-الفَصل الأول؛

516 18 2
                                    






"ألَن تَعُودي لِلمَنزِل؟ المَطر بدأ يَشتد"
رَفعت أوليڤيا رأسها و صَمتت قليلاً ثُم قالت بإبتسامة مُرهقة:
"سأُنهي هذا الفُستان و أذهَب"
رَفع الأخِير كَتفَيه و أبتسم قائِلاً:
"حسناً كما تشائِين ، لكِن أحذري أن تأتِي الثانية عَشر دون أن تشعُري"
هَزت اوليڤيا رأسها إيجاباً فوَدعها الأخير ثُم ذَهب بَينما أشاحت هيّ خِصلات شَعرها الأسود الطوِيل خَلف أُذنها اليُسرَى و وضعَت القلم الرُصاص بِفمها بَينما تَنظُر لِرسمتها ثُم تنَهدت و ألقت بِنفسها فَوق الوَرقة قائِلة:
"تباً هذا مُرهِق ، الجمِيع بِالفعل ذَهب"
أغلَقت أوليڤيا عَينيها بِبُطء هامِسة:
"سآخُذ قَيلولة قَبل أن أذهَب..."
أغلقت أوليڤيا عَينيها تماماً و غاصَت في عالم الأحلام بَينما صَوت الرعد يَملأ المكَان إلى جانِب صَوت ساعة الحائِط المُربِك بَينما أوليڤيا نائِمة وَسط هذا الصَخب بِعُمق ...
11:55 pm...
فَتحت أوليڤيا عَينيها بِبُطء بِسبب تَلقي هاتِفها لِلكثير مِن الإشعارات و الرسَائِل فأعتدلت هيّ و نَظرت لِلهاتِف بِعَينين نائعستين و بدأت بِالرد إلى الرسائِل غَير مُدرِكة لِلوقت و تثائبت قبل أن تُلقي نَظرة سرِيعة على الوَقت ثم تُغلِق هاتِفها لتضعه مُجدداً و تضع يَديها حَول رأسها فأتسعت عَينيها سَريعاً قائِلة بِفزع بعدما أدركت الوقت:
"11:57؟ تباً متى و كَيف؟!"
وَقفت أوليڤيا سَريعاً و أخذت أشيائها قبل أن ترتدي مِعطفِها سَريعاً ثم فتحت مظلتها مُتجِهة لِلخارِج و نَظرت حَولها و بدأت بِالسير سريعاً و بِحَذر حتى لا تتزحلق او يَسمعها أحد في وَسط هذا الصَمت الشديد بَينما تَهمِس بَينها و بَين نفسها:
"تباً لِلعمل ، أتمنى ألا أُقابِل أياً مِنهم لأنه سينتهي أمري بِالتأكِيد"
فُزِعت اوليفيا مِن صَوت الرَعد و سقطت على الارض قائِلة:
"اللعنة يَجِب أن أُسرِع!"
وَقفت اوليفيا سَريعاً و سَارت أسرع قليلاً رَغم ملابِسها المُبتلة و لكِنها تَوقفت بَعدما سَمعت صَوت طِفل يَبكي و بدأ جَسدها يَرتعِش بَينما بدأت تَنظُر حَولها تَبحث عَن مَصدر الصَوت حتَى أقتربت مِنه أكثر و أكثر و هي مُترددة حتى وَصلت إلى مَصدر الصَوت و أقتربت أكثر وجدته بِالفعل طِفل مُلقَى على الأرض فأقتربت مِنه سَريعاً و وضعت مظلتها أرضاً بَينما حَمِلت الطِفل و ضَمته إلى صَدرِها و هزته مُحاوِلة تهدِئته حتَى أخيراً هدأ فتنهدت اوليڤيا و ألتفتت حتَى تَذهب لكِنها تَجمدت بِمكانها بَعدما رأت أحدهم يقِف أمامها و ينظُر لها بِعينيه الحمراوتان و ملابِسه المُلطخة بِالدماء و يبتسم بِطريقة مُريبة فبدأ الطِفل بِالبُكاء مُجدداً بَينما بدأت اوليفيا بِالتراجع و وضعت يَدها بِحقيبتها لِتُمسِك بِشيئٍ ما قائِلة:
"ابتعد ، أنا أُحذِرك.."
لَم تُكمِل اوليڤيا جُملتها حتَى وَجدته بِسُرعة كَبيرة كسُرعة البرق بِجانِبها يَغرِس أنيابه بِرقبتها فتشنَجت اوليڤيا قائِلة بَينها و بَين نفسها:
"يَجب أن أفعل شيئاً"
كَادت أن تُخرِج مُسدسها مِن حقِيبتها لكِن فجأة تراجع مصاص الدِماء لِلخلف بَعدما سمعت اوليفيا صَوت إطلاق النار لكِنها لَم تتمالك نفسها و سقطت أرضاً بَينما رأت مصاص الدِماء يأخُذ الطفل بعيداً و هو ينظُر لها بِحدة لكِنها لَم تستطع إيقافه و أغلقت عَينيها تماماً فاقِدة الوعي...






























فَتحت اوليفيا عَينيها بِبُطء مع أصوات الموسيقى الصاخبة فأعتدلت سريعاً بَينما تَضع يَدها على رأسها مِن الألم قائِلة:
"ما الذي حدث البارحة؟"
نَظرت اوليفيا حَولها و أضاقت عَينيها
"ماذا؟ غُرفتي؟ لكِن..''
وَضعت الأخيرة يَدها على رقبتها ثُم أسرعت نَحو المرآة تتفقد رقبتها بِتعجُب هامسة:
" ماذا كيف ؟ مُتأكِدة أنه قام بِعضي!"
أغمضت اوليفيا عَينيها لِقرابة دقيقتين ثم فتحت عَينيها مُجدداً و نظرت لِرقبتها و كَررت هَذا مِراراً و تِكراراً حتَى دَخل عَليها أخيها قائِلاً:
"اوليفيا؟ ماذا تفعلين؟"
ألتفتت اوليفيا و نَظرت له مُبتسِمة بارتباك ثُم أقتربت مِنه قائِلة:
"لا شَئ لِنتناول الفطور"
سَحبت اوليفيا أخاها خارِج الغُرفة و وقفت أمام الثلاجة شارِدة بِذهنها و تفكر بَينها و بَين نفسها:
"هذا لَم يَكُن حِلماً ، أنا مُتأكِدة أن هذا كُله حَدث بِالفعل"
"اوليفيا ماذا تفعلين؟ لَقد حَضرت الفطور بِالفعل!"
خَرجت اوليفيا عَن شِرودِها و نَظرت لِأخيها ثُم قالت:
"اه اجل ، كُنت أَحضِر بَعض الماء"
أقتربت اوليفيا مِن طاوِلة الطعام و شردت بِذهنها مُجدداً تُفكِر في هذا الطِفل الرضيع و ماذا حَدث له حتَى لاحظ أخوها شرُودها فقال:
"متى ستعودين لِزوجِك؟"
"فور ما تعُود زوجتك"
أجابت اوليفيا بِسُرعة دُون أن تنظُر له فعَبس الأخِير قائِلاً:
"أنا شقيقك الكَبير و أُخبِرك أن تذهبي! لأكُن صَريحاً لا أشعُر بِالراحة لِكَونِك هُنا ، تَخيلي مَاذا يَقول زَوجِك الان 'إنها تَعتني بِأخيها الكَبير الراشِد؟' ما هذا؟!"
"كفاك حَديثاً و أكمِل فطورك لأنني لَن أذهب حتَى تَعود زَوجتك ، و بِالنسبة لِهاري فهو يَعلم أنك مُهمِل و تُهمِل صِحتك و دوائك كَثيراً"
عَبس أخوها أكثر و نَظر لِطعامه قائِلاً:
"بِالمُناسبة كَان هُناك شُرطي مِن المُكافحة يَبحث عَنك لَكنني أخبَرته أنكِ لستِ هُنا"
رَفعت اوليڤيا رأسها و نَظرت له و شَردت قَليلاً قبل أن تنظُر لِطعامها مُجدداً و تُشيح شَعرها خَلف أُذنها قائِلة:
"بِخصوص هَذا ، هَل كُنت مُستيقظاً بعد الحادية عَشر البارِحة؟"
عَقد اخوها حاجِبيه و صاح بِوجهها:
"لِمَ سأفعل شَيئاً كهذا ، اوليفيا ؟ هل فَعلتيها مُجدداً ؟ هَل عُدتي لِ.."
"كلا لَم افعل فقط إهدأ ، حتَى و إن كَان أنتَ تَعرِف القوانين الحالية ، لِذا فقط إهدأ هذا مُجرد سؤال"
زَفر أخوها ثُم قال:
"أقلقتيني!"
نَظرت اوليڤيا مُجدداً لِطعامها هامِسة:
"إذاً ماذا؟ مَن هذا الطِفل؟ لِماذا لَم أستطع الدِفاع عَن نَفسي في هذا اليَوم؟ هَل كُنت خائِفة بِسبب الطِفل أم مِن خَرقي لِلقوانين؟ و الأهم مِن هذا كُله مَن الذي قَام بإنقاذي؟! "
افَاقت اوليڤيا مِن شِرودِها على صَوت هاتِفها فأخذته و نَقرت عَليه قَبل أن تضعه على أُذنها اليُسرى قائِلة:
"مرحباً؟"
"مرحباً؟ حقاً؟ ما هذه الرسمية؟"
أبتسمت اوليفيا بِسُخرية ثم قالت:
"هاري ، هيا مَاذا تُريد لَدي عَمل الآن؟"
"ما رأيك بِالهرب مِن العَمل اليوم؟"
"ماذاا؟ هل أصَبت رأسك او مَا شابه؟ انتَ ايضاً لديك عَمل!"
"كلا اليوم أخذت أجازة"
زفرت اوليڤيا ثُم نَظرت لأخيها قَبل أن تقول:
"كلا لا ينفع ، بِيوم أخر لا تنسَ أنني مع ستيفان"
"حقاً؟ وماذا بِها؟''
صَمتت اوليفيا قليلاً فقال هاري:
" أنتِ تتهربين كالعادة أليس كذلِك؟ سئِمت مِن هذا حقاً"
"كلا لا أتهرب ، أراك لاحِقاً وداعاً"
أغلقت اوليڤيا الهاتِف و وضعته على الطاوِلة مُتنهدة فنَظر لَها ستيفان قائِلاً:
"لِمَ تتهربين؟"
رَفعت أوليڤيا رأسها و نَظرت له قائِلة:
"هاه؟ أتهرب مِن ماذا؟"
"مِنه"
ضَحكت اوليفيا و قالت:
"هاري؟ إنه زوجي لِمَ سأتهرب مِنه؟"
"هذا بِالضبط ما أُريد مَعرفته"
أضاقت اوليفيا عَينيها و أقتربت مِنه ثم قالت:
"يبدو أنك لَم تتناول دوائك بَعد"
وَقفت اوليفيا ثم صَعدت لِغُرفتها سَريعاً بَينما ظَل ستيفان ينظُر لها حتَى ذَهبت فقال:
"ماذا يَحدُث مع هذه الفتَاة بِحق؟ و كأنها لَم تكُن ستقِف أما القِطار حتَى نوافق على زواجِها مِنه؟ النِساء غريبات حقاً"






























دَلفت اوليفيا خَارِج المنزل مُتجِهة لِمكان عَملها و هي تُصِر على الذهاب إلى الزُقاق الصَغير الذي كَان يُوجد بِه الطِفل في اليَوم السابِق.
وَقفت اوليڤيا بِوَسط الزُقاق و نَظرت حولها قائِلة:
"مُتأكِدة مليون بِالمائة أن ما حَدث البارحة لَم يَكُن حلماً.."
خَرجت اوليفيا مِن الزُقاق و أتجهت نحو مَحل عملِها و هُناك وَجدت هاري يَقِف أمام بَاب الشرِكة و يرتدي ملابِسه السوداء فنَظرت له اوليفيا بِغَضب و أقتربت مِنه صائِحة:
"مَاذا تفعل هُنا؟"
"بِما أنكِ تتهربين فواجهتِك بِنفسي"
"ماذا تُريد؟! ألا تعلم أنه قَد يقومون بِطردي بِسببك؟"
"تَقصدين بِسبب عَملي و لَيس بِسببي"
زَفرت اوليفيا و قالت:
"هاري أرجوك إذهب!"
"أتعلمين شيئاً ما؟ أنا ذاهِب بِالفعل"
أقترب هاري مِن اوليفيا أكثر و رَفع سبابته قائِلاً:
"اردت أن نَقضي القَليل مِن الوَقت قَبل أن أُسافِر بِسبب العَمل لَكِن أنتِ.."
"مهلاً تُسافِر أين؟"
قالت اوليڤيا مُقاطعة له بتوتر
أبتعد هاري قليلاً و ضحك بِسُخرية ثم قال:
"أتهتمين حتَى؟ إذهبي هيا"
ألتفت هاري فأقتربت اوليڤيا و عانقت يده بِيديها الاثنين قائِلة:
"عُد سالِماً رجاءً"
تنهد هاري ثُم ألتفت و نَظر لها قَبل أن يُربِت على رأسها قائِلاً:
"حسناً"
تَركت اوليفيا يده بِبُطء فذَهب هو نحو سيارته بَينما تنظُر له حتَى ذَهب بعيداً
"أشعُر بِشئ سئ.."
تنهدت اوليفيا ثُم ألتفتت و دَخلت الشرِكة عابِسة على غَير العادة..






























"أخيراً أنتهيت مِن رَسمِه!"
نَظرت صَديقة اوليفيا لِلرسمة و أندهشت قائِلة:
"مازِلت لا أُصدِق أنكِ تعملين هُنا مُنذ تسعة أشهُر فقط!"
أبتسمت اوليڤيا و قالت:
"اجل انا ايضاً لا أُصدِق أنني بارِعة بِرسم تصاميم كهذه حقاً"
أتكئت الفتاة على الطاوِلة خلفها و قالت:
"أجل صَحيح ماذا كُنتِ تعملين قَبل أن تأتي لِهُنا؟ لَم يخطُر هذا السؤال بِبالي مِن قَبل"
عَبست اوليڤيا ثُم أبتسمت مُجدداً و تلعثمت قائِلة:
"لا شَئ كُنت بِالمنزِل عاطِلة عَن العَمل"
عَقدت الفتاة حاجِبيها و تفاجئت قائِلة:
"ماذا حقاً؟ ألستِ مُتعلِمة؟"
"بلى أنا كذلِك ، لكنني تزوجت بِعُمر صَغير قليلاً"
"ااه فَهِمت ، لَكن لا تتحدثي هكذا و كأن عُمرك أربعون عاماً"
ضَحكت اوليفيا فسألتها الفتاة مُجدداً:
"لَديكِ اطفال؟"
صَمتت اوليفيا قَليلاً و شَردت بِذهنها لِثوان فقالت الفتاة:
"اوليفيا؟"
رَفعت اوليڤيا رأسها و نَظرت لها بإبتسامة قائِلة:
"كلا ، ليس لدي اطفال"
"اوه ، اعتذِر لكِنك مازِلتِ صغيرة عُمرِك سِتة و عشرون صَحيح؟"
"أجل"
"لا تقلقِ ، أُختي أيضا تأخرت بالإنجاب و الان معها طِفلين"
أبتسمت اوليفيا و قالت:
"يَجب أن اراهم يوماً"
"بِالطبع ، سآخذ تَصميمك هذا الآن حسناً؟"
"أه اكيد"
ناولتها اوليفيا الورقة فأخذتها الفتاة و ذَهبت بَينما نَظرت هيّ خارِج النافِذة شَارِدة بِذهنها تُفكِر بِالعديد مِن الأشياء و مِن ضِمنهم ما حدث بِاليوم السابِق..






























11:30 pm..
"ماذا لِم مازِلتِ هُنا ألم تنتهي مِن تَصميمك باكِراً؟"
رَفعت اوليفيا رأسها و نَظرت للمتحدث قائِلة:
"بلى فعلت ، لكن خَطر بِبالي أن أبدأ بِتصميمي الجديد حتَى لا يأخُذ مني الكَثير مِن الوقت"
أبتسم الأخير ثُم قال:
"حسناً لكِن أحذري مِن الوقت ، سأذهب الآن الا تُريدين شَيئاً؟"
أبتسمت اوليفيا قائِلة:
"كلا شُكراً لَك"
ذَهب الأخير بَينما ظَلت تُراقِبه اوليفيا حتَى أختفى عَن ناظِريها فأسرعت نحو حَقيبتها و تأكدت مِن وجود المُسدس و نَظرت لِلساعة قَبل أن ترتدي مِعطفها و حقيبتها مُتجِهة لِخارِج الشرِكة قائِلة:
"يَجب أن أعرِف ماذا يحدُث"..
11:59pm..
وَقفت اوليفيا بِنفس الزُقاق و هي تنظُر للساعة حتَى دَقت الثانية عَشر فأعادت هاتِفها لِلحقيبة بَينما أخرجت المُسدس الخاص بِها و صُفارة صَغيرة التي وَضعتها بِفمها و بدأت بِالنفخ بِها فأصدرت صوت صَفير حَاد و بعدما أنتهت وضعتها مُجدداً بِحقيبتها قائِلة:
"هيا إذاً؟"

"همف ، حمقاء ما الذي تفعله ستؤذي نفسها فَقط ، هَل يَجِب أن افعل هذا مُجدداً؟"
نَظر حَوله بَينما بدأ شَعره الأبيض بِالتطاير فتنهد قائِلاً:
"هُناك الكَثير .... أظُن أنني سأفعلها مجدداً.."








___________

تَم النَشر الساعة 12:12 بَعد مُنتصف الليل...

After Midnight • بَعد مُنتصِف اللَيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن