الجزء الرابع-حيثُ يبدأُ الحُب

1.7K 96 24
                                    

**بتمنى تقرأوا البارت بطريقة هادئة وممتعة راح تلاقوا اسماء كُتّاب وروايات في البارت..ووصف لمشاعر يمان وسحر تحتاج تعيشون حالهم حتى يصلكم الأحساس بالكامل 💟💜..قراءة ممتعة..

♥♥♥♥💜💜💜💜♥♥♥♥

تكلمت مع نفسها.. هذا مستحيل وهي تتذكر الشخص الذي تكرههُ وتتذكر ظهره الذي رأتهُ تلك الليلة.. أتكون تحبّه حقاً.. هذا مُحال وضربٌ من الخيال.. ام إنّ للقلبِ رأيٌ لعينٌ آخر؟!...
..
-ألا ينتابكِ الفضولُ حولي؟..
-كلا،  لقد أشاد بك الجميعُ دوماً سيد يمان..
-لماذا لا ترغبين أن اساعدكِ في علاجكِ إذاً؟.. هل هناك شيءٌ بخصوصي؟..
-أبداً.. الأمر ليس له صلةٌ بك.. لكنني لا أرغبُ بشيءٍ.. لا أرغب في عيش الحياةِ مجدداً.. لاحظ يمان إنّ دمعةً تمرّدت في عينها وسقطت وهي تشيح نظرها عنهّ صوب النافذةِ.. أراد ان يبثها الأمل..:
-لكنني لا أترك مرضاي برضاهم.. لقد حجز لكِ مسبقاً أخيكِ فرات وليسلمَ.. واوصتني والدتكِ بك كثيراً.. لهذا إنتِ ملزمةٌ بإتباع العلاج الذي سنبدأهُ من اليوم.. نهض من السرير وأقترب منها.. راى أنّها غير مهتمةٍ بكلامهِ.. كأنّها إن أعترضت أو وافقت فهي لا سبيل لها سوى أن تُكمل حياتها مُرغمةً.. كأنّها أنْ شُفيت أو تألّمت لن تعود لها روحها من جديد.. رفع ذقنها ناحيتهُ مع أنحناءةٍ بسيطةٍ لظهرهِ.. لتلتقي عيناهما لأوّل مرةٍ بهذا الجمال:
-سآخذك معي إلى منزلي.. لقد حدّثت أخيك ووالدتكِ ووافقا بسرورٍ وبِشرٍ..
-أنا لن أغادر إلى أيّ مكان..
لمعت عيناهُ وابتسم ليقول لها:
-سيفوتكِ الكثير إذاً..
ألتفتت أليه وهبّ واقفاً بشموخ..لاحظت في هذه اللحظات مدى وسامته وجمالهِ كان يرتدي قميصاً وسترةً رمادية تمتزجُ باللون الكحلي وبنطالاً بذات اللون يبدو على سحنتهُ الإرتياح وترتسمُ في عينيه المحبّة صدره واسع كأنّه خُلق لإختباء أحدهم داخله او لإحتواء أحزانها..مع لحيته السوداء وشعره الكثيف..بياضهُ يضفي عليه جمالاً متكاملاً..أنتبهت لشرودها خلال ثواني...فاستطردت قائلةً:
-ماذا تقصد؟ ما الذي سيفوتني!
أجاب يمان وهو مُبتسِمٌ في سرّه وقد بانت الإبتسامةُ على مرآهُ مجدداً وهو يحدث نفسه(أنا متأكدٌ إنّك ستكونين السيدة كريملي..بعد تيهكِ في معالمي يا صغيرتي):
-ما أقصدهُ..هذا الكتاب الذي في حضنكِ..لدي مثلهُ أعداداً تستهويكِ..لست أحسبُ عدد كتبي..لكنني أعدكِ ستُبهرين بجمال المكتبة الخاصة وبعناوينها وكُتّابها ودور النشر الموثوقةِ..
سحر وقد لمعت عيناها:
-حقاً؟  هل يمكنني أن اقرأ بعضها إن لم تمانع..
إبتسم يمان لمرآها وقد تزيّن ثغرها بإبتسامةٍ ولمعانُ عينيها قد سرق قلبهُ:
-بالتأكيد..ستكون جميعها لكِ إنْ أردتِ..لكن بشرطٍ تعلمينهُ..
-حسناً..أنا موافقة سيد يمان سآتي معك..
-هيا لنذهب إذاً..بالمناسبة..هل تريدين نقل شيءٍ خاص بكِ معنا أيضاً؟...وهو يلمح لهوايتها في الرسم..
سحر وهي تحاول التقرّب من عربتها بجانب السرير:
-أجل..لدي مرسمي الخاص..لن اترك الرسم..
-هذا جميل..دعيني أساعدكِ..
-لا تقلق أنا مُعتادة..
-ليس بهذه الحال..
وضع يمان يديه تحت يديها ناحية الأباط وقرّبها منهُ ليحملها بهذه الطريقه وهو يسند ظهرها بيديه..رفعها بخفّةٍ وقرّبها منهُ..:
-ثقي بي.. كأننا واحد..
وضعها على العربة كانا قريبان جداً من رأسهما حتى قدميهما..لم تفوت سحر شمّ رائحته القوية وهي تُغمض عيناها لاحظها يمان وهو يجلسها بشكلٍ مريح وأبتسم دون ان يشاء إحراجها.. كان مأخوذاً بلون عينيها فتحدث لها ما خالجهُ من مشاعر:
-عيناكِ نشوةُ الإنتصاراتِ..وتلاحمُ الغاباتِ..عيناكِ كَلمُ الأدباء..وروائعُ العشاق..وفِتنُ الحروب..
لم يسبق ليمان أن تحدّث بهذه الصراحة والكلمات كأنّ الوله والهوى يُغريانِ عقلهُ ليتأثر لسانهُ مُنبِتاً الروائع..ولم تكن سحر افضل حالاً منه..للمرة الأولى تسمع تغزل رجلٍ بجمالها بطريقةٍ عفيفة..بكلمات صادقة..كم قرأت عن العشقِ وتأثرت لكن ما كان يُضاهي ما تشعرُ به الآن.. التجريب والإحساس يفوقُ القراءة بأشواطٍ كثيرة.. لم تعرف ما خالجها حتى سمحت له بكلامه؟! وهي التي صدّت الجميع قبل الحادث ولم ترغب بالحياة بعدها..هي التي توعّدت بكره الرجالِ بعد ذينك- الحقيرين- فارتبكت وطغت الحُمرة على وجنتيها ولم تقل شيئاً..
كانت قد جاءت والدتها نادرة وهي تبتسمُ لما تراهُ..وأخيراً إبنتها تبتسم وقد تمكن الطبيبُ من شدّ إنتباهها من لقائهم الأوّل.. ويالجمالِ ما سمعتهُ.. حين أرادت سحر أن تنسى وتغيّب خجلها من كلماتهِ أرادت ان  تشكرهُ لمساعدتها فتكلمت والدتها معها:
-أشكرك سيد يمان..وهي تتقدم نحوهم وتبتسم..
أجاب يمان:
-هذا واجبي فأنا طبيبها الخاص من الآن..
-يسرّني ذلك..وقد علمت قرار إبنتي بالذهاب معكَ..لا أصدق كيف لقرارها هذا ان يخلق بداخلي سعادةً لا أستطيع إحتواءها بالكامل؟.. من فرط الأمل..
ليستأذن يمان:
-أنا سأبقى عند فرات ونديم إذاً ريثما تتحضر...
-كما تريدُ يا ولدي وسأخبر كيراز ان تحضر المرسم..ولأحادث إبنتي قليلاً..
♡♡♡♡♡♡
♥♥♥♥💜💜💜💜♥♥♥♥

جلس يمان عند فرات ونديم وتحدث مجدداً عن سحر وعلاجها وضرورة تغيير حياتها بالكامل حتى تتغير صحتها النفسية اولاً ثم يمهد ذلك لشفائها الجسدي..أراد يمان بعد صمتهم لدقائق أن يجسّ نبض الحيقية وهو يُخفي توتره..هل يعلمُ فرات شيئاً؟لاسيما إنّه شرطي وهو شقيق سحر أيضاً لابدّ إنّه تأذى كثيراً وصبر لحال أخته أو تغاضى عن السبب:
-فرات...لو تسمح لي..يجولُ سؤال في داخلي؟
اجابه فرات بإنتباهٍ:
-أجل تفضل..
حاول أن يسأل بشكلٍ غير مباشر كي لا يُلفت إنتباهه او يثير لديه الشك:
-هل تلقّى صاحبُ الشاحنةِ جزاءهُ؟ أم تركتموه حرّاً طليقاً؟
-لقد بقي شهراً في السجن طيلة مدة غيبوبة سحر..وحين إستعادت وعيها طلبت منا أن نتنازل عن أخذ الجزاء منه.. لكن معها حق..
قطب يمان حاجبيه قليلاً.. لسيتفهم بخوفٍ يحاول إخفاءهُ فأخرج كلماتهُ :
-ماذا يعني ذلك؟
أكمل فرات:
-إنّ ليس لصاحب الشاحنةِ ذنبٌ.. كلّه بسبب ذلك الواطي..
-هل هناك شخصٌ آخر في الموضوع؟.. كان يمان يقصد إن كان يعلمُ إن هناك  شخصاً مع سليم.. لكن فرات لم يذكر سوى سليم:
-نعم، سليم رجل حقير. لقد داهمتُ مكانه عدّة مراتٍ طيلة السنوات السابقة.. لكنّه كالفأر يختبيء في كل جِحرٍ وينجحُ في الهروب دوماً..
تسلّل الخوف ألى يمان..إذاً كان فرات من داهمهم تلك الليلةِ..يالسوء حظّهِ..يجمعه الحبُّ بمن أحبها وصدّ قلبهُ عنها بطريقةٍ بشعة حتى كاد أقرب لقاب قوسين أن يغتصبها ثم يكون أخوها شرطيّاً..ويعود للقائها ليجدها مقعدة..لكنّه يستحّق ذلك لقد عانت هي أضعافهُ..عانيا معاً،كلاهما..هو بالعذاب النفسي وهي بالعقاب الجسدي..إنتبه إنّهُ  قد نسي سليم بعد ذلك العقاب ولم يتّجه سوى لتصىحيح حياته وإنارة طريقة حتى إكتسب هذه الشخصية المتضادة للماضي.. في كلّ شيءٍ..

♡♡♡♡♡
💜💜💜💜♥♥♥♥💜💜💜💜

جلست نادرة على سرير سحر ترتوي لرؤيتها..ضمت يد إبنتها في يديها..أبتسمت ثم بكت:
-لدي لكِ بضعُ كلماتٍ أرجو ان تنصتي جيداً:
((أسمعي مني يا ابنتي وعِي كلامي، وأذ إنني لم أُرِد لكِ غير توالي الخيرِ، وتضامُن الُخلِّ وألفةَ القلوبِ، يتلوه بعدها صفاءُ البالِ.. وعدم وأدِ الأحلام-كما فعلتي- وأذ أنني حزنتُ وتكتمتُ على حزني لإُسندكِ فإنني أرى- ان لا تفوّتي هذه الفرصة- الثمينة لتلقي علاجكِ وإثمار تماثلكِ للشفاء.. فالسيد يمان رجلٌ شهمٌ قد تبيّنت شهامته وأتّضح صِدقهُ خلال هذين اليومين.. يَردفها ويُقوّيها كُلّ مدحِ العارفين بهِ والمُقرّبين منهُ.. سأُرسلكِ معه حتى تستعيدي صحتكِ..ولتعلمي إنّه-كما أخبرني- ليس في منزله سوى والدتهِ التي تقربُني في عُمري فهي في الثامنةِ والخمسين أو نيّف.. وأيضاً يوجد مساعدةٌ في أعمال المنزل.. والدهُ توفّي في العامِ الماضي ولديه أخوهُ المفوض-علي- لكنّه خارج اسطنبول هذه المدة.. سيُخبر العاملة بمساعدتك طيلة النهار وحين عودته من عمله في ما يقارب المساء سيتفرّغ لعلاجكِ بالكامل فكوني حليمةً وتحلّي بالصبر دائماً..عسى ان تحمل لكِ الأيّامُ بعدها سعادةً بشريكٍ حليمٍ،عطوفٍ،محب يشرب معك الكؤوس بحلوها وعلقمها..))..
أكملت كلماتها لتحتضِن إبنتها التي شعرت برغبتها بالبكاءِ هي الأُخرى واخذت تطبطبُ  على كتفيها لِتُردِف سحر لكلام والدتها:
-عند حُسنِ ظنّك..ثقي بي سأعود إبنتك الجميلة ولن أُخلف لك وعدي او أتوانى فيهِ...

*********♡♡♡♡♡♡
♥♥♥♥💜💜💜💜♥♥♥♥

خرجوا إلى السيارة ليأخذ نديم زوجته معهُ ويعودا إلى حياتهم الطبيعية بعد أن وضعوا العربة في صندوق السيارة وأغراض المرسم في سيارةٍ أخرى.. وساعدت كيراز ويمان سحر في جلوسها..بعد أن حضر جينكار بإتصالٍ من يمان مُستفهماً أن كان كل شيءٍ أوصاهُ بهِ قد تمّ..قاد سيارتهم..حتى وصلوا بعد وقتٍ قليل..لم يكن الطريقُ طويلاً..ولم يتحدّثا غير بضع كلماتٍ قالها يمانأريدكِ أن تثقي بي وتساعديني في علاجكِ،وأن نكون صديقينِ جيدين  قبل-أن تُقيّدي علاقتنا علاقة طبيبٍ بمريضهِ-حتى نجتاز أشواطاً صعبةً كثيرة)..
ترجلوا من السيارة:
-جينكار خذ حقائب السيدة سحر وادخل قبلنا..
اومأ جينكار ليمان بإبتسامة وانطلق فيما أخرج يمان العربة وتقّرب ليحملها..شعرت سحر بالخجلِ والعجز في آنٍ واحِد..وحدّثت نفسها  كم سيكون الأمرُ صعباً لها؟ كيف ستتجاوزُ ثقل هذه الأيّام؟)..فيما كان يمان لا تسع الفرحة صدرهُ وهي يخفي مشاعره الجامحة نحوها انتبه للخجل الذي إعتراها فاراد ان يلاطف الجو:
-لا تقلقي..لن يحدث لظهري شيء مع وزنكِ هذا..
صمتت ولم تقل شيئاً وهو تخفي وجهها..
أخبرته إنّها تستطيعُ تدبّر امرها بدفع العربة فلم يشأ ان يضغط عليها..لاسيما أنّه مكتفي جداً بقربها منهُ وسيخطو خطوةً إثر خطوة دون كلل أو تعب ونصب..
فتح باب المنزل:
-أهلا بكِ في منزلكِ..
-سيد يمان،اشكركَ..لكنك تحرجني..
تجاهل يمان كلماتها واكمل:
-اعدكِ ستحبين كل شيءٍ هُنا..لأعرفكِ على والدتي..
تقدّمت نحوها جميلة والدةُ يمان  بدتَ إمراةً حكيمة وممتلئةً بالجمال كما هو حالُ أسمها..كان نور الإيمان يشعُّ من وجهها وتضع الحجاب على راسها بطريقةٍ بسيطة لكنها بدت أيضاً معتنيةً بنفسها وهندامها ومنزلها:
-أهلا بك.. إبنتي سحر.. ناديني خالتي او أمي..  كما تُحبّين..
إلتفتت سحر بنظرها ليمان الذي كان مرتاحاً وتملئهُ الغبطة كأنّها تحادثه بعينيها كم إن والدته لطيفة.. أشار لها أن ترحب بها وهو يرنو بطرفهِ نحو والدتهِ،لتفهم معنى نظرته:
-شكرا لك.. انا لا اعرف حقاً  كيف اردُ تعاملكم اللطيف هذا..
-ليس شيئاً مهماً.. يهمنا راحتكِ وسعادة إبني.. رفع يمان لها حاجبيه وهو يقف خلف سحر.. لتستدرك جميلة:
-سعادته بأن تكوني سعيدةً وتتماثلي للشفاء..
..
أخذتها العاملة في جولةٍ للمنزل وارتها غرفتها التي كانت بالمنتصف ما بين غرفة يمان ووالدتهِ..
ثم حضر يمان بعد دقائق:
-اشكرك نسليهان..الآن اسمحي لي يا سيدة سحر...
-ماذا هناك؟
-مفاجأةٌ ستحبينها كثيراً..
أخذها إلى غرلة في الركن الممر المؤدي لغرفهم فتح الباب فتفاجأت سحر..لقد كانت غرفةً زجاحية..قد وُضعت فيها انواع الورودِ والوانها بأصص جميلة بعنايةٍ فائقة..حتى فاحت العجورُ بإزهى ما تكون من حِلّةٍ وافية..
لم تصدق سحر ما رأتهُ..فأخذت تبكي وهي تخفي ملامحها بيديها حتى علا نحيبها..بهت يمان وجلس امامها وقد ثنى قدماهُ وضع يده على يديها:
-انا..انا..لم اقصد ان احزنكِ..ألستِ تُحبّين الورود؟
-تحدثت بين نشيجها:
-بلى،أحبها كثيراً..لكنني تركت الإهتمام بها او التقرب منها منذ سنوات..ذهبت عنّي كل اشيائي وهواياتي..لا المرسم ولا المشتل..لم يبقَ لي شيء..
-ششش...اهدئي..ستكونين على افضل ما يرام..فقط دعي نفسكِ تستعيدُ طاقتها..
-لا أستطيع تحمّل او تقبّل كل هذه السعادة..توشّحت حياتي وكل ملابسي وملامحي ألى اللون الأسود...
-من اليوم حين وافقتي على شرطي..فأنّكِ قررتي ان تراقبي النجوم كي يلمع طريقكِ في آخر النفق..ساصاحبكِ حتى تصلي لذاتكِ.
-وأنا مستعدةٌ كما وعدتك...
اخذت سحر تجرّ عربتها حيناً او يساعدها يمان حيناً وهي تلمسُ كل الورود وتضحك..يراقبها عن كثبٍ ويستمع لحديثها لم تنس شيئاً..وهي تذكر اسمائها ومواسم زراعتها..وذكرت له ان زهرتها المفضلة هي الإقحوان..كم تمنى لو يستطيع ان يريها الباقة التي أحتفظ بزهرها وتيبّس بين الكُتب من ذلك اليوم..لكنّه خاف من صدمتها ونفاذ صبرها او تلف أعصابها وهو لم يحضرها سوى اليوم...آثر الصبر..
سنعود الآن لغرفتكِ لترتاحي لكن قبلها سأطّلع على تحاليلكِ:
-حسناً..
دلف بها إلى غرفتها واخبرته عن مكان التحاليل في حقيبتها الصغيرة:
-يظهر هنا ان نوع الشلل هو  الشلل النصفي وقد أصاب كلا من ساقيكِ والجزء السفلي من جسدكِ..وأدى ذلك إلى مشاكل صحية أخرى، مثل سلس الأمعاء على وجه الخصوص  وقد أثّر على  استعادة جزء من الوظائف الحسية والحركية المفقودة عندكِ..
-لقد سمعتُ ذلك مراراً سيد يمان..
ابتسم يمان فهو يدرك ذلك.جيداً لكن واجبهِ أن يشخّص حالتها بأدقّ تفاصيلها ليسهم في معالجتها سريعاً..
إقترب منها وأسند يديه على يدي الكرسي من الجانبين حتى اصبح وجهه وجسده لا يبعد سوى سنتيمترات صغيرة نظر إليها بتحدّي:
-لي علمٌ بذلك.. أنا اقومُ بواجبي.. كما لي علمٌ بتهرّبك من العلاج..
إنتفضت سحر:
-لا يخصك الأمر.. إلى متى ستذكرني بشيءٍ لست أنت صاحب القرار فيهِ..
تكلم وهو يجول بعينيه على ملامح وجهها وبدأت سحر تتوتر:
-أصبحت قراراتكِ تهمّني سيدة أوغلو..حتى تتغير كنيتكِ قريباً..
ابعدته سحر بيديها ودفعته على صدرهِ..فارتد بخفّةٍ إلى الوراء:
-سانجح حتى أتخلّص منك قريباً..
-نعم الآن سنستطيعُ بدء العلاج..يا صغيرتي..
*******♡♡♡♡
💫💫💫🌼🌼🌼🌼💫💫💫🌼🌼🌼🌼
..
🌼💜
ما إن خرج يمان من الغرفةِ، حتى إنتبهت سحر لأجمل تصميمٍ تراهُ، في المنتصف نافذةٌ واسعة زجاجها طويل.. تغطيه ستائر شفافة بيضاء على مقربةٍ منهُ سريرٌ وثير وعلى الجانب الآخر للسرير خزانة ملابس كبيرة وُضِعت فيها جميع الألوان وتزينت بكل التصاميم، الجدران بلون زهري فاتح.. أشعة الشمس تميل بلطف داخل الغرفة حتى يُرسم ظِلال النافذة على الأرضية بدفءٍ...يتوسط الجدار الآخر عدّة ادراجٍ خشبية بيضاء لامعة رُتبت بين رفوفها بضعة أُصص لنبتة الاقحوان والهيذر الحمراء لتضفي جمالاً مع الادراج ووضعت أيضاً بعض الكتب لاشهر كتّاب روسيا (دوستويفسكي)..لم تصدّق عيناها ما رأت،اتجهت نحو الكتب واخذت تقرأُ العناوين وهي تتنفس رائحة الورق الاصفر اولاً وترى الترجمة التركية للعناوينالجريمة والعقاب،الاخوة كارامازوف،الليالي البيضاء،الأبله،الزوج الأبدي..)..تذكرت إن لروايةِ الجريمة والعقاب ثلاثة أجزاء ورواية الاخوة كارامازوف مثلها ثلاثة اجزاء..لماذا يتواجد جزء واحد إذاً؟..عاد لذاكرتها وعدهُ أن يريها المكتبة الكبير..إذاً بقية الأجزاء هناك..حدّثت نفسها..

ثم إتجهت نحو الخزانةِ.. مدت يديها تستشعرُ جمال الملابس..وهي تستعيدُ أيامها السابقة أخذت خطوات العربة باتجاه النافذةِ التي تطل على حديقة مزروعة ومسبح صغير.. لِتُحدِّث نفسها لابد إن جميع الغرف بهذا التصميم ايضاً..
♥♥♥♥💜💜💜💜🌸🌸🌸🌸

نزل يمان السلم عند نسليهان يبحث عنها،وجدها في المطبخ،لينادي عليها:
-نسليهان...
إلتفتت إليه مُجيبةً:
-نعم سيد يمان..
- هناك تعليماتٌ مهمة أرجو إن تنتبهي لما سأطلبهُ منكِ جيداً..
سارعت لتجيب ببديهةٍ:
-بالتأكيد ماذا يجب إن أفعل سيد يمان؟
-إنصتي..وضعتُ للصغيرة جدولاً منتظماً بمواعيد سباحتها عليها إتباعه ولن تتعبكِ في ذلك..يجب أن تعتني بها وتهتمي بكل ما يخصها..
تغيير الملابس،زينتها،استحمامها،راحتها،والتمارين حين لا اكون موجوداً..ومواعيد شرب الدواء.. إن واجهتي أي مشكلة او صعوبة اخبريني..
أردفت تمتثِلُ لكلام يمان:
-حسنا سيد يمان لا تقلق..سأحفظ هذه الورقة عندي..
-اشكر جميلكِ لي..
🌸🌸🌸🌸💜💜💜💜♥♥♥♥
-جينكار..
-نعم سيد يمان..
اخذ يمان نفسا عميقا يتنهد فيه:
-المرسم قد تمّ أليس كذلك؟
-بالتأكيد..لقد حافظتُ على لوحاتها جميعاً..لا أنكر إنها رسامةٌ موهوبة..
فرح يمان جدا لكلام جينكار:
-يجب أن أرى رسوماتها أنا أيضاً في هذه الحال..
-ستفخر بها كثيراً..لكن كانت هناك لوحة اخبرتني كيراز أن لا يقترب منها احد..وبقيت مغلفة بقطعة قماش..
استغرب يمان لكنه لم يلقي انتباها كثيرا لهذا الامر:
-لا بأس..
..
جلس يمان في غرفته وقتاً وهو يعيدُ تذكر كل شيءٍ ويبتسِمُ في سرّهِ..قربه منها،رائحتها،جمالها،شعرها وعينيها... حتى في حزنها أنيقة..
..
قبل المساء أخذ حماماً دافئاً ليريح رأسهُ خرج وهو يجفف شعرهُ بالمِنشفةِ..سمع طرق الباب..كانت طرقات مترددة..شعر إنها سحر فهو لم يطلب شيئاً من نسليهان ووالدتهُ لا تدخلُ إلى غرفته كثيراً..تلهّف لرؤيتها فهو يعلمُ إنّ فضولها احضرها إلى هنا لرؤية المكتبة:
-إدخلي..
دخلت تنظر بعينها يميناً ويساراً رأتهُ واقفاً في منتصف الغرفة وهو يبتسم..تقدم منها خطوات:
-سيد يمان..انا اعتذر هل انت مشغول؟ وهي ترى قطرات المياهِ تنسابُ على جبينهِ..يرتدي فانيلة بنصف اكمام تُبرزُ عضلاته وشورت رياضي قصير..بدا جميلاً جداً..
-كلا..هل إحتجتِ لشيء..؟
-شيء..لم تنفذ وعدك بعد..
يمان وهو يتظاهرُ بالسذاجة:
-هل وعدتكِ بشيءٍ؟..
-أجل،اتفقنا أن تُريني المكتبة..
فكر إنّه لا ضير من إزعاجها قليلاً:
-وهل لدينا مكتبة؟..
شعرت سحر إنّه يستفزّها وخافت أن تغضب أو تصرخ غاضبةً في وجههِ....فقالت:
-شيء..أعتقد إنني يجب ان أغادر..
انفجر يمان ضاحكاً وهي تدير عجلات العربةِ:
-تعالي هنا..تريدُ الصغيرة المغادرة..كنت أخبرتني أنكِ ترغبين في رؤية قلبي (مكتبتي)،لأعطيتكِ أياهُ (قلبي)..
-انا اشكرك كثيراً..لم يعد هناك داعي..ثم ما أدراني إن الكتب هي قلبك..
إقترب منها وأخذ يسيرُ بالعربة خارج غرفته وهو يأخذها نحو المكتبة:
-كان يجب إن يدلّك إحساسكِ على ذلك..فنحنُ نتشارك نقاط كثيرة أيتها الصغيرة..
ردّت عليه تهكّماً:
-في المرة القادمة سيدلّني..
أجاب بثقةٍ:
-وانا أثقُ بذلك..
..♥♥♥♥🌸🌸🌸🌸💜💜💜💜

دهشت عندما رأت المكتبة وهي تكاد تصرخُ من السعادةِ ودّت لو أنّ قدميها يحملانها لتهرول في إنحاء الغرفة،لتطير مشياً..أدركت إن الاقدام جنحان أيضاً..شعر يمان بشرودها قليلاً ولمعة عينيها ما بين دموعٍ مخفية واماني مدفونة:
-هل حدث شيء؟ ما بالُ عينيكِ غفلتا عن الواقع؟..
لتردّ عليه:
-أدركت إن الأقدام جنحان أيضاً يستطيعُ بهما الإنسان أن يطير..
هذا بسيط جداً..قال ذلك وهو يحملها في حضنهِ..:
-أرجوك سيد يمان..انزلني..
-أعلمُ إنّك تخجلين..لا تضيعي سحر اللحظةِ..إنظري إلى عديد الكتب..
للحظات نست كل شيءٍ وأخذت تدلّه ان يتوجّه بها إلى هنا وهناك وهي تتكلمُ:
-هل تعلم؟.. يمكنني النوم هنا طوال حياتي..
عقد يمان حاجبيه بخفة وهو يكلم نفسهمستحيل..لمن خُلق حضني إذاً؟..هل ستخطفك المكتبة مني إيضاً؟يا صبر يارب..)
أجابها:
-لن تنامي هنا..لكن عليكِ أن تشفي بسرعةٍ..
تجاهلته سحر وهي تمعن النظر في رفوف الكتب التي تمتدُّ إلى إرتفاع الغرفةِ في  عشرة أمتار وإلى تصميم جدار الغرفة التاريخي..:
لتسأل ببلاهةٍ وهي توسّع عينيها:
-كيف سنصلُ إلى ذلك الإرتفاع؟
ليمازحها يمان:
-معكِ حق..الحل الأفضل ان أغير طريقة حملكِ وأضعكِ على كتفي الآن فتمدّي يدكِ القصيرة وتأخذي الكتاب الذي تريدينهُ..
ضحكت سحر على تعليقهِ وهي تتخيل منظرهم..ليرى إبتسامتها كم تزيدها أنوثةً..:
-لقد أبتسمتِ أخيراً.. علامَ تضحكين؟
-وهل تعتقد إن كتفك سيتحمّلُ جلوسي عليه لساعات طويلة؟..
أجابها يمان بصدقٍ ونظراته كلها حب:
-بل يحتملُ طوال العمر.. شعرت سحر بالخجل فغيرت الموضوع..:
-ما هو كتابك المفضل؟..
-كافكا على الشاطيء للكاتب..
لتقاطعه سحر:
-الياباني هاروكي موراكامي..
اجابها مُبتسماً..:
-احسنتِ.. هذا صحيح.. هل قرأتها؟
-لا، لكن استاذتي نصحتني بقرائتها حين كنت ادرس اونلاين.. ولم افتحه ابداً.. عمّ تتحدّثُ؟..
-رواية تلقي تساؤلات والغاز كثيرة واحياناً لن تجدي حلاً لهذه الألغاز.. قائمة بين شخصيتين مراهقٌ صغير وعالمه الخاص وعالِمٌ كبير وعوالمه المزدحمة..
أجابت بإنزعاج وتدلّل:
-لكن هذا يكفي.. لقد أفسدت علي الأحداث..
ليضحك معتذراً:
-حقّكِ علي وسأعوّضهُ.. وما كتابك المفضل؟..
-الخيميائي..
-ل باولو كويلو..
-صحيح.. تبحث عن الذات الإنسانية.. وكيف يسعى الإنسان لحلّ سبب وجوده في الحياة.. وكيف يؤسس لنفسهِ عالماً خاصّاً.. أنزلني الآن لنرتاح قليلاً..:
-أمركِ..صغيرتي..
..
أخذهما الوقت دون أن يلاحظا لتناديهما نسليهان إلى الاسفل لتناول العشاء...يهمّ يمان ليحمل سحر:
_لكن.. ama..
-هيا..يجبُ ان تعتادي..الإّ أن فكرتي الأّ تُشفي سريعاً وقد أعجبكِ حملكِ بين ذراعي..
فضربته بخفّةٍ من خجلها على كتفهِ وهي تحاوطُ رقبتهُ:
-أنت..لا تفهمني خطأ..
-لا تتهوري..هذا الكتفُ سيحملكِ(سيحميكِ) كثيراً
*******♡♡♡♡
🌸🌸🌸🌸💜💜💜💜♥♥♥♥

المُذنبانِحيث تعيش القصص. اكتشف الآن