-الفَصل التَاسِع؛

67 5 0
                                    


أستَعدت اوليفيا لِلضَغط على الزِناد و وَضعت سبابتها لِتضغط و نَظرت لآساهي و عَينيه الحمراوتان و شَعره الأبيض فعَبست قائِلة:
"عُد لِشَكلك الآخر"
قالتها ثُم ألقَت المُسدس أرضاً و أتَجهت نَحو السيارة و بِيَدِها الصافِرة و أغلَقت الباب خلفها بِقوة.
نَظر آساهي لِلسيارة ثُم لِلمُسدس و هَمس:
"مُضحِك كَم تُحاوِل هي و أقوم بِالتمثيل أنا"
أغمَض آساهي عَينيه لِثوان فعَاد لَون شعرُه لِلأسوَد و عَينيه الحمراوتان إلى الأسود و وَقف مُتجِهاً لِلمُسَدس قَبل أن يَجلِبه و يُسرع لِلسيارة و يَجلِس على مِقعد السائِق قائِلاً:
"لِمَ لا تَستلمين لِفكرة أنكِ لَن تَستطيعين فِعلها؟"
نَظر آساهي لَها ثُم ناوِلها المُسَدس قائِلاً:
"لا يُوجد وَقت لِهذا مُجدداً، أتمَنَى أن تُقدِري أنني أواجِههم لأجل حِمايتِك!"
"إذاً مِن حَقي أن اعلَم لِماذا أنتَ تَقوم بِهذا؟"
ألتفتت أوليفيا و نَظرت في عَينَيه بِحدة فقال هو بِجمُود:
"لَن تَحصلي على شئ إذا عَلِمتِ سِوى الندم"
رَفعت اوليفيا حاجِبها الأيمن قائِلة:
"لِمَاذا؟"
"ما فائِدة أن تَعرفي شَيئاً سيكون سَبب تعَاستك؟"
نَظرت اوليفيا له بِبرود ثَم نَظرت أمامها قائِلة:
"إذاً، لَن أبقَى مَع مَصاص دِماء و لا يوجَد سَبب مُقنع لأظَل مَعه"
ألتَفتت إليه و قالت بِوجه جامِد:
"مِن فَضلِك غادِر، سأُنهي هَذا بِمُفردي"
أبتسَم الآخر بِسُخرية بَينما لَم تَستطع اوليفيا رؤية عَينَيه بِوضوح بِسبب أختفائِهما خَلف شَعرِه
"بدأنا هَذا سوياً و سَنُنهيه سَوياً، تأخر الوَقت كَثيراً، إن تَفرقنا سيكُون مَصيرُنا الهلاك!"
"بقائِي مَعك هو الهلاك ذاتِه!"
عَقبت اوليفيا بَينما ملامِحها أصبحت أكثر برودة
"مَاذا؟ حقاً؟"
عَقد آساهي حاجِبيه في غَضب و قَبض يَده ثُم قال:
"بَعد كُل ما فَعلتُه لأجلِك تُخبرينني أن بقائِك مَعي هَلاك؟!"
اومأ الأخير بِرأسِه و قال:
"لتَرين الهَلاك إذاً!"
فَتح آساهي الباب و نَزل مِن السيارة وَسط نظرات أوليفيا البَارِدة ثَم أنتقَلت إلى كُرسي القيَادة و أغلَقت البَاب بِقوة بَينما أبتَعد آساهي عَن السيارة و لَم يَلتفت لها حَتى بَعدما تَحركت اوليفيا بالسيارة بَعيداً عَن الشاطئ.
"لا أعلَم إلى مَتى سَتظلين حَمقاء عَنيدة!"

























سَارت اوليفيا بِالسيارة بِمُحاذاة الشاطئ دُون الدخول إلى المَدينة حَتى لا تُقابِل أحد و كان تَفكيرها مُشتتاً بِالكَثير لَكنه كان مُنصباً على شئ واحِد و هو مَعرِفة حَقيقة ما يحدُث و نسيان آساهي .
أقتَربت اوليفيا مِن إحدى البيوت القَريبة مِن الشاطئ ثُم أوقَفت السيارة و تَنهدت قَبل أن تَنظُر لِنفسها من مِرآة السيارة و حاولت تَرتيب مَظهرها قَليلاً قَبل أن تَجلِب البِنطال الخَاص بِها لِتَرتديه .
فَتحت اوليفيا بَاب السيارة بِتَردُد قَبل أن تَنظُر لِلقَمر فَوقها و تَنهدت قائِلة:
"إن كَان يُوجد أحَد بِالداخِل هَل سيَسمح لِي بِالدخول في هَذا الوَقت؟"
أخذَت اوليفيا نَفساً عَميقاً قَبل أن تَأخُذ مُفتاح السيارة و تَنزِل مِنها مُغلِقة البَاب خَلفها بَينما قَميصها الأبيض الواسِع لَم يَحميها مِن تِلك الرَعشة بِسبب دَرجة الحرارة المُنخفضة فأسرعت نَحو بَاب المَنزِل و تَرددت قَليلاً قَبل أن تَرفع يَدها لِتُطرِق البَاب .. طَرقة وراء الأُخرى .. طق طق .. لكِن لا أحد يَستجيب، تًنهدت اوليفيا و قالت بَينما ألتفتت لِتنظُر لِلبَحر:
"كَما توَقعت، لا أحد يأتي لِلشاطئ في هذا الوَقت مِن السَنة"
جَلست اوليفيا على مَدخل بَاب المَنزِل و ضَمت رُكبتيها أسفل ذَقنها قائلة:
"هل الذهاب إلى المَدينة سيكون آمِن؟"
نَظرت نَحو السيارة و زَفرت ثم أكمَلت:
"لا أظُن أن السيارة بِها وقود كافي لِأعود بِها"
ضَمت رُكبتيها أكثَر بَينما صَوت زئير مَعدتها الذي تعَالىَ طالِباً لِلطعام أخرَجها مِن شرودِها فَفردت رُكبتيها قائِلة بَينما شَردت مَرة أُخرى ناظِرة لِلقَمر:
"لا أعرِف ماذا أفعَل حقاً .. أشعُر أنني ضائِعة، سابِقاً كُنت ضائِعة الروح و الآن أصبَحت ضائِعة بِالمَعنى الحَرفي .. ماذا أفعَل الآن؟!"
تَجمَعت الدِموع بِعَيني اوليفيا لكِنها أبت أن تَنزِل فأخذت نفساً عميقاً و قالت:
"لَن تُفيدني هذه الدِموع بِشئ، يَجب أن أفعل شيئاً حتَى و إن عَرضت نَفسي لِلمَوت مُقابِل أن أعرِف ما يحدُث!"
وَقفت اوليفيا و كَادت تَتجِه نَحو السيارة لكِن ضوءاً أُضيئ داخِل المَنزِل فألتَفتت مُجدداً و نَظرت له هامِسة:
"ماذا؟"
أقتَربت اوليفيا مِن البَاب قَليلاً مُتسائِلة:
"هَل أعود أم اذهَب؟"
نَظرت اوليفيا حَولها و قالت:
"البقاء هُنا في وَقت مُتأخِر كَهذا سيعرُضني لِخَطر أكبر"
أقتَربت اوليفيا أكثر مِن البَاب و طَرقت عَليه طَرقتين مُتتاليتين و انتظرت قَليلاً حتى سَمعت صَوت البَاب يُفتح و سُرعان ما أن ظَهر شاب يبدو في العشرينات مِن عُمرِه، يَرتدي ملابٍس النوم و شَعره الأسود غَير مُرتَب فأدرَكت أنها أيقظته مِن نومِه خاصةً مع هذه النَظرة المُريبة على وَجهِه فأرتبكت قائِلة:
"ا..انا.. ضَللت الطَريق و تأخر الوَقت و.."
"لا يُسمح لِلغُرباء بِالدخول"
قالها و أغلَق البَاب سَريعاً بِوجه اوليفيا التي أجفلت بِسبب قوة غَلقه لِلباب ثُم تَنهدت قائِلة:
"يبدو أنه لا مَفر.."
ألتَفتت اوليفيا لِلسيارة و فَتحت البَاب قَبل أن يُفتح باب المَنزِل مُجدداً ليخرُج مِنه فتاة تبدو بِنفس عُمر ذاك الشاب تَرتدي ملابِس النوم و قُبعة على رأسِها و ألتفتت لاوليفيا صائِحة:
"انتظري! لا تَذهبِ!!"
عَقدت اوليفيا حاجِبيها و نَظرت لِلفتاة التي أقتربت مِنها قائِلة:
"أعتذِر عَما فَعله شقيقي حقاً"
قالتها ثُم أنحنت لها قليلاً فأسرعت اوليفيا قائِلة:
"كلا كلا لا بأس، انا أتفهمكم جيداً لِذا لا حاجة لِلأعتذار"
أعتدلت الفتاة و أبتسمت لها بِطريقة لَطيفة فأبتسمت اوليفيا لأول مرة مُنذ فَترة فقالت الفتاة:
"تعالي يُمكنك البقاء مَعنا، لا تَهتمِ بأخي و حَديثه هذا"
هَزت اوليفيا رأسها نافية و قالت:
"كلا لا اريد أن أُسبب لكم متاعِب"
قالتها بَينما داخِلها تقول عَكس ذلِك تماماً
"ليس هُناك متاعِب، تعالي فقط ستكونين ضَيفتنا، لا تُحرجيني رجاءً"
صَمتت اوليفيا لِثوان ثُم قالت بإبتسامة:
"حسناً"
ظَهرت السعادة على ملامِح الفتاة التي انتظرت اوليفيا بينما تَجلِب حقيبتها و تُغلِق باب السيارة ليتجِها إلى داخِل المَنزِل.
لَم يكُن المَنزِل يحتوي على شئ سِوى بَعض الأثاث القَديم و غُرفتين فقط فأدرَكت اوليفيا مِن حَولها أنهُم مِن الطَبقة اقل مِن المتوسطة و بَينما هي شارِدة بِذهنها رَمقها الشاب بنَظرة حَادة مِن إحدى الزوايا فقالت الفتاة:
"مَنزلنا متواضِع قليلاً ، لكِن أتمنى أن يُعجِبك"
نَظرت اوليفيا لِلفتاة بإبتسامة قائِلة:
"إنه يُذكرني بِمنزِل والداي"
"تَفضلي بِالجلوس إذاً"
قالتها الفتاة قَبل أن تُسرِع و تَقترب مِن الأريكة فأبتسمت اوليفيا قَبل أن تَقترِب هي الأُخرى و تَجلِس عليها ثُم ألقَت نَظرة على الشاب الذي لا يزال واقِفاً عِند إحدى الزوايا ينظُر لها بِبرود شَديد مِما جَعلها تَتذكر آساهي لِثانية قَبل أن تقول الفتاة بَينما َتَجلِس إلى جانِبها:
"يبدو أنكِ لستِ مِن هُنا"
ألتفتت اوليفيا و نَظرت لها ثم قالت:
"أجل، انا مِن المَدينة"
"و ما الذي أتى بِكِ إلى هُنا؟"
ألتفتت اوليفيا لِلشاب الذي تفوه بِهذه الكلِمات قَبل أن يَقترِب مِنهما عِدة خطوات فتوترت اوليفيا قليلاً قبل أن تقول:
"جِئت لأرى البَحر قليلاً و عِند عَودتي تأخر الوَقت"
"لا أحد يأتي هُنا شِتاءً"
أبتلعت اوليفيا ريقها فهي تَعلم هذا جيداً و شَعرت أنه سيتم طَردها الآن لكِنها أستطاعت التنفس صعداء بعدما قالت أُخته:
"هُناك بَعض الأشخاص يأتون لرؤية القَمر هنا شتاءً لأن لونه يتغير في بَعض الليالي"
اومأت اوليفيا و قالت:
"و للأسف لَم تكُن الليلة إحدى تِلك الليالي"
نَظر الشاب لأوليفيا بِعدم إقتناع فقالت أُخته:
"بِالتأكيد لَم تَعرفِ بِسبب أنقطاع الراديو صحيح؟"
توترت اوليفيا و ألتفتت لَها قائِلة:
"الراديو لا يَعمل لديكم ايضاً؟"
"أجل مُنذ يومين تقريباً"
أضاف الشاب:
"كذلك شبكات الهواتِف غير مُتاحة"
"ألا تَعرِفان السَبب؟"
هَزت الفتاة رأسها نافية بَينما نَظر الشاب لِأُخته قائِلاً:
"يَجِب أن تنامي، انتِ مَريضة"
"لَن أفعل! أُريد أن أتحدَث مَعها، إنها المرة الأولى التي أتحدث بِها مع شخص غيرك انت و دُمياي مُنذ سَبع سنوات!"
عَقد الشاب حاجِبيه و قال:
"لا تَذمُر! إذهبي أمامي الآن!"
هَزت الفتاة رأسها يميناً ويساراً بِشدة فغَضب الفتى و وَقف قائِلاً:
"كما تشائِين، لكِنني لست مسؤلاً إن شعرتي بالتعب"
قالها ثُم ألتفت نَحو إحدى الغُرف و أغلَق البَاب خَلفه فنَظرت الفتاة لأوليفيا و تنهدت قائِلة:
"إنه دائِماً هَكذا، على الرَغم مِن أنني شقيقته الكُبرى لكِنه يُعاملني دائِماً كأبنته!"
نَظرت اوليفيا لها و أبتسمت ابتسامة صغيرة قَبل أن تقول:
"إنه يَهتم بِكِ فَقط، لا يَقصِد أن يًجعلِك تشعُرين هكذا"
"لا أُمانع أن يَفعل هذا لكِن لَيس بِهذه الطريقة، إنه يستغِل مَرضي ليُسيطر عليّ"
عَبست اوليفيا و قالت:
"كلا لا تُفكري بِهذه الطريقة، إنه يفعل ذلِك لأنه يُحبِك فقط"
"أتعلَمين شيئاً؟ انا ايضاً أُحبه، اكثر بِكثير مِن حُبه لي، بَعد وفاة والداي في حادث سيارة قبل خمسة عَشر عاماً لَم أملُك سِواه و كان عُمره وقتها عَشر سنوات فقط و كُنت انا في الرابِعة عَشر مِن عُمري، ذَهبت لأعمَل بِالكثير مِن الأعمال و جَربت الكَثير و تَعرضت و واجهت الكَثير لكَي نَستطيع أن نَظل أحياء في المدينة حَتى ثقُل قلبي و لَم أعرِف بِمرضي حتى سقطت يوماً في إحدى المنازِل التي كُنت أعمَل بِها و بَعدما عرِفت أنني لَن أستطيع أن اُكمِل هكذا أنتقلت إلى هُنا بِرفقته قبل سَبع سنوات و قُمت بِبيع مَنزلنا القديم، لَم يَعرِف هو بمرضي قَبل أن نأتي لهُنا، و مِن وَقتها لا يترُكني اخرُج مِن المنزل سِوى لِلضرورة و مُنِع دخول الأغراب لِلمنزِل و تَحمل هو مسؤلية كُل شئ عِوضاً عَني، أصبَح يَعمل حتى يشتري لي الدواء و الغذاء و لنظل أحياء ايضاً، حتى أنه امتنع عَن الزواج مِن تِلك الفتاة التي أحبها لِسنوات لأنه أدرك أنه لَن يَستطيع أن يصرِف على ثلاثتنا مع تكاليف دوائي الباهِظة.."
اغرورقت عَيني الفتاة بِالدموع و أخفَضت رأسها و اكملت:
"اعلم أنني عِبء كَبير عَليه .. كَثيراً ما اتمنى أن يتوقف قلبي عن النَبض ليتخلص هو مِني، حتى أنني حاولت مرة و لَم اتناول الدواء لأكثر مِن اسبوع و مَرضت لِلغاية لكِن هذا لم يكُن كافياً ليُنهي حياتي.."
سَقطت الدموع على وَجنتيها واحِدة تِلو الأُخرى بَينما اوليفيا شَعرت بِضيق شَديد و رَبتت على ظهرها و أمسَكت بِيدها قائِلة:
"كُل شَئ على ما يُرام، تَأكدي أن تَفكيرك بِهذه الطَريقة لَن يُسعد شقيقك، بَل سيُحزنه كثيراً، فكِري فِيه، ماذا إن حَدث لكِ مكروه؟ ماذا إن فَقد الشخص الوحيد الذي يُحبه بِصدق؟ انتِ الشَخص الوَحيد له و هو الشخص الوحيد لكِ، فكِري أنكِ الشَخص الوحيد الذي جَعله يَعتمِد على نفسه و بِسببِك تَعلم الكَثير، كما أنتِ مَدينة لهُ فهو كذلِك يَدين لَكِ بِالكَثير، تَذكري أن الشَمس تَغرُب لا تختفي .. سيعود كُل شئ كما كان، فقط لا تُفكِري بِهذه الطريقة قَط، هو يَحتاجِك لِذا لا تَتخلي عَنه"
رَفعت الفتاة رأسها و كانت هذه المرة الأولى التي ترى بِها فتاة بِهذا الجمال على الرغم من شحوب وجهها و بِكائها الذي تَحول لأبتسامة صَغيرة، مَسحت اوليفيا دِموعها بِكلتا يَديها و قالت:
"لا تَبكِ مُجدداً، حسناً؟"
هزت الفتاة رأسها و قالت:
"أعتذِر حقاً، أعلَم أنه لَم يكُن علي قَول هذا، لَكِنني لَم أتحدث لأحد طيلة هذا الوَقت حقاً.."
"أتفهمِك، لا داعي لِلأعتذار"
عانقت الفتاة اوليفيا فأبتسمت اوليفيا بَينما شَعرت بأن بَطنها على وشك إطلاق ذَلِك الزئير مُجدداً فقالت في نفسِها:
"رجاءً ليس هذا الوَقت.."
أبتعدت الفتاة عَن اوليفيا و أبتسمت بَعدما شَكرتها فأخبرتها اوليفيا أن تَذهب لِلنوم و ستنام هي على الأريكة لكِنها أصرت عليها أن تنام معها بِغُرفتها فأستسلمت اوليفيا أمام إصرارها و بسبب تَعبها الشديد و ذهبا معاً إلى الغُرفة و ناما إلى جانِب بعضهما البَعض على السَرير الصغيرة، لكِن اوليفيا لَم تَهتم فكانت كُل ما تُريده هو النوم فقط فسُرعان ما غاصت في احلامِها

























استيقَظ جَميع مَن بِالمنزِل مفزوعاً بَعد صَوت الزُجاج المكسور المفاجئ في منتصِف الليل فأسرعت اوليفيا خارِج الغُرفة بَعدما أكدَت على الفتاة ألا تَخرُج مِن غُرفتها و سُرعان ما ظَهر أمامها اثنين مِن مصاصين الدِماء ذوو الأجساد العملاقة و العروق البارِزة و العينين شديدتا الحمَار فقالت اوليفيا:
"تباً"
خَرج الشاب مِن غُرفته و ظَل واقِفاً خَلف اوليفيا و عَينيه مُندهشتين و قال:
"مصاصين دماء؟"
نَظرت اوليفيا لِحقيبتها الموجودة خَلفهما على الأريكة و قالت سريعاً:
"يجِب أن اسحبهما الى الخارِج، عندما أصرُخ أقذِف الحقيبة نحوي ولا تسمح لأختك بالخروج من الغرفة!"
لَم يَجِب الشاب بل ظَل مُندهشاً مِما يراه فكانت تِلك اول مرة يرى مصاص دِماء وجهاً لِوَجه بِحياتِه.
أسرعت اوليفيا و قَفزت فَوق الطاوِلة لِتقفِز خلف مصاصي الدِماء فيُصبح الباب أمامها ففتحته سريعاً و دَلفت خارِج المَنزِل بَينما تفاجئت أنهُما لَم يتباعاها فأتسعت عيناها و أسرعت داخِل المَنزِل مُجدداً لِتراهمُا على استعداد أن يهجِما على الشاب فأسرعت نحو حَقيبتها فأمسك احدهما بِها قَبل أن تَصِل لها فرَكلته بِقوة لَكنه لَم يَهتز فغَليّ الدَم في عروقِها بَعدما تَذكرت حَديث اساهي و انه سيصبح مصيرها الهلاك إن افترقت عَنه فقَبضت يَدها بِقوة لتَضرب صَدره و بالتحديد أسفل قَلبِه فخرَّت قِواه و تَركها فسرعان ما أمسكت بِقلبِه بِقوة فسقط أرضاً قَبل ان تُخرِج يَدها نازِعة قلبه بالكامِل فسقط بلا حراك فنَظرت لمصاص الدماء الآخر وجدته قَد تَرك الشاب الذي هرب الى غرفته و أغلق الباب خلفه و اندفع نحو اوليفيا فأستطاعت اوليفيا الهروب مِن حركاته بكُل سلاسة رَغم تركه لِبعض الخدوش على جسدِها لكِنها انتظرت حتى وَقف لثانية و أندفعت نحوه بيدها مصوبة صَدرِه و ما إن تلاقت يدها بِصدرِه و بِسُرعتها أرتطم بالحائِط فأسرعت مُجدداً و غَرزت يَدها داخِل صدرِه حتى وَصلت إلى قَلبه و أمسكته بِقوة قَبل أن تَنتزعه خارِج صَدرِه فسَقط ارضاً جانِب مصاص الدِماء الآخر فنَظرت اوليفيا لهما و لِلدِماء بيديها و ملابِسها و انفاسها مازالت سريعة و أبتسمت قائِلة:
"لَقد نَسيت هذا بِالفِعل"
مَسحت اوليفيا الدِماء التي سالِت مِن إحدى الجروح الصَغيرة على وَجهها بَينما تلهث بإبتسامة مُريبة و هَمست:
"كَم أشتقت لِهذا"
ألتفتت اوليفيا لِلفتَى الذي دَلف مِن غُرفتِه و أخذ ينظُر لاوليفيا بإنتباه و تَعجُب شَديدان فأسرَعت اوليفيا نَحوه مُتسائِلة:
"انتَ بِخَير صَحيح؟"
اومأ بِرأسه دُون أن يتفوَه بِحَرف فأسرَعت اوليفيا نَحو غُرفة الفتاة بَعدما اطمئنت أنه بخير و فتحتها لِتراها جَالِسة على الفِراش و تَضُم رُكبتيها أسفل ذَقنِها و تَرتجِف مِن الخَوف فأسرعت اوليفيا نَحوها و هدأتها قائِلة:
"كُل شَئ على ما يُرام، نحن بِخير"
رَفعت الفتاة رأسها و نَظرت لاوليفيا ثُم لِشقيقها الذي دَلف الغُرفة فأسرَعت تَركُض نحوه و عانقته بِشدة بَينما بادلها هو العِناق ثم عادت نظراته البارِدة لاوليفيا فأبتسمت اوليفيا بِتصنُع هامِسة لِنفسها:
"يبدو أنني وَضعتكم في مأزِق"
التفتت الفتاة و نَظرت لاوليفيا نَظرة لَم تَنساها طوال حياتها فوَقفت اوليفيا و أنحنت لهُما قائِلة:
"أعتذِر عما حَدث حقاً"
اعتدلت اوليفيا و نَظرت لهُما قائِلة:
"سأذهب، و أعتذِر مُجدداً عما حَدث"
اقتربت اوليفيا مِن باب الغُرفة و التفتت لهُما مَرة أخيرة و قالت:
"اتمنى أن تعتنيا بأنفُسكما"
التفتت اوليفيا و كادت تَذهب لكِن الفتى أمسكها مِن مِعصمها فألتفتت اوليفيا و نَظرت لِوجهِه البارِد بِتعجُب
"سَمعت أن الشُرطة تَبحث عن سَيدة تُدعى اوليفيا كانت تَعمل بِالمُكافحة سابِقاً مُقابِل جائِزة ثَمينة.."
ضَغط الفتى على مِعصَم اوليفيا بِقوة أكثر و اكمل:
"انتِ اوليفيا، أليس كذلِك؟"
شَحب وَجه اوليفيا قَبل أن يَسحبها الفَتى بِقوة داخِل الغُرفة و تَركها لِتسقُط على الأرض بِقوة حَتى أن رأسها ارتطم بِالجِدار بِشدة و تآوهت مِن الألم فنَظرت الفتاة له و عَقدت حاجِبيها بَينما قال هو:
"سَتبقين هُنا حتَى اول شروق لِلشمس سأُسلِمك لِلشُرطة!"
قالها ثُم دَفع أخته خارِج الغُرفة و أسرع بِغلقِها بِإحكام بِالمُفتاح هامِساً:
"يبدو اننا سَنرى ضوء الشَمس أخيراً.."



____________

تَم النَشر الساعة 1:06 بَعد مُنتصِف الليل..

After Midnight • بَعد مُنتصِف اللَيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن