النُّوتة الثّانية عَشر؛ ما بين الجَحيم و النّعيم

579 52 137
                                    

 

و بين القُبور الهادئة.. هناك روحٌ أحِبُّها
❡.........

أسفل عصفٍ لا يعرف قيمة لأحدٍ، جلس الحاكمُ بجانب جِيمِينه الغافي في قبره المُرتوي.. لعلّ الحياة حزنت عليه قليلاً فعوّضته عن رؤية المطر بعد موته، جعلته يشعر به.. الطّبيعة غاضبة من حوله و لم يكن يمتلك حقًّا ما يساعد.. قد بكت كلماته هناك دومًا بدلاً من دموعه

"الرّحمة يَا بوسان.. إن أسكتكِ يومًا لمنام حبيبي تجعلين دويّ حزني يعوّضك؟"

لم يكن بكاؤه الأنين الوحيد الَّذي ينافس الرّعد و الأمطار، بل كان النّاي يأنّ أيضًا في حضنه.. لقد مضى وقت طويل و لم يحظَ بتلك الشفاه عليه، و الأنامل الصغيرة تلاعب فوّهاته.. فشعر النّاي لأوّل مرَّة كيف جرّدوه.. ٱقتلعوه من أرضه و قتلوه إلا قليلاً، ثمّ جوّفوه و حفروا الكثيرَ من الثّقوب فيه، مرّ وقت طويل و لم يأتي، لقد شعر النّاي أيضًا بفقدان عازفه..

"يذكّرني هذا بالستّ سنوات الَّتي أمضيتها دونك، عندما كنت أتحدّث هكذا و لا تردّ عليَّ"

لقد بدأ يُحصي خيباتهِ، يحصر ما يستطيع مِن آلامه ليكونَ مدركًا تمامًا لخطوته القادمة.. الفُراق في المرتبة الأولى، حبّ طفولته الَّذي صبر لأجله طويلاً ثمّ تلاشى بين فراغات يديه كالرّمال.. بعده تأتِي الخيانةُ، إلّا أنّ وانغ و أعوانه في قبضته الآن.. الهَشاشة، منذ متى كانَ جسده متعبًا لهذا الحدّ؟ و كيف له إعادة طعم الحياةِ ؟ عقلهُ، هناك شعور صعبٌ شرحه تجاه رأسه و عقله تحديدًا.. كما لَو هناك غمامة تحجبه عن التّفكير، و كثيرٌ من الثّقل في رأسهِ يُضعف توازنه، أجل رُبَّمَا وجد التّعبير الصّحيح.. الكثير، إنّه كثير عليه

"هَل أستمرّ يا حبّي؟ أترك مملَكتي المضطربة و أذهب لجعل أمنيتك واقعًا ؟ لمَ لا تزورني؟ تعال إليّ في حلمي.. أخبرني ماذا أفعل"

طبطب على قبره الصّامت، أخذ شهيقًا عميقًا كما لو يرجو به الشعور بالحياة، فردّت عليه التّنهيدة الخارجةُ بالنّفي.. لقد احتاجت تنهيداته أربع رئاتٍ أو أكثر.. فحملَ ذاته المبتلّة بالهدوء، و جرّ أذيال الظّلام من خلفه.. لن يخلع الحداد بعد هذا أبدآ

ولج لمخدعه الدّافئ، فخلع عنه الهانبوك المبتلّ و رماه أرضًا، بينما أخذ النّاي مكانًا مقدّسًا له.. المرآة باتتْ شَيئًا غير عاديّ بالنّسبة له كما هي لباقي البشر، عجيبٌ حقًّا كيف للقدر تغيير الأفكار.. حدّق بنفسه العارية هناك، يكاد انعكاسه ينطقُ بكمّ جمال جسده البارد، و لكنّ وجهه غريبٌ، ليست عيناه هذه المحمرّة، و ليست شفتاه هذه الزّرقاء المُرتجفة، لا.. إنّه بريء من هذه الملامح

LIMBO  JIKOOK|| اللِّيمبُوWhere stories live. Discover now