الفصل الثاني والثلاثونحزن لا يحتمل
لم تتوقف دموع لندا عن الانهمار مدرارا منذ عرفت بإجهاضها فور استيقاظها في غرفة شبيهة بتلك التي احتلتها والدتها .. ذهبت جهود جودي في تهدئتها هباءا .. أي إشارة لإمكانية حملها العديد من الأطفال الآخرين مستقبلا كانت تزيد من وطأة بكائها ... احتارت جودي التي لم تتركها لحظة منذ سقطت أمامها على الأرض ... وحتى استيقظت بعد خروجها من غرفة العمليات .. و أدركت وحدها ما حدث رغم تأكيدها على جهلها بحملها الذي أتم بالكاد أسابيع قليلة .. كانت تراقب انهيارها عاجزة عن فعل أي شيء لتهدئتها ... إذ لم تعرف أبدا بأن لندا ... كانت تخشى ألا تتاح لها فرصة أخرى لحمل طفل من صلاح
سألتها لندا بين دموعها :- هل عرفت أمي ؟
:- لا ... تصرفت بسرعة بعد نقلك إلى غرفة العمليات .. واتصلت بشقيقك من هاتفك .. فاعتذر عن عمله وجاء على الفور .. والدتك تظن بأنك اضطررت لمرافقتي بعد أن توعكت فجأة .. ثم بقيت معي في البيت بسبب سفر تمام ..
شهقت لندا قائلة :- يا إلهي .. لابد أنه يكاد يموت من القلق الآن
قالت جودي برقة :- لقد تحدث مع الطبيب ... وألقى نظرة عليك بينما كنت ما تزالين تحت تأثير المخدر .. إنه قلق بالطبع .. فأنت شقيقته الصغرى .. من الأفضل أنه قد ذهب قبل استيقاظك .. يجب أن تتمالكي نفسك قبل عودته .. فمما لاحظته من شقيقك .. استعداده التام للانهيار إلى جوارك فوق السرير فقط إن رآك تبكين ... إنه يحبك كثيرا
مسحت لندا دموعها وهي تقول :- هذا صحيح .. أشكرك يا جودي... لقد أتعبتك معي كثيرا
جلست جودي على طرف السرير قائلة بعطف :- لا تقولي هذا ... نحن أختان منذ زواجك بصلاح .. هو أبدا لن يسامحني إن لم أهتم بك جيدا في غيابه .. كما أنك كنت لتفعلي المثل لي إن أصابني مكروه .. صحح ؟
أومأت لندا برأسها موافقة ثم تمتمت :- أتمنى لو أستطيع مخاطبة الطبيب لأعرف منه كم من الوقت سأقضيه في السرير قبل أن أتمكن من النهوض بحرية والعودة للعناية بأمي
نظرت إلى جودي التي استغرقت في صمت متأمل وهي تنظر إلى لندا التي قالت بقلق :- ما الأمر يا جودي ؟
:- لا شيء .. لقد كنت أتساءل إن كنت تنوين إطلاع صلاح على ما حدث .
شحب وجه لندا لذكر اسمه ..وكالنائم حين يصحو من نومه العميق ... عادت تواجه حزنها وبؤسها الذين ظهرا واضحين في ملامحها وصوتها وهي تقول :- لا .. لا فائدة أجنيها من إثارة قلقه وحزنه أثناء سفره
.. أو مواجهة عدم اهتمامه بي .. وبجنيني المفقود او امتلاكه للوقت لأجلي
تأملتها جودي مليا قبل أن تقول بهدوء :- ما الذي يحدث بينك وبين ابن عمي يا لندا ؟
أشاحت لندا بوجهها بعيدا وهي تقول بضعف :- لا شيء .. ما الذي دفعك للتفكير بهذا ؟
:- شيء قاله الطبيب .. حول إرهاقك النفسي والجسدي .. وأنه على ما يبدو سبب فقدانك لحملك
جذبت لندا الملاءة القطنية لتغطي جسدها المرتعش به .. حافظت على رأسها مطأطئا وهي تقول :- هذا طبيعي مع حالة أمي .. و .. وسفر صلاح
هزت جودي رأسها قائلة :- لن تستطيعي خداعي يا لندا .. لاحظت جيدا وميض الحزن في عينيك كلما سألتك عن صلاح .. وأستطيع التخمين بنفسي بأنه لم يتصل بك مرة منذ سفره .. صحيح ؟
اغرورقت عينا لندا بالدموع .. فتابعت جودي بتفهم :- أنت أيضا امتنعت عن الاتصال به .. لابد أن شجارا عنيفا قد دار بينكما قبل سفره
همست لندا :- لا أريد التحدث في الأمر
قالت جودي باهتمام :- صلاح يجب أن يعرف يا لندا .. سيمنحك هذا العذر للاتصال به .. وتهدئة الأمور بينكما قبل عودته ..أعرف بأنه عنيد كالحجر .. وبارد كالثلج .. وأحيانا يكون مزعجا إلى حد الإغراء بقتله .. إلا أنه يحبك .. أنا أعرف بأنه يحبك .. و إن عرف بأنك قد أجهضت ابنه .. فأنا متأكدة بأنه سيعود فورا ..
شهقت لندا قائلة :- لا أريده أن يعرف .. لا أريده هنا .. فليبقى بعيدا .. كما كان منذ عرفته .. الألم لا يطاق عندما يكون حولي .. معي وليس معي .. يحبني ويفكر بغيري
قالت جودي بشفقة :- حبيبتي ...
هزت لندا رأسها قائلة :- لا ... لا أريده .. لقد قتلني قبل أن يقتل ابني ببروده .. أنا لا أريده .. لا أريده
توقفت جودي عن الإلحاح على لندا عندما أجهشت بالبكاء المرير أمامها .. نظرت إليها بشفقة وحزن .. وهي تتساءل بألم ( ما الذي أجرمته بحق هذه الفتاة يا صلاح ؟)
أنت تقرأ
مرّت من هُنا(الجزء الثاني من سلسلة للعشق فصول)مكتملة
Romanceرواية للكاتبة المبدعة والمتألقة blue me الجزء الثاني من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للمتألقة blue me