9

142 38 15
                                    


"الثامِن والعِشرون مِن فِبراير ..

لَم تَحضُر بالأمس، و .. أنا أشعُرُ بشيءٍ غريب، ليس عليّ الشعور بِه رُبما؟

تأخرَت اليومَ أيضًا حتى حان موعدُ رحيلي، بدلتُ ملابِسَ العملِ وذهبت وما زال الضيقُ يحتلُ كلّ ما حولي، وما زالت ذرات الهواء تتلاشى من أمامِي لتزيد شُعُوري بالاختناق!

سِرتُ دونَ وِجهة حتى قادتني قدمَيّ لحديقةٍ أُفضلِها، هادِئة وبعيدة عَن البَشر ..

جلستُ وتركتُ صوتَ هاتفي يعلو بأغنياتٍ مُفضلة وقد سكنت مُقلَتَي السماءَ وغيمِها ..

لَم تَكُن زَرقاء، كانت تتلبَدُ بالغيوم الرمادية، ستُمطِر؟

مرت دقائق كثيرة لَم أشعُر بِها حتى شعرتُ بشخصٍ شاركنِي المقعد، سُحقًا!! لا أُحِـ ...

لا بل أُحِب، كانت هِي!

«مساءُ الخير.»

كانت هامِسة ببسمة لطيفة للغاية

«مساءُ النُور، كيفَ حالكِ؟»

بادلتُها الابتسامة لتُداعِب ابتسامتينا أولى القطرات البارِدة ..

رفعت رأسها واتسعت بسمتها، رفعت كفها أيضًا لتُزينهُ قطراتٌ صغيرة.

«بخير، ماذا عَنك؟»

«لا أعلم، جيدٌ رُبما.»

عمّ الصمت، صمتٌ لطيفٌ للغاية، بدأتُ أشعُر بالهواء مِن جديد، وبقلبي يخفِقُ مُجددًا ..

كيفَ لها أن تتسَبَب بِكُلّ هذا!!

«أنهيتَ عملك؟»

قالتها بِدفءٍ قاطعة الصمت لأُهمهِم بالمُقابل ..

«لَم تحضري بآخر يومين ..»

همهمت بهدوء وقالت ..

«كنتُ أمسًا مَع صديقي لوقتٍ متأخرٍ فلم أستيقِظ باكِرًا كعادتِي.»

سَلبَت ذرات الهواء مُجددًا، حسنًا .. لا يُهم مِن الأساس، ما شأنِي أنا!!

«مَن حَضرَ معكِ مُنذُ يومين؟»

«نعم، هو صديقي مُنذُ الكثير، سافرَ لفترةٍ ثُم عاد أول الأسبوع الفائِت.»

زفرتُ ما بِي مِن هواءٍ وقلتُ مُطالِعًا السماء ..

«بدأت تشتَد، هيا لكي لا تمرضي.»

كانت على وجهِها ملامِحُ الرفض لكنني قاطعتها بنهوضي، سرتُ خطوة ورفعتُ يدي مُشيرًا لها  بينما سكنت مُقلتَي خاصتها لأقول ..

«أراكِ بالمقهى، إلى اللقاء.»

ذهبتُ وقد تلاشت البسمة، ما كان على هذا أن يحدُث."

تركتُ القلم وأغلقتُ شمعتِي الزرقاء لأستلقي محاولًا النوم ..

الطَاوِلة الخامِسةَ عَشرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن