لحنُ نسِيم

909 56 81
                                    


ما يُميّز الغُرف في البيُوت التّقليديّة اليابانية هو بساطتُها أوّلا و الطّابع المُريح الذي تمنحُه ثانيًا.
حتّى لو كانت غرفةً تعود لشابٍّ فوضويّ لن يُغيّر هذا مِن شيء.. غير فقدان أماكِن معقولةٍ للجلُوس عليهَا.

هبّ هواءٌ إمتزج بالطّابِع الخريفيّ و الشّتوي على حدٍّ سواء ، و سهُل عليهِ إحتلال غُرفة الطّابِق الثّاني ، فالنّافِذةُ كانت مفتوحةً على أيّ حال.
إغترّ النّسيم بنفسِه ، فتمادى و راح يُعنّف ما عثَر في طريقِه مِن خُصلٍ شمندريّة اللّون ، لمَن جلَس على حافّة النّافِذة المفتوحَة بينَما يلتقِط و يرمِي لعبة ال"يويو" مرّةً بعدَ أُخرى.

ما مِن شكٍّ في هذا الأمر ، هذا الصّبي قد حامَ في أوهَامِه ، الألحانُ الصّادِرة مِن سمّاعاتِه التي تحضُن كِلا أذنيه ، قد قادتهُ بعيدًا عن جُدران غُرفتِه الأربَع ، و لربّما أنّه باتَ يتخيّل نفسَه مع آلاف الجُمهور للفِرقة التي يُنصِت لعزفِها و غناءِها أيضًا.

ذاقَ به صبرُه ، فخطَر على بالِه أمرٌ أحسّ بغباءِه حين لم يستعجِل في تذكّره.
قفَز لداخِل غُرفتِه و رمَى الأغراضَ خلفه في عمليّة بحثٍ مُستميتةٍ كي يعثُر على شيءٍ ما ، فرفَع سُترتَه المُفضّلة التي عثَر عليها -أخيرًا- ، دون ذِكر أنّه قد زادَ مِن بعثرةِ هذا الوكر.

غطّى قمِيصَه الأسوَد عديمَ الأكمامِ بسُترتِه ذاتِ اللّون الجمبريّ الخافِت و الأكمامِ القصِيرة ، ثمّ لفّ حِزامهُ كي يُشدّ مِن إحكامِ بِنطاله لا الضيّق و لا الواسِع.

فرّ بجِلده كي يتفادى وابِل التّوبيخ الذي سيتلقّاه دون أدنى شكٍّ على الحالةِ المُزرية لغُرفتِه ، ثمّ إستلَم درّاجة الهاياتي الهوائية ذات المعدِن السّماويّ ، و قامَ برُكوبِها حتّى يقودَ للوِجهة التي يبتغيهَا خاطِرُه.

قطَع أحياءً و شوارِع ، بينَما يقود بسُرعةٍ متوسّطة.
همهَم حين لمَح قسماتٍ مألوفَة ، فضغطَ على الفرامِل و أوقف الضغط على الدوّاسات متسائِلًا: "تاكيمتشي؟"

"أك-كُن؟!"
كان ردّ المدعوّ "تاكيمتشي" مبالغًا في تعجّبه بعض الشيء ، لربّما هو لم يتوقّع لِقاءه بِه حاليّا.
واصَل "أتسوشي" تساؤُلاتِه عِندما طرح
"مالذي تفعلُه؟"

"فقَط أتمشّى بلا وِجهة لعلّني أعثُر على ما أقتُل به مللِي"
تنهّد بكسلٍ شديد بينَما يُرخي كتِفيه ، ثمّ عاد للوضعية الطبيعيّة حين حان دورُه للإستجواب
"ماذا عنك؟ لمَ لا تقود بدرّاجتِك النّاريّة؟"

"في الواقِع منحتها لدراكين-كن حتّى يقوم بصيانتِها ، بالإضافة أنّني متوجّه لحدائِق مياشيتا الآن"

"مالمُناسبة؟"

"لتكتشِفه!!"
منحهُ بسمةَ تحدٍّ ثمّ ربّت على المكان خلفَه كي ينبّهه إلى الرّكوب كي يتوجّها إلى حيثُ ما يبتغي "أتسوشي"
ردّ تاكيمتشي البسمَة ثمّ ركِب ، ليُعاوِد الآخر تلقّي مهمّة القِيادة ثانيةً. فإخترَقا الرّياح بالسُّرعة و تعالَت ضِحكاتهُما حين نزلا مِن مُنحدرٍ شديد ، و شمسُ الظُّهر فوقَهما شهِدت على الوقتِ المرِح الذي قضياهُ معًا قبل حتّى التطرّق للمرحِ الفِعليّ المُتوجّهان له.

𝑨𝒌-𝒌𝒖𝒏♥︎حيث تعيش القصص. اكتشف الآن