الحلقة الثامنة

357 18 14
                                    


"كنت بالماضي كالنسيم الهادئ لأتحول بين ليلة وضحاها إلى إعصار ثائر يقتلع كل ما يُقابله، ولكن ما زال بداخلي خيط من النور يُريد التحرر من بين براثن ذاك الظلام الذي غصت به رغمًا عني، رغم كل تلك الثورة بداخلي للاستمرار!!
لم أعد أعلم ماذا أريد؟! لم أعد أعلم حقًّا"

بنادي التدريب الخاص بإدوارد
كانت قد أبدلت ثيابها بملابس رياضية معها وذهبت لإدوارد بغرفة التدريب لتجده ينتظرها، وهو يرتدي تي-شيرت ذو لون أسود يُبرز عضلاته ويربط شعره للخلف والذي قد ازداد طوله بتلك الأيام، وينتظر قدومها لتتجه نحوه وتُحييه ثم تقول بثقة:
_ امم يا ترى مين إللي هيفوز النهاردة الأستاذ وإلا تلميذته؟!
لينظر لها بهدوء وهو يقول بتحدي:
_ بصراحة معرفش بس عمر التلميذ ما يفوز على أستاذه أبدًا.
لتضحك أيشا بصخب على كلماته تلك والتي كان يُسمعها إليها دائمًا، وتتذكر تلك الأيام التي كانت تتدرب بها والتي بعدها أصبحت شخصًا آخر، لتقول بهدوء وابتسامة ماكرة:
_ امم نشوف قاعدتك دي هكسرها قريب ويالا نبدأ ونشوف.
_ يالا.

ليأخذ كل منهم وضعه ويبدأ القتال بينهما كما السابق ولكن بالسابق كان كلًا منهما لا يترك فرصة للآخر ليفوز؛ فقد كانت تنتهي جولتهما إما بإيقاف أحد العاملين لهما أو بفوز إدوارد بحركة يفعلها على حين غفلة منها وقوله لها دائمًا أن التلميذ لا يفوز على معلمه أبدًا، ولكن اليوم لن تسمح بهذا فقد زاد إصرارها على هزيمته اليوم، بدأ قتال شديد بينهما فأيشا بدأت بالهجوم بقوة وهي تُسدد الضربات له واحدة تلو الأخرى ويقودها لهذا ذاك اللهيب الثائر بداخلها، أما إدوارد فكان يتفادى ضرباتها بعناية ولكن فجأة تلقى منها لكمة قوية بوجهه جعلته يرتد للجانب الآخر، ومع حركتها تلك زادت ثقتها قليلًا.

ليبدأ إدوارد بالهجوم أخيرًا عليها كان قتالًا قويًا فالاثنين على مستوى عالٍ جدًا ومتقارب من بعضهما البعض، فكانت أيشا تعود للخلف كل بضع دقائق وهي ما تزال تُدافع وتُهاجم حتى خارت قوتها قليلًا فقد استنفذت قوتها بالهجوم، عكسه تمامًا كان محافظًا على جزء من قوته قليلًا ليقوم إدوارد بحركة مفاجأة لها ليضربها بقدمها ويُمسك بيديها لتسقط أرضًا وهي تتألم من قوة صدمتها بالأرض، ليُكبل إدوارد حركتها بيديه ويقول لها بفخر:
_ لسه زي ما أنتي قلت لك متهزميش أستاذك أبدًا، وبعدين خلصتي كل قوتك في الهجوم للأسف وده غلط خلي خصمك هو اللي يخلص قوته ووقت ما يتعب اهجمي على طول.
ليُنهي كلماته بضحك مستمر وهو ما زال ينظر لعينيها والتي كان بهما غضب ثائر وتحدٍ أكبر، وهي تُحاول التحرك هنا وهناك حتى تتحرر من قبضته لتهدأ قليلًا وهي تقول له:
_ عندك حق لازم أحافظ على قوتي بس مش لازم أسيب خصمي يهاجم كل شوية، بقانوني أنا هخليه يتقدم شوية بس مش كل جولة يفوز بها أنا هكون قدامه ووراه علشان أتفادى هجومه، وعلشان أبوظ مخططه برضو بس من غير ما يعرف وأنت علمتني إني أهزم خصمي، وأنا ببتسم في وشه وضربته متأثرش فيا أبدًا ووقتها أهجم براحتي.

لتنظر له بابتسامة ماكرة وتفاصيل وجهها هادئة رغم تلك النيران التي اندلعت بشدة بداخلها، لتقوم فجأة وعلى حين غرة بقلب الوضع لصالحها لتلكم إدوارد بقدميها بقوة ببطنه وتنقلب عكسه تمامًا، بعد أن كانت ممددة على الأرض وهو يجلس يُكبل حركتها وبعد نهوضها لكمته بوجهه وبصدره بغلٍ لتتجه خلفه وتقف، وهي تقبض على رقبته بقوة ليُحاول أن يُحرر رقبته من قبضتيها بصعوبة ولكنه كان لا يستطيع فهي كانت تضغط على رقبته بشدة حتى كادت تنقطع أنفاسه، ليهبط تدريجيًا وهي تهبط معه إلى أن استسلم نهائيًا عندما كان على وشك فقدان وعيه ليضرب بيديه على يدها علامة استسلامه لتُحرر قبضتها فورًا، وقد عادت لرشدها لتنهض من موضعها وهي تراه يتنفس بشدة ليُعيد الهواء لرقبته من جديد لتمد له يديها حتى ينهض وعلى وجهها ابتسامة ماكرة، ولكن فضلت الهدوء قليلًا ليُمسك بيديها وينهض من مكانه وبعد أن استعاد كامل قوته نظر لها بحنق، وهي تُبادله نظراته تلك بابتسامة جعلت الدماء تفور بعروقه من شدة الغيظ ليقول لها بهدوء:
_ أيشا أنتي كنتي شوية وهتقتليني ليه كده مش عاوزك في مرة لو حد غاظك تخلي دماغك، تلغي تفكيرك وتعملي كده لأن مينفعش سيطري على غضبك شوية.

لتقول له بنفس ابتسامتها تلك ولكنها ممزوجة بألم:
_ عارفة وبحاول بكل جهدي بس مش بعرف للأسف ولكن هحاول تاني.
لتصمت قليلًا ثم تقول بحماس وفخر:
_ بس ده ميمنعش إني غلبتك اه أخيرًا التلميذة غلبت أستاذها.
لتقفز للأعلى بفرح وهي تُصفق بيديها كالأطفال ليبتسم لها إدوارد بفخر ثم يقول بضحك:
_ اه فزتي بعد ما كنتي هتموتيني يا بنتي.
لتُشاكسه قائلة:
_ بس فزت برضو.
ليُومئ لها إدوارد بموافقة وهو ما زال يُمرر يديه على رقبته موضع ضغطها عليها، لتنتبه له أيشا وتتجه نحوه وتقول بقلق قلما تُظهره لأحد:
_ إدوارد أنت كويس؟
ليبتسم لها قائلًا:
_ متخافيش أنا بخير.

لتهز رأسها بإيجاب وعينيها بها لمحة حزن قرأها إدوارد فورًا كانت حزينة أنها كادت تقتله فهو من علمها، وكان بجوارها طوال تلك الفترة لينظر لها إدوارد وهو يضع يديه على رأسها، ويُربت على شعرها بلطف قائلًا:
_ أيشا عارف إنك زعلانة إنك عملتي كده بس متقلقيش أنا كويس أهو تمام.
لتقول له:
_ مهو أنا كنت هقتلك يا إدوارد وللأسف غصب عني.
ليبتسم لها قائلًا بهدوء:
_ يا ملكة المشاكسة متشغليش بالك بحاجة وأديكي أهو قلتي غصب عنك يبقى خلاص تمام؟!
لتبتسم له أيشا على لقبها هذا الذي يقوله لها دائمًا لتقول له بامتنان:
_ حاضر يا أفضل أستاذ في الدنيا.
ليضحك هو قائلًا بمزاح:
_ أهو أديكي هزمتي الأستاذ بتاعك أهو افرحي بقى لا وضربتي مارك كمان ده أنتي دخلتي التاريخ أهو.
لتضحك بصخب وهي تتذكر ما فعلته بمارك لتقول له:
_ اه فعلًا.

ليقول لها إدوارد بهدوء:
_ تعرفي رغم القسوة إللي بتغلفي نفسك بيها قدام الناس إلا إنك جواك لسه قلبك وروحك نقية، الكره مدنسهاش وده مش بيطلع غير للي بتحبيهم وبتثقي فيهم فخليكي كده على طول قدام الناس محدش يكسرك أبدًا، لكن مع نفسك ارجعي البنت الرقيقة بتاع زمان متخليهاش تموت.
لتنظر له أيشا بذهول من معرفته بما تشعر به وقراءة أفكارها بسهولة لتقول له بهدوء:
_ فعلًا قدرت تقرأ أفكاري تاني بس للأسف مش هعرف أرجع للبنت دي تاني يمكن الزمن ينسيني، وأرجع بعد ما أخد انتقامي ويمكن لا بس أدينا ماشيين.
_ متخافيش هتاخديه قريب قوي.
ليصمت قليلًا ثم يقول لها:
_ يالا تعالي نشرب حاجة ونرجع للتمرين التاني يالا.
لتُومئ له بإيجاب ثم تقول له:
_ تمام يالا.
ليذهب الاثنان إلى كافتيريا النادي ويجلسان معًا وهم يتحدثون سويًا فيما مضى.
********
داخل المقابر
كان يجلس شاب بمنتصف العشرينات أمام قبر أحدهم وهو يبكي بحرقة على فراقها كان واضعًا رأسه على قبرها ويميل بجسده عليه، وهو يُمرر يديه على حافة القبر وكأنها أمامه الآن قلبه يأن من ألم الفراق فقد ذهبت من كانت كل حياته، حبه وعشقه ذهبت وتركته وحيدًا كان هذا الشاب هو آدم، كان يقول لها وعبراته ما زالت تنهمر وكأنها أمامه:
_ فراقك صعب قوي يا فرح حاسس إني معشتش معاكي إلا يومين يا حبيبتي، بس مشيتي بدري قوي يارب ارحمها وصبرني على فراقها يارب.

ليرفع رأسه وينظر لاسمها المحفور على القبر ليقول لها بحزن:
_ ماما يا فرح بتقول لي اتجوز علشان فارس وعارف إني وعدتك إني أتجوز علشانه بس مش قادر أتجوز واحدة بعدك يا حبيبتي مش قادر والله، ليه سبتيني لوحدي ليه!
ليبكي من جديد وهو يتذكر ما حدث منذ عدة أشهر ليعود بذاكرته لتلك الأيام بعد ولادة ابنه فارس؛ حيث علم من طبيبها أنه حدث لها نزيف داخلي حاد بعد ولادتها بسبب ضعف جسدها لذلك هم لن يستطيعوا إنقاذها فليدعو الله لها بالرحمة، ليتركه بهذا اليوم وهو لا يسمع بأذنيه سوى لا نستطيع إنقاذها لتتردد هذه العبارة كثيرًا بأذنه وهو لا يدري ماذا يفعل؟!

حبيبته وعشقه ستذهب وهو يقف مكتوف اليدين لا يفعل شيء ليتجه نحوها بسرعة ودخل إلى الغرفة ليراها ترقد على السرير ووجهها شاحب اللون وجسدها واهن كثيرًا، ولكنها لا تزال جميلة كما رآها بأول مرة لتنهمر الدموع من مقلتيه وهو يتجه نحوها ببطء شديد وقلبه يكاد ينخلع من هول صدمته وأسى روحه، كانت ترقد بهدوء كما هي عادتها لتراه يتجه نحوها وعينيه تبكي بحزن وألم شديدين لتبتسم له بحب شديد، وتمد له يديها مشيرةً له بالقدوم ليُلبي دعوتها فورًا ويتجه نحوها وهو يركض ويُمسك بيديها التي تُشير بها ليجلس بجوارها، وهو ينظر لعينيها بعشق جارف لتقول له:
_ آدم حبيبي!!
لينظر لها بشجن وهو لا يستطيع الحديث ليُومئ لها أنه يسمعها لتقول له بابتسامة واهنة:
_ حبيبي جه الوقت اللي هروح فيه مش عاوزاك تزعل يا حبيبي ماشي؟!

ليبكي وهو يُقبل يديها ويقول برجاء:
_ فرح متسبنيش أنا ما صدقت لقيتك في حياتي قاومي وأنا هاخدك بره تتعالجي بس خليكي معايا.
لتبتسم له قائلة:
_ مبقاش فيه وقت يا آدم ده عمري وهينتهي هنا عاوزة أقولك كام حاجة يا حبيبي.
ليهز لها رأسه بموافقة لتقول:
_ بعد ما أموت اتجوز يا آدم علشان فارس ميفضلش لوحده أرجوك هو محتاجك ومحتاج أم ليه الفترة دي.
ليقول لها باعتراض:
_ مش هقدر يا فرح مش هقدر أتجوز حد غيرك مش هقدر.
لتقول له برجاء:
_ دي أمنيتي الأخيرة يا آدم ولازم تحققها لي.

ليصمت آدم وهو لا يدري ماذا يقول لها؟!
لتقول له فرح برجاء:
_ طيب لما حتى تقدر تستوعب موتي ابقى اتجوز يا آدم أرجوك أرجوك.
ليقول لها بقلة حيلة:
_ حاضر يا فرح هتجوز حاضر.
لتبتسم له برضى وتتذكر بسرعة وجه فتاة تشع من وجهها البراءة ذات عينين زرقاء كالنيل البديع، تنظر لهم بحزن تُحاول إخفاءه وراء قناع القوة التي تضعه، تلك الفتاة شغلت تفكيرها كثيرًا يبدو أنها عانت بحياتها كثيرًا، لتقول له فورًا:
_ فاكر البنت اللي قبلناها في المطار في لندن يا آدم؟!
ليُحاول التذكر ليعود بذاكرته لذاك اليوم وتلك الفتاة التي تُشبه القطة البرية وشجارهم معًا، لينظر بضيق من تلك الفتاة سليطة اللسان ليقول لها بتساؤل:
_ اللي كانت مع آسر دي أم عينين زرقة؟!
لتُومئ له فرح بهدوء وهي ترى ضيقه لتقول له:
_ اه بس ليه مخنوق كده ومش طايقها؟

ليقول لها بغيظ:
_ ما أنتي مشوفتيش قبل ما تيجي كنا بنتخانق لأن خبطت فيها، وكانت هتقع لولا إني مسكتها ونزلت فيا تهزيق بنأدمة لسانها عاوز قصه.
لتضحك فرح بوهن وهي تقول له:
_ يا لهوي عليك يا آدم كل ده دي بنوتة طيبة خالص.
لينظر لها بذهول قائلًا:
_ طيبة!! يا بنتي ده أنتي اللي طيبة دي لسانها متبري منها ويومها كنت هخنقها والله.
ليصمت قليلًا ثم ينظر لها بتساؤل قائلًا:
_ بس إيه فكرك بيها؟!

لتقول له فرح بتأنٍ:
_ هي دي اللي عاوزاك تتجوزها يا آدم مش هتلاقي أم حنينة وحلوة لفارس زيها، فعاوزاك لما تشوفها اتجوزها يا آدم وإوعى في يوم تضيعها من إيدك مش هتلاقي زيها خالص.
لينظر لها آدم بغضب وينتفض بفزع كمن لدغه عقرب سام، ليقول لها بعدم تصديق:
_ أنتي بتقولي إيه مستحيل طبعًا ده أنا وافقت أتجوز بس علشانك لكن تيجي تقولي لي اتجوز دي فلا، لا أنا بطيقها ولا هي بتطيقني هنعيش إزاى مع بعض أصلًا أنتي بتقولي إيه لا يمكن طبعًا.

لتنظر له بحزن شديد وقد زاد ألمها لتقول له بألم:
_ آدم أرجوك تعالى اقعد جنبي واسمع كلامي مبقاش قدامي وقت يا آدم أرجوك.
ليتجه نحوها بسرعة وهو يقول بتلعثم:
_ أنا آسف أروح أنادي للدكتور.
لتُمسك بيديها وهي تنظر له بحب لتقول:
_ مبقاش فيه وقت ولازم أقولك كل حاجة قبل ما أموت فسبني أكمل.
_ حاضر.
قال لها وهو يُومئ بسرعة ودموعه تنهمر لتقول له فرح:
_ أرجوك يا آدم اوعدني إنك تتجوزها هي الوحيدة اللي هتحب فارس وهتكون ليك زوجة كويسة أرجوك اوعدني إنك هتكمل حياتك من بعدي وهتحب وتتجوز وتربي فارس وتكبره أرجوك اوعدني.
لتضغط على يديه بقوة وهي تُنازع، ليقول لها آدم وهو يبكي قهرًا:
_ أوعدك يا فرح إني هتجوزها وهحاول أكون بيت معاها حاضر بس أرجوكي متسبنيش خليكي معايا مش هقدر أعيش من غيرك.

لتبتسم له بحب وتقول:
_ مش هسيبك هكون حواليك على طول يوم ما تكون زعلان أنا هزعل، عاوزاك فرحان دايمًا يا آدم وقت ما تحتاجني هكون زي النسمة الهادية هتيجي على وشك دي هتكون أنا، خلي بالك من فارس ومن نفسك يا آدم.
ليبكي بشدة وهو يحتضنها بين ذراعيه وهي تُنازع بشدة لتقول له بهمس ولكنه سمعها:
_ أنا بحبك قوي يا آدم.

لتسقط يديها التي كانت تُحيط بها ذراعيه لتستسلم للموت وتذهب إلى عالم آخر بهدوء كما كانت تعيش بهدوء، لينظر لها آدم بفزع ويضع يديه على أنفها ليرى أن أنفاسها انقطعت، ذهبت حبيبته وتركته وحيدًا ليبكي بألم شديد، وهو يمرر يديه المرتجفة على وجهها الذي يعشقه وهو يقول لها:
_ وأنا كمان بحبك قوي يا فرح قلبي.
ليحتضنها بشدة وهو يبكي ليُطلق صرخة شديدة من قهر قلبه وهو يُنادي باسمها:
_ فرح.
ليظل يبكي بشدة ودخل الأطباء ووالدته وشقيقته ويرونه بتلك الحالة ليتجه الطبيب نحوها، وينزعها من بين يديه بصعوبة وهو يفحصها ليتأكد من وفاتها، ويُغطي وجهها بالغطاء التي كانت مدثرة به، وهو ينظر له بألم ليقول له:
_ آدم باشا البقاء لله هبدأ أعمل لها الإجراءات علشان تطلع.

كان آدم ينظر لها بتيه وهو لا يدري بأي شيء توقفت دموعه واستسلم لهول الصدمة، ليُعيده الطبيب من جديد لوعيه ليهز له رأسه بموافقة وهو ما زال ينظر إليها، وبجواره والدته تبكي وبيدها ولده الذي يبكي بشدة وكأنه شعر بموت والدته، وشقيقته تنتحب على شقيقة كانت لها صديقة بيوم من الأيام، ليتجه آدم بلا حياة نحو أمه وأخذ منها ابنه فارس، وظل يُهدهده واتجه به نحو فرح وقد عادت دموعه من جديد وقال لها:
_ هخلي بالي من فارس زي ما وعدتك يا حبيبتي.
ليضم ابنه له بشدة وهو يستنشق رائحته ويبكي ويُقبل وجهه فهو فقد والدته بسن صغير ماذا سيشعر بدونها؟!

لينتهي ذاك اليوم وتُدفن زوجته تحت الثرى وتتركه وحيدًا، لكنه قرر أن يعتني بابنه بكل ما لديه ليصعد لغرفته، وهو يضم ابنه لصدره وظل حبيس غرفته لثلاثة أشهر لم يذهب لأي مكان كان يبكي طوال يومه، ولا يأكل سوى القليل ويعتني بطفله، والذي لم يتبقى سواه منها وسيعتني به بشكل جيد جدًا لن يتركه أبدًا.

ليعود من ذكرياته ودموعه ما زالت تنهمر ليقول لها:
_ للأسف مش هقدر أتجوز إللي قلتي عليها دلوقتي لأن مش قادر أنساكي ومش هقدر أتجوز بعدك، وهي أصلا معرفش هي فين فهسيب الموضوع ده للزمن يمكن أقدر أتعايش مع عدم وجودك أو لا هنشوف الزمن هيعمل فينا إيه؟!
لينهض من موضعه وهو ينظر لقبرها بحنين ويقول لها:
_ هعيش على ذكراكي وهاجي لك كل يومين هنا يا حبيبتي هتوحشيني قوي سلام يا فرح حياتي.
ليخرج من المقابر وقد ترك قلبه لديها فهي كانت له كل شيء والآن فقدها، وفقد روحه معها وليترك أمره للأيام عله يستطيع العيش بدونها.
*********

بقصر الصياد
حيث عادت فاطمة من جامعتها لتصعد للأعلى وهي ترى أمامها القصر عاد هادئًا كما كان، رحلت أيشا وكذلك إسراء رحلت - فبعد ما حدث بينها وبين جاسر لم يمضي أسبوع وكانت قد عادت لمنزلها، وحياتها من جديد مقررةً أن تنسى جاسر ولتمضي بحياتها قليلًا عل الزمان يُطيب جروحها- تنهدت بضيق وحزن وهي تصعد درجات السلم فقد رحلت صديقتها، وكذلك أخيها لا تراه إلا ليلًا على العشاء وبعدها يصعد لينام أصبحت حياتها لا تُطاق روتينية بشكل كبير، وصلت لغرفتها وبدلت ثيابها لتجلس قليلًا وهي تُذاكر دروسها ولكن كانت تُفكر في تلك السنة التي مضت منذ ذهاب شقيقتها للخارج، قالت ستُعوضها إسراء عن غياب أيشا لكنها الأخرى ذهبت وبقيت هي وحدها لا تفعل شيء سوى الذهاب لجامعتها، وملاقاة صديقتها ومن ثم العودة للمنزل تُذاكر دروسها وتنام، هكذا مضت سنتها بين الدراسة وبعض الدورات التي كانت تأخذها إلى أن ملت.

وبعد بعض الوقت جاءت إليها الدادة أمل لتُناديها لتتناول عشاءها لتجدها شاردة حزينة وكتابها بيدها، لتتجه نحوها وتُحيط كتفيها بحنان أم ربتها منذ الصغر وتعلم ما يُؤرقها وما يسعدها، لتقول لها أمل بحنان:
_ بنتي الجميلة مالها زعلانة ليه؟
لتنتبه لها فاطمة وتقول لها بإنكار:
_ لا مفيش يا ماما أمل.
ليعبس وجه أمل بضيق ثم تقول لها:
_ بتضحكي عليا يا بت إذا مكنتش أنا اللي مربياكي يالا احكي لي يا قلب أمك يالا قولي لي زعلانة ليه؟!
لتنفجر فاطمة وقتها بالبكاء وتحتضن أمل بشدة وهي تنتحب قائلة:
_ أنا تعبانة قوي يا ماما.
لتُربت أمل على ظهرها بحنو وهي تقول لها بحنو:
_ تعبانة من إيه يا حبيبتي قولي لي مالك؟
لتتنهد فاطمة بيأس وهي تقول من بين دموعها:
_ أنا ماما وبابا وحشوني قوي يا دادة وأيشا كمان كله سابني لوحدي وأنا قاعدة في قصر كبير لوحدي، حتى جاسر مبقتش أشوفه زي الأول ومش بيقعد معايا كل ما يشوفني يسألني عن دراستي وبس كده، ومحدش بيقعد معايا يا ماما أنا بقيت بكره أجي البيت علشان مقعدش لوحدي بجد تعبت قوي هم ليه مش بيحبوني وسابوني لوحدي؟

لتُكمل نحيبها من جديد ومازالت أمل تُربت على ظهرها لتقول لها:
_ حبيبتي اهدي أمك وأبوكي عند ربنا، وأيشا ربنا معاها نفسيتها وحشة قوي من وقت حادثتها وجاسر يا عيني في الشغل على طول وبيجي يريح شوية، علشان يعرف يكمل تاني يوم فالكل غصب عنه مش علشان مش بيحبوك، ده جاسر روحه فيكي وبيخاف عليكي من الهوا وبيحاول يعوضك عن أهلك، بس غصب عنه الشغل واخدة متقوليش كده، وبعدين أنا رحت فين ما أنا موجودة معاكي أهو وإلا مش بتعتبريني أمك إللي ربتك؟
لتقول لها فاطمة بسرعة:
_ لا لا يا ماما أمل أنتي فهمتيني غلط، ده أنا بحبك قوي ده أنتي اللي ربتيني من وأنا صغيرة ودايمًا معايا.
لتُربت على ظهرها وتقول لها:
_ يبقى خلاص تشيلي الكلام الأهبل ده من دماغك وتدخلي تغسلي وشك، وتيجي تشوفي ماما أمل عاملة لك الأكلة اللي بتحبيها.

لتبتسم في نهاية حديثها لتنظر لها فاطمة بحماس وهي تُزيل دموعها بيديها سريعًا وتقول لها:
_ اوعى تقولي إنك عاملة لي البشاميل إللي بحبها.
لتهز أمل رأسها بإيجاب وهي تبتسم لتقفز فاطمة بالهواء بسعادة، وهي تحتضنها بفرحة وتقول لها:
_ يا حبيبتي يا ماما أمل بحبك قوي قوي قوي.
لتقبل كل إنش بوجهها ثم تقول لها أمل:
_ طيب يالا يا حبيبتي روحي اغسلي وشك وتعالي جاسر جه ويالا علشان تاكلي البشاميل واقعدي اتكلمي معاه براحتك وحاولي تقربي منه.
لتقول لها فاطمة وهي تتجه نحو الحمام بسرعة:
_ حاضر بسرعة وجاية أهو.
لتضحك عليها أمل بشدة على جنونها فهي طيبة القلب كثيرًا، وتتأثر من أقل تصرف فعند سماعها لشيء تُحبه تفرح وكأنها لم تكن تبكي منذ قليل.
********

بالأسفل وبغرفة الطعام كان يجلس جاسر شاردًا وهو يُفكر بكل شيء حدث معه بالفترة الأخيرة، وبما حدث منذ سنة ونصف تقريبًا فمنذ ذاك اليوم الذي كان يقترب فيه من إسراء وصفعها له، حاول بعدها أن يُصالحها بكل ما لديه ولكنها لم ترضخ له ولم تُسامحه بتاتًا، وبعدها بعدة أيام كانت قد عادت لمنزلها وحياتها السابقة تاركةً إياه يتلوى من الندم.

مرت سنة ونصف وهي تتجاهله بكل ما لديها حاول عدة مرات أن يُصالحها لكنها وكأن ما برأسها حجر لا ينكسر أبدً،  ولكن ما أصبح يُضايقه هذه الأيام هو تجاهلها التام له كلما اجتمعوا بأي مكان تركته ورحلت متعللة بأي شيء، وأيضًا ما يُثير غضبه بشكل لا يُطاق ولا يدري لِمَ هو غاضب هكذا؟!

قرب ابن عمها منها فهي أصبحت تقضي كل وقتها معه وكأنها ليس لديها أي شيء غيره، ويتذكر بيوم من الأيام الماضية كان هناك صفقة بينه وبين شركة أخرى وكانت هي معه وقتها لعدة مصالح بين الطرفين، ليتغزل بها صاحب الشركة وبجمالها وقتها فقد كل ذرة تعقل لديه وفلتت أعصابه بعد أن كان يُحاول بكل مقدرته بكتمها، لينهل على صاحب الشركة بالضرب ويجعل حراسه يرمونه خارجًا وفسخ تلك الصفقة بينهم، وبعد خروج الجميع اتجه نحوها بغضب وقال لها:
_ بعد كده مشوفكيش بتحتكي براجل خالص تمام وحاولي توسعي لبسك ده أنا قلت لك أهو.
وقتها ثارت ثورتها وقالت له بغضب:
_ جاسر احترم نفسك وبعدين أنت مالك وليه تضرب الراجل كده دي كانت صفقة مهمة لينا ليه تعمل كده؟
ليقول لها بغضب:
_ وحضرتك مش شايفة الراجل إنه عمال يعاكس فيكي ويتغزل في جمالك ها قولي لي.

لتنظر له بدهشة مما يفعل لِمَ هو غاضب لو أنها لا تعرف ما بالأمر، لقالت أنه يُحبها لتقول له بغموض علها تعرف لِمَ يفعل هذا؟!:
_ وأنت إيه اللي مضايقك اللي يشوفك يقول إنك غيران!!
ليهدأ قليلًا ويُعيد حديثها بعقله لِمَ هو غاضب حَقًّا؟!
هل أحبها أم ماذا؟!
ليُنكر مشاعره برفض تام لِمَ يحدث، ويقول لها وكأنه يُرسخ تلك الكلمات بعقله أيضًا:
_ لأنك صديقتي وزي أختي ومينفعش أشوف حد بيعمل معاكي كده وأسكت مينفعش.
ليُحطم بكلماته تلك كل أمل كان لديها بأن يُحبها، لتنظر له بخيبة أمل وهي تقول له بنبرة قوية وجديدة عليه وعليها لم تتعامل بها معه من قبل، وكأن حرقة قلبها دمرت كل ما لديها:
_ طيب طالما صديقتك يبقى متدخلش في أموري تاني تمام وعاملني كصديق بس مش زي جوزي تمام.

لتُحاول الذهاب ليُمسكها جاسر من كتفيها ويُقربها منه بشدة وهو يقول لها بغضب، وينظر بعينيها التي تجعله يضيع بهما:
_ إسراء!! أنتي بقى مالك اليومين دول ها قولي لي من ساعة اليوم ده في الفيلا وأنتي مش عاوزة تتكلمي معايا مع إني قلت لك إن مكنش قصدي فيه إيه بقى؟!
كان يُحركها بكل قوة وهي لا تعلم ماذا تقول؟!
ودموعها تُهدد بالسقوط وهي تُحاول كبتها، وذراعها تُؤلمها من قوة ضغطه عليها لتقول له بصوت مختنق:
_ جاسر سيب إيدي أنت بتوجعني.
لتنزل دموعها أخيرًا ليرق قلبه على حالها، ليترك يديها ويقترب منها مغيبًا ليقول وهو يُقبل وجنتيها:
_ إسراء أنا آسف غصب عني مقدرتش أشوفه بيتغزل فيكي كده ومتكلمش.

لتنظر له إسراء بصدمة من حديثه ومن قبلته تلك ليخفق قلبها بحبه من جديد، ويدق بجنون معلنًا تمرده عليها لتتيه بين لمساته على وجهها، وهو يمسح لها دموعها ليقترب منها بشكلٍ خطير وهو ينظر لشفتيها المرتجفة بشرود، وهي تائهة تمامًا وعقلها يدق طبول الإنذار بخطر هذا ليجعله قلبها يصمت، اقترب منها وكان على وشك الضياع معها ليعود عقلها من جديد، وتُبعده عنها بقسوة وقوة فقد كانت ستضيع معه وبعدها يتركها وحيدة تتألم، لتقول له ببكاء:
_ المرة اللي فاتت قلت إنها غصب عنك وقلت لك أنا مكنتش كده ولا عمري هكون كده، وأنا مش رخيصة يا جاسر تمام مش عاوزة أشوفك تاني وإن قربت مني هقتلك يا جاسر فاهم هقتلك.

لتخرج من مكتبه بسرعة وهي تبكي بقهرة ولا تعلم إلى أين تذهب؟!
وكيف ستُزيله من قلبها الذي كلما رآه وقع بحبه أكثر رغم أنه لا يُعيرها أي اهتمام؟!
تركته وهو يندب حظه على ما يفعله بها كل مرة هو لم يُفكر بها هكذا، ولا يراها رخيصة ولا يعلم لِمَ يقترب منها هكذا؟
ولا يعلم لِمَ يسوقه قلبه لهذا لا يدري لِمَ؟!

ليعود من شروده على صوت فاطمة وهي تُحدثه بمجرد دخولها للغرفة، ليتنهد بألم على ما يحدث معه فمنذ ذاك اليوم وإسراء لا تُحدثه ولا تتعامل معه، وهو لا يعلم لِمَ هو حزين هكذا؟!
ولِمَ هو غاضب من فكرة عدم وجودها؟!
يكاد رأسه ينفجر من كثرة التفكير ليت ملاكه كانت هنا ربما كانت ستُخفف عنه ما يشعر به، وصلت فاطمة عنده وقالت وهي تجلس بحماس:
_ يالا يا ماما أمل هاتي البشاميل هموت من الجوع.
لتسمعها وهي تقول من الداخل:
_ حاضر يا حبيبتي جاية أهو.
لتُصفق بسعادة وتلتفت لجاسر وهي تقول بحماس:
_ تعرف يا جاسر ماما أمل عاملة بشاميل النهاردة يعني النهاردة هاكل وأشبع، هاكل كتير قوي ياريت أيشا كانت هنا كانت مخلتش حد كلها.
لتضحك بآخر حديثها ليقول لها جاسر بهدوء:
_ اه.

لتنتبه له فاطمة وأنه شارد هذه الأيام لتقول له بقلق:
_ جاسر أنت كويس؟
ليلتفت لها جاسر قائلًا لها بحب:
_ اه يا حبيبتي متقلقيش.
لتقول له فاطمة بعدم اقتناع:
_ مش باين جاسر أنت اليومين دول دايمًا قاعد معانا سرحان مش بتتكلم أرجوك قول لي مالك شاركني همومك.
ليقول لها جاسر بضيق ولأول مرة ترتفع نبرة صوته هكذا:
_ فيه إيه يا فاطمة ما قلت لك مفيش مش بتسمعي الكلام ليه؟!
لتنتفض فاطمة بفزع من صوته العالي، ودموعها بدأت  تنهمر بألم وهي تقول له:
_ أنت بتزعق ليه أنا معملتش حاجة لكل العصبية دي!!
ليصرخ بها قائلًا:
_ قلت لك مفيش ليه عمالة تعيدي في الكلام ما تسكتي بقى عمالة تتكلمي من وقت ما دخلتي.
لتنظر له بذهول وتقول له بألم ودموعها تسقط كالشلالات:
_ عمالة أتكلم أمال لما أيشا كانت بتتكلم كتير مكنتش بتتكلم معاها كده ليه؟ أنا معملتش حاجة لكل ده أنا كنت بطمن عليك بس.

لينتبه جاسر لنفسه ويرق قلبه لدموعها التي سقطت بسببه ليقول لها بحنان:
_ فاطمة حبيبتي أنا آسف أنا...
لتقطع حديثه وهي تقول بصوت عالٍ وألم ودموعها مازالت تنهمر:
_ أنا مش حبيبتك ولا حبيبة حد كلكم محدش بيحبني أنت مش بتتكلم معايا أبدًا، ودايمًا كلامك مع أيشا وبس كنت بقول الأول يمكن لأنهم قريبين في السن من بعض وكانوا مع بعض دايمًا، وأنا صغيرة لكن لا أنت مش بتشوفني إلا وتسألني عاملة إيه ودراستك بس كده، لكن تتكلم معايا أو تفسحني أو نقعد مع بعض نتكلم شوية لا كله لأيشا بس، أنت بتحبها أكتر مني حتى ماما وبابا كانوا بيحبوها هي أكتر محدش بيحبني خالص محدش.

لتصمت حتى تلتقط أنفاسها فقد كانت تتحدث بسرعة، وجاسر ينظر لها بذهول مما تُفكر به لم يعلم أن بتصرفاته كان يُبعدها عنه هكذا، وأنه يُوحي لها هذا الشعور ليقول لها بعدم تصديق:
_ فاطمة أنتي بتقولي إيه أنا عمري ما فكرت كده وإزاي تفكري كده فاطمة حبيبتي أنا مش قصدي.
لتصرخ به بقهرة:
_ متقوليش يا حبيبتي أنا مش عاوزاك تحبني سيبني لوحدي أرجوك يارب أروح لماما لميس وأرتاح بقى.

لتتركه مذهولًا مما تقول أهي تتمنى الموت وتُريد البعد عنه، لتركض للأعلى وتُغلق عليها غرفتها وتظل تبكي بكل ما لديها، ولم تستمع لندائه عليها كانت دادة أمل قد سمعت كل ما حدث معهم لتركض خلفها حتى لا تفعل بنفسها شيء، لتدخل غرفتها وتحتضنها وهي تُربت على ظهرها وتقول لها:
_ يا فاطمة يا حبيبتي هو مش قصده يزعق لك أكيد عنده مشاكل في الشغل ليه قلتي له كده؟
لتقول من بين دموعها وهي تنتحب وجسدها يرتجف:
_ مكنش قصدي يا ماما كنت بحاول أتكلم معاه زي ما قلتي لي، بس هو فزعني لما زعق فيا كده فاتكلمت من غير ما أخد بالي مكنش قصدي والله هو أكيد زعلان مني دلوقتي وهيكرهني أكتر أكيد.
_ لا يا بنتي متقوليش كده.
_ لا هو أكيد زعل أكيد.

ظلت تُعيد كلماتها تلك وتحتضن أمل بشدة إلى أن خارت قواها، وصمتت عن الحديث وسكنت بين يدي أمل وهي لا تشعر بشيء، لتنظر لها أمل بخوف وصدمة لتجدها قد فقدت وعيها، وجسدها قد قلت حرارته وشفتيها زرقاء لتصرخ بأعلى صوتها:
_ فاطمة!!
كان يقف بمكانه مندهشًا من كم المفاجآت التي تتوالى على رأسه ومما قالته فاطمة وهل أفعاله أثبتت لها أنه لا يُحبها؟!
هل وصلت حالتها لأن تشعر بالغيرة من شقيقتها؟!
ماذا فعل بصغيرته؟!

ليقطع حبل أفكاره صوت صراخ أمل باسم فاطمة ليهرع بخوف نحو غرفتها، وعقله يُصور له أسوء الاحتمالات وعندما وصل لغرفتها دخل بسرعة ليجدها فاقدة للوعي، ووجها شاحب وشفتيها قد تحولت للون الأزرق ودادة أمل تحيط وجهها بيديها، وتُحاول إيقاظها وتضرب وجنتيها بخفة ولكن دون فائدة، ليتجه نحو تسريحة غرفتها ويُحضر عطر ويضع منه على يديه ويُقربه من أنفها، ولكن دون فائدة ليُمسك بيديها ليجدها باردة كالثلج وفجأة سقطت يديها من يديه، لينظر لها بصدمة ويصرخ بأعلى صوته:
_ فاطمة.
ماذا سيحدث لها وهل ستفيق أم لا؟!
سنعرف ذلك بالفصل القادم
يتبع
بقلمي/ علا جبريل محمد
**********
لينك تحميل الفصل pdf:
https://drive.google.com/file/d/1-7CoB440RMBZu6ilWZkfgrznVxfENImx/view?usp=drivesdk

وستجدونه أيضًا بقسم المحادثة على صفحتي على الواتباد.
********
آسفة على التأخير بس غصب عني والله منتظرة آرائكم ونتقابل قريب مع الفصل التاسع. 💥🎉

قاتلة ولكن...؟! الجزء الثاني (سلسلة ملحمة العشق والانتقام) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن