الفَصل العَاشِر؛

64 4 1
                                    


وَقفت اوليفيا سَريعاً و أقترَبت مِن البَاب و ضَربته بِقوة بِكلتا يَديها صائِحة:
"لا تَفعل هَذا! ارجوك لا تفعل!!"
تعالت صيحات اوليفيا وَسط نَظرات الفتَاة المُتعجِبة مِما فَعله شقيقها الذي دَلف إلى الصالة ليَتخلص مِن الجُثتين
"هَل سَتفعل هَذا حقاً؟"
قال هو دون النَظر لها:
"سأفعل هذا لأجلِنا"
صَاحت الفتَاة بِوجهِه:
"و هَل تَظُن أن ما ستُجنيه سيجعَلنا سُعداء؟!"
رَفع الأخير رأسه و نَظر لها قائِلاً:
"الشُرطة تَبحث عنها، سيجدوُنها عاجلاً أم آجِلاً لِذا دَعينا نَستمتع بِتلك المُكافئة"
صَمتت الفتاة قليلاً ثُم سألته:
"و ما تُهمتها؟ ماذا إن كانت مظلومة؟"
أكمل الفتى حَمل الجُثة خارِج المَنزِل قائِلاً:
"هذا لَيس عَملنا، فقط هي شَخص خَطير كَما رأيت بِأُم عَيني و هي تقتِل مصاصي دِماء بٍيَديها الفارِغتين لِذا تَخيلي ما قَد يُمكنها فِعله"
صَمتت الفتاة و عَدم الإقتناع بِحديث شقيقها تَمكن مِنها فَأتجهت نَحو بَاب الغُرفة المُغلقة و نَظرت مِن الفَتحة الصَغيرة الخَاصة بِالمُفتاح و وَجدت اوليفيا جالِسة على الأرض تَضُم رُكبتيها بَينما تَسنِد رأسها على الحائِط فأبتعدت الفتَاة مُتنهِدة و أتَجهت لِلغُرفة الأُخرى هامِسة:
"لَيتنا تركناها تَذهب فحَسب.."

























أشَرقت الشَمس بَينما اوليفيا الوَحيدة التي لَم تُدرِك الساعة في هذه الغُرفة المُغلقة بِدون نافِذة او ثُقب صَغير يُخبرها هَل هو الليل أم الصباح.
كان الشقيقان ينتظران شروق الشَمس لكِن لأسباب مُختلفة، أنتَظرت الفتَاة ذهاب شَقيقها بَينما ذَهب هو سَريعاً و بِحماسة زائِدة و بَعدما أغلق الباب و استمعت الفتاة لِصوت غَلق البَاب أسرعت لِغُرفتها الموجودة بِها اوليفيا و قالت:
"هَل انتِ حقاً اوليفيا ؟"
"أجل"
"مَاذا فَعلتِ حَتى يُقررون مُكافئة كهذه لِمن يُسلِمك لِلشُرطة؟"
"لا أعرِف.."
صَمتت الفتاة قليلاً ثم سألت:
"حقاً؟"
"لا اعرِف"
"إن أمسكوا بِكِ، مَاذا سَيفعلون بِك؟"
تَنهدت اوليفيا ثُم قالت:
"سيقومون بِتسليمي لِمصاصين الدِماء إن لَم يقوموا بِقتلي قَبلها سَيتوَلى مَصاصين الدِماء فِعل هَذا"
صَمتت الفتَاة و طَال صَمتها بَينما لا تَدري مَاذا يَجِب عَليها فِعله و خَفضت رأسها قَبل أن تسألها:
"مَتى آخِر مَرة أكلتِ بِها؟"
ضَحكت اوليفيا بِسُخرية و قالت:
"أصبَحت لا أعِد الأيام"
صَمتت الفتاة ثُم أتجهت نَحو المَطبخ بَينما لَم تَلبِث إلا دقيقتين و قالت:
"إن ذَهبتِ الآن.. تَعيديني أن اخي سيكون بِأمان و ألا تعودي إلى هُنا؟"
"قد أعِدك بألا أعود .. لكِنني لا أستطيع ضمان سلامة شخص بَعد الآن"
صَمتت الفتاة لِثوان ثُم قالت:
"عيديني أنه لَن يتأذى بِسببِك و أنك لَن تؤذيه!"
صَمتت اوليفيا و أخذت نَفساً عَميقاً ثُم قالت:
"بِالطبع لن اؤذيه"
صَمتت الفتاة مُجدداً قَبل أن تُخرِج المُفتاح مِن جَيبها و تُدخله في الثُقب الخاص بِه و بَدأت بِفتحِه بَينما وَقفت اوليفيا سَريعاً و أقتَربت مِن البَاب قَبل أن يُفتح و تَظهر الفتاة بِوجهِها الشاحِب قائِلة:
"سأدعِك تَذهبين لأنني فَتحت قَلبي لكِ و انتِ اول شَخص اُحادِثه مِنذ سنوات طويلة و لِكلماتِك الرقيقة البَارِحة"
ابتسمت اوليفيا و اقتربت مِنها قائِلة:
"شُكراً لكِ حقاً، شُكراً كثيراً، الآن انا مَدينة لكِ بِروحي!"
قالتها ثُم أنحنت لها فنَظرت الفتاة لها بَينما اعتدلت اوليفيا و اسرعت بِجَلب حَقيبتها و أتجهت نَحو البَاب و كَادت تَفتحه فأوقفتها الفتاة قائِلة:
"انتظري!"
التَفتت اوليفيا و نَظرت لها بَينما اتجهت الفتاة نَحو غُرفتها ثُم المَطبخ قَبل أن تَقترِب مِن اوليفيا قائِلة:
"هذا رِداء ذات قلنسوة حتَى تَستطيعي الهروب، و هذا بَعض الطعام و قطن طِبي لأجل جِروحك"
نَظرت اوليفيا لِلحَقيبة الصَغيرة بِيدها و أنحنت لها مُجدداً قائِلة:
"شُكراً لكِ حقاً، لَم يُساعدني أحد مِن قَبل كَما تَفعلين الآن.."
اعتدلت اوليفيا و أخذَت الحَقيبة مِنها و أكمَلت:
"أتمنى أن تَعتني بِنفسِك و أن تعيشي حَياة سَعيدة"
قالتها ثُم نَظرت لها قَبل أن تُسرع خارِج المَنزل مُتجهِة نَحو السيارة و فَتحت الباب و وَضعت الحَقيبتين و الرداء على الكُرسي جانِبها قَبل أن تَجلِس و تغلق الباب سَريعاً و أخرجت مُفتاح السيارة قَبل أن تُديرها و تَتحرك بِها بَعيداً وَسط نَظرات الفتاة التي أسرَعت و أغلقت باب المنزِل و باب الغُرفة كَما كان و جَلست على الأريكة تُفكِر قائِلة:
"لا اعتقِد أنها اذنَبت بِشئ، اظُن أن ما فَعلته كَان صواباً.."
لَم تَنتظِر الفتاة سِوى دقائِق حَتى دَخل شقيقها المَنزِل و بِرفقتِه شُرطي فوَقفت و التوتر يَتملك مِنها فأقتَرب شقيقها مِن الغُرفة بَعدما ألقى عَليها نَظرة حادة فأدركت هي أنه عَلم بِهروبِها عِندما لَم يرَ السيارة بِالخارِج فأقتربت مِنهما بِبُطء بينما يَقوم اخوها بِفَتح باب الغُرفة الخالية بِرفق حَتى فُتح على مِصراعيه و ظَهر أنها خالية أمام الشاب و الشُرطي فدَخل الشُرطي الغُرفة و أخذ يَبحث بِكُل جُزء بِالغُرفة ثُم نَظر لِلشاب بِحدة شَديدة و أقتَرب مِنه قائِلاً:
"أين هيّ؟!"
أبتلع الشاب ريقه قَبل أن يقول:
"لقد كانت هُنا أقسِم لك!"
أبتسم الشُرطي بِسُخرية و قال مُستنكراً:
"و هَربت مِن غُرفة مُغلقة لا يُوجَد بِها مَدخل لِلتنفُس حَتى؟!"
نَظر الشُرطي نَحو الفتاة بَعدما أخفَض الشاب رأسه ثُم زَفر و هو يَتجِه نَحو الباب قائِلاً بِنبرة تَهديد:
"ليس لدي وَقت لِهذا، لكِن إن اكتشفت ان لكُما يَد في هذا الموضوع لَن أشفَع لكُما!"
قالها ثُم أغلق الباب خَلفه بِقوة فألتفت الشاب و نَظر لها بِغَضب شَديد و صاح:
"ما الذي حَدث؟!!"
كَانت تِلك المَرة الأولى التي تراه فيها بِهذا الغَضب فتسارعت أنفاسها قائِلة:
"تَركتها تَذهب"
ضَرب الشاب الحائِط بِقبضة يَدِه بِقوة فأجفلت الفتاة و قالت:
"مُتأكِدة أنها لم تُذنِب.."
"و مَن سَمح لكِ لِتفعلي هَذا؟! كانت فُرصتنا الوَحيدة لِنعيش حَياة أفضل!!"
"فُرصتنا أن تقوم بِتسليم فتاة بَريئة لِلموت بِيدِك لأجل المال؟ إذا كان هذا صحيحاً فما الفَرق بَيننا و بَين الحَيوانات التي تَفترِس بَعضها؟!"
عَقد الشاب حاجِبيه و صاح مُجدداً:
"أخبريني إذاً كَيف سَنعيش الآن؟!"
وَضعت الفتاة يَدها على يَده و أبتسمت قائِلة:
"كما كُنا نَعيش سابِقاً، هذه لم تكُن فُرصة لِنعيش، مازال هُناك العَديد مِن الفُرص أمامنا!"
هَدأ الفَتى قَليلاً ثُم قال:
"ماذا إن عَلِموا أنكِ مَن قُمتي بِتهريبها؟"
"لَن يَعلموا شيئاً، لا تَقلق"
هَدأ الشاب و أخفَض رأسه فعانقته أخته قائِلة بِإبتسامة صغيرة:
"كُل شئ على ما يُرام، فالشَمس تغرُب لا تَختفي.."

























ارتدت اوليفيا الرِداء بَعدما أبتعدت بِقَدر كافي عن مَنزِل الشقيقين و أخرَجت القُطن الطِبي و بَدأت بِمسح جِروحها مع النظر لِلمرآة و بَعدما انتهت وَضعت القلنسوة على رأسها قَبل أن تَفتح الحَقيبة لِتُخرِج تُفاحة و مَوزة و تَبدأ بِأكلهُما بإبتسامة صَغيرة على وَجهِها.
بَعدما انتهت اوليفيا ادارت السيارة مُجدداً و قالت:
"الآن لا يُوجد مكان لِلذهَاب إليه سِوى المَدينة، حتَى و إن كُنت سأذهَب سَيراً على الأقدام! يَجِب أن افهم كُل شئ لا محال"
اتجهت اوليفيا بِالسيارة سريعاً بأسرَع ما أمكنها إلى المَدينة مُحاوِلة عَدم استهلاك الكَثير مِن الوقود قَبل أن تَصل إلى حافة المَدينة على الأقل.
وَصلت اوليفيا إلى اطراف المَدينة حتَى أنها استطاعت رؤية أنوار المَدينة المُشِعة على الرَغم مِن أنها مازالت الظَهيرة فأبتسمت اوليفيا تلقائياً قَبل أن تُسرِع أكثر لكِن لِسوء حَظها أن السيارة توقفت قَبل أن تَصِل لِلمَدينة بِبضعة كيلومترات فغَضبت اوليفيا بِشدة و صَرخت قَبل أن تَضرب المِقوَد بِقبضتيها و تسارعت انفاسها صائِحة:
"اللعنة عَليكِ أيتُها الخُردة!!"
فَتحت اوليفيا الباب بِقوة و أخذت الحقيبتين مِن الخَلف قَبل أن تخرُج مِن السيارة و تغلق الباب بِقوة قائِلة:
"يجِب أن أُسرِع قَبل حلول الليل و إلا سأكون فَريسة سَهلة"
أخفضت اوليفيا رأسها فأخفَت القلنسوة وجهها بِالكامِل بَينما سَارت بِخُطى سَريعة نَحو المَدينَة .
كادت الشَمس تَغرُب و اوليفيا لَم تَصِل إلى المَدينة بَعد على الرَغم مِن سَيرها طيلة هذا الوَقت فتوَقفت لِثانية قَبل أن تَنظُر لِلشَمس هامِسة:
"لا تَغرُبي رجاءً، مازال أمامي القَليل.."
نَظرت اوليفيا إلى الطريق الخالي أمامها قَبل أن تَضع الحَقيبتين على ظَهرِها قائِلة:
"هيا إذاً"
أخذَت اوليفيا نفساً عميقاً ثُم بَدأت بِالركض نَحو المَدينة في طريق طويل خالي كالصحراء فِي مُنتصِف الصَيف.

























وَصلت اوليفيا إلى مَشارِف المَدينة مع حِلول الليل لكِنها للأسف لَم تَصِل بَعد لِمنزِلها بَل لِلمنازِل في حافة المَدينة فتنهدت قَبل أن تدخُل شوارع المَدينة بِهدوء و القلنسوة تَخفي وَجهها لكِن ما تعجبت مِنه ان الطَريق و الشوارِع خالية مِن البَشر فرَفعت رأسها قليلاً لِتنظُر حولها هامِسة:
"الا يوجد احد هُنا؟!"
سَقطت القلنسوة مِن على رأسها و نَظرت لِلمنازِل مِن حَولها و فَتحت فمها بتعجُب قائِلة:
"اللعنة .. ماذا حَدث هُنا؟"
كانت جَميع المنازِل هادِئة و خالية لكِنها فوضوية و أبوابها مفتوحة على مِصراعيها حتَى أن اوليفيا أقتربت مِن إحدى المنازِل و دَلفت داخِله بِبُطء و نَظرت في كُل زاوية بِه فوَجدت القَليل مِن الدِماء مُبعثرة على اريكة المَنزِل و زُجاج النافِذة مُندثِر على الأرض فعَقدت حاجِبيها قَبل أن تَتوجه نَحو إحدى الغُرف و وَجدت بَابها نِصف مُغلق فَفتحت الباب بِرفق لِتجِد جُثة شاب على السَرير و دِماءه مُتناثِرة على الفِراش حوله و عَينيه مَفتُوحة على مِصراعيها فأتسعت عَينَي اوليفيا و شَهقت عالياً قَبل أن تتراجع خَطوتين لِلخلف و تَلتفت نحو باب المَنزِل مُندفِعة ثُم لِلخارِج لِتركُض بأقصَى سُرعتها نحو مَنزل ستيڤان و شَعرها الأسود يتطاير مع سُرعتها الشَديدة ولا شَئ بِبالها سِوى أن تَصل إلى المنزِل بأسرع ما يُمكِنها.

























وَصلت اوليفيا إلى الحَي بِمُنتصِف المَدينة الذي يوجِد بِه مَنزِل ستيڤان، لَم يَختلِف المكان كثيراً عَن مَشارِف المَدينة لكِنه كان أقل تَخريباً و بِه القَليل مِن الشُرطة و العُمال بِالشوارِع فأعادت اوليفيا القلنسوة السوداء على رأسها فأخفَت وجهها بالكامِل و سارت بِشكل أكثر هدوءًا لكِن بِخُطى سَريعة فكادت تَقترِب مِن مَنزِل ستيڤان قَبل أن يقترِب مِنها شُرطي و يَضع يَده على كَتِفها قائِلاً بِصوت أجَش:
"إلى اين انتِ ذاهِبة؟"
ابتلعت اوليفيا ريقها قبل أن تَلتفت له و تقُول دون أن تَرفع رأسها:
"إلى مَنزِلي سيدي"
صَمت الشُرطي لِثوان و عَقد حاجِبيه ثُم قال:
"لا تَخرُجي مِن مَنزِلك مَرة أُخرى، لَن نَقوم بِحماية مَن بِداخِل منازِلهم و خارِجها!"
هَزت اوليفيا رأسها ايجاباً قَبل أن تَلتفت مُجدداً و تُكمِل طَريقها نحو مَنزل ستيڤان بَعدما تنفست صعداء هامِسة:
"حمداً لله أنه لم يطلُب رؤية وجهي"

After Midnight • بَعد مُنتصِف اللَيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن