الفَصل الحَادي عَشر؛

65 4 2
                                    


تَوقَفت طَلقات النار و ساد الصمت لِثانية ففَتحت اوليفيا عَينيها بَعدما أدرَكت انها لَم تُصَب بِأي رُصاصة فوَجدت نَفسها داخِل رِداء أسود و وَجهُها مُقابِل لِوَجه شَخص مُلثم فعقَدت حاجِبيها قَبل أن يَبتعِد عَنها وَسط ذهول الشُرطة و العساكِر و نظراتِهم لِبعضِهم البَعض قَبل أن يلتفت المُلثم لهم فصاح شُرطي:
"أنه يَحميها امسِكُوه!"
اندفع الجَميع نَحوه مَرةً واحِدة لكِنه كان يتفادى حركاتهم بِسلاسة و خِفة قَبل أن يَردعهم ليسقطوا أرضاً واحِداً تِلو الآخر بِسُرعة كَبيرة فأتسعت عَيني اوليفيا و هَمست:
"انا اعرِف هذه الحَركات جَيداً.."
انتهى المُلثم مِنهم جَميعاً في أقل مِن عَشر دقائِق، عَدد كَبير مِن العساكِر و الشُرطيين على الأرض يتآوهون فألتفت المُلثم لأوليفيا و اقترب مِنها قَبل أن يُمسِكُها مِن يَدها و يَجذِبها بِقوة و سُرعة خَلفه خارِج المَنزِل بَل خارِج المَدينة بأكملها و طِيلة الطَريق لَم تُصدِر اوليفيا نفساً واحِداً بإنتظارِه حَتى يتوقَف.
أبتَعد المُلثم عَن المَدينة بِقدر كَبير و مازال يَجذِب اوليفيا خَلفه ثُم توقف فجأة فتوَقفت اوليفيا بِدورِها بَينما ألتفت المُلثم و نَظر لها فحاولت هي النَظر لِعَينيه وَسط هذا القُماش الأسوَد الذي يُغطي وجهِه بِالكامِل لكِنها فَشلت، تَرك المُلثَم يَدها و تراجع لِلخلف عِدة خطوات و ألتفت لِيذهَب فصَاحت اوليفيا:
"انتظِر! لا تَذهب!! انا بِالفِعل أعلَم مَن انت"
توَقف المُلثم مكانه و ألتَفت لها فأقتَربت هي مِنه بَينما رِداءِهُما الأسود يتطايران مَع الهواء الشَديد، اقتربت اوليفيا مِنه كَثيراً قَبل أن تَرفع يَدها لِتُشيح القُماش الأسود الذي يُخفي وَجهه بِرفق دون اي رد فِعل مِنه حتَى أشاحته بِالكامِل و ظَهر وَجه آساهي بِعَينيه السوداوتان فأخفَض رأسه قائِلاً:
"أعتذِر، لَم أستطع البقاء و رؤيتك تَذهبين إلى الهلاك بِقدميكِ.."
لَم يُكمِل آساهي حَديثه حتى اقتربت اوليفيا مِنه أكثَر و وَضعت رأسها على صَدرِه لِتُعانِقه بِقوة هامِسة:
"مَن يَجِب أن يَعتذِر هو انا، اعتذِر على حماقتي و سذاجتي و كذلِك أنانيتي، كُنت مُحِقاً في كُل شئ، كان يَجِب علي تَصديقك و البقاء مَعك انا حقاً آسِفة"
ابتَسم اساهي قليلاً و بادلها العِناق قَبل أن يَهمِس بِأُذنيها:
"اعتذِر ايضاً لِكوني أخفيت عَنكِ الكَثير ، أظُن أنه يَجِب أن تَعرفي كُل شئ"
عَقدت اوليفيا حاجِبيها و أبتعدت عَنه قائِلة:
"إذاً كان يَجِب أن يحدُث كُل هَذا حتَى تُخبرني؟"
تَنهد آساهي ثُم قال:
"كلا، سَتعلمين عِندما نعود إلى الشاطئ"
"مهلاً لِماذا؟"
نَظر آساهي لها ثُم أمسَك بِيدها قائِلاً:
"لا وَقت، يجِب أن نَذهب قَبل أن تشرُق الشَمس"
قالها ثُم جَذبها فتوَقفت هي فجأة قائِلة:
"انتظِر، مَاذا إن قاموا بِمُهاجمتنا؟!"
أبتَسم آساهي و تنهد قَبل أن يُمسِك كِلتا يَديها و يقول:
"لَن يَستطيعوا أن يتحدونا، نحن معاً أقوَى مِنهم جَميعاً، ارأيتِ ما حَدث مُنذ قَليل؟ إن كُنت بِدونِك كُنت سأموت وَقتها لا محال، لكِنه لَم يحدُث"
صَمتت اوليفيا لِثوان ثُم قالت:
"لكِن هَل إصاباتك ألتئمَت بِالكامِل؟! دَعني أرى رجاءً"
"لا تقومِ بإهدار الوَقت، لا أعرِف إن كان سيُمكنني فِعلها مُجدداً أم لا!"
عَقدت اوليفيا حاجِبيها في غَضب و صاحت:
"لا يُهمني!!، أُريد أن اتأكد لِكونك بِخَير و هذا أهَم!"
"حسناً، لكِن عِندما نَصِل"
هَزت اوليفيا رأسها إيجاباً فجَذبها آساهي مِن يَدها اليُمنى هامِساً بِإبتسامة:
"طِفلة"
"سَمعتك!"

























وَصل آساهي و خَلفه اوليفيا إلى الشاطئ الخالي في الظلام الشَديد و الشَئ الوَحيد المُنير هو البَدر فَوق البَحر الذي جَعله يتلألأ ليلاً إلى جانِب النجوم الصَغيرة، حاوطت اوليفيا ذِراعيها مِن الرياح القوية و بدأت تَرتجِف قليلاً بَينما خَلع آساهي رِدائَه و ناوله لأوليفيا التي خَلعت حَقيبتها و وَضعتها فوق الرِمال لِترتدي الرِداء فَوق الذي تَرتديه قَبل أن تَجلِس على الرِمال فيَقترِب آساهي مِنها و يَجلِس جانِبها بَينما نَظرت هي له عاقِدة حاجِبيها مُنتظِرة مِنه أن يَتحدث فتنهد آساهي قَبل أن يَلتفِت لأوليفيا و ينظُر إليها قائِلاً:
"مُنذ سنوات عديدة، أخبَرتني جَدتي عَن أسطورة، لَم يؤمِن بِها أي مصاص دِماء، مَن يؤمِن بِها يُقال عنه أنه فَقد عَقله و قَد يَتِم قَتله، لكِن كما تَعرفين الآن، أنا مصاص دِماء ذو دَم نَقي أي مِن السُلالة المَلكية التي يعود أصلها لأول مصاص دِماء، كانت الأسطورة تَتحدث عَن مَصاصة دِماء ذات دَم نقي، بَعدما وُلِدت بِسنوات عَديدة بدأت تَشعُر بِشعور غَريب، شَعرت بِفراغ لَم تشعُر بِه مِن قَبل و أنها بِشكل مُفاجئ تُريد التقرُب مِن البَشر، و خاصةً طِفل بَشري رَضيع، لَم تَستطع هي مُقاومة هذا الشعور حَتى أصبَحت تقوم بِزيارة الطِفل مِراراً و تِكراراً، كانت تَشعُر بِشعور يملأ هَذا الفراغ التي كانت تشعُر بِه مِن قَبل و لَم تجِد له تَفسير، كَبُر الطِفل و أصبح شاباً و مازالت تقوم بِزيارته كصديقة و مشاعِرها تِجاهه مازالت كما هي مُنذ أن كان طِفلاً، عَرِف الشاب كونها مَصاصة دِماء لكِن على الرَغم مِن هذا تَقبلها عَكس باقي البَشر و لم يحاوِل في مرة أن يتخلص مِنها لأنه لا يَستطيع، و على النحو الآخر لَم تشعُر هي بأنها تُريد في مَرة مَص دِماءه او الأقتراب مِنه بأنيابها، كَبُرت مشاعِرهما كَثيراً لكِن لا شَئ يَبقى سِراً للأبد.. عَرِف مَلك مصاصين الدِماء بِالأمر و تَم تَسميتها بِالعار، بَل أيضاً تَم إعدامها قَبل أن تقوم بِتوديع الشاب الذي كان سَبباً في سعادتها لِفترة طويلة، أخبَرتني جَدتي أن مُلخص الأسطورة هو أن كُل مصاص دِماء ذو دَم نَقي يُولد بِنصف قَلب و بَعد سنوات يَكتمِل قَلبه، و هذه حقيقة، و السَبب في هَذا أنه يكتمِل قَلبه فَقط بَعدما يُولد بَشري مِن الجِنس الآخر، يَبدأ مصاص الدِماء يَنجذِب له بَعد مولِده مُباشرة، أي ان جميعنا كمصاصين دِماء أنقياء يكتمِل قَلبنا بِمولِد بَشري، ليُصبحا قَدر بعضهما، كُلاً مِنهما مُتعلق بالآخر، كُلاً مِنهما يملِك جُزءًا مِن الآخر.."
عَقدت اوليفيا حاجِبيها و نَظرت لآساهي بإندهاش فأكمَل هو:
"نحن وُلِدنا بِنفس القَلب، انتِ الجُزء المفقود مِني دائِماً، لكِن بَعد الآن لَن أفقِدك مُجدداً، لَقد خُلِقنا لِنكون لِبعضنا مَهما أختلفنا و مهما كان كُل شَئ ضِدنا، لَن يَستطيع أحد تَغيير الحَقيقة مهما كان"
تَنهدت اوليفيا و نَظرت أمامها فأقترب آساهي مِنها أكثَر و رَفع يَده ليجذِب وَجهها ليُقابِل وَجهِه و قال:
"هَذه لَم تكُن المَرة الأولى التي أُخبِرك فيها بِهذا.."
هَزت اوليفيا رأسها إيجاباً ثُم أقتربت مِن آساهي أكثَر و بِحركة سَريعة قامت بِطَبق شَفتيها على شِفتيه مُغلِقة عَينيها فرَفع آساهي حاجِبه الأيسر في إندهاش قَبل أن يُغلِق عَينه هو الآخر..

























"مَاذا تَعني بَأنك ستَذهب و تَترُكني؟!"
قالت اوليفيا التي بِعُمر الخامِسة عَشر لأساهي الواقِف أمامها بِملابِسه السوداء
"هَل تظُن أنني سأترُكك؟؟"
تَنهد آساهي و خَفض رأسه قائِلاً:
"إنه الواقِع، لا يُمكنني البقاء أكثَر مع البَشر بَعدما حَدث، كما أن القوانين سيتم تطبيقها بِدءًا مِن الغَد و ..."
"اللعنة على كُل هذا!"
صاحت اوليفيا بِوجهه بَينما تَقبِض على يَديها فتنهد آساهي مُجدداً و رَفع رأسه قائِلاً:
"أعلَم بِما تشعُرين بِه جَيداً، لكِن أعلمِ أنني سأظل معكِ و سأحميكِ، و قَد أعود لِحياتك بَعد عَشر سنوات، إنها مسألة وقت لا أكثَر.."
"مسألة وَقت؟ اتُمازحني؟! تُريد مِني تَصديق هَذا؟"
"رجاءً .. أعلَم أنكِ تَثقين بي .. لقد أنتظرتك أنا ايضاً لِسنوات كَثيرة، انتظريني فَقط، سأحميكِ طيلة هذا الوَقت و سأعود لكِ بَعد عَشر سنوات بَعد أن تهدأ الأمور، لا أُريدك أن تتأذي حقاً"
امتلأت عَيني اوليفيا بِالدموع و نَظرت لِلبَدر مِن فَوقهما قَبل أن تقول و تعاود النَظر لأساهي:
"ماذا إن لَم تعُد؟ ماذا سأفعل أنا؟ لا يُمكنني تَركُك حقاً"
أنفَجرت اوليفيا باكية ثُم سَقطت على رُكبتيها على الرِمال الناعِمة فأسرَع آساهي و جَلس على رُكبتيه قَبل أن يُعانِقها قائِلاً:
"لا تبكِ رجاءً، هَذا يجعلني أشعُر بِعدم الراحة"
لَم تتوقف اوليفيا عَن البُكاء حتى لَعب آساهي بِخصلات شعرها فهدأت و أبتسمت هامِسة:
"هذا يجعلني اتذكر الكَثير .. لا تَترُكني رجاءً.. لا تَذهب.."
قالتها ثُم امتلأت عَينيها بالدموع مُجدداً فتنَهد آساهي و قال:
"سأُحبِك للأبَد، حتَى و إن كنت سأموت بِسبب حُبي لكِ"
"توقف عَن هَذا، مَن يُحِب شَخص لا يَترُكه"
"لكنني لا أفعل ذلك لأجلي، بَل لأحميكِ.."
قالها بَينما يقوم بِلف خِصلة شَعرها حَول أصبَعه
"سأنتظِرك.."
أبتَعدت اوليفيا عَن ذِراعيه و أكمَلت:
"حتَى و إن عُدت بَعد مِئة سنة، سأنتظِرك"
أبتسم آساهي ثُم عَبس و قال:
"قَبل أن أذهب يَجِب أن أفعل شيئاً .. سامحيني عَليه.."
عَقدت اوليفيا حاجِبيها قَبل أن يَضع آساهي يَده على جَبهتها فأغلَقت اوليفيا عَينيها بِرفق و سَقطت بَين ذِراعي آساهي
"الذِكريات مؤلِمة، لا يَجِب عَليكِ تذكُر أي شئ عَني حَتى لا تُعاني.."
وَضع آساهي اوليفيا بِرفق على الرِمال الناعِمة و قام بِتقبيل شَفتيها بِرفق قَبل أن يَقِف و يُدير ظَهره لها مُبتعِداً..

























أبتَعد آساهي عَن اوليفيا بِبُطء بَينما فَتحت هي عَينيها و تسارعت أنفاسها ثم نَظرت أمامها نحو البَحر المُتلألأ فأمتلأت عَينيها بِالدموع بِبُطء و أبتَسمت قائِلة:
"هَذا يُفسِر الكَثير، الكَثير حقاً.."
هَربت دموع اوليفيا إلى وَجنتيها فهمَست قائِلة:
"شعوري بِالفراغ حتَى بَعد زواجي مِن هاري؟ كان هذا سببه، تِلك الحادِثة؟.."
نَظرت لآساهي و أتسعت عَينيها قائِلة:
"انتَ مَن أنقَذني لَيلتها؟ انت مَن عالجت يَدي المُصابة؟"
اومأ آساهي بِرأسه ثُم عَقب قائِلاً:
"قِوتي الخاصة هي شِفاء الجروح و الإصابات"
أتسعت أبتسامة اوليفيا و قالت:
"هَذا يُفسِر أكثَر و أكثَر.."
أخفَضت اوليفيا رأسها و قالت:
"لكِن لِمَ تَركتني حقاً؟"
"كُنت أخشَى أن يحدُث ما يَحدُث الآن، الحَقيقة أنني السَبب في هذه الحَرب و لَيس انتِ، لأنني فقط عُدت إليكِ كُل شئ أصبَح خراب، تَخيلي أن يحدُث هَذا عِندما كُنتِ بِهذا السِن"
هَزت اوليفيا رأسها ثُم رَفعتها قائِلة:
"لا أحد يتقبل الأختلاف ابداً"
"لكنني لَن أترُكك كَما حَدث مِن قَبل!"
"عِدني بِذلِك!"
"اعِدك!"
أبتَسمت اوليفيا إبتسامة صَغيرة و نَظرت لِلقَمر المُكتمِل أمامها بَينما أشاح آساهي شَعره الأسود لِلخلف ليَنظُر لها فأبتسم قائِلاً:
"مازلت لا أُصدِق أن السَيدة التي تَمنعني مِن الأقتراب مِنها لأنها 'امرأة متزوجة' هي من قامت بتقبيلي"
نَظرت اوليفيا له و أصدرت صوتاً يدل على السُخرية ثُم قالت:
"لَقد أنتهى كُل شَئ، أعتقِد أنك رأيت هَذا، أليس كذلك؟"
هَز اساهي رأسه إيجاباً فعَقدت هي حاجِبيها قائِلة:
"إذاً لِماذا السؤال؟!"
تَنهدت هيّ قَبل أن تَستلقي فَوق الرِمال و يُفرد شَعرها الأسود حَول رأسها بَعدما سقطت القلنسوة من فوق رأسها و تَبتسِم مُجدداً قَبل أن تَضع كِلتا يَديها خَلف رأسها فنَظر اساهي لها قَبل أن تقول هي:
"لَكنني أشعُر بِالراحة الآن"
ألتَفتت و نَظرت لعَينَي آساهي الذي أبتَسم هو الآخر بَينما ينظُر لها فأعتدلت بِسُرعة بَعدما شَعرت بِالخَجل و تسَارعت أنفاسها فنَظرت لِلجِهة الأُخرى خافِضة رأسها
"ماذا؟ هَل تَشعُرين بِالخَجل؟"
وَضعت اوليفيا كِلتا يَديها على وَجهِها قائِلة:
"أصمت"
أبتسم اساهي ثم نَظر أمامه قائِلاً:
"حسناً"
هَدأت اوليفيا تَدريجياً خاصةً بَعدما تَذكرت شَيئاً فأشاحت يَديها و نَظرت لآساهي سَريعاً قائِلة:
"مهلاً ايها المُخادِع!"
نَظر آساهي لها و عَقد حاجِبيه قَبل أن تُكمِل هي:
"أخبَرتني أنك سَتدعني اتأكد أن جِروحك قَد شُفيت تماماً!"
صَمت آساهي لِبُرهة فقالت هي:
"هيا!"
هَز آساهي رأسه قَبل أن يَنظُر أمامه و يَخلع قَميصه فأشاحت هي نَظرها قائِلة:
"مهلاً ما هذه السُرعة!"
أبتسم هو بِخُبث و هَمس:
"ليس و كأنها المَرة الاولى"
عَقدت اوليفيا حاجِبيها قَبل أن تأخُذ نفساً عَميقاً و تَلتفِت خَلفه لِتُلقي نَظرة على ظَهرِه لكِنه سُرعان ما أتسعت عَينيها و تسارعت نبضات قَلبها قَبل أن تَضع يَدها على فَمها بَعدما رأت كَم الجروح و الإصابات بِظهرِه التي لَم تلتئم قَط، أقتربت اوليفيا و وَضعت أنامِلها على ظَهرِه بِرفق قَبل أن تَعقِد حاجِبيها بِغضب قائِلة:
"أخبَرتني أنها شُفيت!!"
"لَم اكذِب، لقد شُفي بَعضها بِالفعل"
تمالكت اوليفيا أعصابها حتَى لا تقوم بِلكمِه و صاحت:
"هل انتَ احمق؟! اتُريد إقناعي أنك بِخَير!"
وَقفت اوليفيا سَريعاً و صاحت مُجدداً:
"اللعنة ماذا أفعل الآن؟!"
رَفع آساهي رأسه و نَظر لها قائِلاً:
"لا شَئ، لَن يُساعِدني شَئ، اخبرتِك سَتُشفى وَحدها"
لَم تَستمِع اوليفيا لِحديثه و أسرَعت نَحو حَقيبتها ثُم أخرَجت بَعض المُستلزمات الطبية التي اعطتها الفتاة لها ثُم أسرَعت نحوه فأمسَك آساهي بِمِعصمها قَبل أن تَجلِس و قال:
"توقفِ! هذه الأشياء لا يُمكِنك استخدامها معي!"
تَركتهم اوليفيا فسَقطوا أرضاً قَبل أن تقول:
"إذاً أخبرني ماذا أفعل؟"
جَلست على رُكبتيها قَبل تُمسِك بِيده المُمسِكة بِمِعصمها و عَقدت حاجِبيها قائِلة:
"لا يُمكنني تَركُك هكذا، خاصةً و انا السَبب في هذا!"
"لا شَئ سيُساعِد.."
أشاح آساهي يَده مِن بَين يَديها قَبل أن يَقترِب مِنها و يَضع رأسه على كَتِفها فشَعرت اوليفيا بِأنفاسه على رقبتها فتسارعت أنفاسها و تزايدت ضربات قلبها خاصةً بَعدما أكمَل هو:
"انا فَقط جائِع"
لَعق آساهي رَقبتها فسَارت رعشة في جَسد اوليفيا التي اغلقت عَينيها بِقوة دون مُقاومة فنَظر آساهي لها بِطرف عَينه قَبل أن يبتسِم بِخُبث و يَدفع اوليفيا بِجسدِه فأصبَح فَوقها بَينما هي فَوق الرِمال فهَمس في أُذنها اليُسرى:
"القَليل مِن دِمائِك ستفي بِالغَرض"
فَتحت اوليفيا عينيها اللتان امتلئا بالدهشة و هَمست:
"ماذا؟"
لَعق اساهي رَقبتها مُجدداً لكِنها لَم تُقاوِم ايضاً فأبتسم اساهي قَبل أن يَضحك و يَعتدِل قائِلاً:
"كفاني لَعِب"
نَظرت اوليفيا لِصدرِه العاري ثُم لعينيه و اعتدلت قائِلة:
"هل تُمازحني؟ لقد كِدت أبكي!"
ضحك اساهي مُجدداً ثم قال:
"وقعتي لها؟ كم هذا مُضحِك"
عَقدت اوليفيا حاجِبيها و صاحت:
"ما المُضحِك لماذا لا افهم؟!"
نَظر اساهي لها و قال بِثقة:
"اخبرتِك مِن قَبل أنني لا اشتهي دِمائِك و رغم ذلك خُدعتي"
قَبضت اوليفيا على يَديها بِغضب و قالت:
"مازال غير مُضحِكاً!!"
وَقفت هي في غَضب و ذَهبت نحو حَقيبتها و جَلبتها قَبل أن تجلِس امام اساهي و تُخرِج شَطيرة مِن الحَقيبة قائِلة:
"على العموم شُكراً انك قُمت بتذكيري بِالطعام، كُنت سأُخبِرك لِتتناول معي لكِن للأسف انتَ لا تتناول هذا"
ابتسمت اوليفيا ابتسامة مُنتصِرة و بدأت بِتناول الشَطيرة بَينما عَقد اساهي حاجِبيه و خَفض رأسه قَبل أن يُمسِك قَميصه الأسوَد و يَرتديه مُجدداً فعَضت اوليفيا على شِفتها السُفلى و نَظرت له مُتسائِلة:
"لَم تأكُل مُنذ مَتى؟"
"مُنذ أن قررت العَيش بَين البَشر لأبقى معكِ"
عَقدت اوليفيا حاجِبيها ثُم قالت:
"ماذا؟ كُل هذا؟!"
هَز اساهي رأسه دون أن يَنظُر لها فهمست هي:
"لِذلك تِلك الجروح لا تُشفى؟"
"أجل"
صَمتت اوليفيا قَليلاً ثُم وَضعت الشَطيرة جانِباً قَبل أن تَفتح حَقيبتها مُجدداً و تُخرِج آلة حادة دون أن يراها اساهي و كادت تَضع الآلة الحادة على مِعصمها لكِن اساهي أمسك بِيدها قائِلاً:
"ماذا تَفعلين؟ هل انتِ حمقاء؟"
عقدت اوليفيا حاجِبيها و نَظرت في عَينيه قائِلة:
"ليس مِن شأنك"
قالتها ثُم أشاحت يده بِقوة و كادت الآلة الحادة تلمِس يَدها لكِنه سُرعان ما اخذها مِن يَدها و قال:
"تعتقدين انك و إن فعلتي هذا سأشرب تِلك الدِماء؟ لا يُمكنني و لا اي مصاص دِماء آخر ان يفعل ذلك"
نَظرت اوليفيا بِعينيه بِقلة حِيلة فقال هو:
"لا شئ سيُساعِد، اخبرتِك انني سأكون بِخير"
"لِماذا لَم تشرب دِماء البَشر بَينما كان يُمكنك فعلها بسهولة اثناء العيش بَينهم؟"
ابتسم اساهي بِسُخرية و قال:
"اُحِب بَشرية ثُم أقوم بِشُرب دِماء بَشري؟ أليس هذا غريباً؟!"
هَزت اوليفيا رأسها ثُم خَفضت رأسها بَينما بَدأ ظلام الليل يتلاشى مع ضوء النهار فقالت اوليفيا دون أن تَرفع رأسها:
"أتمنى أن تظل بِخير.."
"في الحَقيقة لَن يبقى اياً مِنكُما بِخير"
عقدت اوليفيا حاجِبيها و رَفعت رأسها سَريعاً و تلاها اساهي الذي وَقف و تبعته اوليفيا فهمس قائِلاً:
"كُنت أشعُر انك ستأتي"
نَظرت اوليفيا لِدان الواقِف بِملابِسه السوداء و رِداءه الأحمر ثُم نَظرت لآساهي نَظرة كان مضمونها:
"مَن هذا؟"
نَظر دان لأوليفيا بِعينيه الحمراوتين و قال:
"يبدو انك لَم تُخبِرها عَني"
اقترب دان مِن اوليفيا و انحنى قَبل أن يُمسِك بِيدها قائِلاً:
"انا دان، شَقيق هذا الوَغد، و مَلِك مصاصين الدماء"
قَبَل دان يَدها فنَظر اساهي له بِغضب قَبل ان يَعتدِل هو و يقترِب مِنها أكثَر ليهمِس في أُذنها اليُمنى:
"و قابِض رُوحكما"
عَقدت اوليفيا حاجِبيها في غَضب فأبتعد هو عَنها بإبتسامة خَبيثة و قال:
"بِصراحة انا مُتعجِب مِن كونِك بِجوارِه رَغم انه السبب فيما يحدُث لكِ الآن عزيزتي"
قالها ثم عَبس بِتصنع فألتفتت اوليفيا و نَظرت لآساهي و لاحظت انه سينفجِر غَضباً مِما يحدُث فألتفتت لِدان مُجدداً و قالت:
"هذا ليس مِن شأنِك"
اتسعت عَيني دان و فتح فمه في تصنع و سخرية ثم قال:
"اوه .. هذا مُضحك ايتها الطفلة"
اقترب دان من اوليفيا كثيراً حتى اختلطت انفاسهما وَسط ثبات اوليفيا و اساهي الذي يشيط غضباً فنَظر دان في عَينيها قَبل أن يخفِض رأسه و ينظُر لها بِطريقة مُنحرِفة قائِلاً:
"لكِنك لا تُشبهين الأطفال تماماً"
تمالكت اوليفيا اعصابها و كُل ما يدور بِعقلِها هو صَفعه و إبراحِه ضرباً لكِنها تُدرِك أنه يفعل ذلِك ليُثير غَضبهما فنَظرت لآساهي فهي غير مُطمئنة لِصمُودِه أكثَر لِهذه التصرفات البَذيئة
"لكِن هذا الجمال خسارة في هاري و اساهي حقاً"
قالها بَينما يُمسِك خِصلة مِن شَعرها الأسود فأبتسمت اوليفيا قائِلة:
"يبدو أنك لَم ترَ فتاة جَميلة قَط في مَملكتكم، لِذا لا اعذِر اساهي انه وَقع بِحُب بشرية"
عَقد دان حاجِبيه و ابتعد عن اوليفيا قليلاً فأستطاعت التنفس صَعداء بَينما نَظرت لآساهي الذي استعاد هدوءه قليلاً بَينما التفت دان لآساهي و قال:
"الَن تَنتهي هذه الحَرب؟"
التفتت اوليفيا نحوه و قالت:
"إن كُنت انتَ مَن بدأها لِمَ لا تُنهيها؟"
خَفض دان رأسه قَبل ان يقول:
"الكلام غَير موجَه لكِ.."
التفت دان و نَظر لأوليفيا قبل أن يقترب مِنها مُجدداً و يُمسِك بِرقبتها بِيده اليُمنى بِقوة و قال بينما يجِز على اسنانه:
"لِذا لا تُجيبي!"
ضَغط دان بإبهامِه بِقوة على رقبتها بَينما حاولت اوليفيا إبعاد يَده عَن رَقبتها بِكلتا يَديها حتَى بدأت تَختنِق فأسرَع آساهي و أمسك بِذراعِه و قال بَينما ينظُر في عَينيه بِحدة:
"أتركها!"
ضَغط آساهي على ذِراعِه أكثر بِيدِه صائِحاً:
"هَذا بَيني و بَينك لِذا اتركها!!"
"بل إنه بَيننا"
تَرك دان رَقبة اوليفيا بِحركة واحِدة فسَقطت أرضاً و أخذت انفاسها بِسرعة بينما تسعُل بِقوة و تَضع يَدها على صَدرِها فأقترب اساهي منها قليلاً و انحنى قائِلاً:
"هل انتِ بِخَير؟"
اومأت اوليفيا بِرأسها فعَقد اساهي حاجِبيه و اعتدل قَبل أن يخفِض رأسه و يُغمِض عَينه فبدأ لَون شعره بِالتغيُر إلى الأبيض بَينما عَينيه إلى الأحمر الغامِق و سُرعان ما فَتح عَينيه قائِلاً:
"تُريد أن نُنهي هَذه الحرب الآن؟ إذاً لِنفعلِها"
ابتسم دان ثُم قال:
"هكذا إذاً ... لِنُنهيها"


______________

تَم النَشر الساعة 3:01 بعد مُنتصِف الليل..

After Midnight • بَعد مُنتصِف اللَيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن