك فعلها يوري!
بعد مدة ليست بقليلة إستطعت إزالة الرصاصة من بطنه وحمدا لله أنها لم تصب أعضائه الأخرى فهي لم تكن بذلك العمق ..بعدها قمت بخياطة جرحه بعد أن نظفته جيدا ..وأخيرا إستقر وضعه بإمكاني القول أنني نجحت بإنقاذه ، ارتميت على المقعد الذي  خلفي بتعب و إرهاق متنفسة الصعداء ..أزحت الكمامة عن وجهي ثم أسدلت رأسي نحو الخلف : كان ذلك مقلقا للغاية.
عدت لأنظر إليه وقد لاحظت للتو أنه يرتدي بذلة سوداء ..حسنا هذا يوحي لي أنه  ليس بشخص متشرد ولا حتى مجرما هاربا ..لا أظن أن المجرمين يرتدون بذلات رسمية  ..هل يكون رجل أعمال ربما تعرض للاحتيال أو الهجوم من قبل شخص ما ؟ ولهذا السبب رفض الاتصال بالمشفى كي لا تنتشر عنه الشائعات ؟ أه صحيح ماذا لو كان شرطيا وتمت مطاردته من قبل مجرمين بينما كان يتمتع بوقته في حفل ما ؟ّ رأسي يكاد ينفجر من كثرة الأفكار .. تذكرت على ذكر الشرطة .. اخبرني جونغكوك أن أتصل به في حال أتى إلي رجل غريبا .. ربما علي الإتصال به في موقف كهذا  ؟
قمت بأخد الهاتف واتصلت بجونغكوك على ما أعتقد سيكون الوسيلة الوحيدة لإخراجي من هذه الورطة سيبحث عن هوية هذا الغريب .ويحقق بشأنه .
بعد  رنين مطول لا استجابة ..د لابد وانه مشغول في عمله . حسنا لا بأس سأتصل به غدا ..لاشك في أن هذا المجهول سيطيل البقاء هنا قليلا حتى يستيقظ ..
انتفضت من مكاني لأنني سمعت بوق سيارة مارة بالخارج أخدت الهاتف لأرى كم الساعة ..واه إنها الواحدة بعد منتصف الليل لاشك في أنني غفوت لساعتين ..وقفت متجهة نحو ذلك الشاب لأتفحصه بعد ىان غبت عن مراقبته كل هذه الفترة..نبضه جيد وتنفسه مستقر هذا مريح ..بينما أنظر إلى الضمادة التي تغطي جرحه انتبهت لمدى روعة جسده لتو ، لديه جسم رياضي وعضلات بطن مفتولة، لاشك في أنه يحافظ عليه بعناية حتى أنه يمتلك وجها وسيما بعض الشيء،من يكون يا ترى ؟..مهلا مالذي أصابني لما أحدق به بهذه الطريقة يالني من طبيبة منحرفة .
طرقت ببالي فكرة أن أفتش في ملابسه لعلي أجد شيء يشبع فضولي هذا الذي يحرقني ، بدأت أقلب بجيوب سترته نزولا إلى جيوب بنطاله ..ولكنني أجفلت حين شعرت بتلك اليد الباردة تمسك بمعصمي فجأة رفعت عيني نحوه ليتبين لي أنه مستيقظ ينظر إلي بجفنين ناعستين.. أبعدت يدي عنه ثم هتفت بسعادة : هل استيقظت ؟ أأنت بخير ؟
رفع يده الأخرى محاولا نزع قناع الأكسيجين عن وجهه ثم محاولا النهوض من سريره لكنني أسرعت أوقفه : كلا لا تفعل ..لم يمضي وقت طويل على إنتهاء العملية.
أبعد يدي التي تحاول عرقلته  بعيدا ثم عدل من جلسته ليقول بصوت متعب أجش : من أنت ؟ وما الذي كنت تفعلينه ؟
أصبت بإرتباك لنظراته المخيفة نحوي وكأنني كنت أحاول قتله وليس معالجته ..أجبت بعد صمت ليس بطويل : أنت في العيادة الأن لا تقلق ..فقط عد للانسدال جلوسك هكذا غير جيد للجرح فلم يمضي وقت طويل على خياطته .
تمعنت بملامحه منتظرة ردا منه أو تنفيد ما قلته لكنه لم يفعل ظل صامتا لوهلة فأضفت :لديك جسد قوي يستطيع التحمل..لم أتوقع أنك ستستيقظ بهذه السرعة يجب أن تكون ممتنا.
كنت أحدق به منتظرة تفاعله مع ثرثرتي لكنه إستمر بتجول بنظراته في المكان دون النظر إلي حتى ثم عاد لينسدل مجددا ولم ينبس ببنت الشفة ..إنه يتصرف بغرور رغم أنه كان على حافة الموت ..غريب أمره
جلست على الأريكة أراقبه في صمت ، أما هو فعلى مايبدو قد عاد للنوم ..كيف له أن يكون بهذه البرودة و الجفاء بعد أن كاد يفقد روحه عرض الشارع بمفرده..ياله من رجل غريب ،  أشعر بالإرهاق الشديد ، بما أنني قد تأكدت من استقرار حاله سأخد قسطا من الراحة الأن .
في اليوم التالي                                                   
إستيقظت على صوت رنين هاتفي ..فتحت عيني بتثاقل وقد لمحت بعض من اشعة الشمس المتسلسل عبر حواف النافذة لا بد أنه قد حل الصباح .. نظرت إلى شاشة هاتفي فرأيت مكالمة فائتة من جونغكوك ..أه صحيح إتصلت به البارحة بشان ...مهلا لحظة ..أين ذلك الرجل الغريب ؟ ألم يكن منسدلا ليلة البارح على ذلك السرير ؟ لكنه ليس هنا ..أيعقل أنه قد غادر ؟! وقفت من الأريكة وبدأت اتجول في المكان لعلي لم ألمحه فقط ..ولكن صدقا لا وجود له في العيادة ..حسنا علي أن أرد على الاتصال أولا ..
ـ صباح الخير أيها الضابط .
ـ صباح الخير أيتها الكسول ..ألم تستيقظي بعد ؟ لما تستغرقين وقتا طويلا في الرد على الهاتف ؟
ـ أه حسنا ..لقد أصبت كنت نائمة ...ولكن لماذا لم ترد على اتصالي ليلة البارحة ؟
ـ  ها انا الان اتصل بهذا الشأن ..أعتذر لقد كنت مشغولا بقضية مهمة وقد كان هاتفي في الوضع الصامت لذلك لم أنتبه لقد رأيته للتو فقط...لما هل حدث أمر ما ؟
بما أن ذلك الرجل قد غادر فلا يوجد داع لإخباره عنه ، اكتفيت بقول : أه في الحقيقة لا شيء مهم ...كل ما في الأمر أنني كنت بحاجة إلى مظلة ففكرت في إمكانية وجودك بالقرب من العيادة ...عندها سأغادر برفقتك إلى البيت.
هتف بغضب : ماذا ؟ هل كنت في العيادة في ذلك الوقت من الليل ؟ ما الذي كنت تفعلينه بحق السماء ؟
سحقا وضعت نفسي بورطة اخرى : لقد كان لدي مريض في حال مستعجلة ..لم يكن علي تركه .
ـ يالك من غبية ..كان عليك الإقفال في وقت ابكر ، ألاتعلمين كم هي الأوضاع خطرة في ذلك الوقت من الليل ؟
ـ بحقك جونغكوك لما تكبر الموضوع ، ها أنا بخير وبصحة جيدة لم يحدث أي شيء ..على أية حال شكرا على قلقك علي ومعاودة الاتصال.
ـ سألقنك درسا حين نلتقي .
ـ حسنا حسنا ..سأغلق الأن.
بعد أن أقفلت الخط وضعت الهاتف جانبا , ووقفت أنظر لذلك السرير الخاوي هناك ازفر بانزعاج ، بحق السماء كيف له أن يغادر بكل بساطة ؟ هو لم يشفى بعد..كان عليه أن يقول كلمة وداعا على الأقل ..يال وقاحة البشر هذه الأيام ..بدأت بترتيب المكان بإمتعاظ لحظات حتى فتح الباب لتدخل صديقتي ويندي.
هتفت بمرح : صباح الخير دكتورة يوري .
فتحت دراعي لأركض نحوها بسعادة : ويندي ! أنت هنا !!
قامت بمبادلتي العناق بعد محادثة طويلة عن حالنا و حال أعملنا و حياتنا اليومية ..جلسنا على الأريكة فنظرت إلى وجهي بتمعن : لما تبدين متعبة ، ألم تنامي ليلة البارحة؟
أجبتها : اه لا تذكريني رجاء ..لو أقص عليك ما حدث معي أمس ..ستغضبين بلا شك .
قطبت حاجبيها بقلق : ماذا ؟ ماذا حدث ؟
رويت لها كل ماحدث معي بالتفصيل ، لتفتح عيناها بذهول قائلة : تقولين أنك قمت بمعالجة رجل وسيم وجدته مرميا أمام العيادة و بقيت معه طوال  الليل ؟
أومأت برأسي لتتحول ملامحها إلى الغضب فجأة : ولكن كيف له أن يغادر هكذا دون أن يقول  اي كلمة ؟ ياله من تصرف غير لائق .
ضممت ساعدي نحو صدري لأقول بنبرة منزعجة : أجل وهذا ما يجعلني أفقد أعصابي .
قالت بينما تفكر بعمق : ماذا لو كان ممثلا ..أو رئيسة شركة مشهور أو مغنيا ، غادر قبل ان تكتشفي عنه  ذلك ؟ او قد يكون ..ماذا لو كان شبحا ..شبحا ظهر لك فجأة وتمكنت من رؤيته لأنك..
قاطعتها لأقف من مكاني : توقفي عن قول هذه الترهات الغبية ..والآن أخبريني هل أحضرت المال الذي طلبته منك البارحة ؟
مدت يدها نحو حقيبتها لتخرج ظرفا صغيرا قائلة : أجل أحضرته .. كيف لي أن لا أساعد صديقتي الوحيدة ..مهلا كم تبقى لك من الأيام ليتم طردك من هنا ؟
تنهدت بحزن : يوم واحد ..يوم واحد يا ويندي .
توسعت عيناها بدهشة : ماذا ؟ يوم واحد ؟ ولكن ماذا عن بقية المبلغ ؟ كيف ستدفعينه ؟
بعثرت شعري بنفاد صبر : لا أدري يا وندي ... لا أدري حقا .
وبينما أنا و وندي ننظر إلى أعين بعضنا البعض بحسرة ألتفتنا لسماعنا صوت الاجراس المعلقة على الباب ..دخل شخص طويل يرتدي بدلة مرتبة ويبدو في أواخر الثلاثينيات ..نظر إلي مبتسما ثم إنحنى قائلا : مرحبا يا آنسة.
إنحنيت أنا الأخرى أنظر إليه في ذهول فهذه أول مرة يدخل فيها شخص بهذه الأناقة إلى عيادتي ..قلت : أهلا بك سيدي كيف لي أن اساعدك؟
مد يده نحوي فنظرت إليها لأرى أن بيده ظرف أنيق ليقول بعدها : لقد تم إرسال هذه الدعوة خصيصا لك من السيد تايهيونغ يقوم فيها بدعوتك رسميا إلى حفل عيد ميلاده .
مهلا مهلا ..حفل ؟ دعوة ؟ سيد تايهيونغ ؟ ما الذي يتفوه به هذا الرجل بحق الإله ؟ ربما يكون قد أخطأ المكان .
إبتسمت له ببلاهة لأقول بعدها : عذرا يا سيدي ربما قد أخطأت العنوان فأنا ..
قام بمقاطعتي ليقول : ألست الطبيبة التي عالجت السيد تايهيونغ البارحة ؟
دهشت ..نظرت إلى ويندي والتي بدورها تقف بجانبي في حيرة من أمرها ثم نظرت إلى الرجل أمامي قاطبة حاجبي : هل ذلك الرجل المصاب .هو من أرسل هذه ...الدعوة ؟ لي ؟ أنا ؟
أومأ برأسه ليكمل بعدها : صحيح ..فالرئيس لم تتسنى له الفرصة لشكرك على ما فعلته البارحة لانه كان في عجلة من أمره لذلك هو يريد أن يشكرك و يكافئك شخصيا في حفل عيد ميلاده يا أنسة .
صمت قليلا أفكر .. ما الذي يقصده بالرئيس ؟ هل ذلك المشرد ..أعني الغريب المغرور الذي كان مرميا مجروحا و مبللا أمام العيادة ... رئيسا ؟! رئيس ماذا بحق ؟ّ! هل يمتلك الشركة ؟
همست ويندي في أذني قائلة : أرأيت ؟ أخبرتك أنه قد يكون رئيس شركة .
نظرت إليها ثم إلى ذاك الرجل وبتسمت مجاملة : أسفة أيها السيد ولكنني لن أقبل هذه الدعوة ...لا داعي لكل هذا..كان عليه أن يأتي بنفسه فيما بعد ويشكرني ثم سينتهي الامر .
قامت ويندي بوخزي معارضتا لكلامي .
نفى ذاك الرجل برأسه ليقول : كلا أنستي ..هو لا يريد شكرك فحسب بل مكافئتك  هو يعلم أنك عرضتي مهنتك للخطر بمعالجته هنا وليس بأخذه للمشفى فهذا ليس قانونيا كما نعلم ..وايضا جميع الحاضرين الى حفل الرئيس سيكونون من الشخصيات المرموقة  ويسره أن تكونين من بينهم فأنت أهم منهم جميعا لقد أنقذتي حياته ..سأضع هذه الدعوة هنا ..وعليك بالتفكير جيدا ..الحفل سيكون غدا أرجو أن تغيري رأيك سأكون من الشاكرين لك .
بعد أن وضع ذلك الظرف على الطاولة غادر ليصعد إلى سيارة سوداء تبدو غالية الثمن ..من يكونون بحق الإله .
هتفت ويندي بصوت عال وسعادة : أسمعتي يا فتاة ؟ إنها فرصة العمر ..ذلك الرجل سيكافئك ..هل انت مجنونة لتضيعي مكافئة كهذه ..ماذا لو اعطاك مالا وفيرا حينها بإمكانك دفع الإيجار ايتها الحمقاء ...لا تضيعي فرصة كهذه يا يوري ..وأيضا لا تنسي أنك ستحضرين حفلا من الطبقة الراقية ..أه كم احسدك .
ـ ما الذي تتفوهين به يا وندي ..عن أي مال وفير تتحدثين  ..
ـ هل نسيت ما قاله ذلك الرجل ؟ قال أنه يعلم جيدا انك قد خاطرت بصمعتك كطبيبة لتعالجينه بشكل غير قانوني ..لذلك فمن المؤكد انه سيقدم لك مالا كثيرا ..فالأغنياء لا يكترثون بالمال حين يتعلق الأمر بحياتهم ..هيا يا فتاة لا تكوني غبية وتضيعين فرصة كبيرة كهذه ..إذهبي إلى ذلك الحفل .. ما رأيك أن نخرج  الأن للتوسق ونشتري لك ثوبا جذابا يليق بحفلات الطبقة الراقية .
لا أعلم ما الذي تثرثر به هذه الفتاة ولكنه يبدو مقنعا بعض الشيء ..في هذا الوضع الحرج الذي اتصارع معه لكي اجمع المال من أجل الإيجار سأفعل أي شي حتى اتمكن من دفعه ..إذا ماذا لو فعلت ما تقوله ويندي ؟
ــتـــــــــــــــــــــستوبـــــــــــــــــــ
في رأيكم هل ستذهب يوري أم لا ؟

الأسيرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن